قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=77nindex.php?page=treesubj&link=33955_31883_28982ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب .
ذكر الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن
لوطا عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ، لما جاءته رسل ربه من الملائكة حصلت له بسبب مجيئهم مساءة عظيمة ضاق صدره بها ، وأشار في مواضع متعددة إلى أن سبب مساءته وكونه ضاق بهم ذرعا ، وقال هذا يوم عصيب : أنه ظن أنهم ضيوف من بني
آدم ، كما ظنه
إبراهيم عليهما الصلاة والسلام ، وظن أن قومه ينتهكون حرمة ضيوفه فيفعلون بهم فاحشة اللواط ; لأنهم إن علموا بقدوم
[ ص: 188 ] ضيف فرحوا واستبشروا به ليفعلوا به الفاحشة المذكورة ، فمن ذلك قوله هنا :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=78وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال ياقوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزوني في ضيفي أليس منكم رجل رشيد nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=79قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد [ 11 \ 78 ، 79 ] .
وقوله في " الحجر " :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=67وجاء أهل المدينة يستبشرون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=68قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=69واتقوا الله ولا تخزون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=70قالوا أولم ننهك عن العالمين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=71قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=72لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون [ 15 \ 67 - 72 ] .
وقوله : يهرعون [ 11 \ 78 ] ، أي : يسرعون ويهرولون من فرحهم بذلك ، ومنه قول
مهلهل :
فجاءوا يهرعون وهم أسارى تقودهم على رغم الأنوف
وقوله : ولا تخزون ، أي : لا تهينون ولا تذلون بانتهاك حرمة ضيفي ، والاسم منه : الخزي بكسر الخاء وإسكان الزاي . ومنه قول
حسان في
عتبة بن أبي وقاص :
فأخزاك ربي يا عتيب بن مالك ولقاك قبل الموت إحدى الصواعق
وقال بعض العلماء : قوله : ولا تخزون [ 15 \ 69 ] من الخزاية ، وهي الخجل والاستحياء من الفضيحة ، أي لا تفعلوا بضيفي ما يكون سببا في خجلي واستحيائي ، ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذي الرمة يصف ثورا وحشيا تطارده الكلاب في جانب حبل من الرمل :
حتى إذا دومت في الأرض راجعه كبر ولو شاء نجى نفسه الهرب
خزاية أدركته بعد جولته من جانب الحبل مخلوطا بها الغضب
يعني أن هذا الثور لو شاء نجا من الكلاب بالهرب ، ولكنه استحيا وأنف من الهرب فكر راجعا إليها ، ومنه قوله الآخر :
أجاعلة أم الثوير خزاية على فراري أن لقيت بني عبس
والفعل منه : خزي يخزى ، كرضي يرضى ، ومنه قول الشاعر :
من البيض لا تخزى إذا الريح ألقعت بها مرطها أو زايل الحلى جيدها
وقول الآخر :
وإني لا أخزى إذا قيل مملق سخي وأخزى أن يقال بخيل
[ ص: 189 ] وقوله : لعمرك معناه : أقسم بحياتك ، والله جل وعلا له أن يقسم بما شاء من خلقه ، ولم يقسم في القرآن بحياة أحد إلا نبينا صلى الله عليه وسلم ، وفي ذلك من التشريف له صلى الله عليه وسلم ما لا يخفى .
nindex.php?page=treesubj&link=16377ولا يجوز لمخلوق أن يحلف بغير الله ، لقوله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007470من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت " .
وقوله : لعمرك ، مبتدأ خبره محذوف ، أي لعمرك قسمي ، وسمع عن العرب تقديم الراء على اللام في لعمرك ، فتقول فيها : رعملك ، ومنه قول الشاعر :
رعملك إن الطائر الواقع الذي تعرض لي من طائر لصدوق
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=72لفي سكرتهم [ 15 \ 72 ] ، أي : عماهم وجهلهم وضلالهم ، والعمه : عمى القلب ، فمعنى يعمهون [ 15 \ 72 ] : يترددون متحيرين لا يعرفون حقا من باطل ، ولا نافعا من ضار ، ولا حسنا من قبيح .
واختلف العلماء في
nindex.php?page=treesubj&link=31881_28982المراد بقول لوط عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام : nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=78هؤلاء بناتي [ 11 \ 78 ] في الموضعين على أقوال :
أحدها : أنه أراد المدافعة عن ضيفه فقط ، ولم يرد إمضاء ما قال ، وبهذا قال
عكرمة ،
وأبو عبيدة .
