nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=22nindex.php?page=treesubj&link=29041إلا المصلين nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=23الذين هم على صلاتهم دائمون nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=24والذين في أموالهم حق معلوم nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=25للسائل والمحروم nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=26والذين يصدقون بيوم الدين nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=27والذين هم من عذاب ربهم مشفقون nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=28إن عذاب ربهم غير مأمون nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=29والذين هم لفروجهم حافظون nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=30إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=31فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=32والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=33والذين هم بشهادتهم قائمون nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=34والذين هم على صلاتهم يحافظون nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=35أولئك في جنات مكرمون [ ص: 171 ] استثناء منقطع ناشئ عن الوعيد المبتدأ به من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=11يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ الآية .
فالمعنى على الاستدراك ، والتقدير : لكن المصلين الموصوفين بكيت وكيت أولئك في جنات مكرمون .
فجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=35أولئك في جنات مكرمون حيث وقعت بعد ( إلا ) المنقطعة وهي بمعنى ( لكن ) فلها حكم الجملة المخبر بها عن اسم ( لكن ) المشددة أو عن المبتدأ الواقع بعد ( لكن ) المخففة وهو ما حققه الدماميني ، وإن كان ابن هشام رأى عد الجملة بعد الاستثناء المنقطع في عداد الجمل التي لا محل لها من الإعراب .
والكلام استئناف بياني لمقابلة أحوال المؤمنين بأحوال الكافرين ، ووعدهم بوعيدهم على عادة القرآن في أمثال هذه المقابلة .
وهذه
nindex.php?page=treesubj&link=24589_23468_30179_19988_33501_19513_19842_18781_16067_16071صفات ثمان هي من شعار المسلمين ، فعدل عن إحضارهم بوصف المسلمين إلى تعداد خصال من خصالهم إطنابا في الثناء عليهم ، ؛ لأن مقام الثناء مقام إطناب ، وتنبيها على أن كل صلة من هذه الصلات الثمان هي من أسباب الكون في الجنات .
وهذه الصفات لا يشاركهم المشركون في معظمها بالمرة ، وبعضها قد يتصف به المشركون ولكنهم لا يراعونه حق مراعاته باطراد ، وذلك حفظ الأمانات والعهد ، فالمشرك يحفظ الأمانة والعهد اتقاء مذمة الخيانة والغدر ، ومع أحلافه دون أعدائه ، والمشرك يشهد بالصدق إذا لم يكن له هوى في الكذب ، وإذا خشي أن يوصم بالكذب . وقد غدر المشركون بالمسلمين في عدة حوادث ، وغدر بعضهم بعضا ، فلو علم المشرك أنه لا يطلع على كذبه وكان له هوى لم يؤد الشهادة .
ولما كان وصف ( المصلين ) غلب على المسلمين كما دل عليه قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=42ما سلككم في سقر nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=43قالوا لم نك من المصلين الآية ، أتبع وصف المصلين في الآية هذه بوصف
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=23الذين هم على صلاتهم دائمون أي : مواظبون على صلاتهم لا يتخلفون عن أدائها ولا يتركونها .
والدوام على الشيء : عدم تركه ، وذلك في كل عمل بحسب ما يعتبر دواما فيه كما تقرر في أصول الفقه في مسألة إفادة الأمر التكرار .
[ ص: 172 ] وفي إضافة ( صلاة ) إلى ضمير المصلين تنويه باختصاصها بهم ، وهذا الوصف للمسلمين مقابل وصف الكافرين في قوله ( بعذاب واقع للكافرين ) .
ومجيء الصلة جملة اسمية دون أن يقال : الذين يدومون لقصد إفادتها الثبات تقوية كمفاد الدوام .
وإعادة اسم الموصول مع الصلات المعطوفة على قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=23الذين هم على صلاتهم دائمون لمزيد العناية بأصحاب تلك الصلات .
