ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون . هذه الآية مشتملة على الإخبار من الله - سبحانه - بما له من الأسماء على الجملة دون التفصيل ، والحسنى تأنيث الأحسن : أي التي هي أحسن الأسماء لدلالتها على أحسن مسمى وأشرف مدلول ، ثم أمرهم بأن يدعوه بها عند الحاجة ، فإنه إذا دعي بأحسن أسمائه كان ذلك من أسباب الإجابة ، وقد ثبت في الصحيح : وسيأتي ، ويأتي أيضا بيان عددها آخر البحث إن شاء الله . إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة
قوله : وذروا الذين يلحدون في أسمائه الإلحاد : الميل وترك القصد ، يقال : لحد الرجل في الدين وألحد : إذا مال ، ومنه اللحد في القبر لأنه في ناحية ، وقرئ " يلحدون " وهما لغتان ، والإلحاد في أسمائه - سبحانه - يكون على ثلاثة أوجه : إما بالتغيير كما فعله المشركون فإنهم أخذوا اسم اللات من الله ، والعزى من العزيز ، ومناة من المنان ، أو بالزيادة عليها بأن يخترعوا أسماء من عندهم لم يأذن الله بها ، أو بالنقصان منها بأن يدعوه ببعضها دون بعض ومعنى وذروا الذين يلحدون اتركوهم ولا تحاجوهم ولا تعرضوا لهم ، وعلى هذا المعنى فالآية منسوخة بآيات القتال ، وقيل : معناه : الوعيد كقوله - تعالى - : ذرني ومن خلقت وحيدا ( المدثر : 11 ) ، وقوله : ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ( الحجر : 3 ) وهذا أولى لقوله : سيجزون ما كانوا يعملون فإنه وعيد لهم بنزول العقوبة ، وتحذير للمسلمين أن يفعلوا كفعلهم .
وقد ذكر مقاتل وغيره من المفسرين أن هذه الآية نزلت في رجل من المسلمين كان يقول في صلاته يا رحمن يا رحيم ، فقال رجل من المشركين : أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون ربا واحدا فما بال هذا يدعو ربين اثنين ؟ حكى ذلك القرطبي .
وقد أخرج أحمد ، ، والبخاري ومسلم ، ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وابن خزيمة وأبو عوانة ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم والطبراني وابن منده ، وابن مردويه ، وأبو نعيم ، والبيهقي عن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبي هريرة . إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة ، إنه وتر يحب الوتر
وفي لفظ ابن مردويه ، وأبي نعيم : من دعى بها استجاب الله دعاءه .
وزاد الترمذي في سننه بعد قوله . يحب الوتر : هو الله الذي لا إله إلا هو ، الرحمن ، الرحيم ، الملك ، القدوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبار ، المتكبر ، الخالق ، البارئ ، المصور ، الغفار ، القهار ، الوهاب ، الرزاق ، الفتاح ، العليم ، القابض ، الباسط ، الخافض ، الرافع ، المعز ، المذل ، السميع ، البصير ، الحكم ، العدل ، اللطيف ، الخبير ، الحليم ، العظيم ، الغفور ، الشكور ، العلي ، الكبير ، الحفيظ ، المقيت ، الحسيب ، الجليل ، الكريم ، الرقيب ، المجيب ، الواسع ، الحكيم ، الودود ، المجيد ، الباعث ، الشهيد ، الحق ، الوكيل ، القوي ، المتين ، الولي ، الحميد ، المحصي ، المبدئ ، المعيد ، المحيي ، المميت ، الحي ، القيوم ، الواجد ، الماجد ، الأحد ، الصمد ، القادر ، المقتدر ، المقدم ، المؤخر ، الأول ، الآخر ، الظاهر ، الباطن ، الوالي ، المتعالي ، البر ، التواب ، المنتقم ، العفو ، الرؤوف ، مالك الملك ، ذو الجلال والإكرام ، المقسط ، الجامع ، الغني ، المغني ، المانع ، الضار ، النافع ، النور ، الهادي ، البديع ، الباقي ، الوارث ، الرشيد ، الصبور
هكذا أخرج الترمذي هذه الزيادة عن الجوزجاني عن عن صفوان بن صالح عن الوليد بن مسلم عن أبي شعيب بن أبي حمزة الزناد عن عن الأعرج مرفوعة وقال : هذا حديث غريب . أبي هريرة
وقد روي من غير وجه عن ، ولا يعلم في كثير شيء من الروايات ذكر الأسماء إلا في هذا الحديث . أبي هريرة
ورواه ، في صحيحه ابن حبان ، وابن خزيمة والحاكم من طريق صفوان بإسناده السابق .
