[ ص: 644 ] nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=101nindex.php?page=treesubj&link=28981_19784قل انظروا ماذا في السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=102فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=103ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=104قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=105وأن أقم وجهك للدين حنيفا ولا تكونن من المشركين nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=106ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=108قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=109واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=101قل انظروا ماذا في السماوات والأرض لما بين سبحانه أن الإيمان لا يحصل إلا بمشيئة الله ، أمر بالنظر والاستدلال بالدلائل السماوية والأرضية ، والمراد بالنظر : التفكر والاعتبار : أي قل يا
محمد للكفار تفكروا واعتبروا بما في السماوات والأرض من المصنوعات الدالة على الصانع ووحدته وكمال قدرته .
وماذا مبتدأ ، وخبره في السماوات والأرض ، أو المبتدأ ما ، وذا بمعنى الذي ، وفي السماوات والأرض صلته ، والموصول وصلته خبر المبتدأ : أي : أي شيء الذي في السماوات والأرض ، وعلى التقديرين فالجملة في محل نصب بالفعل الذي قبلها .
ثم ذكر سبحانه أن التفكر والتدبر في هذه الدلائل لا ينفع في حق من استحكمت شقاوته فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=101وما تغني الآيات والنذر أي ما تنفع على أن ما نافية ، ويجوز أن تكون استفهامية أي : أي شيء ينفع ، والآيات هي التي عبر عنها بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=101ماذا في السماوات والأرض والنذر جمع نذير ، وهم الرسل أو جمع إنذار وهو المصدر
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=101عن قوم لا يؤمنون في علم الله سبحانه ، والمعنى : أن من كان هكذا لا يجدي فيه شيء ولا يدفعه عن الكفر دافع .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=102فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم أي فهل ينتظر هؤلاء الكفار المعاصرون
لمحمد - صلى الله عليه وآله وسلم - إلا مثل وقائع الله سبحانه بالكفار الذين خلوا من قبل هؤلاء ، فقد كان الأنبياء المتقدمون يتوعدون كفار زمانهم بأيام مشتملة على أنواع العذاب ، وهم يكذبونهم ويصممون على الكفر حتى ينزل الله عليهم عذابه ويحل بهم انتقامه ، ثم قال : قل يا
محمد لهؤلاء الكفار المعاصرين لك فانتظروا أي تربصوا لوعد ربكم إني معكم من المتربصين لوعد ربي ، وفي هذا تهديد شديد ، ووعيد بالغ بأنه سينزل بهؤلاء ما نزل بأولئك من الإهلاك .
وثم في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=103ثم ننجي رسلنا للعطف على مقدر يدل عليه ما قبله كأنه قيل : أهلكنا الأمم ثم نجينا رسلنا المرسلين إليهم .
وقرأ
يعقوب ثم " ننجي " مخففا ، وقرأ كذلك أيضا في " حقا علينا ننج المؤمنين " .
وروي كذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي وحفص في الثانية .
وقرأ الباقون بالتشديد ، وهما لغتان فصيحتان : أنجى ينجي إنجاء ، ونجى ينجي تنجية بمعنى واحد
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=103والذين آمنوا معطوف على رسلنا : أي نجيناهم ونجينا الذين آمنوا ، والتعبير بلفظ الفعل المستقبل لاستحضار صورة الحال الماضية تهويلا لأمرها
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=103كذلك حقا علينا أي حق ذلك علينا حقا ، أو إنجاء مثل ذلك الإنجاء حقا
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=103ننج المؤمنين من عذابنا للكفار ، والمراد بالمؤمنين : الجنس ، فيدخل في ذلك الرسل وأتباعهم ، أو يكون خاصا بالمؤمنين وهم أتباع الرسل ، لأن الرسل داخلون في ذلك بالأولى .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=104قل ياأيها الناس إن كنتم في شك من ديني أمر سبحانه رسوله بأن يظهر التباين بين طريقته وطريقة المشركين مخاطبا لجميع الناس ، أو للكفار منهم ، أو
لأهل مكة على الخصوص بقوله : إن كنتم في شك من ديني الذي أنا عليه ، وهو عبادة الله وحده لا شريك له ، ولم تعلموا بحقيقته ولا عرفتم صحته ، وأنه الدين الحق الذي لا دين غيره ، فاعلموا أني بريء من أديانكم التي أنتم عليها
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=104فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله في حال من الأحوال
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=104ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم أي أخصه بالعبادة لا أعبد غيره من معبوداتكم من الأصنام وغيرها ، وخص صفة المتوفي من بين الصفات لما في ذلك من التهديد لهم أي : أعبد الله الذي يتوفاكم فيفعل بكم ما يفعل من العذاب الشديد ، ولكونه يدل على الخلق أولا ، وعلى الإعادة ثانيا ، ولكونه أشد الأحوال مهابة في القلوب ، ولكونه قد تقدم ذكر الإهلاك والوقائع النازلة بالكفار من الأمم السابقة ، فكأنه قال : أعبد الله الذي وعدني بإهلاككم .