وتسمية ما يعطونه من أموالهم من الصدقات باسم ( حق ) للإشارة إلى أنهم جعلوا السائل والمحروم كالشركاء لهم في أموالهم من فرط رغبتهم من مواساة إخوانهم إذ لم تكن الصدقة يومئذ واجبة ولم تكن الزكاة قد فرضت .
ومعنى كون الحق معلوما أنه يعلمه كل واحد منهم ويحسبونه ، ويعلمه السائل والمحروم بما اعتاد منهم .
ومجيء الصلة جملة اسمية لإفادة ثبات هذه الخصلة فيهم وتمكنها منهم دفعا لتوهم الشح في بعض الأحيان لما هو معروف بين غالب الناس من معاودة الشح للنفوس .
والسائل : هو المستعطي ، والمحروم : الذي لا يسأل الناس تعففا مع احتياجه فلا يتفطن له كثير من الناس فيبقى كالمحروم .
وأصل المحروم : الممنوع من مرغوبه ، وتقدم في سورة الذاريات في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=19وفي أموالهم حق للسائل والمحروم . وهذه الصفة للمؤمنين مضادة صفة الكافرين المتقدمة في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=18وجمع فأوعى ) .
والتصديق بيوم الدين هو الإيمان بوقوع البعث والجزاء ، والدين : الجزاء . وهذا الوصف مقابل وصف الكافرين بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=6إنهم يرونه بعيدا ) .
ولما كان التصديق من عمل القلب ولم يتصور أن يكون فيه تفاوت ، أتي بالجملة الفعلية على الأصل في صلة الموصول ، وأوثر فيها الفعل المضارع لدلالته على الاستمرار .
ووصفهم بأنهم من عذاب ربهم مشفقون مقابل قوله في حق الكافرين (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=1سأل سائل بعذاب واقع nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=2للكافرين ) ؛ لأن سؤالهم سؤال مستخف بذلك ومحيله .
[ ص: 173 ] والإشفاق : توقع حصول المكروه وأخذ الحذر منه .
وصوغ الصلة بالجملة الاسمية لتحقيق وثبات اتصافهم بهذا الإشفاق ؛ لأنه من المغيبات ، فمن شأن كثير من الناس التردد فيه .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=28إن عذاب ربهم غير مأمون معترضة ، أي : غير مأمون لهم ، وهذا تعريض بزعم المشركين الأمن منه إذ قالوا
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=138وما نحن بمعذبين . ووصفهم بأنهم لفروجهم حافظون مقابل قوله في تهويل حال المشركين يوم الجزاء بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=10ولا يسأل حميم حميما إذ أخص الأحماء بالرجل زوجه ، فقصد التعريض بالمشركين بأن هذا الهول خاص بهم بخلاف المسلمين فإنهم هم وأزواجهم يحبرون لأنهم اتقوا الله في العفة عن غير الأزواج ، قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=67الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين .
وتقدم نظير هذا في سورة المؤمنين ، أي : ليس في المسلمين سفاح ولا زنى ولا مخالة ولا بغاء ، ولذلك عقب بالتفريع بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=31فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون .
والعادي : المفسد ، أي : هم الذين أفسدوا فاختلطت أنسابهم وتطرقت الشكوك إلى حصانة نسائهم ، ودخلت الفوضى في نظم عائلاتهم ، ونشأت بينهم الإحن من الغيرة .
وذكر رعي الأمانات والعهد لمناسبة وصف ما يود الكافر يوم الجزاء أن يفتديه من العذاب بفصيلته التي تؤويه فيذهب منه رعي العهود التي يجب الوفاء بها للقبيلة وحسبك من تشويه حاله أنه قد نكث العهود التي كانت عليه لقومه من الدفاع عن حقيقتهم بنفسه وكان يفديهم بنفسه ، والمسلم لما كان يرعى العهد بما يمليه عليه دينه جازاه الله بأن دفع عنه خزي ودادة فدائه نفسه بمواليه وأهل عهده .
والقول في اسمية الصلة كالقول في الذي قبله .
والرعي : الحفظ والحراسة . وأصله رعي الغنم والإبل .
