[ ص: 440 ] nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38nindex.php?page=treesubj&link=28973_31819قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=39والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون
كررت جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38قلنا اهبطوا فاحتمل تكريرها أن يكون لأجل ربط النظم في الآية القرآنية من غير أن تكون دالة على تكرير معناها في الكلام الذي خوطب به
آدم فيكون هذا التكرير لمجرد اتصال ما تعلق بمدلول ( وقلنا اهبطوا ) وذلك قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=36بعضكم لبعض عدو وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فإما يأتينكم مني هدى إذ قد فصل بين هذين المتعلقين ما اعترض بينهما من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=37فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم فإنه لو عقب ذلك بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فإما يأتينكم مني هدى لم يرتبط كمال الارتباط ، ولتوهم السامع أنه خطاب للمؤمنين على عادة القرآن في التفنن ، فلدفع ذلك أعيد قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38قلنا اهبطوا فهو قول واحد كرر مرتين لربط الكلام ، ولذلك لم يعطف ( قلنا ) لأن بينهما شبه كمال الاتصال لتنزل قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38قلنا اهبطوا منها جميعا من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=36وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو منزلة التوكيد اللفظي ثم بني عليه قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فإما يأتينكم مني هدى الآية وهو مغاير لما بني على قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=36وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ليحصل شيء من تجدد فائدة في الكلام لكي لا يكون إعادة ( اهبطوا ) مجرد توكيد ، ويسمى هذا الأسلوب في علم البديع بالترديد نحو قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=188لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب وإفادته التأكيد حاصلة بمجرد إعادة اللفظ . وقيل هو أمر ثان بالهبوط بأن أهبط
آدم من الجنة إلى السماء الدنيا بالأمر الأول ثم أهبط من السماء الدنيا إلى الأرض ، فتكون إعادة ( قلنا اهبطوا ) للتنبيه على اختلاف زمن القولين والهبوط ، وهو تأويل يفيد أن المراحل والمسافات لا عبرة بها عند المسافر ولأن ضمير ( منها ) المتعين للعود إلى الجنة لتنسيق الضمائر في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=35وكلا منها رغدا [ ص: 441 ] وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=36فأزلهما الشيطان عنها مانع من أن يكون المراد ( اهبطوا ) من السماء جميعا إذ لم يسبق معاد للسماء فالوجه عندي على تقدير أن تكون إعادة ( اهبطوا ) الثاني لغير ربط نظم الكلام أن تكون لحكاية أمر ثان
لآدم بالهبوط كيلا يظن أن توبة الله عليه ورضاه عنه عند مبادرته بالتوبة عقب الأمر بالهبوط قد أوجبت العفو عنه من الهبوط من الجنة فأعاد له الأمر بالهبوط بعد قبول توبته ليعلم أن ذلك كائن لا محالة لأنه مراد الله تعالى وطور من الأطوار التي أرادها الله تعالى من جعله خليفة في الأرض وهو ما أخبر به الملائكة ، وفيه إشارة أخرى وهي أن العفو يكون من التائب في الزواجر والعقوبات . وأما تحقيق آثار المخالفة وهو العقوبة التأديبية فإن العفو عنها فساد في العالم ؛ لأن الفاعل للمخالفة إذا لم ير أثر فعله لم يتأدب في المستقبل ، فالتسامح معه في ذلك تفويت لمقتضى الحكمة ، فإن الصبي إذا لوث موضعا وغضب عليه مربيه ثم تاب فعفا عنه فالعفو يتعلق بالعقاب وأما تكليفه بأن يزيل بيده التلويث الذي لوث به الموضع فذلك لا يحسن التسامح فيه ولذا لما تاب الله على
آدم رضي عنه ولم يؤاخذه بعقوبة ولا بزاجر في الدنيا ولكنه لم يصفح عنه في تحقق أثر مخالفته وهو الهبوط من الجنة ليرى أثر حرصه وسوء ظنه ، هكذا ينبغي أن يكون التوجيه إذا كان المراد من ( اهبطوا ) الثاني حكاية أمر ثان بالهبوط خوطب به
آدم .
و ( جميعا ) حال . و ( جميعا ) اسم للمجتمعين مثل لفظ جمع فلذلك التزموا فيه حالة واحدة وليس هو في الأصل وصفا وإلا لقالوا جاءوا جميعين لأن فعيلا بمعنى فاعل يطابق موصوفه وقد تأولوا قول
امرئ القيس فلو أنها نفس تموت جميعة
بأن التاء فيه للمبالغة والمعنى اهبطوا مجتمعين في الهبوط متقارنين فيه ؛ لأنهما استويا في اقتراف سبب الهبوط .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي شرط على شرط لأن " إما " شرط مركب من إن الشرطية ، وما الزائدة دالة على تأكيد التعليق ، لأن إن بمجردها دالة على الشرط فلم يكن دخول " ما " الزائدة عليها كدخولها على " متى " و " أي " و " أين " و " أيان " و " ما " و " من " و " مهما " على القول بأن أصلها ماما ؛ لأن تلك كانت زيادتها لجعلها مفيدة معنى الشرط فإن هذه الكلمات لم توضع له بخلاف إن وقد التزمت العرب تأكيد فعل الشرط مع إما بنون التوكيد لزيادة توكيد التعليق بدخول علامته على أداته وعلى فعله فهو تأكيد لا يفيد تحقيق حصول الجواب لأنه مناف للتعليق ، ولذلك لم يؤكد جواب الشرط بالنون بل يفيد تحقيق الربط أي إن كون
[ ص: 442 ] حصول الجواب متوقفا على حصول الشرط أمر محقق لا محالة فإن التعليق ما هو إلا خبر من الأخبار ، إذ حاصله الإخبار بتوقف حصول الجزاء على حصول الشرط ، فلا جرم كان كغيره من الأخبار قابلا للتوكيد ، وقلما خلا فعل الشرط مع إما عن نون التوكيد كقول
الأعشى :
إما ترينا حفاة لا نعال لنا إنا كذلك ما نحفى وننتعل
وهو غير حسن عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه والفارسي ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج هو ممنوع ، فجعلا خلو الفعل عنه ضرورة .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فمن تبع هداي " من " شرطية بدليل دخول الفاء في جوابها
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فلا خوف عليهم لأن الفاء وإن دخلت في خبر الموصول كثيرا فذلك على معاملته معاملة الشرط فلتحمل هنا على الشرطية اختصارا للمسافة .