ورواه في سننه من طريق أخرى عن ابن ماجه عن موسى بن عقبة عن الأعرج مرفوعا فسرد الأسماء المتقدمة بزيادة ونقصان . أبي هريرة
قال ابن كثير في تفسيره والذي عول عليه جماعة من الحفاظ أن سرد الأسماء في هذا الحديث مدرج فيه .
وإنما ذلك كما رواه الوليد بن مسلم وعبد الملك بن محمد الصنعاني عن زهير بن محمد أنه بلغه عن غير واحد من أهل العلم أنهم قالوا ذلك : أي أنهم جمعوها من القرآن كما روي عن جعفر بن محمد وسفيان بن عيينة وأبي زيد اللغوي .
قال : ثم ليعلم أن بدليل ما رواه الأسماء الحسنى ليست منحصرة في التسعة والتسعين في مسنده ، عن الإمام أحمد ، عن فضيل بن مرزوق ، عن يزيد بن هارون أبي سلمة الجهني ، عن ، عن أبيه ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : عبد الله بن مسعود . ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال اللهم إني عبدك وابن عبدك وأمتك ، ناصيتي بيدك ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك ، سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ، ونور صدري ، وجلاء حزني وذهاب همي وغمي ، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجا ، فقيل : يا رسول الله ألا نتعلمها ؟ فقال : بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها
وقد أخرجه الإمام في صحيحه بمثله . انتهى . أبو حاتم بن حبان
وأخرجه البيهقي أيضا في الأسماء والصفات .
قال : جاءت في إحصائها - يعني الأسماء الحسنى - أحاديث مضطربة لا يصح منها شيء أصلا . ابن حزم
وقد أخرجها بهذا العدد الذي أخرجه الترمذي ، وابن مردويه ، وأبو نعيم عن ، ابن عباس قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكراه ، ولا أدري كيف إسناده . وابن عمر
وأخرج ابن أبي الدنيا كلاهما في الدعاء والطبراني وأبو الشيخ ، والحاكم وابن مردويه ، وأبو نعيم والبيهقي عن : أبي هريرة . إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة : [ ص: 515 ] أسأل الله الرحمن ، الرحيم ، الإله ، الرب ، الملك ، القدوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبار ، المتكبر ، الخالق ، البارئ ، المصور ، الحليم ، العليم ، السميع ، البصير ، الحي ، القيوم ، الواسع ، اللطيف ، الخبير ، الحنان ، المنان ، البديع ، الغفور ، الودود ، الشكور ، المجيد ، المبدئ ، المعيد ، النور ، البارئ ، وفي لفظ : القائم ، الأول ، الآخر ، الظاهر ، الباطن ، العفو ، الغفار ، الوهاب ، الفرد ، وفي لفظ : القادر ، الأحد الصمد ، الوكيل ، الكافي ، الباقي ، المغيث ، الدائم المتعالي ، ذا الجلال والإكرام ، المولى ، البصير ، الحق ، المتين ، الوارث ، المنير ، الباعث ، القدير ، وفي لفظ : المجيب ، المحيي ، المميت ، الحميد ، وفي لفظ : الجميل ، الصادق ، الحفيظ ، المحيط ، الكبير ، القريب ، الرقيب ، الفتاح ، التواب ، القديم ، الوتر ، الفاطر ، الرزاق ، العلام ، العلي ، العظيم ، الغني ، الملك ، المقتدر ، الأكرم ، الرؤوف ، المدبر ، المالك ، القاهر ، الهادي ، الشاكر ، الكريم ، الرفيع ، الشهيد ، الواحد ، ذا الطول ، ذا المعارج ، ذا الفضل ، الخلاق ، الكفيل ، الجليل