ولما ذكر أنه لا يعبد إلا الله بين أنه مأمور بالإيمان فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=104وأمرت أن أكون من المؤمنين أي : بأن أكون من جنس من آمن بالله وأخلص له الدين .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=105وأن أقم وجهك للدين معطوفة على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=104أن أكون من المؤمنين ولا يمنع من ذلك كون المعطوف بصيغة الأمر لأن المقصود من " أن " الدلالة على المصدر ، وذلك لا يختلف بالخبرية والإنشائية ، أو يكون المعطوف عليه في معنى الإنشاء ، كأنه قيل : كن مؤمنا ثم أقم ، والمعنى : أن الله سبحانه أمره بالاستقامة في الدين والثبات فيه ، وعدم التزلزل عنه بحال من الأحوال .
وخص الوجه لأنه أشرف الأعضاء ، أو أمره باستقبال القبلة في الصلاة وعدم التحول عنها .
وحنيفا حال من الدين ، أو من الوجه : أي مائلا عن كل دين من الأديان إلى دين الإسلام .
ثم أكد الأمر المتقدم للنهي عن ضده فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=105ولا تكونن من المشركين وهو معطوف على أقم ، وهو من باب التعريض لغيره - صلى الله عليه وآله وسلم - .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=106ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك معطوف على
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=104قل ياأيها الناس غير داخل تحت الأمر ، وقيل : معطوف على ولا تكونن أي لا تدع من دون الله على حال من الأحوال ما لا ينفعك ولا يضرك بشيء من النفع والضر إن دعوته ، ودعاء من كان هكذا لا يجلب نفعا ، ولا يقدر على ضر ضائع لا يفعله عاقل على تقدير أنه لا يوجد من يقدر على النفع والضر غيره ، فكيف
[ ص: 645 ] إذا كان موجودا ؟ فإن العدول عن دعاء القادر إلى دعاء غير القادر أقبح وأقبح فإن فعلت أي فإن دعوت ، ولكنه كنى عن القول بالفعل
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=106فإنك إذا من الظالمين هذا جزاء الشرط أي : فإن دعوت من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإنك في عداد الظالمين لأنفسهم ، والمقصود من هذا الخطاب التعريض بغيره صلى الله عليه وآله وسلم .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وإن يمسسك الله بضر إلى آخرها مقررة لمضمون ما قبلها .
والمعنى أن الله سبحانه هو الضار النافع ، فإن أنزل بعبده ضرا لم يستطع أحد أن يكشفه كائنا من كان ، بل هو المختص بكشفه كما اختص بإنزاله
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وإن يردك بخير أي خير كان ، لم يستطع أحد أن يدفعه عنك ويحول بينك وبينه كائنا من كان ، وعبر بالفضل مكان الخير للإرشاد إلى أنه يتفضل على عباده بما لا يستحقونه بأعمالهم .
قال
الواحدي : إن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وإن يردك بخير هو من القلب ، وأصله وإن يرد بك الخير ، ولكن لما تعلق كل واحد منهما بالآخر جاز أن يكون كل واحد منهما مكان الآخر .