وأظهر لفظ الهدى في قوله هداي وهو عين الهدى في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38مني هدى ) فكان المقام للضمير الرابط للشرطية الثانية بالأولى ، لكنه أظهر اهتماما بالهدى ليزيد رسوخا في أذهان المخاطبين على حد
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=15كما أرسلنا إلى فرعون رسولا nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=16فعصى فرعون الرسول ولتكون هاته الجملة مستقلة بنفسها لا تشتمل على عائد يحتاج إلى ذكر معاد حتى يتأتى تسييرها مسير المثل أو النصيحة فتلحظ فتحفظ وتتذكرها النفوس لتهذب وترتاض ، كما أظهر في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=81وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا لتسير هذه الجملة الأخيرة مسير المثل ، ومنه قول
بشار :
إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن برأي نصيح أو نصيحة حازم
ولا تجعل الشورى عليك غضاضة مكان الخوافي قوة للقوادم
وأدن إلى الشورى المسدد رأيه ولا تشهد الشورى امرأ غير كاتم
فكرر الشورى ثلاث مرات في البيتين الثاني والثالث ليكون كل نصف سائرا مسير المثل ، وبهذا يظهر وجه تعريف الهدى الثاني بالإضافة لضمير الجلالة دون " أل " مع أنها الأصل في وضع الظاهر موضع الضمير الواقع معادا ؛ لئلا يفوت هاته الجملة المستقلة شيء تضمنته الجملة الأولى ، إذ الجملة الأولى تضمنت وصف الهدى بأنه آت من الله ، والإضافة في الجملة الثانية تفيد هذا المفاد .
[ ص: 443 ] والإتيان في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فإما يأتينكم بحرف الشرط الدال على عدم الجزم بوقوع الشرط إيذان ببقية من عتاب على عدم امتثال الهدى الأول ، وتعريض بأن محاولة هديكم في المستقبل لا جدوى لها ، كما يقول السيد لعبده إذا لم يعمل بما أوصاه به فغضب عليه ثم اعتذر له فرضي عنه : إن أوصيتك يوما آخر بشيء فلا تعد لمثل فعلتك ، يعرض له بأن تعلق الغرض بوصيته في المستقبل أمر مشكوك فيه إذ لعله قليل الجدوى ، وهذا وجه بليغ فات صاحب الكشاف ، حجبه عنه توجيه تكلفه لإرغام الآية على أن تكون دليلا لقول
المعتزلة بعدم وجوب بعثة الرسل للاستغناء عنها بهدى العقل في الإيمان بالله مع كون هدى الله تعالى الناس واجبا عندهم وذلك التكلف كثير في كتابه وهو لا يليق برسوخ قدمه في العلم ، فكان تقريره هذا كالاعتذار عن القول بعدم وجوب بعثة الرسل على أن الهدى لا يختص بالإيمان الذي يغني فيه العقل عن الرسالة عندهم ، بل معظمه هدى التكاليف وكثير منها لا قبل للعقل بإدراكه ، وهو على أصولهم أيضا واجب على الله إبلاغه للناس فيبقى الإشكال على الإتيان بحرف الشك هنا بحاله فلذلك كانت الآية أسعد بمذهبنا أيها
الأشاعرة من عدم وجوب الهدى كله على الله تعالى لو شئنا أن نستدل بها على ذلك كما فعل
البيضاوي ولكنا لا نراها واردة لأجله .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فإما يأتينكم مني هدى الآية هو في معنى العهد أخذه الله على
آدم فلزم ذريته أن يتبعوا كل هدى يأتيهم من الله وأن من أعرض عن هدى يأتي من الله فقد استوجب العذاب
[ ص: 444 ] فشمل جميع الشرائع الإلهية المخاطب بها طوائف الناس لوقوع ( هدى ) نكرة في سياق الشرط وهو من صيغ العموم ، وأولى الهدى وأجدره بوجوب اتباعه الهدى الذي أتى من الله لسائر البشر وهو دين الإسلام الذي خوطب به جميع بني آدم ، وبذلك تهيأ الموقع لقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=39والذين كفروا ) إلخ فالله أخذ العهد من لدن
آدم على اتباع الهدى العام كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81وإذ أخذ الله ميثاق النبيئين لما آتيتكم من كتاب وحكمة الآية وهذه الآية تدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28749_29468الله لا يؤاخذ البشر بما يقترفونه من الضلال إلا بعد أن يرسل إليهم من يهديهم فأما في تفاصيل الشرائع فلا شك في ذلك ولا اختلاف وأما في توحيد الله تعالى وما يقتضيه من صفات الكمال فيجري على الخلاف بين علمائنا في
nindex.php?page=treesubj&link=30584مؤاخذة أهل الفترة على الإشراك ، ولعل الآية تدل على أن الهدى الآتي من عند الله في ذلك قد حصل من عهد
آدم ونوح وعرفه البشر كلهم فيكون خطابا ثابتا لا يسع البشر ادعاء جهله وهو أحد قولين عن
الأشعري ، وقيل لا ، وعند
المعتزلة والماتريدية أنه دليل عقلي .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فلا خوف عليهم نفي لجنس الخوف . و ( خوف ) مرفوع في قراءة الجمهور ، وقرأه
يعقوب مبنيا على الفتح وهما وجهان في اسم لا النافية للجنس ، وقد روي بالوجهين قول المرأة الرابعة من نساء حديث
أم زرع nindex.php?page=hadith&LINKID=10341115زوجي كليل تهامة لا حر ولا قر ولا مخافة ولا سآمة . وبناء الاسم على الفتح نص في نفي الجنس ، ورفعه محتمل لنفي الجنس ولنفي فرد واحد ، ولذلك فإذا انتفى اللبس استوى الوجهان كما هنا إذ القرينة ظاهرة في نفي الجنس .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=39والذين كفروا وكذبوا بآياتنا يحتمل أنه من جملة ما قيل
لآدم فإكمال ذكره هنا استيعاب لأقسام ذرية
آدم وفيه تعريض بالمشركين من ذرية
آدم وهو يعم من كذب بالمعجزات كلها ومن جملتها القرآن ، عطف على ( من ) الشرطية في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فمن تبع هداي إلخ فهو من عطف جملة إسمية على جملة إسمية ، وأتى بالجملة المعطوفة غير شرطية مع ما في الشرطية من قوة الربط والتنصيص على ترتب الجزاء على الشرط وعدم الانفكاك عنه ؛ لأن معنى الترتب والتسبب وعدم الانفكاك قد حصل بطرق أخرى فحصل معنى الشرط من مفهوم قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فمن تبع هداي فلا خوف عليهم فإنه بشارة يؤذن مفهومها بنذارة من لم يتبعه فهو خائف حزين فيترقب السامع ما يبين هذا الخوف والحزن فيحصل ذلك بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=39والذين كفروا وكذبوا الآية . وأما معنى التسبب فقد حصل من تعليق الخبر على الموصول وصلته المومئ إلى وجه بناء الخبر وعلته على أحد التفسيرين في الإيماء إلى وجه بناء الخبر ، وأما عدم الانفكاك
[ ص: 445 ] فقد اقتضاه الإخبار عنهم بأصحاب النار المقتضي للملازمة ثم التصريح بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=39هم فيها خالدون ويحتمل أنه تذييل ذيلت به قصة آدم لمناسبة ذكر المهتدين وليس من المقول له ، والمقصود من هذا التذييل تهديد المشركين والعود إلى عرض قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=21يا أيها الناس اعبدوا ربكم وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=28كيف تكفرون بالله فتكون الواو في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=39والذين كفروا اعتراضية ، والمراد بالذين كفروا الذين أنكروا الخالق وأنكروا أنبياءه وجحدوا عهده كما هو اصطلاح القرآن ، والمعنى : والذين كفروا بي وبهداي كما دلت عليه المقابلة .
