قوله تعالى : وإن يدعون إلا شيطانا مريدا المراد في هذه الآية بدعائهم الشيطان المريد عبادتهم له ، ونظيره قوله تعالى : ألم أعهد إليكم يابني آدم أن لا تعبدوا الشيطان الآية [ 36 \ 60 ] ، وقوله عن خليله إبراهيم مقررا له : ياأبت لا تعبد الشيطان [ 19 \ 44 ] ، وقوله عن الملائكة : بل كانوا يعبدون الجن الآية [ 34 \ 41 ] ، وقوله : وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم [ 36 \ 137 ] ، ولم يبين في هذه الآيات ما وجه عبادتهم للشيطان ، ولكنه بين في آيات أخر أن معنى عبادتهم للشيطان إطاعتهم له واتباعهم لتشريعه وإيثاره على ما جاءت به الرسل من عند الله تعالى ، كقوله : وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون [ 6 \ 121 ] ، وقوله : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله [ 9 \ 31 ] ، رضي الله عنه لما قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : كيف اتخذوهم أربابا ؟ قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إنهم أحلوا لهم ما حرم الله ، وحرموا عليهم ما أحل الله فاتبعوهم " عدي بن حاتم ، وذلك هو معنى اتخاذهم إياهم أربابا . ويفهم من هذه الآيات بوضوح لا لبس فيه أن من اتبع تشريع الشيطان مؤثرا له على ما جاءت به الرسل ، فهو كافر بالله ، عابد للشيطان ، متخذ الشيطان ربا ، وإن سمى اتباعه للشيطان بما شاء من الأسماء ; لأن الحقائق لا تتغير بإطلاق الألفاظ عليها ، كما هو معلوم . فإن