قال
النيسابوري : وفي تخصيص الإرادة بجانب الخير ، والمس بجانب الشر دليل على أن الخير يصدر عنه سبحانه بالذات ، والشر بالعرض .
قلت : وفي هذا نظر ، فإن المس هو أمر وراء الإرادة فهو مستلزم لها ، والضمير في يصيب به راجع إلى فضله أي : يصيب بفضله من يشاء من عباده ، وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وهو الغفور الرحيم تذييلية .
ثم ختم هذه السورة بما يستدل به على قضائه وقدره ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=108قل ياأيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم أي القرآن
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=108فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها أي منفعة اهتدائه مختصة به ، وضرر كفره مقصور عليه لا يتعداه ، وليس لله حاجة في شيء من ذلك ، ولا غرض يعود إليه
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=108وما أنا عليكم بوكيل أي بحفيظ يحفظ أموركم وتوكل إليه ، إنما أنا بشير ونذير .
ثم أمره الله سبحانه أن يتبع ما أوحاه الله إليه من الأوامر والنواهي التي يشرعها الله له ولأمته ، ثم أمره بالصبر على أذى الكفار ، وما يلاقيه من مشاق التبليغ ، وما يعانيه من تلون أخلاق المشركين وتعجرفهم ، وجعل ذلك الصبر ممتدا إلى غاية هي قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=109حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين أي يحكم الله بينه وبينهم في الدنيا بالنصر له عليهم ، وفي الآخرة بعذابهم بالنار ، وهم يشاهدونه - صلى الله عليه وآله وسلم - هو وأمته ، المتبعون له المؤمنون به ، العاملون بما يأمرهم به ، المنتهون عما ينهاهم عنه ، يتقلبون في نعيم الجنة الذي لا ينفد ، ولا يمكن وصفه ، ولا يوقف على أدنى مزاياه .
وقد أخرج
أبو الشيخ عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=101وما تغني الآيات والنذر عن قوم يقول : عند قوم لا يؤمنون نسخت قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=5حكمة بالغة فما تغن النذر [ القمر : 5 ] .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ ، عن
قتادة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=102فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قال : وقائع الله في الذين خلوا من قبلهم ،
قوم نوح وعاد وثمود .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
وأبو الشيخ ، عن
الربيع في الآية قال : خوفهم عذابه ونقمته وعقوبته ، ثم أخبرهم أنه إذا وقع من ذلك أمر نجى الله رسله والذين آمنوا ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=103ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا الآية .
وأخرج
أبو الشيخ عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وإن يردك بخير يقول : بعافية ، وأخرج
البيهقي في الشعب عن
عامر بن قيس قال : ثلاث آيات في كتاب الله اكتفيت بهن عن جميع الخلائق : أولهن :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله ، والثانية :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له [ فاطر : 2 ] ، والثالثة :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=6وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها [ هود : 6 ] .
وأخرج
أبو الشيخ عن
الحسن نحوه .
وأخرج
أبو الشيخ عن
مجاهد في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107فلا راد لفضله قال : هو الحق المذكور في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=108قد جاءكم الحق من ربكم .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=109واصبر حتى يحكم الله قال : هذا منسوخ ، أمره بجهادهم والغلظة عليهم .
[ ص: 644 ] nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=101nindex.php?page=treesubj&link=28981_19784قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=102فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=103ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=104قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=105وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=106وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=108قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=109وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=101قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَمَّا بَيَّنَ سُبْحَانَهَ أَنَّ الْإِيمَانَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ ، أَمَرَ بِالنَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ بِالدَّلَائِلِ السَّمَاوِيَّةِ وَالْأَرْضِيَّةِ ، وَالْمُرَادُ بِالنَّظَرِ : التَّفَكُّرُ وَالِاعْتِبَارُ : أَيْ قُلْ يَا
مُحَمَّدُ لِلْكُفَّارِ تَفَكَّرُوا وَاعْتَبِرُوا بِمَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنَ الْمَصْنُوعَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى الصَّانِعِ وَوَحْدَتِهِ وَكَمَالِ قُدْرَتِهِ .