الثاني : أن المراد بناته لصلبه ، وأن المعنى : دعوا فاحشة اللواط وأزوجكم بناتي ، وعلى هذا فتزويج الكافر المسلمة كان جائزا في شرعه ، كما كانت بنات نبينا صلى الله عليه وسلم تحت الكفار في أول الإسلام كما هو معروف ، وقد أرسلت
nindex.php?page=showalam&ids=437زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عقدها الذي زفتها به أمها
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة بنت خويلد رضي الله عنها إلى زوجها
nindex.php?page=showalam&ids=9920أبي العاص بن الربيع ، أرسلته إليه في فداء زوجها
أبي العاص المذكور لما أسره المسلمون كافرا يوم
بدر ، والقصة مشهورة ، وقد عقدها الشيخ
أحمد البدوي الشنقيطي في مغازيه بقوله في غزوة
بدر :
وابن الربيع صهر هادي الملة إذ في فداه
زينب أرسلت بعقدها الذي به أهدتها له خديجة وزففتها سرحه بعقدها وعهدا إليه أن يردها له غدا إلخ . . . القول الثالث : أن المراد بالبنات : جميع نساء قومه ; لأن نبي القوم أب ديني لهم ،
[ ص: 190 ] كما يدل له قوله تعالى في نبينا صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم [ 33 \ 6 ] وفي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب : " وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم " وروي نحوها عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وبهذا القول قال كثير من العلماء .
وهذا القول تقربه قرينة وتبعده أخرى ، أما القرينة التي تقربه فهي : أن بنات
لوط لا تسع جميع رجال قومه كما هو ظاهر ، فإذا زوجهن لرجال بقدر عددهن بقي عامة رجال قومه لا أزواج لهم ، فيتعين أن المراد عموم نساء قومه ، ويدل للعموم قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=165أتأتون الذكران من العالمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=166وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم [ 26 \ 165 ، 166 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=55أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء [ 27 \ 55 ] ، ونحو ذلك من الآيات .
وأما القرينة التي تبعده : فهي أن النبي ليس أبا للكافرات ، بل أبوة الأنبياء الدينية للمؤمنين دون الكافرين ، كما يدل عليه قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6النبي أولى بالمؤمنين الآية [ 33 \ 6 ] .
وقد صرح تعالى في " الذاريات " : بأن قوم
لوط ليس فيهم مسلم إلا أهل بيت واحد وهم أهل بيت
لوط ، وذلك في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=36فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين [ 51 \ 36 ] .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=77nindex.php?page=treesubj&link=33955_31883_28982وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ .
ذَكَرَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ : أَنَّ
لُوطًا عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، لَمَّا جَاءَتْهُ رُسُلُ رَبِّهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ حَصَلَتْ لَهُ بِسَبَبِ مَجِيئِهِمْ مَسَاءَةٌ عَظِيمَةٌ ضَاقَ صَدْرُهُ بِهَا ، وَأَشَارَ فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ إِلَى أَنَّ سَبَبَ مَسَاءَتِهِ وَكَوْنِهِ ضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا ، وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ : أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُمْ ضُيُوفٌ مِنْ بَنِي
آدَمَ ، كَمَا ظَنَّهُ
إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَظَنَّ أَنَّ قَوْمَهُ يَنْتَهِكُونَ حُرْمَةَ ضُيُوفِهِ فَيَفْعَلُونَ بِهِمْ فَاحِشَةَ اللِّوَاطِ ; لِأَنَّهُمْ إِنْ عَلِمُوا بِقُدُومِ
[ ص: 188 ] ضَيْفٍ فَرِحُوا وَاسْتَبْشَرُوا بِهِ لِيَفْعَلُوا بِهِ الْفَاحِشَةَ الْمَذْكُورَةَ ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ هُنَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=78وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِي فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=79قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ [ 11 \ 78 ، 79 ] .
وَقَوْلُهُ فِي " الْحِجْرِ " :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=67وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=68قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=69وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=70قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=71قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=72لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ [ 15 \ 67 - 72 ] .
