nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=22nindex.php?page=treesubj&link=28978_28798_31818وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=23قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين
عطف على جواب لما ، فهو مما حصل عند ذوق الشجرة ، وقد رتب الإخبار عن الأمور الحاصلة عند ذوق الشجرة على حسب ترتيب حصولها في الوجود ، فإنهما بدت لهما سوآتهما فطفقا يخصفان ، وأعقب ذلك نداء الله إياهما .
وهذا أصل في ترتيب الجمل في صناعة الإنشاء ، إلا إذا اقتضى المقام العدول عن ذلك ، ونظير هذا الترتيب ما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=77ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب وقد بينته في كتاب " أصول الإنشاء والخطابة " ولم أعلم أني سبقت إلى الاهتداء إليه .
وقد تأخر نداء الرب إياهما إلى أن بدت لهما سوآتهما . وتحيلا لستر عوراتهما ليكون للتوبيخ وقع مكين من نفوسهما ، حين يقع بعد أن تظهر لهما مفاسد عصيانهما ، فيعلما أن الخير في طاعة الله ، وأن في عصيانه ضرا .
والنداء حقيقته ارتفاع الصوت وهو مشتق من الندى بفتح النون والقصر وهو بعد الصوت قال
مدثار بن شيبان النمري :
فقلت ادعي وأدعو إن أندى لصوت أن ينادي داعيان
[ ص: 66 ] وهو مجاز مشهور في الكلام الذي يراد به طلب إقبال أحد إليك ، وله حروف معروفة في العربية : تدل على طلب الإقبال ، وقد شاع إطلاق النداء على هذا حتى صار من الحقيقة ، وتفرع عنه طلب الإصغاء وإقبال الذهن من القريب منك ، وهو إقبال مجازي .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=22وناداهما ربهما مستعمل في المعنى المشهور : وهو طلب الإقبال ، على أن الإقبال مجازي لا محالة فيكون كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=89وزكريا إذ نادى ربه وهو كثير في الكلام .
ويجوز أن يكون مستعملا في الكلام بصوت مرتفع كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=171كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=43ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها وقول
بشار :
ناديت إن الحب أشعرني قتلا وما أحدثت من ذنب
ورفع الصوت يكون لأغراض ، ومحمله هنا على أنه صوت غضب وتوبيخ .
وظاهر إسناد النداء إلى الله أن الله ناداهما بكلام بدون واسطة ملك مرسل ، مثل الكلام الذي كلم الله به
موسى ، وهذا واقع قبل الهبوط إلى الأرض ، فلا ينافي ما ورد من أن
موسى هو أول نبيء كلمه الله تعالى بلا واسطة ، ويجوز أن يكون نداء
آدم بواسطة أحد الملائكة .
وجملة :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=22ألم أنهكما في موضع البيان لجملة ناداهما ، ولهذا فصلت الجملة عن التي قبلها .
والاستفهام في
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=22ألم أنهكما للتقرير والتوبيخ ، وأولي حرف النفي زيادة في التقرير ، لأن نهي الله إياهما واقع فانتفاؤه منتفيا ، فإذا أدخلت أداة التقرير وأقر المقرر بضد النفي كان إقراره أقوى في المؤاخذة بموجبه ، لأنه قد هيئ له سبيل الإنكار . لو كان يستطيع إنكارا ، كما تقدم عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=130يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم الآية في سورة الأنعام ، ولذلك اعترفا بأنهما ظلما أنفسهما .
[ ص: 67 ] وعطف جملة :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=22وأقل لكما على جملة : أنهكما للمبالغة في التوبيخ ، لأن النهي كان مشفوعا بالتحذير من الشيطان الذي هو المغري لهما بالأكل من الشجرة ، فهما قد أضاعا وصيتين . والمقصود من حكاية هذا القول هنا تذكير الأمة بعداوة الشيطان لأصل نوع البشر ، فيعلموا أنها عداوة بين النوعين ، فيحذروا من كل ما هو منسوب إلى الشيطان ومعدود من وسوسته ، فإنه لما جبل على الخبث والخزي كان يدعو إلى ذلك بطبعه وكذلك لا يهنأ له بال ما دام عدوه ومحسوده في حالة حسنة .