وَمَاذَا مُبْتَدَأٌ ، وَخَبَرُهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، أَوِ الْمُبْتَدَأُ مَا ، وَذَا بِمَعْنَى الَّذِي ، وَفِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ صِلَتُهُ ، وَالْمَوْصُولُ وَصِلَتُهُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ : أَيْ : أَيُّ شَيْءٍ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ بِالْفِعْلِ الَّذِي قَبْلَهَا .
ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ التَّفَكُّرَ وَالتَّدَبُّرَ فِي هَذِهِ الدَّلَائِلِ لَا يَنْفَعُ فِي حَقِّ مَنِ اسْتَحْكَمَتْ شَقَاوَتُهُ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=101وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ أَيْ مَا تَنْفَعُ عَلَى أَنَّ مَا نَافِيَةٌ ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اسْتِفْهَامِيَّةً أَيْ : أَيُّ شَيْءٍ يَنْفَعُ ، وَالْآيَاتُ هِيَ الَّتِي عَبَّرَ عَنْهَا بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=101مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالنُّذُرُ جَمْعُ نَذِيرٍ ، وَهُمُ الرُّسُلُ أَوْ جَمْعُ إِنْذَارٍ وَهُوَ الْمَصْدَرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=101عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ فِي عِلْمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّ مَنْ كَانَ هَكَذَا لَا يُجْدِي فِيهِ شَيْءٌ وَلَا يَدْفَعُهُ عَنِ الْكُفْرِ دَافِعٌ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=102فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ أَيْ فَهَلْ يَنْتَظِرُ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ الْمُعَاصِرُونَ
لِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا مِثْلَ وَقَائِعِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِالْكُفَّارِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِ هَؤُلَاءِ ، فَقَدْ كَانَ الْأَنْبِيَاءُ الْمُتَقَدِّمُونَ يَتَوَعَّدُونَ كُفَّارَ زَمَانِهِمْ بِأَيَّامٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى أَنْوَاعِ الْعَذَابِ ، وَهُمْ يُكَذِّبُونَهُمْ وَيُصَمِّمُونَ عَلَى الْكُفْرِ حَتَّى يُنْزِلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَذَابَهُ وَيُحِلَّ بِهِمُ انْتِقَامَهُ ، ثُمَّ قَالَ : قُلْ يَا
مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ الْمُعَاصِرِينَ لَكَ فَانْتَظِرُوا أَيْ تَرَبَّصُوا لِوَعْدِ رَبِّكُمْ إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ لِوَعْدِ رَبِّي ، وَفِي هَذَا تَهْدِيدٌ شَدِيدٌ ، وَوَعِيدٌ بَالِغٌ بِأَنَّهُ سَيَنْزِلُ بِهَؤُلَاءِ مَا نَزَلَ بِأُولَئِكَ مِنَ الْإِهْلَاكِ .
وَثُمَّ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=103ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا لِلْعَطْفِ عَلَى مُقَدَّرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهُ كَأَنَّهُ قِيلَ : أَهْلَكْنَا الْأُمَمَ ثُمَّ نَجَّيْنَا رُسُلَنَا الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهِمْ .
وَقَرَأَ
يَعْقُوبُ ثُمَّ " نُنْجِي " مُخَفَّفًا ، وَقَرَأَ كَذَلِكَ أَيْضًا فِي " حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ " .
وَرُوِيَ كَذَلِكَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيِّ وَحَفْصٍ فِي الثَّانِيَةِ .