والآيات جمع آية وهي الشيء الدال على أمر من شأنه أن يخفى ، ولذلك قيل لأعلام الطريق آيات لأنهم وضعوها للإرشاد إلى الطرق الخفية في الرمال ، وتسمى الحجة آية لأنها تظهر الحق الخفي . كما قال
الحارث بن حلزة :
من لنا عنده من الخير آيا ت ثلاث في كلهن القضاء
يعني ثلاث حجج على نصحهم وحسن بلائهم في الحرب وعلى اتصالهم بالملك
عمرو بن هند . وسمى الله الدلائل على وجوده وعلى وحدانيته وعلى إبطال عقيدة الشرك آيات ، فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=4وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=97وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=109وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها وسمى القرآن آية فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=50وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=51أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم في سورة العنكبوت . وسمى أجزاءه آيات فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=72وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=1المر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق لأن كل سورة من القرآن يعجز البشر عن الإتيان بمثلها كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=23فأتوا بسورة من مثله فكان دالا على صدق الرسول فيما جاء به ، وكانت جمله آيات ؛ لأن بها بعض المقدار المعجز ، ولم تسم أجزاء الكتب السماوية الأخرى آيات ، وأما ما ورد في حديث الرجم أن
ابن صوريا حين نشر التوراة وضع يده على آية الرجم فذلك على تشبيه الجزء من التوراة بالجزء من القرآن وهو من تعبير راوي الحديث .
وأصل الآية عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه [ ص: 446 ] " فعلة " بالتحريك " أيية " أو " أوية " على الخلاف في أنها واوية أو يائية مشتقة من أي الاستفهامية أو من أوي ، فلما تحرك حرفا العلة فيها قلب أحدهما وقلب الأول تخفيفا على غير قياس ؛ لأن قياس اجتماع حرفي علة صالحين للإعلال أن يعل ثانيهما إلا ما قل من نحو آية وقاية وطاية وثاية وراية .
فالمراد بآياتنا هنا آيات القرآن أي وكذبوا بالقرآن أي وحي من عند الله . والباء في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=39وكذبوا بآياتنا باء يكثر دخولها على متعلق مادة التكذيب مع أن التكذيب متعد بنفسه ولم أقف في كلام أئمة اللغة على خصائص لحاقها بهذه المادة والصيغة فيحتمل أنها لتأكيد اللصوق للمبالغة في التكذيب فتكون كالباء في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وامسحوا برءوسكم وقول
النابغة لك الخير أن وارت بك الأرض واحدا
ويحتمل أن أصلها للسببية وأن الأصل أن يقال كذب فلانا بخبره ثم كثر ذلك فصار كذب به وكذب بمعنى واحد والأكثر أن يقال : كذب فلانا ، وكذب بالخبر الفلاني ، فقوله ( بآياتنا ) يتنازعه فعلا ( كفروا وكذبوا ) . وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=39هم فيها خالدون بيان لمضمون قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=39أصحاب النار فإن الصاحب هنا بمعنى الملازم ولذلك فصلت جملة ( فيها خالدون ) لتنزلها من الأولى منزلة البيان فبينهما كمال الاتصال .