وأخرج أبو نعيم عن قال : سألت محمد بن جعفر أبي جعفر بن محمد الصادق عن الأسماء التسعة والتسعين التي من أحصاها دخل الجنة ؟ فقال : هي في القرآن ، ففي الفاتحة خمسة أسماء : يا الله ، يا رب ، يا رحمن ، يا رحيم ، يا ملك ، وفي البقرة ثلاثة وثلاثون اسما : يا محيط ، يا قدير ، يا عليم ، يا حكيم ، يا علي ، يا عظيم ، يا تواب ، يا بصير ، يا ولي ، يا واسع ، يا كافي ، يا رؤوف ، يا بديع ، يا شاكر ، يا واحد ، يا سميع ، يا قابض ، يا حي ، يا قيوم ، يا غني ، يا حميد ، يا غفور ، يا حليم ، يا إله ، يا قريب ، يا مجيب ، يا عزيز ، يا نصير ، يا قوي ، يا شديد ، يا سريع ، يا خبير ، وفي آل عمران : يا وهاب ، يا قائم ، يا صادق ، يا باعث ، يا منعم ، يا متفضل ، وفي النساء : يا رقيب ، يا حسيب ، يا شهيد ، يا مقيت ، يا وكيل ، يا علي ، يا كبير ، وفي الأنعام : يا فاطر ، يا قاهر ، يا لطيف ، يا برهان ، وفي الأعراف : يا محيي ، يا مميت ، وفي الأنفال : يا نعم المولى ، ويا نعم النصير ، وفي هود : يا حفيظ ، يا مجيد ، يا ودود ، يا فعال لما تريد ، وفي الرعد : يا كبير ، يا متعالي ، وفي إبراهيم : يا منان ، يا وارث ، وفي الحجر : يا خلاق ، وفي مريم : يا فرد ، وفي طه : يا غفار ، وفي قد أفلح ، ( سورة المؤمنون ) يا كريم ، وفي النور : يا حق ، يا مبين ، وفي الفرقان : يا هادي ، وفي سبأ : يا فتاح ، وفي الزمر : يا عالم ، وفي غافر : يا قابل التوب ، يا ذا الطول ، يا رفيع ، وفي الذاريات : يا رزاق ، يا ذا القوة ، يا متين ، وفي الطور : يا بر ، وفي اقتربت : ( أي : سورة القمر ) يا مقتدر ، يا مليك ، وفي الرحمن : يا ذا الجلال والإكرام ، يا رب المشرقين ، يا رب المغربين ، يا باقي ، يا معين ، وفي الحديد : يا أول ، يا آخر ، يا ظاهر ، يا باطن ، وفي الحشر : يا ملك ، يا قدوس ، يا سلام ، يا مؤمن ، يا مهيمن ، يا عزيز ، يا جبار ، يا متكبر ، يا خالق ، يا بارئ ، يا مصور ، وفي البروج : يا مبدئ ، يا معيد ، وفي الفجر : يا وتر ، وفي الإخلاص : يا أحد ، يا صمد ، انتهى .
وقد ذكر ابن حجر في التلخيص أنه تتبعها من الكتاب العزيز إلى أن حررها منه تسعة وتسعين ثم سردها ، فابحثه .
ويؤيد هذا ما أخرجه أبو نعيم عن ، ابن عباس قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : وابن عمر . لله تسعة وتسعون اسما من أحصاها دخل الجنة ، وهي في القرآن
وأخرج البيهقي عائشة أنها قالت : يا رسول الله علمني اسم الله الذي إذا دعي به أجاب ، قال لها : قومي فتوضئي ، وادخلي المسجد فصلي ركعتين ثم ادعي حتى أسمع ، ففعلت ، فلما جلست للدعاء قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : اللهم وفقها فقالت : اللهم إني أسألك بجميع أسمائك الحسنى كلها ما علمنا منها وما لم نعلم ، وأسألك باسمك العظيم الأعظم الكبير الأكبر الذي من دعاك به أجبته ، ومن سألك به أعطيته ، قال النبي : أصبتيه أصبتيه . عن
وقد أطال أهل العلم الكلام على الأسماء الحسنى حتى أن ابن العربي في شرح الترمذي ، حكى عن بعض أهل العلم أنه جمع من الكتاب والسنة من أسماء الله ألف اسم .
وأخرج ، ابن جرير ، عن وابن أبي حاتم في قوله : ابن عباس وذروا الذين يلحدون في أسمائه قال : الإلحاد ، أن يدعو اللات والعزى في أسماء الله .
وأخرج ابن المنذر ، ، عنه قال : الإلحاد التكذيب . وابن أبي حاتم
وأخرج ، ابن جرير وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، عن في الآية قال : اشتقوا العزى من العزيز ، واشتقوا اللات من الله . ابن جريج
وأخرج ، عن ابن أبي حاتم عطاء في الآية قال : الإلحاد المضاهاة .
وأخرج ، عن ابن أبي حاتم أنه قرأ " يلحدون " من لحد ، وقال : تفسيرها يدخلون فيها ما ليس منها . الأعمش
وأخرج عبد الرزاق ، وابن حميد ، عن وابن جرير قتادة في الآية قال : يشركون .