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ ، وَهُمَا لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ : أَنْجَى يُنْجِي إِنْجَاءً ، وَنَجَّى يُنَجِّي تَنْجِيَةً بِمَعْنًى وَاحِدٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=103وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعْطُوفٌ عَلَى رُسُلِنَا : أَيْ نَجَّيْنَاهُمْ وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا ، وَالتَّعْبِيرُ بِلَفْظِ الْفِعْلِ الْمُسْتَقْبَلِ لِاسْتِحْضَارِ صُورَةِ الْحَالِ الْمَاضِيَةِ تَهْوِيلًا لِأَمْرِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=103كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا أَيْ حَقَّ ذَلِكَ عَلَيْنَا حَقًّا ، أَوْ إِنْجَاءً مِثْلَ ذَلِكَ الْإِنْجَاءِ حَقًّا
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=103نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ عَذَابِنَا لِلْكُفَّارِ ، وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ : الْجِنْسُ ، فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الرُّسُلُ وَأَتْبَاعُهُمْ ، أَوْ يَكُونُ خَاصًّا بِالْمُؤْمِنِينَ وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ ، لِأَنَّ الرُّسُلَ دَاخِلُونَ فِي ذَلِكَ بِالْأَوْلَى .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=104قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي أَمَرَ سُبْحَانَهُ رَسُولَهُ بِأَنْ يُظْهِرَ التَّبَايُنَ بَيْنَ طَرِيقَتِهِ وَطَرِيقَةِ الْمُشْرِكِينَ مُخَاطِبًا لِجَمِيعِ النَّاسِ ، أَوْ لِلْكُفَّارِ مِنْهُمْ ، أَوْ
لِأَهْلِ مَكَّةَ عَلَى الْخُصُوصِ بِقَوْلِهِ : إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينَيِ الَّذِي أَنَا عَلَيْهِ ، وَهُوَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَلَمْ تَعْلَمُوا بِحَقِيقَتِهِ وَلَا عَرَفْتُمْ صِحَّتَهُ ، وَأَنَّهُ الدِّينُ الْحَقُّ الَّذِي لَا دِينَ غَيْرُهُ ، فَاعْلَمُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ أَدْيَانِكُمُ الَّتِي أَنْتُمْ عَلَيْهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=104فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=104وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ أَيْ أَخُصُّهُ بِالْعِبَادَةِ لَا أَعْبُدُ غَيْرَهُ مِنْ مَعْبُودَاتِكُمْ مِنَ الْأَصْنَامِ وَغَيْرِهَا ، وَخَصَّ صِفَةَ الْمُتَوَفِّي مِنْ بَيْنِ الصِّفَاتِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّهْدِيدِ لَهُمْ أَيْ : أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ فَيَفْعَلُ بِكُمْ مَا يَفْعَلُ مِنَ الْعَذَابِ الشَّدِيدِ ، وَلِكَوْنِهِ يَدُلُّ عَلَى الْخَلْقِ أَوَّلًا ، وَعَلَى الْإِعَادَةِ ثَانِيًا ، وَلِكَوْنِهِ أَشَدَّ الْأَحْوَالِ مَهَابَةً فِي الْقُلُوبِ ، وَلِكَوْنِهِ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْإِهْلَاكِ وَالْوَقَائِعِ النَّازِلَةِ بِالْكُفَّارِ مِنَ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي وَعَدَنِي بِإِهْلَاكِكُمْ .
وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَعْبُدُ إِلَّا اللَّهَ بَيَّنَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْإِيمَانِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=104وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَيْ : بِأَنْ أَكُونَ مِنْ جِنْسِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَأَخْلَصَ لَهُ الدِّينَ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=105وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=104أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُ الْمَعْطُوفِ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ " أَنَّ " الدَّلَالَةُ عَلَى الْمَصْدَرِ ، وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْخَبَرِيَّةِ وَالْإِنْشَائِيَّةِ ، أَوْ يَكُونُ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ فِي مَعْنَى الْإِنْشَاءِ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : كُنْ مُؤْمِنًا ثُمَّ أَقِمْ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَمَرَهُ بِالِاسْتِقَامَةِ فِي الدِّينِ وَالثَّبَاتِ فِيهِ ، وَعَدَمِ التَّزَلْزُلِ عَنْهُ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ .
وَخَصَّ الْوَجْهَ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ الْأَعْضَاءِ ، أَوْ أَمَرَهُ بِاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاةِ وَعَدَمِ التَّحَوُّلِ عَنْهَا .