[ ص: 440 ] nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38nindex.php?page=treesubj&link=28973_31819قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=39وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
كُرِّرَتْ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38قُلْنَا اهْبِطُوا فَاحْتَمَلَ تَكْرِيرُهَا أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ رَبْطِ النَّظْمِ فِي الْآيَةِ الْقُرْآنِيَّةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ دَالَّةً عَلَى تَكْرِيرِ مَعْنَاهَا فِي الْكَلَامِ الَّذِي خُوطِبَ بِهِ
آدَمُ فَيَكُونُ هَذَا التَّكْرِيرُ لِمُجَرَّدِ اتِّصَالِ مَا تَعَلَّقَ بِمَدْلُولِ ( وَقُلْنَا اهْبِطُوا ) وَذَلِكَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=36بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى إِذْ قَدْ فَصَلَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْمُتَعَلِّقَيْنِ مَا اعْتَرَضَ بَيْنَهُمَا مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=37فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ فَإِنَّهُ لَوْ عَقَّبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى لَمْ يَرْتَبِطْ كَمَالَ الِارْتِبَاطِ ، وَلَتَوَهَّمَ السَّامِعُ أَنَّهُ خِطَابٌ لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى عَادَةِ الْقُرْآنِ فِي التَّفَنُّنِ ، فَلِدَفْعِ ذَلِكَ أُعِيدَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38قُلْنَا اهْبِطُوا فَهُوَ قَوْلٌ وَاحِدٌ كُرِّرَ مَرَّتَيْنِ لِرَبْطِ الْكَلَامِ ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَعْطِفُ ( قُلْنَا ) لِأَنَّ بَيْنَهُمَا شِبْهَ كَمَالِ الِاتِّصَالِ لِتَنَزُّلِ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=36وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ مَنْزِلَةَ التَّوْكِيدِ اللَّفْظِيِّ ثُمَّ بُنِيَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى الْآيَةَ وَهُوَ مُغَايِرٌ لِمَا بُنِيَ عَلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=36وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ لِيَحْصُلَ شَيْءٌ مِنْ تَجَدُّدِ فَائِدَةٍ فِي الْكَلَامِ لِكَيْ لَا يَكُونَ إِعَادَةُ ( اهْبِطُوا ) مُجَرَّدَ تَوْكِيدٍ ، وَيُسَمَّى هَذَا الْأُسْلُوبُ فِي عِلْمِ الْبَدِيعِ بِالتَّرْدِيدِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=188لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَإِفَادَتُهُ التَّأْكِيدَ حَاصِلَةٌ بِمُجَرَّدِ إِعَادَةِ اللَّفْظِ . وَقِيلَ هُوَ أَمْرٌ ثَانٍ بِالْهُبُوطِ بِأَنْ أُهْبِطَ
آدَمُ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ ثُمَّ أُهْبِطَ مِنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا إِلَى الْأَرْضِ ، فَتَكُونُ إِعَادَةُ ( قُلْنَا اهْبِطُوا ) لِلتَّنْبِيهِ عَلَى اخْتِلَافِ زَمَنِ الْقَوْلَيْنِ وَالْهُبُوطِ ، وَهُوَ تَأْوِيلٌ يُفِيدُ أَنَّ الْمَرَاحِلَ وَالْمَسَافَاتِ لَا عِبْرَةَ بِهَا عِنْدَ الْمُسَافِرِ وَلِأَنَّ ضَمِيرَ ( مِنْهَا ) الْمُتَعَيَّنَ لِلْعَوْدِ إِلَى الْجَنَّةِ لِتَنْسِيقِ الضَّمَائِرِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=35وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا [ ص: 441 ] وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=36فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا مَانِعٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ ( اهْبِطُوا ) مِنَ السَّمَاءِ جَمِيعًا إِذْ لَمْ يَسْبِقْ مَعَادٌ لِلسَّمَاءِ فَالْوَجْهُ عِنْدِي عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ إِعَادَةُ ( اهْبِطُوا ) الثَّانِي لِغَيْرِ رَبْطِ نَظْمِ الْكَلَامِ أَنْ تَكُونَ لِحِكَايَةِ أَمْرٍ ثَانٍ
لِآدَمَ بِالْهُبُوطِ كَيْلَا يَظُنَّ أَنَّ تَوْبَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَرِضَاهُ عَنْهُ عِنْدَ مُبَادَرَتِهِ بِالتَّوْبَةِ عَقِبَ الْأَمْرِ بِالْهُبُوطِ قَدْ أَوْجَبَتِ الْعَفْوَ عَنْهُ مِنَ الْهُبُوطِ مِنَ الْجَنَّةِ فَأَعَادَ لَهُ الْأَمْرَ بِالْهُبُوطِ بَعْدَ قَبُولِ تَوْبَتِهِ لِيَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ لِأَنَّهُ مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى وَطَوْرٌ مِنَ الْأَطْوَارِ الَّتِي أَرَادَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ جَعْلِهِ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ وَهُوَ مَا أَخْبَرَ بِهِ الْمَلَائِكَةَ ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْعَفْوَ يَكُونُ مِنَ التَّائِبِ فِي الزَّوَاجِرِ وَالْعُقُوبَاتِ . وَأَمَّا تَحْقِيقُ آثَارِ الْمُخَالِفَةِ وَهُوَ الْعُقُوبَةُ التَّأْدِيبِيَّةُ فَإِنَّ الْعَفْوَ عَنْهَا فَسَادٌ فِي الْعَالَمِ ؛ لِأَنَّ الْفَاعِلَ لِلْمُخَالَفَةِ إِذَا لَمْ يَرَ أَثَرَ فَعْلِهِ لَمْ يَتَأَدَّبْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، فَالتَّسَامُحُ مَعَهُ فِي ذَلِكَ تَفْوِيتٌ لِمُقْتَضَى الْحِكْمَةِ ، فَإِنَّ الصَّبِيَّ إِذَا لَوَّثَ مَوْضِعًا وَغَضِبَ عَلَيْهِ مُرَبِّيهِ ثُمَّ تَابَ فَعَفَا عَنْهُ فَالْعَفْوُ يَتَعَلَّقُ بِالْعِقَابِ وَأَمَّا تَكْلِيفُهُ بِأَنْ يُزِيلَ بِيَدِهِ التَّلْوِيثَ الَّذِي لَوَّثَ بِهِ الْمَوْضِعَ فَذَلِكَ لَا يَحْسُنُ التَّسَامُحُ فِيهِ وَلِذَا لَمَّا تَابَ اللَّهُ عَلَى
آدَمَ رَضِيَ عَنْهُ وَلَمْ يُؤَاخِذْهُ بِعُقُوبَةٍ وَلَا بِزَاجِرٍ فِي الدُّنْيَا وَلَكِنَّهُ لَمْ يَصْفَحْ عَنْهُ فِي تَحَقُّقِ أَثَرِ مُخَالَفَتِهِ وَهُوَ الْهُبُوطُ مِنَ الْجَنَّةِ لِيَرَى أَثَرَ حِرْصِهِ وَسُوءِ ظَنِّهِ ، هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّوْجِيهُ إِذَا كَانَ الْمُرَادُ مِنِ ( اهْبِطُوا ) الثَّانِي حِكَايَةَ أَمْرٍ ثَانٍ بِالْهُبُوطِ خُوطِبَ بِهِ
آدَمُ .