وَقَوْلُهُ : يُهْرَعُونَ [ 11 \ 78 ] ، أَيْ : يُسْرِعُونَ وَيُهَرْوِلُونَ مِنْ فَرَحِهِمْ بِذَلِكَ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
مُهَلْهِلٍ :
فَجَاءُوا يُهْرَعُونَ وَهُمْ أُسَارَى تَقُودُهُمْ عَلَى رَغْمِ الْأُنُوفِ
وَقَوْلُهُ : وَلَا تُخْزُونِ ، أَيْ : لَا تُهِينُونِ وَلَا تُذِلُّونِ بِانْتِهَاكِ حُرْمَةِ ضَيْفِي ، وَالِاسْمُ مِنْهُ : الْخِزْيُ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَإِسْكَانِ الزَّايِ . وَمِنْهُ قَوْلُ
حَسَّانَ فِي
عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ :
فَأَخْزَاكَ رَبِّي يَا عُتَيْبُ بْنَ مَالِكٍ وَلَقَّاكَ قَبْلَ الْمَوْتِ إِحْدَى الصَّوَاعِقِ
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : قَوْلُهُ : وَلَا تُخْزُونِ [ 15 \ 69 ] مِنَ الْخَزَايَةِ ، وَهِيَ الْخَجَلُ وَالِاسْتِحْيَاءُ مِنَ الْفَضِيحَةِ ، أَيْ لَا تَفْعَلُوا بِضَيْفِي مَا يَكُونُ سَبَبًا فِي خَجَلِي وَاسْتِحْيَائِي ، وَمِنْهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ ثَوْرًا وَحْشِيًّا تُطَارِدُهُ الْكِلَابُ فِي جَانِبِ حَبْلٍ مِنَ الرَّمْلِ :
حَتَّى إِذَا دَوَّمَتْ فِي الْأَرْضِ رَاجَعَهُ كِبْرٌ وَلَوْ شَاءَ نَجَّى نَفْسَهُ الْهَرَبُ
خَزَايَةٌ أَدْرَكَتْهُ بَعْدَ جَوْلَتِهِ مِنْ جَانِبِ الْحَبْلِ مَخْلُوطًا بِهَا الْغَضَبُ
يَعْنِي أَنَّ هَذَا الثَّوْرَ لَوْ شَاءَ نَجَا مِنَ الْكِلَابِ بِالْهَرَبِ ، وَلَكِنَّهُ اسْتَحْيَا وَأَنِفَ مِنَ الْهَرَبِ فَكَرَّ رَاجِعًا إِلَيْهَا ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ الْآخَرُ :
أَجَاعِلَةٌ أُمَّ الثُّوَيْرِ خَزَايَةً عَلَى فِرَارِي أَنْ لَقِيتُ بَنِي عَبْسِ
وَالْفِعْلُ مِنْهُ : خَزِيَ يَخْزَى ، كَرَضِيَ يَرْضَى ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
مِنَ الْبِيضِ لَا تَخْزَى إِذَا الرِّيحُ أَلْقَعَتْ بِهَا مِرْطَهَا أَوْ زَايَلَ الْحَلَى جِيدُهَا
وَقَوْلُ الْآخَرِ :
وَإِنِّي لَا أَخْزَى إِذَا قِيلَ مُمْلِقٌ سَخِيٌّ وَأَخْزَى أَنْ يُقَالَ بَخِيلُ
[ ص: 189 ] وَقَوْلُهُ : لَعَمْرُكَ مَعْنَاهُ : أُقْسِمُ بِحَيَاتِكَ ، وَاللَّهُ جَلَّ وَعَلَا لَهُ أَنْ يُقْسِمَ بِمَا شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ ، وَلَمْ يُقْسِمْ فِي الْقُرْآنِ بِحَيَاةِ أَحَدٍ إِلَّا نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفِي ذَلِكَ مِنَ التَّشْرِيفِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَا يَخْفَى .
nindex.php?page=treesubj&link=16377وَلَا يَجُوزُ لِمَخْلُوقٍ أَنْ يَحْلِفَ بِغَيْرِ اللَّهِ ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007470مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ " .
وَقَوْلُهُ : لَعَمْرُكَ ، مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ ، أَيْ لَعَمْرُكَ قَسَمِي ، وَسُمِعَ عَنِ الْعَرَبِ تَقْدِيمُ الرَّاءِ عَلَى اللَّامِ فِي لَعَمْرُكَ ، فَتَقُولُ فِيهَا : رَعَمْلُكَ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
رَعَمْلُكَ إِنَّ الطَّائِرَ الْوَاقِعَ الَّذِي تَعَرَّضَ لِي مِنْ طَائِرٍ لَصَدُوقُ
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=72لَفِي سَكْرَتِهِمْ [ 15 \ 72 ] ، أَيْ : عَمَاهُمْ وَجَهْلِهِمْ وَضَلَالِهِمْ ، وَالْعَمَهُ : عَمَى الْقَلْبِ ، فَمَعْنَى يَعْمَهُونَ [ 15 \ 72 ] : يَتَرَدَّدُونَ مُتَحَيِّرِينَ لَا يَعْرِفُونَ حَقًّا مِنْ بَاطِلٍ ، وَلَا نَافِعًا مِنْ ضَارٍّ ، وَلَا حَسَنًا مِنْ قَبِيحٍ .