وَحَنِيفًا حَالٌ مِنَ الدِّينِ ، أَوْ مِنَ الْوَجْهِ : أَيْ مَائِلًا عَنْ كُلِّ دِينٍ مِنَ الْأَدْيَانِ إِلَى دِينِ الْإِسْلَامِ .
ثُمَّ أُكِّدَ الْأَمْرُ الْمُتَقَدِّمُ لِلنَّهْيِ عَنْ ضِدِّهِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=105وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى أَقِمْ ، وَهُوَ مِنْ بَابِ التَّعْرِيضِ لِغَيْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=106وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ مَعْطُوفٌ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=104قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ غَيْرُ دَاخِلٍ تَحْتَ الْأَمْرِ ، وَقِيلَ : مَعْطُوفٌ عَلَى وَلَا تَكُونَنَّ أَيْ لَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ عَلَى حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ بِشَيْءٍ مِنَ النَّفْعِ وَالضُّرِّ إِنْ دَعَوْتَهُ ، وَدُعَاءُ مَنْ كَانَ هَكَذَا لَا يَجْلِبُ نَفْعًا ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى ضُرٍّ ضَائِعٍ لَا يَفْعَلُهُ عَاقِلٌ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى النَّفْعِ وَالضُّرِّ غَيْرُهُ ، فَكَيْفَ
[ ص: 645 ] إِذَا كَانَ مَوْجُودًا ؟ فَإِنَّ الْعُدُولَ عَنْ دُعَاءِ الْقَادِرِ إِلَى دُعَاءِ غَيْرِ الْقَادِرِ أَقْبَحُ وَأَقْبَحُ فَإِنْ فَعَلْتَ أَيْ فَإِنْ دَعَوْتَ ، وَلَكِنَّهُ كَنَّى عَنِ الْقَوْلِ بِالْفِعْلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=106فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ هَذَا جَزَاءُ الشَّرْطِ أَيْ : فَإِنْ دَعَوْتَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنَّكَ فِي عِدَادِ الظَّالِمِينَ لِأَنْفُسِهِمْ ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْخِطَابِ التَّعْرِيضُ بِغَيْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ إِلَى آخِرِهَا مُقَرِّرَةٌ لِمَضْمُونِ مَا قَبْلَهَا .
وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ هُوَ الضَّارُّ النَّافِعُ ، فَإِنْ أَنْزَلَ بِعَبْدِهِ ضَرًّا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَكْشِفَهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ ، بَلْ هُوَ الْمُخْتَصُّ بِكَشْفِهِ كَمَا اخْتَصَّ بِإِنْزَالِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ أَيِّ خَيْرٍ كَانَ ، لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَدْفَعَهُ عَنْكَ وَيَحُولَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ ، وَعَبَّرَ بِالْفَضْلِ مَكَانَ الْخَيْرِ لِلْإِرْشَادِ إِلَى أَنَّهُ يَتَفَضَّلُ عَلَى عِبَادِهِ بِمَا لَا يَسْتَحِقُّونَهُ بِأَعْمَالِهِمْ .
قَالَ
الْوَاحِدِيُّ : إِنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ هُوَ مِنَ الْقَلْبِ ، وَأَصْلُهُ وَإِنْ يُرِدْ بِكَ الْخَيْرَ ، وَلَكِنْ لَمَّا تَعَلَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ جَازَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَكَانَ الْآخَرِ .
قَالَ
النَّيْسَابُورِيُّ : وَفِي تَخْصِيصِ الْإِرَادَةِ بِجَانِبِ الْخَيْرِ ، وَالْمَسِّ بِجَانِبِ الشَّرِّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخَيْرَ يَصْدُرُ عَنْهُ سُبْحَانَهُ بِالذَّاتِ ، وَالشَّرَّ بِالْعَرَضِ .