وَ ( جَمِيعًا ) حَالٌ . وَ ( جَمِيعًا ) اسْمٌ لِلْمُجْتَمِعِينَ مِثْلَ لَفْظِ جَمْعٍ فَلِذَلِكَ الْتَزَمُوا فِيهِ حَالَةً وَاحِدَةً وَلَيْسَ هُوَ فِي الْأَصْلِ وَصْفًا وَإِلَّا لَقَالُوا جَاءُوا جَمِيعِينَ لِأَنَّ فَعِيلًا بِمَعْنَى فَاعِلٍ يُطَابِقُ مَوْصُوفَهُ وَقَدْ تَأَوَّلُوا قَوْلَ
امْرِئِ الْقَيْسِ فَلَوْ أَنَّهَا نَفْسٌ تَمُوتُ جَمِيعَةً
بِأَنَّ التَّاءَ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ وَالْمَعْنَى اهْبِطُوا مُجْتَمِعَيْنِ فِي الْهُبُوطِ مُتَقَارِنَيْنِ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي اقْتِرَافِ سَبَبِ الْهُبُوطِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ شَرْطٌ عَلَى شَرْطٍ لِأَنَّ " إِمَّا " شَرْطٌ مُرَكَّبٌ مِنْ إِنِ الشَّرْطِيَّةِ ، وَمَا الزَّائِدَةُ دَالَّةٌ عَلَى تَأْكِيدِ التَّعْلِيقِ ، لِأَنَّ إِنْ بِمَجَرَّدِهَا دَالَّةٌ عَلَى الشَّرْطِ فَلَمْ يَكُنْ دُخُولُ " مَا " الزَّائِدَةِ عَلَيْهَا كَدُخُولِهَا عَلَى " مَتَى " وَ " أَيْ " وَ " أَيْنَ " وَ " أَيَّانَ " وَ " مَا " وَ " مِنْ " وَ " مَهْمَا " عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ أَصْلَهَا مَامَا ؛ لِأَنَّ تِلْكَ كَانَتْ زِيَادَتَهَا لِجَعْلِهَا مُفِيدَةً مَعْنَى الشَّرْطِ فَإِنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ لَمْ تُوضَعْ لَهُ بِخِلَافِ إِنْ وَقَدِ الْتَزَمَتِ الْعَرَبُ تَأْكِيدَ فِعْلِ الشَّرْطِ مَعَ إِمَّا بِنُونِ التَّوْكِيدِ لِزِيَادَةِ تَوْكِيدِ التَّعْلِيقِ بِدُخُولِ عَلَامَتِهِ عَلَى أَدَاتِهِ وَعَلَى فِعْلِهِ فَهُوَ تَأْكِيدٌ لَا يُفِيدُ تَحْقِيقَ حُصُولِ الْجَوَابِ لِأَنَّهُ مُنَافٍ لِلتَّعْلِيقِ ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُؤَكَّدْ جَوَابُ الشَّرْطِ بِالنُّونِ بَلْ يُفِيدُ تَحْقِيقَ الرَّبْطِ أَيْ إِنَّ كَوْنَ
[ ص: 442 ] حُصُولِ الْجَوَابِ مُتَوَقِّفًا عَلَى حُصُولِ الشَّرْطِ أَمْرٌ مُحَقَّقٌ لَا مَحَالَةَ فَإِنَّ التَّعْلِيقَ مَا هُوَ إِلَّا خَبَرٌ مِنَ الْأَخْبَارِ ، إِذْ حَاصِلُهُ الْإِخْبَارُ بِتَوَقُّفِ حُصُولِ الْجَزَاءِ عَلَى حُصُولِ الشَّرْطِ ، فَلَا جَرَمَ كَانَ كَغَيْرِهِ مِنَ الْأَخْبَارِ قَابِلًا لِلتَّوْكِيدِ ، وَقَلَّمَا خَلَا فِعْلُ الشَّرْطِ مَعَ إِمَّا عَنْ نُونِ التَّوْكِيدِ كَقَوْلِ
الْأَعْشَى :
إِمَّا تَرَيْنَا حُفَاةً لَا نِعَالَ لَنَا إِنَّا كَذَلِكَ مَا نَحْفَى وَنَنْتَعِلُ
وَهُوَ غَيْرُ حَسَنٍ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ وَالْفَارِسِيِّ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ nindex.php?page=showalam&ids=14416وَالزَّجَّاجُ هُوَ مَمْنُوعٌ ، فَجَعَلَا خُلُوَّ الْفِعْلِ عَنْهُ ضَرُورَةً .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ " مَنْ " شَرْطِيَّةٌ بِدَلِيلِ دُخُولِ الْفَاءِ فِي جَوَابِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْفَاءَ وَإِنْ دَخَلَتْ فِي خَبَرِ الْمَوْصُولِ كَثِيرًا فَذَلِكَ عَلَى مُعَامَلَتِهِ مُعَامَلَةَ الشَّرْطِ فَلْتُحْمَلْ هُنَا عَلَى الشُّرْطِيَّةِ اخْتِصَارًا لِلْمَسَافَةِ .
وَأُظْهِرَ لَفْظَ الْهُدَى فِي قَوْلِهِ هُدَايَ وَهُوَ عَيْنُ الْهُدَى فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38مِنِّي هُدًى ) فَكَانَ الْمَقَامُ لِلضَّمِيرِ الرَّابِطِ لِلشَّرْطِيَّةِ الثَّانِيَةِ بِالْأَوْلَى ، لَكِنَّهُ أُظْهِرَ اهْتِمَامًا بِالْهُدَى لِيَزِيدَ رُسُوخًا فِي أَذْهَانِ الْمُخَاطَبِينَ عَلَى حَدِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=15كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=16فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ وَلِتَكُونَ هَاتِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَقِلَّةً بِنَفْسِهَا لَا تَشْتَمِلُ عَلَى عَائِدٍ يَحْتَاجُ إِلَى ذِكْرِ مُعَادٍ حَتَّى يَتَأَتَّى تَسْيِيرُهَا مَسِيرَ الْمَثَلِ أَوِ النَّصِيحَةِ فَتُلْحَظُ فَتُحْفَظُ وَتَتَذَكَّرُهَا النُّفُوسُ لِتُهَذَّبَ وَتَرْتَاضَ ، كَمَا أَظْهَرَ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=81وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا لِتَسِيرَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ الْأَخِيرَةُ مَسِيرَ الْمَثَلِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
بَشَّارٍ :
إِذَا بَلَّغَ الرَّأْيُ الْمَشُورَةَ فَاسْتَعِنْ بِرَأْيِ نَصِيحٍ أَوْ نَصِيحَةِ حَازِمِ
وَلَا تَجْعَلِ الشُّورَى عَلَيْكَ غَضَاضَةً مَكَانُ الْخَوَافِي قُوَّةٌ لِلْقَوَادِمِ
وَأَدْنِ إِلَى الشُّورَى الْمُسَدَّدَ رَأْيُهُ وَلَا تُشْهِدِ الشُّورَى امْرَأً غَيْرَ كَاتِمِ
فَكَرَّرَ الشُّورَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي الْبَيْتَيْنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ لِيَكُونَ كُلُّ نِصْفٍ سَائِرًا مَسِيرَ الْمَثَلِ ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ وَجْهُ تَعْرِيفِ الْهُدَى الثَّانِي بِالْإِضَافَةِ لِضَمِيرِ الْجَلَالَةِ دُونَ " أَلْ " مَعَ أَنَّهَا الْأَصْلُ فِي وَضْعِ الظَّاهِرِ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ الْوَاقِعِ مُعَادًا ؛ لِئَلَّا يَفُوتَ هَاتِهِ الْجُمْلَةَ الْمُسْتَقِلَّةَ شَيْءٌ تَضَمَّنَتْهُ الْجُمْلَةُ الْأُولَى ، إِذِ الْجُمْلَةُ الْأُولَى تَضَمَّنَتْ وَصْفَ الْهُدَى بِأَنَّهُ آتٍ مِنَ اللَّهِ ، وَالْإِضَافَةُ فِي الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ تُفِيدُ هَذَا الْمُفَادَ .