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=31881_28982الْمُرَادِ بِقَوْلِ لُوطٍ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=78هَؤُلَاءِ بَنَاتِي [ 11 \ 78 ] فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى أَقْوَالٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ أَرَادَ الْمُدَافَعَةَ عَنْ ضَيْفِهِ فَقَطْ ، وَلَمْ يُرِدْ إِمْضَاءَ مَا قَالَ ، وَبِهَذَا قَالَ
عِكْرِمَةُ ،
وَأَبُو عُبَيْدَةَ .
الثَّانِي : أَنَّ الْمُرَادَ بَنَاتُهُ لِصُلْبِهِ ، وَأَنَّ الْمَعْنَى : دَعُوا فَاحِشَةَ اللِّوَاطِ وَأُزَوِّجُكُمْ بَنَاتِي ، وَعَلَى هَذَا فَتَزْوِيجُ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَةَ كَانَ جَائِزًا فِي شَرْعِهِ ، كَمَا كَانَتْ بَنَاتُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ الْكُفَّارِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ ، وَقَدْ أَرْسَلَتْ
nindex.php?page=showalam&ids=437زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِقْدَهَا الَّذِي زَفَّتْهَا بِهِ أُمُّهَا
nindex.php?page=showalam&ids=10640خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَى زَوْجِهَا
nindex.php?page=showalam&ids=9920أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ ، أَرْسَلَتْهُ إِلَيْهِ فِي فِدَاءِ زَوْجِهَا
أَبِي الْعَاصِ الْمَذْكُورِ لَمَّا أَسَرَهُ الْمُسْلِمُونَ كَافِرًا يَوْمَ
بَدْرٍ ، وَالْقِصَّةُ مَشْهُورَةٌ ، وَقَدْ عَقَدَهَا الشَّيْخُ
أَحْمَدُ الْبَدَوِيُّ الشِّنْقِيطِيُّ فِي مَغَازِيهِ بِقَوْلِهِ فِي غَزْوَةِ
بَدْرٍ :
وَابْنُ الرَّبِيعِ صِهْرُ هَادِي الْمِلَّةِ إِذْ فِي فِدَاهُ
زَيْنَبُ أَرْسَلَتْ بِعِقْدِهَا الَّذِي بِهِ أَهْدَتْهَا لَهُ خَدِيجَةُ وَزَفَّفَتْهَا سَرَّحَهُ بِعَقْدِهَا وَعَهْدًا إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا لَهُ غَدَا إِلَخْ . . . الْقَوْلُ الثَّالِثُ : أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَنَاتِ : جَمِيعُ نِسَاءِ قَوْمِهِ ; لِأَنَّ نَبِيَّ الْقَوْمِ أَبٌ دِينِيٌّ لَهُمْ ،
[ ص: 190 ] كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ [ 33 \ 6 ] وَفِي قِرَاءَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : " وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ " وَرُوِيَ نَحْوُهَا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَبِهَذَا الْقَوْلِ قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ .
وَهَذَا الْقَوْلُ تُقَرِّبُهُ قَرِينَةٌ وَتُبْعِدُهُ أُخْرَى ، أَمَّا الْقَرِينَةُ الَّتِي تُقَرِّبُهُ فَهِيَ : أَنَّ بَنَاتَ
لُوطٍ لَا تَسَعُ جَمِيعَ رِجَالِ قَوْمِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ، فَإِذَا زَوَّجَهُنَّ لِرِجَالٍ بِقَدْرِ عَدَدِهِنَّ بَقِيَ عَامَّةُ رِجَالِ قَوْمِهِ لَا أَزْوَاجَ لَهُمْ ، فَيَتَعَيَّنُ أَنَّ الْمُرَادَ عُمُومُ نِسَاءِ قَوْمِهِ ، وَيَدُلُّ لِلْعُمُومِ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=165أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=166وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ [ 26 \ 165 ، 166 ] ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=55أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ [ 27 \ 55 ] ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ .
وَأَمَّا الْقَرِينَةُ الَّتِي تُبْعِدُهُ : فَهِيَ أَنَّ النَّبِيَّ لَيْسَ أَبًا لِلْكَافِرَاتِ ، بَلْ أُبُوَّةُ الْأَنْبِيَاءِ الدِّينِيَّةُ لِلْمُؤْمِنِينَ دُونَ الْكَافِرِينَ ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ الْآيَةَ [ 33 \ 6 ] .
وَقَدْ صَرَّحَ تَعَالَى فِي " الذَّارِيَاتِ " : بِأَنَّ قَوْمَ
لُوطٍ لَيْسَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ إِلَّا أَهْلَ بَيْتٍ وَاحِدٍ وَهُمْ أَهْلُ بَيْتِ
لُوطٍ ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=36فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ [ 51 \ 36 ] .