قُلْتُ : وَفِي هَذَا نَظَرٌ ، فَإِنَّ الْمَسَّ هُوَ أَمْرٌ وَرَاءَ الْإِرَادَةِ فَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لَهَا ، وَالضَّمِيرُ فِي يُصِيبُ بِهِ رَاجِعٌ إِلَى فَضْلِهِ أَيْ : يُصِيبُ بِفَضْلِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ، وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ تَذْيِيلِيَّةٌ .
ثُمَّ خَتَمَ هَذِهِ السُّورَةَ بِمَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=108قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ أَيِ الْقُرْآنُ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=108فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا أَيْ مَنْفَعَةُ اهْتِدَائِهِ مُخْتَصَّةٌ بِهِ ، وَضَرَرُ كُفْرِهِ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ لَا يَتَعَدَّاهُ ، وَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَا غَرَضٌ يَعُودُ إِلَيْهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=108وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ أَيْ بِحَفِيظٍ يَحْفَظُ أُمُورَكُمْ وَتُوكَلُ إِلَيْهِ ، إِنَّمَا أَنَا بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ .
ثُمَّ أَمَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَتَّبِعَ مَا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيْهِ مِنَ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي الَّتِي يُشَرِّعُهَا اللَّهُ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالصَّبْرِ عَلَى أَذَى الْكُفَّارِ ، وَمَا يُلَاقِيهِ مِنْ مَشَاقِّ التَّبْلِيغِ ، وَمَا يُعَانِيهِ مِنْ تَلَوُّنِ أَخْلَاقِ الْمُشْرِكِينَ وَتَعَجْرُفِهِمْ ، وَجَعَلَ ذَلِكَ الصَّبْرَ مُمْتَدًّا إِلَى غَايَةٍ هِيَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=109حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ أَيْ يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا بِالنَّصْرِ لَهُ عَلَيْهِمْ ، وَفِي الْآخِرَةِ بِعَذَابِهِمْ بِالنَّارِ ، وَهُمْ يُشَاهِدُونَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - هُوَ وَأُمَّتُهُ ، الْمُتَّبِعُونَ لَهُ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ ، الْعَامِلُونَ بِمَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ ، الْمُنْتَهُونَ عَمَّا يَنْهَاهُمْ عَنْهُ ، يَتَقَلَّبُونَ فِي نَعِيمِ الْجَنَّةِ الَّذِي لَا يَنْفَدُ ، وَلَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ ، وَلَا يُوقَفُ عَلَى أَدْنَى مَزَايَاهُ .
وَقَدْ أَخْرَجَ
أَبُو الشَّيْخِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=101وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ يَقُولُ : عِنْدَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ نَسَخَتْ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=5حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ [ الْقَمَرِ : 5 ] .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَأَبُو الشَّيْخِ ، عَنْ
قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=102فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قَالَ : وَقَائِعُ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ ،
قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
وَأَبُو الشَّيْخِ ، عَنِ
الرَّبِيعِ فِي الْآيَةِ قَالَ : خَوَّفَهُمْ عَذَابَهُ وَنِقْمَتَهُ وَعُقُوبَتَهُ ، ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ نَجَّى اللَّهُ رُسُلَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=103ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا الْآيَةَ .
وَأَخْرَجَ
أَبُو الشَّيْخِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ يَقُولُ : بِعَافِيَةٍ ، وَأَخْرَجَ
الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنْ
عَامِرِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ : ثَلَاثُ آيَاتٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ اكْتَفَيْتُ بِهِنَّ عَنْ جَمِيعِ الْخَلَائِقِ : أَوَّلُهُنَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ، وَالثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ [ فَاطِرٍ : 2 ] ، وَالثَّالِثَةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=6وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا [ هُودٍ : 6 ] .
وَأَخْرَجَ
أَبُو الشَّيْخِ عَنِ
الْحَسَنِ نَحْوَهُ .
وَأَخْرَجَ
أَبُو الشَّيْخِ عَنْ
مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ قَالَ : هُوَ الْحَقُّ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=108قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=109وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ قَالَ : هَذَا مَنْسُوخٌ ، أَمَرَهُ بِجِهَادِهِمْ وَالْغِلْظَةِ عَلَيْهِمْ .