[ ص: 40 ] قوله تعالى : قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني الآية .
استدل المعتزلة النافون لرؤية الله بالأبصار يوم القيامة بهذه الآية على مذهبهم الباطل ، وقد جاءت آيات تدل على أن نفي الرؤية المذكور ، إنما هو في الدنيا ، وأما في الآخرة فإن المؤمنين يرونه جل وعلا بأبصارهم ، كما صرح به تعالى في قوله : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة [ 75 \ 22 ] ، وقوله في الكفار : كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون [ 83 \ 15 ] ، فإنه يفهم من مفهوم مخالفته أن المؤمنين ليسوا محجوبين عنه جل وعلا .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في قوله تعالى : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة [ 10 \ 26 ] الحسنى : الجنة ، والزيادة : النظر إلى وجه الله الكريم ، وذلك هو أحد القولين في قوله تعالى : ولدينا مزيد [ 50 \ 35 ] ، وقد تواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة بأبصارهم ، وتحقيق المقام في المسألة : أن : جائزة عقلا في الدنيا والآخرة ، ومن أعظم الأدلة على جوازها عقلا في دار الدنيا : قول رؤية الله جل وعلا بالأبصار موسى رب أرني أنظر إليك [ 7 \ 143 ] ; لأن موسى لا يخفى عليه الجائز والمستحيل في حق الله تعالى ، وأما شرعا فهي جائزة وواقعة في الآخرة كما دلت عليه الآيات المذكورة ، وتواترت به الأحاديث الصحاح ، وأما في الدنيا فممنوعة شرعا كما تدل عليه آية " الأعراف " هذه ، وحديث " إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا " ، كما أوضحناه في كتابنا ( دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ) .