وقرأ الجمهور : ( لأماناتهم ) ، بصيغة الجمع . وقرأه ابن كثير ( لأمانتهم ) بالإفراد ، والمراد الجنس .
[ ص: 174 ] وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=33والذين هم بشهادتهم قائمون ) ذكر لمناسبة ذكر رعي الأمانات إذ الشهادة من جملة الأمانات ؛ لأن حق المشهود له وديعة في حفظ الشاهد فإذا أدى شهادته فكأنه أدى أمانة لصاحب الحق المشهود له كانت في حفظ الشاهد .
ولذلك كان أداء الشهادة - إذا طولب به الشاهد - واجبا عليه ، قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا .
والقيام بالشهادة : الاهتمام بها وحفظها إلى أن تؤدى ، وهذا قيام مجازي كما تقدم عند قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=3ويقيمون الصلاة ) في سورة البقرة .
وباء ( بشهادتهم ) للمصاحبة ، أي : يقومون مصاحبين للشهادة ، ويصير معنى الباء في الاستعارة معنى التعدية .
فذكر القيام بالشهادة إتمام لخصال أهل الإسلام فلا يتطلب له مقابل من خصال أهل الشرك المذكورة فيما تقدم .
والقول في اسمية جملة الصلة للغرض الذي تقدم ؛ لأن أداء الشهادة يشق على الناس إذ قد يكون المشهود عليه قريبا أو صديقا ، وقد تثير الشهادة على المرء إحنة منه وعداوة .
وقرأ الجمهور ( بشهادتهم ) بصيغة الإفراد ، وهو اسم جنس يعم جميع الشهادات التي تحملوها . وقرأ حفص ويعقوب ( شهاداتهم ) بصيغة الجمع . وذلك على اعتبار جمع المضاف إليه .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=34والذين هم على صلاتهم يحافظون ثناء عليهم بعنايتهم بالصلاة من أن يعتريها شيء يخل بكمالها ، ؛ لأن مادة المفاعلة هنا للمبالغة في الحفظ مثل : عافاه الله ، وقاتله الله ، فالمحافظة راجعة إلى استكمال أركان الصلاة وشروطها وأوقاتها . وإيثار الفعل المضارع لإفادة تجدد ذلك الحفاظ وعدم التهاون به ، وبذلك تعلم أن هذه الجملة ليست مجرد تأكيد لجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=23الذين هم على صلاتهم دائمون بل فيها زيادة معنى مع حصول الغرض من التأكيد بإعادة ما يفيد عنايتهم بالصلاة في كلتا الجملتين .
وفي الأخبار النبوية أخبار كثيرة عن
nindex.php?page=treesubj&link=24589فضيلة الصلاة ، وأن الصلوات تكفر
[ ص: 175 ] الذنوب كحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002718ما يدريكم ما بلغت به صلاته .
وقد حصل بين أخرى هذه الصلات وبين أولاها محسن رد العجز على الصدر .
وتقديم المسند إليه على المسند الفعلي في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=34والذين هم على صلاتهم يحافظون يفيد تقوية الخبر مع إفادة التجدد من الفعل المضارع .
ولما أجريت عليهم هذه الصفات الجليلة أخبر عن جزائهم عليها بأنهم مكرمون في الجنة .
وجيء باسم الإشارة للتنبيه على أنهم استحقوا ما بعد اسم الإشارة من أجل ما سبق قبل اسم الإشارة كما تقدم في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5أولئك على هدى من ربهم في سورة البقرة .
والإكرام : التعظيم وحسن اللقاء ، أي : هم مع جزائهم بنعيم الجنات يكرمون بحسن اللقاء والثناء ، قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=23والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=72ورضوان من الله أكبر .
وهذا يقتضي أن يكون قوله ( في جنات ) خبرا عن اسم الإشارة ، وقوله ( مكرمون ) خبرا ثانيا .