[ ص: 443 ] وَالْإِتْيَانُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ بِحَرْفِ الشَّرْطِ الدَّالِّ عَلَى عَدَمِ الْجَزْمِ بِوُقُوعِ الشَّرْطِ إِيذَانٌ بِبَقِيَّةٍ مِنْ عِتَابٍ عَلَى عَدَمِ امْتِثَالِ الْهُدَى الْأَوَّلِ ، وَتَعْرِيضٌ بِأَنَّ مُحَاوَلَةَ هَدْيِكُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا جَدْوَى لَهَا ، كَمَا يَقُولُ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ إِذَا لَمْ يَعْمَلْ بِمَا أَوْصَاهُ بِهِ فَغَضِبَ عَلَيْهِ ثُمَّ اعْتَذَرَ لَهُ فَرَضِيَ عَنْهُ : إِنْ أَوْصَيْتُكَ يَوْمًا آخَرَ بِشَيْءٍ فَلَا تَعُدْ لِمِثْلِ فَعْلَتِكَ ، يُعَرِّضُ لَهُ بِأَنَّ تَعَلُّقَ الْغَرَضِ بِوَصِيَّتِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَمْرٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ إِذْ لَعَلَّهُ قَلِيلُ الْجَدْوَى ، وَهَذَا وَجْهٌ بَلِيغٌ فَاتَ صَاحِبَ الْكَشَّافِ ، حَجَبَهُ عَنْهُ تَوْجِيهُ تَكَلُّفِهِ لِإِرْغَامِ الْآيَةِ عَلَى أَنْ تَكُونَ دَلِيلًا لِقَوْلِ
الْمُعْتَزِلَةِ بِعَدَمِ وُجُوبِ بِعْثَةِ الرُّسُلِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِهُدَى الْعَقْلِ فِي الْإِيمَانِ بِاللَّهِ مَعَ كَوْن هُدَى اللَّهِ تَعَالَى النَّاسَ وَاجِبًا عِنْدَهُمْ وَذَلِكَ التَّكَلُّفُ كَثِيرٌ فِي كِتَابِهِ وَهُوَ لَا يَلِيقُ بِرُسُوخِ قَدَمِهِ فِي الْعِلْمِ ، فَكَانَ تَقْرِيرُهُ هَذَا كَالِاعْتِذَارِ عَنِ الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُوبِ بِعْثَةِ الرُّسُلِ عَلَى أَنَّ الْهُدَى لَا يَخْتَصُّ بِالْإِيمَانِ الَّذِي يُغْنِي فِيهِ الْعَقْلُ عَنِ الرِّسَالَةِ عِنْدَهُمْ ، بَلْ مُعْظَمُهُ هُدَى التَّكَالِيفِ وَكَثِيرٌ مِنْهَا لَا قِبَلَ لِلْعَقْلِ بِإِدْرَاكِهِ ، وَهُوَ عَلَى أُصُولِهِمْ أَيْضًا وَاجِبٌ عَلَى اللَّهِ إِبْلَاغُهُ لِلنَّاسِ فَيَبْقَى الْإِشْكَالُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِحَرْفِ الشَّكِّ هُنَا بِحَالِهِ فَلِذَلِكَ كَانَتِ الْآيَةُ أَسْعَدَ بِمَذْهَبِنَا أَيُّهَا
الْأَشَاعِرَةَ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْهُدَى كُلِّهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لَوْ شِئْنَا أَنْ نَسْتَدِلَّ بِهَا عَلَى ذَلِكَ كَمَا فَعَلَ
الْبَيْضَاوِيُّ وَلَكِنَّا لَا نَرَاهَا وَارِدَةً لِأَجْلِهِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى الْآيَةَ هُوَ فِي مَعْنَى الْعَهْدِ أَخَذَهُ اللَّهُ عَلَى
آدَمَ فَلَزِمَ ذُرِّيَّتَهُ أَنْ يَتْبَعُوا كُلَّ هُدًى يَأْتِيهِمْ مِنَ اللَّهِ وَأَنَّ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ هُدًى يَأْتِي مِنَ اللَّهِ فَقَدِ اسْتَوْجَبَ الْعَذَابَ
[ ص: 444 ] فَشَمِلَ جَمِيعَ الشَّرَائِعِ الْإِلَهِيَّةِ الْمُخَاطَبِ بِهَا طَوَائِفُ النَّاسِ لِوُقُوعِ ( هُدًى ) نَكِرَةً فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ وَهُوَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ ، وَأَوْلَى الْهُدَى وَأَجْدَرُهُ بِوُجُوبِ اتِّبَاعِهِ الْهُدَى الَّذِي أَتَى مِنَ اللَّهِ لِسَائِرِ الْبَشَرِ وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ الَّذِي خُوطِبَ بِهِ جَمِيعُ بَنِي آدَمَ ، وَبِذَلِكَ تَهَيَّأَ الْمَوْقِعُ لِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=39وَالَّذِينَ كَفَرُوا ) إِلَخْ فَاللَّهُ أَخَذَ الْعَهْدَ مِنْ لَدُنْ
آدَمَ عَلَى اتِّبَاعِ الْهُدَى الْعَامِّ كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيئِينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ الْآيَةَ وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28749_29468اللَّهَ لَا يُؤَاخِذُ الْبَشَرَ بِمَا يَقْتَرِفُونَهُ مِنَ الضَّلَالِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهِمْ مَنْ يَهْدِيهِمْ فَأَمَّا فِي تَفَاصِيلِ الشَّرَائِعِ فَلَا شَكَّ فِي ذَلِكَ وَلَا اخْتِلَافَ وَأَمَّا فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا يَقْتَضِيهِ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ فَيَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَ عُلَمَائِنَا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=30584مُؤَاخَذَةِ أَهْلِ الْفَتْرَةِ عَلَى الْإِشْرَاكِ ، وَلَعَلَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْهُدَى الْآتِيَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فِي ذَلِكَ قَدْ حَصَلَ مِنْ عَهْدِ
آدَمَ وَنُوحٍ وَعَرَفَهُ الْبَشَرُ كُلُّهُمْ فَيَكُونُ خِطَابًا ثَابِتًا لَا يَسَعُ الْبَشَرَ ادِّعَاءُ جَهِلِهِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ عَنِ
الْأَشْعَرِيِّ ، وَقِيلَ لَا ، وَعِنْدَ
الْمُعْتَزِلَةِ وَالْمَاتُرِيدِيَّةِ أَنَّهُ دَلِيلٌ عَقْلِيٌّ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ نَفْيٌ لِجِنْسِ الْخَوْفِ . وَ ( خَوْفٌ ) مَرْفُوعٌ فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ ، وَقَرَأَهُ
يَعْقُوبُ مَبْنَيَا عَلَى الْفَتْحِ وَهُمَا وَجْهَانِ فِي اسْمِ لَا النَّافِيَةِ لِلْجِنْسِ ، وَقَدْ رَوِيَ بِالْوَجْهَيْنِ قَوْلُ الْمَرْأَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ نِسَاءِ حَدِيثِ
أُمِّ زَرْعٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=10341115زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ لَا حَرَّ وَلَا قَرَّ وَلَا مَخَافَةَ وَلَا سَآمَةَ . وَبِنَاءُ الِاسْمِ عَلَى الْفَتْحِ نَصٌّ فِي نَفْيِ الْجِنْسِ ، وَرَفْعُهُ مُحْتَمِلٌ لِنَفْيِ الْجِنْسِ وَلِنَفْيِ فَرْدٍ وَاحِدٍ ، وَلِذَلِكَ فَإِذَا انْتَفَى اللَّبْسُ اسْتَوَى الْوَجْهَانِ كَمَا هُنَا إِذِ الْقَرِينَةُ ظَاهِرَةٌ فِي نَفْيِ الْجِنْسِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=39وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا قِيلَ
لِآدَمَ فَإِكْمَالُ ذِكْرِهِ هُنَا اسْتِيعَابٌ لِأَقْسَامِ ذُرِّيَّةِ
آدَمَ وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِالْمُشْرِكِينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ
آدَمَ وَهُوَ يَعُمُّ مَنْ كَذَّبَ بِالْمُعْجِزَاتِ كُلِّهَا وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْقُرْآنُ ، عَطْفٌ عَلَى ( مَنْ ) الشَّرْطِيَّةِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ إِلَخْ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ جُمْلَةٍ إِسْمِيَّةٍ عَلَى جُمْلَةٍ إِسْمِيَّةٍ ، وَأَتَى بِالْجُمْلَةِ الْمَعْطُوفَةِ غَيْرَ شَرْطِيَّةٍ مَعَ مَا فِي الشَّرْطِيَّةِ مِنْ قُوَّةِ الرَّبْطِ وَالتَّنْصِيصِ عَلَى تَرَتُّبِ الْجَزَاءِ عَلَى الشَّرْطِ وَعَدَمِ الِانْفِكَاكِ عَنْهُ ؛ لِأَنَّ مَعْنَى التَّرَتُّبِ وَالتَّسَبُّبِ وَعَدَمَ الِانْفِكَاكِ قَدْ حَصَلَ بِطُرُقٍ أُخْرَى فَحَصَلَ مَعْنَى الشَّرْطِ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ بِشَارَةٌ يُؤْذِنُ مَفْهُومُهَا بِنِذَارَةِ مَنْ لَمْ يَتْبَعْهُ فَهُوَ خَائِفٌ حَزِينٌ فَيَتَرَقَّبُ السَّامِعُ مَا يُبَيِّنُ هَذَا الْخَوْفَ وَالْحُزْنَ فَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=39وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا الْآيَةَ . وَأَمَّا مَعْنَى التَّسَبُّبِ فَقَدْ حَصَلَ مِنْ تَعْلِيقِ الْخَبَرِ عَلَى الْمَوْصُولِ وَصِلَتِهِ الْمُومِئِ إِلَى وَجْهِ بِنَاءِ الْخَبَرِ وَعِلَّتِهِ عَلَى أَحَدِ التَّفْسِيرَيْنِ فِي الْإِيمَاءِ إِلَى وَجْهِ بِنَاءِ الْخَبَرِ ، وَأَمَّا عَدَمُ الِانْفِكَاكِ
[ ص: 445 ] فَقَدِ اقْتَضَاهُ الْإِخْبَارُ عَنْهُمْ بِأَصْحَابِ النَّارِ الْمُقْتَضِي لِلْمُلَازِمَةِ ثُمَّ التَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=39هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَذْيِيلٌ ذُيِّلَتْ بِهِ قِصَّةُ آدَمَ لِمُنَاسَبَةِ ذِكْرِ الْمُهْتَدِينَ وَلَيْسَ مِنَ الْمَقُولِ لَهُ ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا التَّذْيِيلِ تَهْدِيدُ الْمُشْرِكِينَ وَالْعَوْدُ إِلَى عَرْضِ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=21يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=28كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ فَتَكُونُ الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=39وَالَّذِينَ كَفَرُوا اعْتِرَاضِيَّةً ، وَالْمُرَادُ بِالَّذِينَ كَفَرُوا الَّذِينَ أَنْكَرُوا الْخَالِقَ وَأَنْكَرُوا أَنْبِيَاءَهُ وَجَحَدُوا عَهْدَهُ كَمَا هُوَ اصْطِلَاحُ الْقُرْآنِ ، وَالْمَعْنَى : وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِي وَبِهُدَايَ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْمُقَابَلَةُ .
وَالْآيَاتُ جَمْعُ آيَةٍ وَهِيَ الشَّيْءُ الدَّالُّ عَلَى أَمْرٍ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَخْفَى ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِأَعْلَامِ الطَّرِيقِ آيَاتٌ لِأَنَّهُمْ وَضَعُوهَا لِلْإِرْشَادِ إِلَى الطُّرُقِ الْخَفِيَّةِ فِي الرِّمَالِ ، وَتُسَمَّى الْحُجَّةُ آيَةً لِأَنَّهَا تُظْهِرُ الْحَقَّ الْخَفِيَّ . كَمَا قَالَ
الْحَارِثُ بْنُ حِلِّزَةَ :
مَنْ لَنَا عِنْدَهُ مِنَ الْخَيْرِ آيَا تٌ ثَلَاثٌ فِي كُلِّهِنَّ الْقَضَاءُ
يَعْنِي ثَلَاثَ حُجَجٍ عَلَى نُصْحِهِمْ وَحُسْنِ بَلَائِهِمْ فِي الْحَرْبِ وَعَلَى اتِّصَالِهِمْ بِالْمَلِكِ
عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ . وَسَمَّى اللَّهُ الدَّلَائِلَ عَلَى وُجُودِهِ وَعَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ وَعَلَى إِبْطَالِ عَقِيدَةِ الشِّرْكِ آيَاتٍ ، فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=4وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمُ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=97وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=109وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمُ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا وَسَمَّى الْقُرْآنُ آيَةً فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=50وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=51أَوَلَمْ يَكْفِهِمُ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ فِي سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ . وَسَمَّى أَجْزَاءَهُ آيَاتٍ فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=72وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمُ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمُ آيَاتِنَا وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=1المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ لِأَنَّ كُلَّ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ يَعْجِزُ الْبَشَرُ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=23فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ فَكَانَ دَالًّا عَلَى صِدْقِ الرَّسُولِ فِيمَا جَاءَ بِهِ ، وَكَانَتْ جُمَلُهُ آيَاتٍ ؛ لِأَنَّ بِهَا بَعْضَ الْمِقْدَارِ الْمُعْجِزِ ، وَلَمْ تُسَمَّ أَجْزَاءُ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ الْأُخْرَى آيَاتٍ ، وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ الرَّجْمِ أَنَّ
ابْنَ صُورِيَا حِينَ نَشَرَ التَّوْرَاةَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ فَذَلِكَ عَلَى تَشْبِيهِ الْجُزْءِ مِنَ التَّوْرَاةِ بِالْجُزْءِ مِنَ الْقُرْآنِ وَهُوَ مِنْ تَعْبِيرِ رَاوِي الْحَدِيثِ .
وَأَصْلُ الْآيَةِ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ [ ص: 446 ] " فَعَلَةٌ " بِالتَّحْرِيكِ " أَيَيَةٌ " أَوْ " أَوَيَةٌ " عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّهَا وَاوِيَّةٌ أَوْ يَائِيَّةٌ مُشْتَقَّةٌ مِنْ أَيٍّ الِاسْتِفْهَامِيَّةِ أَوْ مِنْ أَوَيَ ، فَلَمَّا تَحَرَّكَ حَرْفَا الْعِلَّةِ فِيهَا قُلِبَ أَحَدُهُمَا وَقُلِبَ الْأَوَّلُ تَخْفِيفًا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ ؛ لِأَنَّ قِيَاسَ اجْتِمَاعِ حَرْفَيْ عِلَّةٍ صَالِحَيْنِ لِلْإِعْلَالِ أَنْ يُعَلَّ ثَانِيهِمَا إِلَّا مَا قَلَّ مِنْ نَحْوِ آيَةٍ وَقَايَةٍ وَطَايَةٍ وَثَايَةٍ وَرَايَةٍ .
فَالْمُرَادُ بِآيَاتِنَا هُنَا آيَاتُ الْقُرْآنِ أَيْ وَكَذَّبُوا بِالْقُرْآنِ أَيْ وَحْيٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ . وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=39وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا بَاءٌ يَكْثُرُ دُخُولُهَا عَلَى مُتَعَلَّقِ مَادَّةِ التَّكْذِيبِ مَعَ أَنَّ التَّكْذِيبَ مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ وَلَمْ أَقِفْ فِي كَلَامِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ عَلَى خَصَائِصِ لَحَاقِهَا بِهَذِهِ الْمَادَّةِ وَالصِّيغَةِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا لِتَأْكِيدِ اللُّصُوقِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي التَّكْذِيبِ فَتَكُونُ كَالْبَاءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَقَوْلِ
النَّابِغَةِ لَكَ الْخَيْرُ أَنْ وَارَتْ بِكَ الْأَرْضُ وَاحِدًا
وَيَحْتَمِلُ أَنَّ أَصْلَهَا لِلسَّبَبِيَّةِ وَأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يُقَالَ كَذَّبَ فَلَانًا بِخَبَرِهِ ثُمَّ كَثُرَ ذَلِكَ فَصَارَ كَذَّبَ بِهِ وَكَذَبَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَالْأَكْثَرُ أَنْ يُقَالَ : كَذَّبَ فُلَانًا ، وَكَذَبَ بِالْخَبَرِ الْفُلَانِيِّ ، فَقَوْلُهُ ( بِآيَاتِنَا ) يَتَنَازَعُهُ فِعْلَا ( كَفَرُوا وَكَذَّبُوا ) . وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=39هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ بَيَانٌ لِمَضْمُونِ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=39أَصْحَابُ النَّارِ فَإِنَّ الصَّاحِبَ هُنَا بِمَعْنَى الْمُلَازِمِ وَلِذَلِكَ فُصِلَتْ جُمْلَةُ ( فِيهَا خَالِدُونَ ) لِتَنَزُّلِهَا مِنَ الْأُولَى مَنْزِلَةَ الْبَيَانِ فَبَيْنَهُمَا كَمَالُ الِاتِّصَالِ .