nindex.php?page=treesubj&link=28973_29494_30564nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=16أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى
الإشارة إلى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=8من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما عطف على صلته من صفاتهم وجيء باسم إشارة الجمع لأن ماصدق ( من ) هو فريق من الناس ، وفصلت الجملة عن التي قبلها لتفيد تقرير معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15ويمدهم في طغيانهم يعمهون فمضمونها بمنزلة التوكيد ، وذلك مما يقتضي الفصل ، ولتفيد تعليل مضمون جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15ويمدهم في طغيانهم فتكون استئنافا بيانيا لسائل عن العلة ، وهي أيضا فذلكة للجمل السابقة الشارحة لأحوالهم ، وشأن الفذلكة عدم العطف كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196تلك عشرة كاملة وكل هذه الاعتبارات مقتض لعدم العطف ففيها ثلاثة موجبات للفصل . وموقع هذه الجملة من نظم الكلام مقابل موقع جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5أولئك على هدى من ربهم ومقابل موقع جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7ختم الله على قلوبهم الآية ، واسم الإشارة هنا غير مشار به إلى ذوات ولكن إلى صنف اجتمعت فيهم الصفات الماضية فانكشفت أحوالهم حتى صاروا كالحاضرين تجاه السامع بحيث يشار إليهم ، وهذا استعمال كثير الورود في الكلام البليغ .
وليس في هذه الإشارة إشعار ببعد أو قرب حتى تفيد تحقيرا ناشئا عن البعد لأن هذا من أسماء الإشارة الغالبة في كلام العرب فلا عدول فيها حتى يكون العدول لمقصد كما تقدم في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذلك الكتاب ولأن المشار إليه هنا غير محسوس حتى يكون له مرتبة معينة فيكون العدول عن لفظها لقصد معنى ثان ، فإن قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذلك الكتاب مع قرب الكتاب للناطق بآياته عدول عن إشارة القريب إلى البعيد فأفاد التعظيم . وعكس هذا قول
قيس بن الخطيم :
متى يأت هذا الموت لا يلف حاجة لنفسي إلا قد قضيت قضاءها
فإن الموت بعيد عنه فحقه أن يشير إليه باسم البعيد ، وعدل عنه إلى إشارة القريب لإظهار استخفافه به .
[ ص: 298 ] والاشتراء افتعال من الشري وفعله شرى الذي هو بمعنى باع كما أن اشترى بمعنى ابتاع ، فاشترى وابتاع كلاهما مطاوع لفعله المجرد . أشار أهل اللسان إلى أن فاعل هذه المطاوعة هو الذي قبل الفعل والتزمه فدلوا بذلك على أنه آخذ شيئا لرغبة فيه ، ولما كان معنى البيع مقتضيا آخذين وباذلين كان كل منهما بائعا ومبتاعا باختلاف الاعتبار ، ففعل باع منظور فيه ابتداء إلى معنى البذل ، والفعل ابتاع منظور فيه ابتداء إلى معنى الأخذ فإن اعتبره المتكلم آخذا لما صار بيده عبر عنه بمبتاع ومشتر ، وإن اعتبره باذلا لما خرج من يده من العوض ، عبر عنه ببائع وشار ، وبهذا يكون الفعلان جاريين على سنن واحد .
وقد ذكر كثير من اللغويين أن شرى يستعمل بمعنى اشترى والذي جرأهم على ذلك سوء التأمل في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=20وشروه بثمن بخس دراهم معدودة فتوهموا الضمير عائدا إلى المصريين مع أن معاده واضح قريب وهو سيارة من قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=19وجاءت سيارة أي باعوه ، وحسبك شاهدا على ذلك قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=20وكانوا فيه من الزاهدين أما الذي اشتراه فهو فيه من الراغبين ، ألا ترى إلى قوله لامرأته
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=21أكرمي مثواه وعلى ذينك الاعتبارين في فعلي الشراء والبيع كانت تعديتهما إلى المفعول فهما يتعديان إلى المقصود الأصلي بأنفسهما وإلى غيره بالباء فيقال باع فرسه بألف وابتاع فرس فلان بألف لأن الفرس هو الذي كانت المعاقدة لأجله لأن الذي أخرجه ليبيعه علم أن الناس يرغبون فيه والذي جاء ليشتريه كذلك .
وإطلاق الاشتراء هنا مجاز مرسل بعلاقة اللزوم ، أطلق الاشتراء على لازمه الثاني وهو الحرص على شيء والزهد في ضده أي حرصوا على الضلالة ، وزهدوا في الهدى إذ ليس في ما وقع من المنافقين استبدال شيء بشيء إذ لم يكونوا من قبل مهتدين .
ويجوز أن يكون الاشتراء مستعملا في الاستبدال وهو لازمه الأول واستعماله في هذا اللازم مشهور . قال
بشامة بن حزن :
إنا بني نهشل لا ندعي لأب عنه ولا هو بالأبناء يشرينا
أي يبيعنا أي يبدلنا ، وقال
عنترة بن الأخرس المعني من شعراء الحماسة :
ومن إن بعت منزلة بأخرى حللت بأمره وبه تسير
[ ص: 299 ] أي إذا استبدلت دارا بأخرى . وهذا بخلاف قول
أبي النجم :
أخذت بالجمة رأسا أزعرا وبالطويل العمر عمرا جيدرا
كما اشترى المسلم إذ تنصرا
فيكون الحمل عليه هنا أن اختلاطهم بالمسلمين وإظهارهم الإيمان حالة تشبه حال المهتدي تلبسوا بها ، فإذا خلوا إلى شياطينهم طرحوها واستبدلوها بحالة الضلال ، وعلى هذا الوجه الثاني يصح أيضا أن يكون الاشتراء استعارة بتشبيه تينك الحالتين بحال المشتري لشيء كان غير جائز له وارتضاه في الكشاف .
والموصول في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=16الذين اشتروا ) بمعنى العرف بلام الجنس فيفيد التركيب قصر المسند على المسند إليه وهو قصر ادعائي باعتبار أنهم بلغوا الغاية في اشتراء الضلالة والحرص عليها إذ جمعوا الكفر والسفه والخداع والإفساد والاستهزاء بالمهتدين .
nindex.php?page=treesubj&link=28973_29494_30564nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=16أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى
الْإِشَارَةُ إِلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=8مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا عُطِفَ عَلَى صِلَتِهِ مِنْ صِفَاتِهِمْ وَجِيءَ بِاسْمِ إِشَارَةِ الْجَمْعِ لِأَنَّ مَاصَدَقَ ( مَنْ ) هُوَ فَرِيقٌ مِنَ النَّاسِ ، وَفُصِلَتِ الْجُمْلَةُ عَنِ الَّتِي قَبْلَهَا لِتُفِيدَ تَقْرِيرَ مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ فَمَضْمُونُهَا بِمَنْزِلَةِ التَّوْكِيدِ ، وَذَلِكَ مِمَّا يَقْتَضِي الْفَصْلَ ، وَلِتُفِيدَ تَعْلِيلَ مَضْمُونِ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ فَتَكُونُ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا لِسَائِلٍ عَنِ الْعِلَّةِ ، وَهِيَ أَيْضًا فَذْلَكَةٌ لِلْجُمَلِ السَّابِقَةِ الشَّارِحَةِ لِأَحْوَالِهِمْ ، وَشَأْنُ الْفَذْلَكَةِ عَدَمُ الْعَطْفِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ وَكُلُّ هَذِهِ الِاعْتِبَارَاتِ مُقْتَضٍ لِعَدَمِ الْعَطْفِ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ مُوجِبَاتٍ لِلْفَصْلِ . وَمَوْقِعُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مِنْ نَظْمِ الْكَلَامِ مُقَابِلُ مَوْقِعِ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَمُقَابِلُ مَوْقِعِ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ الْآيَةَ ، وَاسْمُ الْإِشَارَةِ هُنَا غَيْرُ مُشَارٍ بِهِ إِلَى ذَوَاتٍ وَلَكِنْ إِلَى صِنْفٍ اجْتَمَعَتْ فِيهِمُ الصِّفَاتُ الْمَاضِيَةُ فَانْكَشَفَتْ أَحْوَالُهُمْ حَتَّى صَارُوا كَالْحَاضِرِينَ تُجَاهَ السَّامِعِ بِحَيْثُ يُشَارُ إِلَيْهِمْ ، وَهَذَا اسْتِعْمَالٌ كَثِيرُ الْوُرُودِ فِي الْكَلَامِ الْبَلِيغِ .
وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْإِشَارَةِ إِشْعَارٌ بِبُعْدٍ أَوْ قُرْبٍ حَتَّى تُفِيدَ تَحْقِيرًا نَاشِئًا عَنِ الْبُعْدِ لِأَنَّ هَذَا مِنْ أَسْمَاءِ الْإِشَارَةِ الْغَالِبَةِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَلَا عُدُولَ فِيهَا حَتَّى يَكُونَ الْعُدُولُ لِمَقْصِدٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذَلِكَ الْكِتَابُ وَلِأَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِ هُنَا غَيْرُ مَحْسُوسٍ حَتَّى يَكُونَ لَهُ مَرْتَبَةٌ مُعَيَّنَةٌ فَيَكُونُ الْعُدُولُ عَنْ لَفْظِهَا لِقَصْدِ مَعْنًى ثَانٍ ، فَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذَلِكَ الْكِتَابُ مَعَ قُرْبِ الْكِتَابِ لِلنَّاطِقِ بِآيَاتِهِ عُدُولٌ عَنْ إِشَارَةِ الْقَرِيبِ إِلَى الْبَعِيدِ فَأَفَادَ التَّعْظِيمَ . وَعَكْسُ هَذَا قَوْلُ
قَيْسِ بْنِ الْخَطِيمِ :
مَتَّى يَأْتِ هَذَا الْمَوْتُ لَا يُلْفِ حَاجَةً لِنَفْسِيَ إِلَّا قَدْ قَضَيْتُ قَضَاءَهَا
فَإِنَّ الْمَوْتَ بَعِيدٌ عَنْهُ فَحَقُّهُ أَنْ يُشِيرَ إِلَيْهِ بِاسْمِ الْبَعِيدِ ، وَعَدَلَ عَنْهُ إِلَى إِشَارَةِ الْقَرِيبِ لِإِظْهَارِ اسْتِخْفَافِهِ بِهِ .
[ ص: 298 ] وَالِاشْتِرَاءُ افْتِعَالٌ مِنَ الشَّرْيِ وَفِعْلُهُ شَرَى الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى بَاعَ كَمَا أَنَّ اشْتَرَى بِمَعْنَى ابْتَاعَ ، فَاشْتَرَى وَابْتَاعَ كِلَاهُمَا مُطَاوِعٌ لِفِعْلِهِ الْمُجَرَّدِ . أَشَارَ أَهْلُ اللِّسَانِ إِلَى أَنَّ فَاعِلَ هَذِهِ الْمُطَاوَعَةِ هُوَ الَّذِي قَبِلَ الْفِعْلَ وَالْتَزَمَهُ فَدَلُّوا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ آخِذٌ شَيْئًا لِرَغْبَةٍ فِيهِ ، وَلَمَّا كَانَ مَعْنَى الْبَيْعِ مُقْتَضِيًا آخِذِينَ وَبَاذِلِينَ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَائِعًا وَمُبْتَاعًا بِاخْتِلَافِ الِاعْتِبَارِ ، فَفِعْلُ بَاعَ مَنْظُورٌ فِيهِ ابْتِدَاءً إِلَى مَعْنَى الْبَذْلِ ، وَالْفِعْلُ ابْتَاعَ مَنْظُورٌ فِيهِ ابْتِدَاءً إِلَى مَعْنَى الْأَخْذِ فَإِنِ اعْتَبَرَهُ الْمُتَكَلِّمُ آخِذًا لِمَا صَارَ بِيَدِهِ عَبَّرَ عَنْهُ بِمُبْتَاعٍ وَمُشْتَرٍ ، وَإِنِ اعْتَبَرَهُ بَاذِلًا لِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ مِنَ الْعِوَضِ ، عَبَّرَ عَنْهُ بِبَائِعٍ وَشَارٍ ، وَبِهَذَا يَكُونُ الْفِعْلَانِ جَارِيَيْنِ عَلَى سَنَنٍ وَاحِدٍ .
وَقَدْ ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنَ اللُّغَوِيِّينَ أَنَّ شَرَى يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى اشْتَرَى وَالَّذِي جَرَّأَهُمْ عَلَى ذَلِكَ سُوءُ التَّأَمُّلِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=20وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ فَتَوَهَّمُوا الضَّمِيرَ عَائِدًا إِلَى الْمِصْرِيِّينَ مَعَ أَنَّ مَعَادَهُ وَاضِحٌ قَرِيبٌ وَهُوَ سَيَّارَةٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=19وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ أَيْ بَاعُوهُ ، وَحَسْبُكَ شَاهِدًا عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=20وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ أَمَّا الَّذِي اشْتَرَاهُ فَهُوَ فِيهِ مِنَ الرَّاغِبِينَ ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=21أَكْرِمِي مَثْوَاهُ وَعَلَى ذَيْنِكَ الْاعْتِبَارَيْنِ فِي فِعْلَيِ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ كَانَتْ تَعْدِيَتُهُمَا إِلَى الْمَفْعُولِ فَهُمَا يَتَعَدَّيَانِ إِلَى الْمَقْصُودِ الْأَصْلِيِّ بِأَنْفُسِهِمَا وَإِلَى غَيْرِهِ بِالْبَاءِ فَيُقَالُ بَاعَ فَرَسَهُ بِأَلْفٍ وَابْتَاعَ فَرَسَ فُلَانٍ بِأَلْفٍ لِأَنَّ الْفَرَسَ هُوَ الَّذِي كَانَتِ الْمُعَاقَدَةُ لِأَجْلِهِ لِأَنَّ الَّذِي أَخْرَجَهُ لِيَبِيعَهُ عَلِمَ أَنَّ النَّاسَ يَرْغَبُونَ فِيهِ وَالَّذِي جَاءَ لِيَشْتَرِيَهُ كَذَلِكَ .
وَإِطْلَاقُ الِاشْتِرَاءِ هُنَا مَجَازٌ مُرْسَلٌ بِعَلَاقَةِ اللُّزُومِ ، أَطْلَقَ الِاشْتِرَاءَ عَلَى لَازِمِهِ الثَّانِي وَهُوَ الْحِرْصُ عَلَى شَيْءٍ وَالزُّهْدُ فِي ضِدِّهِ أَيْ حَرَصُوا عَلَى الضَّلَالَةِ ، وَزَهِدُوا فِي الْهُدَى إِذْ لَيْسَ فِي مَا وَقَعَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ اسْتِبْدَالُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ إِذْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ قَبْلُ مُهْتَدِينَ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاشْتِرَاءُ مُسْتَعْمَلًا فِي الِاسْتِبْدَالِ وَهُوَ لَازِمُهُ الْأَوَّلُ وَاسْتِعْمَالُهُ فِي هَذَا اللَّازِمِ مَشْهُورٌ . قَالَ
بَشَامَةُ بْنُ حَزْنٍ :
إِنَّا بَنِي نَهْشَلٍ لَا نَدَّعِي لِأَبٍ عَنْهُ وَلَا هُوَ بِالْأَبْنَاءِ يَشْرِينَا
أَيْ يَبِيعُنَا أَيْ يُبَدِّلُنَا ، وَقَالَ
عَنْتَرَةُ بْنُ الْأَخْرَسِ الْمَعْنِيُّ مِنْ شُعَرَاءِ الْحَمَاسَةِ :
وَمَنْ إِنْ بِعْتَ مَنْزِلَةً بِأُخْرَى حَلَلْتَ بِأَمْرِهِ وَبِهِ تَسِيرُ
[ ص: 299 ] أَيْ إِذَا اسْتَبْدَلْتَ دَارًا بِأُخْرَى . وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِ
أَبِي النَّجْمِ :
أَخَذْتُ بِالْجَمَّةِ رَأْسًا أَزْعَرًا وَبِالطَّوِيلِ الْعُمْرِ عُمْرَا جَيْدَرَا
كَمَا اشْتَرَى الْمُسْلِمُ إِذْ تَنَصَّرَا
فَيَكُونُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ هُنَا أَنَّ اخْتِلَاطَهُمْ بِالْمُسْلِمِينَ وَإِظْهَارَهُمُ الْإِيمَانَ حَالَةٌ تُشْبِهُ حَالَ الْمُهْتَدِي تَلَبَّسُوا بِهَا ، فَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ طَرَحُوهَا وَاسْتَبْدَلُوهَا بِحَالَةِ الضَّلَالِ ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ الثَّانِي يَصِحُّ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الِاشْتِرَاءُ اسْتِعَارَةً بِتَشْبِيهِ تَيْنِكَ الْحَالَتَيْنِ بِحَالِ الْمُشْتَرِي لِشَيْءٍ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ لَهُ وَارْتَضَاهُ فِي الْكَشَّافِ .
وَالْمَوْصُولُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=16الَّذِينَ اشْتَرَوُا ) بِمَعْنَى الْعُرْفِ بِلَامِ الْجِنْسِ فَيُفِيدُ التَّرْكِيبُ قَصْرَ الْمُسْنَدِ عَلَى الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ وَهُوَ قَصْرٌ ادِّعَائِيٌّ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُمْ بَلَغُوا الْغَايَةَ فِي اشْتِرَاءِ الضَّلَالَةِ وَالْحِرْصِ عَلَيْهَا إِذْ جَمَعُوا الْكُفْرَ وَالسَّفَهَ وَالْخِدَاعَ وَالْإِفْسَادَ وَالِاسْتِهْزَاءَ بِالْمُهْتَدِينَ .