ومن ذلك القرد ، فإنه لا يجوز أكله ، قال القرطبي في " تفسيره " : قال أبو عمر ، يعني : أجمع المسلمون على أنه لا يجوز ابن عبد البر ; لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكله ، ولا يجوز بيعه ; لأنه لا منفعة فيه . أكل القرد
قال : وما علمت أحدا رخص في أكله إلا ما ذكره عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب : سئل مجاهد عن أكل القرد ، فقال : ليس من بهيمة الأنعام ، قلت : ذكر ابن المنذر أنه قال : روينا عن عطاء أنه سئل عن القرد يقتل في الحرم ، قال : يحكم به ذوا عدل ، قال : فعلى مذهب عطاء يجوز أكل لحمه ; لأن الجزاء لا يجب على من قتل غير الصيد ، وفي " بحر المذهب " للروياني على مذهب . الشافعي
وقال : يجوز الشافعي ; لأنه يعلم وينتفع به لحفظ المتاع . اهـ . بيع القرد
وقال النووي في " شرح المهذب " : القرد حرام عندنا ، وبه قال عطاء ، وعكرمة ، ومجاهد ، ومكحول ، والحسن ، وابن حبيب المالكي .
وقال في " المغني " : وقال ابن قدامة : لا أعلم بين علماء المسلمين خلافا أن القرد لا يؤكل ، ولا يجوز بيعه ، وروي عن ابن عبد البر : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " الشعبي نهى عن لحم القرد " ، ولأنه سبع ، فيدخل في عموم الخبر ، ولأنه مسخ أيضا فيكون من الخبائث المحرمة .
وقد قدمنا جزم ابن حبيب ، من المالكية : بأنه حرام ، وقال وابن عبد البر الباجي : الأظهر عندي من مذهب مالك وأصحابه : أنه ليس بحرام .
ومن ذلك : فالظاهر فيه أنه من ذوات الناب من السباع ، وقد قدمنا أن التحقيق فيها التحريم ; لثبوته عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مذهب الجمهور . الفيل
وممن صححه من المالكية : ، ابن عبد البر والقرطبي .
[ ص: 533 ] وقال بعض المالكية كراهته أخف من كراهة السبع ، وأباحه أشهب ، وعن مالك في " المدونة " : كراهة . الانتفاع بالعاج ، وهو سن الفيل
وقال في " المغني " : والفيل محرم ، قال ابن قدامة أحمد : ليس هو من أطعمة المسلمين ، وقال الحسن : هو مسخ ، وكرهه أبو حنيفة ، ، ورخص في أكله والشافعي ، ولنا نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أكل كل ذي ناب من السباع ، وهو من أعظمها نابا ; ولأنه مستخبث فيدخل في عموم الآية المحرمة للخبائث . اهـ . الشعبي
وقال النووي في " شرح المهذب " : الفيل حرام عندنا ، وعند أبي حنيفة ، والكوفيين ، والحسن ، وأباحه ، الشعبي ، وابن شهاب ومالك في رواية .
وحجة الأولين أنه ذو ناب . اهـ .
ومن ذلك الهر ، والثعلب ، والدب : فهي عند مالك من ذوات الناب من السباع ، وعنه رواية أخرى أنها مكروهة كراهة تنزيه ، ولا تحريم فيها قولا واحدا ، والهر الأهلي والوحشي عنده سواء .
وفرق بينهما غيره من الأئمة ، كالشافعي وأحمد ، وأبي حنيفة : فمنعوا الأهلي .
قال في " المغني " : فأما الأهلي فمحرم في قول إمامنا ابن قدامة ومالك ، وأبي حنيفة ، . والشافعي
وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم : أنه أكل الهر ، وقال نهى عن في " المغني " أيضا : واختلفت الرواية في الثعلب ، فأكثر الروايات عن ابن قدامة أحمد تحريمه ، وهذا قول ، أبي هريرة ومالك ، وأبي حنيفة ; لأنه سبع ; فيدخل في عموم النهي ، ونقل عن أحمد إباحته ، واختاره الشريف أبو جعفر ، ورخص فيه عطاء ، ، وطاوس وقتادة ، والليث ، ، وسفيان بن عيينة ; لأنه يفدى في الإحرام والحرم ، إلى أن قال : واختلفت الرواية عن والشافعي أحمد في ، والقول فيه كالقول في الثعلب . سنور البر
وحكى النووي اتفاق الشافعية على إباحة الثعلب ، وقال صاحب " المهذب " : وفي سنور الوحش وجهان :
أحدهما : لا يحل ; لأنه يصطاد بنابه فلم يحل ، كالأسد والفهد .
والثاني : يحل ; لأنه حيوان يتنوع إلى حيوان وحشي وأهلي ، فيحرم الأهلي منه ، [ ص: 534 ] ويحل الوحشي كالحمار .
وأما الدب : فهو سبع ذو ناب عند مالك ، ، وأصحاب والشافعي أبي حنيفة ، وقال أحمد : إن كان الدب ذا ناب منع أكله ، وإن لم يكن ذا ناب فلا بأس بأكله .
واختلف العلماء في جواز : وهو عند أكل الضبع مالك كالثعلب ، وقد قدمنا عنه أنه سبع في رواية ، وفي أخرى أنه مكروه ، ولا قول فيه بالتحريم ، والأحاديث التي قدمناها في سورة " المائدة " بأن الضبع صيد تدل على إباحة أكلها ، وروي عن : أنه كان يأكل الضباع ، قاله سعد بن أبي وقاص القرطبي ، ورخص في أكلها وغيره ، وقال الشافعي البيهقي في " السنن الكبرى " : قال : وما يباع لحم الضباع الشافعي بمكة إلا بين الصفا والمروة .
وحجة مالك في مشهور مذهبه : أن الضبع من جملة السباع ; فيدخل في عموم النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع ، ولم يخص سبعا منها عن سبع ، قال القرطبي : وليس حديث الضبع الذي خرجه في إباحة أكلها مما يعارض به حديث النهي ; لأنه حديث انفرد به النسائي عبد الرحمن بن أبي عمار ، وليس مشهورا بنقل العلم ، ولا ممن يحتج به إذا خالفه من هو أثبت منه ، قال أبو عمر : وقد روي النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع من طرق متواترة ، روى ذلك جماعة من الأئمة الثقات الأثبات ، ومحال أن يعارضوا بمثل حديث ابن أبي عمار . اهـ .
قال مقيده - عفا الله عنه : للمخالف أن يقول أحاديث النهي عامة في كل ذي ناب من السباع ، ودليل إباحة الضبع خاص ، ولا يتعارض عام وخاص ; لأن الخاص يقضي على العام ، فيخصص عمومه به كما هو مقرر في الأصول .
ومن ذلك القنفذ : فقد قال بعض العلماء بتحريمه ، وهو مذهب الإمام أحمد ، ، وأجاز أكله الجمهور ، منهم وأبي هريرة مالك ، ، والشافعي والليث ، ، وغيرهم . وأبو ثور
واحتج من منعه بما رواه أبو داود ، والبيهقي عن أنه قال : أبي هريرة " . ذكر القنفذ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " هو خبيث من الخبائث
واحتج من أباحه ، وهم الجمهور ، بأن الحديث لم يثبت ، ولا تحريم إلا بدليل . قال البيهقي في السنن الكبرى ، بعد أن ساق حديث المذكور في خبث القنفذ : هذا حديث لم يرو إلا بهذا الإسناد ، وهو إسناد فيه ضعف . أبي هريرة
وممن كره : أكل القنفذ أبو حنيفة وأصحابه . قاله القرطبي وغيره .