والمبين أصله المظهر ، أي للعداوة بحيث لا تخفى على من يتتبع آثار وسوسته وتغريره ، وما عامل به
آدم من حين خلقه إلى حين غروره به ، ففي ذلك كله إبانة عن عداوته ، ووجه تلك العداوة أن طبعه ينافي ما في الإنسان من الكمال الفطري المؤيد بالتوفيق والإرشاد الإلهي ، فلا يحب أن يكون الإنسان إلا في حالة الضلال والفساد ، ويجوز أن يكون المبين مستعملا مجازا في القوي الشديد لأن شأن الوصف الشديد أن يظهر للعيان .
وقد قالا :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=23ربنا ظلمنا أنفسنا اعترافا بالعصيان ، وبأنهما علما أن ضر المعصية عاد عليهما ، فكانا ظالمين لأنفسهما إذ جرا على أنفسهما الدخول في طور ظهور السوآت ، ومشقة اتخاذ ما يستر عوراتهما ، وبأنهما جرا على أنفسهما غضب الله تعالى ، فهما في توقع حقوق العذاب ، وقد جزما بأنهما يكونان من الخاسرين إن لم يغفر الله لهما ، إما بطريق الإلهام أو نوع من الوحي ، وإما بالاستدلال على العواقب بالمبادئ ، فإنهما رأيا من العصيان بوادئ الضر والشر ، فعلما أنه من غضب الله ومن مخالفة وصايته ، وقد أكدا جملة جواب الشرط بلام القسم ونون التوكيد إظهارا لتحقيق الخسران استرحاما واستغفارا من الله تعالى .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=22nindex.php?page=treesubj&link=28978_28798_31818وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=23قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ
عَطْفٌ عَلَى جَوَابِ لَمَّا ، فَهُوَ مِمَّا حَصَلَ عِنْدَ ذَوْقِ الشَّجَرَةِ ، وَقَدْ رُتِّبَ الْإِخْبَارُ عَنِ الْأُمُورِ الْحَاصِلَةِ عِنْدَ ذَوْقِ الشَّجَرَةِ عَلَى حَسَبِ تَرْتِيبِ حُصُولِهَا فِي الْوُجُودِ ، فَإِنَّهُمَا بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا فَطَفِقَا يَخْصِفَانِ ، وَأَعْقَبَ ذَلِكَ نِدَاءُ اللَّهِ إِيَّاهُمَا .
وَهَذَا أَصْلٌ فِي تَرْتِيبِ الْجُمَلِ فِي صِنَاعَةِ الْإِنْشَاءِ ، إِلَّا إِذَا اقْتَضَى الْمَقَامُ الْعُدُولَ عَنْ ذَلِكَ ، وَنَظِيرُ هَذَا التَّرْتِيبِ مَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=77وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ وَقَدْ بَيَّنْتُهُ فِي كِتَابِ " أُصُولِ الْإِنْشَاءِ وَالْخَطَابَةِ " وَلَمْ أَعْلَمْ أَنِّي سُبِقْتُ إِلَى الِاهْتِدَاءِ إِلَيْهِ .
وَقَدْ تَأَخَّرَ نِدَاءُ الرَّبِّ إِيَّاهُمَا إِلَى أَنْ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا . وَتَحَيَّلَا لِسَتْرِ عَوْرَاتِهِمَا لِيَكُونَ لِلتَّوْبِيخِ وَقْعٌ مَكِينٌ مِنْ نُفُوسِهِمَا ، حِينَ يَقَعُ بَعْدَ أَنْ تَظْهَرَ لَهُمَا مَفَاسِدُ عِصْيَانِهِمَا ، فَيَعْلَمَا أَنَّ الْخَيْرَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ ، وَأَنَّ فِي عِصْيَانِهِ ضُرًّا .