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=22nindex.php?page=treesubj&link=29041إِلَّا الْمُصَلِّينَ nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=23الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=24وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=25لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=26وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=27وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=28إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=29وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=30إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=31فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=32وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=33وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَتِهِمْ قَائِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=34وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=35أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ [ ص: 171 ] اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ نَاشِئٌ عَنِ الْوَعِيدِ الْمُبْتَدَأِ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=11يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ الْآيَةَ .
فَالْمَعْنَى عَلَى الِاسْتِدْرَاكِ ، وَالتَّقْدِيرُ : لَكِنَّ الْمُصَلِّينَ الْمَوْصُوفِينَ بِكَيْتَ وَكَيْتَ أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ .
فَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=35أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ حَيْثُ وَقَعَتْ بَعْدَ ( إِلَّا ) الْمُنْقَطِعَةِ وَهِيَ بِمَعْنَى ( لَكِنَّ ) فَلَهَا حُكْمُ الْجُمْلَةِ الْمُخْبَرِ بِهَا عَنِ اسْمِ ( لَكِنَّ ) الْمُشَدَّدَةِ أَوْ عَنِ الْمُبْتَدَأِ الْوَاقِعِ بَعْدَ ( لَكِنَّ ) الْمُخَفَّفَةِ وَهُوَ مَا حَقَّقَهُ الدَّمَامِينِيُّ ، وَإِنْ كَانَ ابْنُ هِشَامٍ رَأَى عَدَّ الْجُمْلَةِ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ فِي عِدَادِ الْجُمَلِ الَّتِي لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ .
وَالْكَلَامُ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ لِمُقَابَلَةِ أَحْوَالِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَحْوَالِ الْكَافِرِينَ ، وَوَعْدِهِمْ بِوَعِيدِهِمْ عَلَى عَادَةِ الْقُرْآنِ فِي أَمْثَالِ هَذِهِ الْمُقَابَلَةِ .
وَهَذِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=24589_23468_30179_19988_33501_19513_19842_18781_16067_16071صِفَاتٌ ثَمَانٍ هِيَ مِنْ شِعَارِ الْمُسْلِمِينَ ، فَعَدَلَ عَنْ إِحْضَارِهِمْ بِوَصْفِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى تَعْدَادِ خِصَالٍ مِنْ خِصَالِهِمْ إِطْنَابًا فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ ، ؛ لِأَنَّ مَقَامَ الثَّنَاءِ مَقَامُ إِطْنَابٍ ، وَتَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ كُلَّ صِلَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّلَاتِ الثَّمَانِ هِيَ مِنْ أَسْبَابِ الْكَوْنِ فِي الْجَنَّاتِ .
وَهَذِهِ الصِّفَاتُ لَا يُشَارِكُهُمُ الْمُشْرِكُونَ فِي مُعْظَمِهَا بِالْمَرَّةِ ، وَبَعْضُهَا قَدْ يَتَّصِفُ بِهِ الْمُشْرِكُونَ وَلَكِنَّهُمْ لَا يُرَاعُونَهُ حَقَّ مُرَاعَاتِهِ بِاطِّرَادٍ ، وَذَلِكَ حِفْظُ الْأَمَانَاتِ وَالْعَهْدِ ، فَالْمُشْرِكُ يَحْفَظُ الْأَمَانَةَ وَالْعَهْدَ اتِّقَاءَ مَذَمَّةِ الْخِيَانَةِ وَالْغَدْرِ ، وَمَعَ أَحْلَافِهِ دُونَ أَعْدَائِهِ ، وَالْمُشْرِكُ يَشْهَدُ بِالصِّدْقِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ هَوًى فِي الْكَذِبِ ، وَإِذَا خَشِيَ أَنْ يُوصَمَ بِالْكَذِبِ . وَقَدْ غَدَرَ الْمُشْرِكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ فِي عِدَّةِ حَوَادِثَ ، وَغَدَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، فَلَوْ عَلِمَ الْمُشْرِكُ أَنَّهُ لَا يَطَّلِعُ عَلَى كَذِبِهِ وَكَانَ لَهُ هَوًى لَمْ يُؤَدِّ الشَّهَادَةَ .
وَلَمَّا كَانَ وَصْفُ ( الْمُصَلِّينَ ) غَلَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=42مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=43قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ الْآيَةَ ، أَتْبَعَ وَصْفَ الْمُصَلِّينَ فِي الْآيَةَ هَذِهِ بِوَصْفِ
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=23الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ أَيْ : مُوَاظِبُونَ عَلَى صَلَاتِهِمْ لَا يَتَخَلَّفُونَ عَنْ أَدَائِهَا وَلَا يَتْرُكُونَهَا .
وَالدَّوَامُ عَلَى الشَّيْءِ : عَدَمُ تَرْكِهِ ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ عَمَلٍ بِحَسَبِ مَا يُعْتَبَرُ دَوَامًا فِيهِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ فِي مَسْأَلَةِ إِفَادَةِ الْأَمْرِ التَّكْرَارَ .
[ ص: 172 ] وَفِي إِضَافَةِ ( صَلَاةٍ ) إِلَى ضَمِيرِ الْمُصَلِّينَ تَنْوِيهٌ بِاخْتِصَاصِهَا بِهِمْ ، وَهَذَا الْوَصْفُ لِلْمُسْلِمِينَ مُقَابِلُ وَصْفِ الْكَافِرِينَ فِي قَوْلِهِ ( بِعَذَابٍ وَاقِعٍ لِلْكَافِرِينَ ) .
وَمَجِيءُ الصِّلَةِ جُمْلَةً اسْمِيَّةً دُونَ أَنْ يُقَالَ : الَّذِينَ يَدُومُونَ لِقَصْدِ إِفَادَتِهَا الثَّبَاتَ تَقْوِيَةً كَمُفَادِ الدَّوَامِ .
وَإِعَادَةُ اسْمِ الْمَوْصُولِ مَعَ الصِّلَاتِ الْمَعْطُوفَةِ عَلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=23الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ لِمَزِيدِ الْعِنَايَةِ بِأَصْحَابِ تِلْكَ الصِّلَاتِ .
وَتَسْمِيَةُ مَا يُعْطُونَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مِنَ الصَّدَقَاتِ بَاسْمِ ( حَقٍّ ) لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُمْ جَعَلُوا السَّائِلَ وَالْمَحْرُومَ كَالشُّرَكَاءِ لَهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ مِنْ فَرْطِ رَغْبَتِهِمْ مِنْ مُوَاسَاةِ إِخْوَانِهِمْ إِذْ لَمْ تَكُنِ الصَّدَقَةُ يَوْمَئِذٍ وَاجِبَةً وَلَمْ تَكُنِ الزَّكَاةُ قَدْ فُرِضَتْ .
وَمَعْنَى كَوْنِ الْحَقِّ مَعْلُومًا أَنَّهُ يَعْلَمُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيَحْسِبُونَهُ ، وَيَعْلَمُهُ السَّائِلُ وَالْمَحْرُومُ بِمَا اعْتَادَ مِنْهُمْ .
وَمَجِيءُ الصِّلَةِ جُمْلَةً اسْمِيَّةً لِإِفَادَةِ ثَبَاتِ هَذِهِ الْخَصْلَةِ فِيهِمْ وَتَمَكُّنِهَا مِنْهُمْ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ الشُّحِّ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ لِمَا هُوَ مَعْرُوفٌ بَيْنَ غَالِبِ النَّاسِ مِنْ مُعَاوَدَةِ الشُّحِّ لِلنُّفُوسِ .
وَالسَّائِلُ : هُوَ الْمُسْتَعْطِي ، وَالْمَحْرُومُ : الَّذِي لَا يَسْأَلُ النَّاسَ تَعَفُّفًا مَعَ احْتِيَاجِهِ فَلَا يَتَفَطَّنُ لَهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَيَبْقَى كَالْمَحْرُومِ .
وَأَصْلُ الْمَحْرُومِ : الْمَمْنُوعُ مِنْ مَرْغُوبِهِ ، وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الذَّارِيَاتِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=19وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ . وَهَذِهِ الصِّفَةُ لِلْمُؤْمِنِينَ مُضَادَّةُ صِفَةِ الْكَافِرِينَ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=18وَجَمَعَ فَأَوْعَى ) .
وَالتَّصْدِيقُ بِيَوْمِ الدِّينِ هُوَ الْإِيمَانُ بِوُقُوعِ الْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ ، وَالدِّينُ : الْجَزَاءُ . وَهَذَا الْوَصْفُ مُقَابِلُ وَصْفِ الْكَافِرِينَ بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=6إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا ) .
وَلَمَّا كَانَ التَّصْدِيقُ مِنْ عَمَلِ الْقَلْبِ وَلَمْ يُتَصَوَّرْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ تَفَاوُتٌ ، أُتِيَ بِالْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ عَلَى الْأَصْلِ فِي صِلَةِ الْمَوْصُولِ ، وَأُوثِرَ فِيهَا الْفِعْلُ الْمُضَارِعُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ .
وَوَصْفُهُمْ بِأَنَّهُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ مُقَابِلُ قَوْلِهِ فِي حَقِّ الْكَافِرِينَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=1سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=2لِلْكَافِرينَ ) ؛ لِأَنَّ سُؤَالَهُمْ سُؤَالُ مُسْتَخِفٍّ بِذَلِكَ وَمُحِيلِهِ .
[ ص: 173 ] وَالْإِشْفَاقُ : تَوَقُّعُ حُصُولِ الْمَكْرُوهِ وَأَخْذُ الْحَذَرِ مِنْهُ .
وَصَوْغُ الصِّلَةِ بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ لِتَحْقِيقِ وَثَبَاتِ اتِّصَافِهِمْ بِهَذَا الْإِشْفَاقِ ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الْمُغَيَّبَاتِ ، فَمِنْ شَأْنِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ التَّرَدُّدُ فِيهِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=28إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ مُعْتَرِضَةٌ ، أَيْ : غَيْرُ مَأْمُونٍ لَهُمْ ، وَهَذَا تَعْرِيضٌ بِزَعْمِ الْمُشْرِكِينَ الْأَمْنَ مِنْهُ إِذْ قَالُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=138وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ . وَوَصْفُهُمْ بِأَنَّهُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ مُقَابِلُ قَوْلِهِ فِي تَهْوِيلِ حَالِ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْجَزَاءِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=10وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا إِذْ أَخَصُّ الْأَحِمَّاءِ بِالرَّجُلِ زَوْجُهُ ، فَقَصَدَ التَّعْرِيضَ بِالْمُشْرِكِينَ بِأَنَّ هَذَا الْهَوْلَ خَاصٌّ بِهِمْ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُمْ هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ يُحْبَرُونَ لِأَنَّهُمُ اتَّقَوُا اللَّهَ فِي الْعِفَّةِ عَنْ غَيْرِ الْأَزْوَاجِ ، قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=67الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ .
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذَا فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ ، أَيْ : لَيْسَ فِي الْمُسْلِمِينَ سِفَاحٌ وَلَا زِنًى وَلَا مُخَالَّةٌ وَلَا بِغَاءٌ ، وَلِذَلِكَ عَقَّبَ بِالتَّفْرِيعِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=31فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ .
وَالْعَادِي : الْمُفْسِدُ ، أَيْ : هُمُ الَّذِينَ أَفْسَدُوا فَاخْتَلَطَتْ أَنْسَابُهُمْ وَتَطَرَّقَتِ الشُّكُوكُ إِلَى حَصَانَةِ نِسَائِهِمْ ، وَدَخَلَتِ الْفَوْضَى فِي نُظُمِ عَائِلَاتِهِمْ ، وَنَشَأَتْ بَيْنَهُمُ الْإِحَنُ مِنَ الْغَيْرَةِ .
وَذِكْرُ رَعْيِ الْأَمَانَاتِ وَالْعَهْدِ لِمُنَاسَبَةِ وَصْفِ مَا يَوَدُّ الْكَافِرُ يَوْمَ الْجَزَاءِ أَنْ يَفْتَدِيَهُ مِنَ الْعَذَابِ بِفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ فَيَذْهَبُ مِنْهُ رَعْيُ الْعُهُودِ الَّتِي يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهَا لِلْقَبِيلَةِ وَحَسْبُكَ مِنْ تَشْوِيهِ حَالِهِ أَنَّهُ قَدْ نَكَثَ الْعُهُودَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ لِقَوْمِهِ مِنَ الدِّفَاعِ عَنْ حَقِيقَتِهِمْ بِنَفْسِهِ وَكَانَ يَفْدِيهِمْ بِنَفْسِهِ ، وَالْمُسْلِمُ لَمَّا كَانَ يَرْعَى الْعَهْدَ بِمَا يُمْلِيهِ عَلَيْهِ دِينُهُ جَازَاهُ اللَّهُ بِأَنْ دَفَعَ عَنْهُ خِزْيَ وَدَادَةِ فِدَائِهِ نَفْسَهُ بِمَوَالِيهِ وَأَهْلِ عَهْدِهِ .
وَالْقَوْلُ فِي اسْمِيَّةِ الصِّلَةِ كَالْقَوْلِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ .
وَالرَّعْيُ : الْحِفْظُ وَالْحِرَاسَةُ . وَأَصْلُهُ رَعْيُ الْغَنَمِ وَالْإِبِلِ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( لِأَمَانَاتِهِمْ ) ، بِصِيغَةِ الْجَمْعِ . وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ ( لِأَمَانَتِهِمْ ) بِالْإِفْرَادِ ، وَالْمُرَادُ الْجِنْسُ .
[ ص: 174 ] وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=33وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَتِهِمْ قَائِمُونَ ) ذُكِرَ لِمُنَاسَبَةِ ذِكْرِ رَعْيِ الْأَمَانَاتِ إِذِ الشَّهَادَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَمَانَاتِ ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمَشْهُودِ لَهُ وَدِيعَةٌ فِي حِفْظِ الشَّاهِدِ فَإِذَا أَدَّى شَهَادَتَهُ فَكَأَنَّهُ أَدَّى أَمَانَةً لِصَاحِبِ الْحَقِّ الْمَشْهُودِ لَهُ كَانَتْ فِي حِفْظِ الشَّاهِدِ .
وَلِذَلِكَ كَانَ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ - إِذَا طُولِبَ بِهِ الشَّاهِدُ - وَاجِبًا عَلَيْهِ ، قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا .
وَالْقِيَامُ بِالشَّهَادَةِ : الِاهْتِمَامُ بِهَا وَحِفْظُهَا إِلَى أَنْ تُؤَدَّى ، وَهَذَا قِيَامٌ مَجَازِيٌّ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=3وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ) فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَبَاءُ ( بِشَهَادَتِهِمْ ) لِلْمُصَاحَبَةِ ، أَيْ : يَقُومُونَ مُصَاحِبِينَ لِلشَّهَادَةِ ، وَيَصِيرُ مَعْنَى الْبَاءِ فِي الِاسْتِعَارَةِ مَعْنَى التَّعْدِيَةِ .
فَذِكْرُ الْقِيَامِ بِالشَّهَادَةِ إِتْمَامٌ لِخِصَالِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَلَا يَتَطَلَّبُ لَهُ مُقَابِلٌ مِنْ خِصَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ الْمَذْكُورَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ .
وَالْقَوْلُ فِي اسْمِيَّةِ جُمْلَةِ الصِّلَةِ لِلْغَرَضِ الَّذِي تَقَدَّمَ ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ الشَّهَادَةِ يَشُقُّ عَلَى النَّاسِ إِذْ قَدْ يَكُونُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ قَرِيبًا أَوْ صَدِيقًا ، وَقَدْ تُثِيرُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمَرْءِ إِحْنَةً مِنْهُ وَعَدَاوَةً .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ ( بِشَهَادَتِهِمْ ) بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ ، وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ يَعُمُّ جَمِيعَ الشَّهَادَاتِ الَّتِي تَحَمَّلُوهَا . وَقَرَأَ حَفْصٌ وَيَعْقُوبُ ( شَهَادَاتِهِمْ ) بِصِيغَةِ الْجَمْعِ . وَذَلِكَ عَلَى اعْتِبَارِ جَمْعِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=34وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ثَنَاءٌ عَلَيْهِمْ بِعِنَايَتِهِمْ بِالصَّلَاةِ مِنْ أَنْ يَعْتَرِيَهَا شَيْءٌ يُخِلُّ بِكَمَالِهَا ، ؛ لِأَنَّ مَادَّةَ الْمُفَاعَلَةِ هُنَا لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْحِفْظِ مِثْلَ : عَافَاهُ اللَّهُ ، وَقَاتَلَهُ اللَّهُ ، فَالْمُحَافَظَةُ رَاجِعَةٌ إِلَى اسْتِكْمَالِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَشُرُوطِهَا وَأَوْقَاتِهَا . وَإِيثَارُ الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ لِإِفَادَةِ تَجَدُّدِ ذَلِكَ الْحِفَاظِ وَعَدَمِ التَّهَاوُنِ بِهِ ، وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ تَأْكِيدٍ لِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=23الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ بَلْ فِيهَا زِيَادَةُ مَعْنًى مَعَ حُصُولِ الْغَرَضِ مِنَ التَّأْكِيدِ بِإِعَادَةِ مَا يُفِيدُ عِنَايَتَهُمْ بِالصَّلَاةِ فِي كِلْتَا الْجُمْلَتَيْنِ .
وَفِي الْأَخْبَارِ النَّبَوِيَّةِ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=24589فَضِيلَةِ الصَّلَاةِ ، وَأَنَّ الصَّلَوَاتِ تُكَفِّرُ
[ ص: 175 ] الذُّنُوبَ كَحَدِيثِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002718مَا يُدْرِيكُمْ مَا بَلَغَتْ بِهِ صَلَاتُهُ .
وَقَدْ حَصَلَ بَيْنَ أُخْرَى هَذِهِ الصِّلَاتِ وَبَيْنَ أُولَاهَا مُحَسِّنُ رَدِّ الْعَجُزِ عَلَى الصَّدْرِ .
وَتَقْدِيمُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ عَلَى الْمُسْنَدِ الْفِعْلِيِّ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=34وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ يُفِيدُ تَقْوِيَةَ الْخَبَرِ مَعَ إِفَادَةِ التَّجَدُّدِ مِنَ الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ .
وَلَمَّا أُجْرِيَتْ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الصِّفَاتُ الْجَلِيلَةُ أُخْبِرَ عَنْ جَزَائِهِمْ عَلَيْهَا بِأَنَّهُمْ مُكَرَّمُونَ فِي الْجَنَّةِ .
وَجِيءَ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُمُ اسْتَحَقُّوا مَا بَعْدَ اسْمِ الْإِشَارَةِ مِنْ أَجْلِ مَا سَبَقَ قَبْلَ اسْمِ الْإِشَارَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَالْإِكْرَامُ : التَّعْظِيمُ وَحُسْنُ اللِّقَاءِ ، أَيْ : هُمْ مَعَ جَزَائِهِمْ بِنَعِيمِ الْجَنَّاتِ يُكْرَمُونَ بِحُسْنِ اللِّقَاءِ وَالثَّنَاءِ ، قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=23وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=72وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ .
وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ ( فِي جَنَّاتٍ ) خَبَرًا عَنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ ، وَقَوْلُهُ ( مُكْرَمُونَ ) خَبَرًا ثَانِيًا .