وَالنِّدَاءُ حَقِيقَتُهُ ارْتِفَاعُ الصَّوْتِ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ النَّدَى بِفَتْحِ النُّونِ وَالْقَصْرِ وَهُوَ بُعْدُ الصَّوْتِ قَالَ
مِدْثَارُ بْنُ شَيْبَانَ النَّمِرِيُّ :
فَقُلْتُ ادْعِي وَأَدْعُو إِنَّ أَنْدَى لِصَوْتٍ أَنْ يُنَادِيَ دَاعِيَانِ
[ ص: 66 ] وَهُوَ مَجَازٌ مَشْهُورٌ فِي الْكَلَامِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ طَلَبُ إِقْبَالِ أَحَدٍ إِلَيْكَ ، وَلَهُ حُرُوفٌ مَعْرُوفَةٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ : تَدُلُّ عَلَى طَلَبِ الْإِقْبَالِ ، وَقَدْ شَاعَ إِطْلَاقُ النِّدَاءِ عَلَى هَذَا حَتَّى صَارَ مِنَ الْحَقِيقَةِ ، وَتَفَرَّعَ عَنْهُ طَلَبُ الْإِصْغَاءِ وَإِقْبَالُ الذِّهْنِ مِنَ الْقَرِيبِ مِنْكَ ، وَهُوَ إِقْبَالٌ مَجَازِيٌّ .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=22وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا مُسْتَعْمَلٌ فِي الْمَعْنَى الْمَشْهُورِ : وَهُوَ طَلَبُ الْإِقْبَالِ ، عَلَى أَنَّ الْإِقْبَالَ مَجَازِيٌّ لَا مَحَالَةَ فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=89وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْكَلَامِ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَعْمَلًا فِي الْكَلَامِ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=171كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=43وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا وَقَوْلُ
بَشَّارٍ :
نَادَيْتُ إِنَّ الْحُبَّ أَشْعَرَنِي قَتْلًا وَمَا أَحْدَثْتُ مِنْ ذَنْبِ
وَرَفْعُ الصَّوْتِ يَكُونُ لِأَغْرَاضٍ ، وَمَحْمَلُهُ هُنَا عَلَى أَنَّهُ صَوْتُ غَضَبٍ وَتَوْبِيخٍ .
وَظَاهِرُ إِسْنَادِ النِّدَاءِ إِلَى اللَّهِ أَنَّ اللَّهَ نَادَاهُمَا بِكَلَامٍ بِدُونِ وَاسِطَةِ مَلَكٍ مُرْسَلٍ ، مِثْلَ الْكَلَامِ الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ بِهِ
مُوسَى ، وَهَذَا وَاقِعٌ قَبْلَ الْهُبُوطِ إِلَى الْأَرْضِ ، فَلَا يُنَافِي مَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ
مُوسَى هُوَ أَوَّلُ نَبِيءٍ كَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِلَا وَاسِطَةٍ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نِدَاءُ
آدَمَ بِوَاسِطَةِ أَحَدِ الْمَلَائِكَةِ .
وَجُمْلَةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=22أَلَمْ أَنْهَكُمَا فِي مَوْضِعِ الْبَيَانِ لِجُمْلَةِ نَادَاهُمَا ، وَلِهَذَا فُصِلَتِ الْجُمْلَةُ عَنِ الَّتِي قَبْلَهَا .
وَالِاسْتِفْهَامُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=22أَلَمْ أَنْهَكُمَا لِلتَّقْرِيرِ وَالتَّوْبِيخِ ، وَأُولِيَ حَرْفُ النَّفْيِ زِيَادَةً فِي التَّقْرِيرِ ، لِأَنَّ نَهْيَ اللَّهِ إِيَّاهُمَا وَاقِعٌ فَانْتِفَاؤُهُ مُنْتَفِيًا ، فَإِذَا أُدْخِلَتْ أَدَاةُ التَّقْرِيرِ وَأَقَرَّ الْمُقَرِّرُ بِضِدِّ النَّفْيِ كَانَ إِقْرَارُهُ أَقْوَى فِي الْمُؤَاخَذَةِ بِمُوجَبِهِ ، لِأَنَّهُ قَدْ هُيِّئَ لَهُ سَبِيلُ الْإِنْكَارِ . لَوْ كَانَ يَسْتَطِيعُ إِنْكَارًا ، كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=130يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ الْآيَةَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ ، وَلِذَلِكَ اعْتَرَفَا بِأَنَّهُمَا ظَلَمَا أَنْفَسَهُمَا .
[ ص: 67 ] وَعَطْفُ جُمْلَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=22وَأَقُلْ لَكُمَا عَلَى جُمْلَةِ : أَنْهَكُمَا لِلْمُبَالَغَةِ فِي التَّوْبِيخِ ، لِأَنَّ النَّهْيَ كَانَ مَشْفُوعًا بِالتَّحْذِيرِ مِنَ الشَّيْطَانِ الَّذِي هُوَ الْمُغْرِي لَهُمَا بِالْأَكْلِ مِنَ الشَّجَرَةِ ، فَهُمَا قَدْ أَضَاعَا وَصِيَّتَيْنِ . وَالْمَقْصُودُ مِنْ حِكَايَةِ هَذَا الْقَوْلِ هُنَا تَذْكِيرُ الْأُمَّةِ بِعَدَاوَةِ الشَّيْطَانِ لِأَصْلِ نَوْعِ الْبَشَرِ ، فَيَعْلَمُوا أَنَّهَا عَدَاوَةٌ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ ، فَيَحْذَرُوا مِنْ كُلِّ مَا هُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى الشَّيْطَانِ وَمَعْدُودٌ مِنْ وَسْوَسَتِهِ ، فَإِنَّهُ لَمَّا جُبِلَ عَلَى الْخُبْثِ وَالْخِزْيِ كَانَ يَدْعُو إِلَى ذَلِكَ بِطَبْعِهِ وَكَذَلِكَ لَا يَهْنَأُ لَهُ بَالٌ مَا دَامَ عَدُوُّهُ وَمَحْسُودُهُ فِي حَالَةٍ حَسَنَةٍ .
وَالْمُبِينُ أَصْلُهُ الْمُظْهِرُ ، أَيْ لِلْعَدَاوَةِ بِحَيْثُ لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ يَتَتَبَّعُ آثَارَ وَسْوَسَتِهِ وَتَغْرِيرِهِ ، وَمَا عَامَلَ بِهِ
آدَمَ مِنْ حِينِ خَلْقِهِ إِلَى حِينِ غُرُورِهِ بِهِ ، فَفِي ذَلِكَ كُلِّهِ إِبَانَةٌ عَنْ عَدَاوَتِهِ ، وَوَجْهُ تِلْكَ الْعَدَاوَةِ أَنَّ طَبْعَهُ يُنَافِي مَا فِي الْإِنْسَانِ مِنَ الْكَمَالِ الْفِطْرِيِّ الْمُؤَيَّدِ بِالتَّوْفِيقِ وَالْإِرْشَادِ الْإِلَهِيِّ ، فَلَا يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ إِلَّا فِي حَالَةِ الضَّلَالِ وَالْفَسَادِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُبِينُ مُسْتَعْمَلًا مَجَازًا فِي الْقَوِيِّ الشَّدِيدِ لِأَنَّ شَأْنَ الْوَصْفِ الشَّدِيدِ أَنْ يَظْهَرَ لِلْعِيَانِ .
وَقَدْ قَالَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=23رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا اعْتِرَافًا بِالْعِصْيَانِ ، وَبِأَنَّهُمَا عَلِمَا أَنَّ ضُرَّ الْمَعْصِيَةِ عَادَ عَلَيْهِمَا ، فَكَانَا ظَالِمَيْنِ لِأَنْفُسِهِمَا إِذْ جَرَّا عَلَى أَنْفُسِهِمَا الدُّخُولَ فِي طَوْرِ ظُهُورِ السَّوْآتِ ، وَمَشَقَّةِ اتِّخَاذِ مَا يَسْتُرُ عَوْرَاتِهِمَا ، وَبِأَنَّهُمَا جَرَّا عَلَى أَنْفُسِهِمَا غَضَبَ اللَّهِ تَعَالَى ، فَهُمَا فِي تَوَقُّعِ حُقُوقِ الْعَذَابِ ، وَقَدْ جَزَمَا بِأَنَّهُمَا يَكُونَانِ مِنَ الْخَاسِرِينَ إِنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لَهُمَا ، إِمَّا بِطَرِيقِ الْإِلْهَامِ أَوْ نَوْعٍ مِنَ الْوَحْيِ ، وَإِمَّا بِالِاسْتِدْلَالِ عَلَى الْعَوَاقِبِ بِالْمَبَادِئِ ، فَإِنَّهُمَا رَأَيَا مِنَ الْعِصْيَانِ بِوَادِئَ الضُّرِّ وَالشَّرِّ ، فَعَلِمَا أَنَّهُ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَمِنْ مُخَالَفَةِ وِصَايَتِهِ ، وَقَدْ أَكَّدَا جُمْلَةَ جَوَابِ الشَّرْطِ بِلَامِ الْقَسَمِ وَنُونِ التَّوْكِيدِ إِظْهَارًا لِتَحْقِيقِ الْخُسْرَانِ اسْتِرْحَامًا وَاسْتِغْفَارًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى .