nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=29035_30200_32944_30196إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم .
تذييل لأن فيه تعميم أحوال الأولاد بعد أن ذكر حال خاص ببعضهم .
وأدمج فيه الأموال لأنها لم يشملها طلب الحذر ولا وصف العداوة . وقدم ذكر الأموال على الأولاد لأن الأموال لم يتقدم ذكرها بخلاف الأولاد .
ووجه إدماج الأموال هنا أن المسلمين كانوا قد أصيبوا في أموالهم من المشركين فغلبوهم على أموالهم ولم تذكر الأموال في الآية السابقة لأن الغرض هو التحذير من أشد الأشياء اتصالا بهم وهي أزواجهم وأولادهم . ولأن فتنة هؤلاء مضاعفة لأن الداعي إليها يكون من أنفسهم ومن مساعي الآخرين وتسويلهم . وجرد عن ذكر
[ ص: 286 ] الأزواج هنا اكتفاء لدلالة فتنة الأولاد عليهن بدلالة فحوى الخطاب ، فإن فتنتهن أشد من فتنة الأولاد لأن جرأتهن على التسويل لأزواجهن ما يحاولنه منهم أشد من جرأة الأولاد .
والقصر المستفاد من ( إنما ) قصر موصوف على صفة ، أي ليست أموالكم وأولادكم إلا فتنة . وهو قصر ادعائي للمبالغة في كثرة ملازمة هذه الصفة للموصوف إذ يندر أن تخلو أفراد هذين النوعين ، وهما أموال المسلمين وأولادهم عن الاتصاف بالفتنة لمن يتلبس بهما .
والإخبار ب (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15فتنة ) للمبالغة . والمراد : أنهم سبب فتنة سواء سعوا في فعل الفتن أم لم يسعوا . فإن الشغل بالمال والعناية بالأولاد فيه فتنة .
ففي هذه الآية من خصوصيات علم المعاني التذييل والإدماج ، وكلاهما من الإطناب ، والاكتفاء وهو من الإيجاز ، وفيها الإخبار بالمصدر وهو (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15فتنة ) ، والإخبار به من المبالغة فهذه أربعة من المحسنات البديعية ، وفيها القصر ، وفيها التعليل ، وهو من خصوصيات الفصل ، وقد يعد من محسنات البديع أيضا فتلك ست خصوصيات .
وفصلت هذه الجملة عن التي قبلها لأنها اشتملت على التذييل والتعليل وكلاهما من مقتضيات الفصل .
والفتنة : اضطراب النفس وحيرتها من جراء أحوال لا تلائم من عرضت له ، وتقدم عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=191والفتنة أشد من القتل في سورة البقرة .
أخرج
أبو داود عن
بريدة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002664إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب يوم الجمعة حتى جاء الحسن والحسين يعثران ويقومان فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المنبر فأخذهما وجذبهما ثم قرأ nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15إنما أموالكم وأولادكم فتنة . وقال رأيت هذين فلم أصبر ، ثم أخذ في خطبته .
وذكر
ابن عطية : أن
عمر قال
لحذيفة : كيف أصبحت فقال : أصبحت أحب الفتنة وأكره الحق . فقال
عمر : ما هذا ؟ فقال : أحب ولدي وأكره الموت .
[ ص: 287 ] وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15والله عنده أجر عظيم عطف على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15إنما أموالكم وأولادكم فتنة لأن قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15عنده أجر عظيم كناية عن الجزاء عن تلك الفتنة لمن يصابر نفسه على مراجعة ما تسوله من الانحراف عن مرضاة الله إن كان في ذلك تسويل . والأجر العظيم على إعطاء حق المال والرأفة بالأولاد ، أي والله يؤجركم عليها . لقول النبيء - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002665nindex.php?page=treesubj&link=33302_30507من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له سترا من النار . وفي حديث آخر
إن الصبر على سوء خلق الزوجة عبادة .
والأحاديث كثيرة في هذا المعنى منها ما رواه
حذيفة nindex.php?page=hadith&LINKID=2002667فتنة الرجل في أهله وماله تكفرها الصلاة والصدقة .
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=29035_30200_32944_30196إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ .
تَذْيِيلٌ لِأَنَّ فِيهِ تَعْمِيمَ أَحْوَالِ الْأَوْلَادِ بَعْدَ أَنْ ذُكِرَ حَالٌ خَاصٌّ بِبَعْضِهِمْ .
وَأُدْمِجَ فِيهِ الْأَمْوَالُ لِأَنَّهَا لَمْ يَشْمَلْهَا طَلَبُ الْحَذَرِ وَلَا وَصْفُ الْعَدَاوَةِ . وَقُدِّمَ ذِكْرُ الْأَمْوَالِ عَلَى الْأَوْلَادِ لِأَنَّ الْأَمْوَالَ لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُهَا بِخِلَافِ الْأَوْلَادِ .
وَوَجْهُ إِدْمَاجِ الْأَمْوَالِ هُنَا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا قَدْ أُصِيبُوا فِي أَمْوَالِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَغَلَبُوهُمْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَلَمْ تُذْكَرِ الْأَمْوَالُ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ لِأَنَّ الْغَرَضَ هُوَ التَّحْذِيرُ مِنْ أَشَدِّ الْأَشْيَاءِ اتِّصَالًا بِهِمْ وَهِيَ أَزْوَاجُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ . وَلِأَنَّ فِتْنَةَ هَؤُلَاءِ مُضَاعَفَةٌ لِأَنَّ الدَّاعِي إِلَيْهَا يَكُونُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِنْ مَسَاعِيَ الْآخَرِينَ وَتَسْوِيلِهِمْ . وَجُرِّدَ عَنْ ذِكْرِ
[ ص: 286 ] الْأَزْوَاجِ هُنَا اكْتِفَاءً لِدَلَالَةِ فِتْنَةِ الْأَوْلَادِ عَلَيْهِنَّ بِدَلَالَةِ فَحْوَى الْخِطَابِ ، فَإِنَّ فِتْنَتَهُنَّ أَشَدُّ مِنْ فِتْنَةِ الْأَوْلَادِ لِأَنَّ جُرْأَتَهُنَّ عَلَى التَّسْوِيلِ لِأَزْوَاجِهِنَّ مَا يُحَاوِلْنَهُ مِنْهُمْ أَشَدُّ مِنْ جُرْأَةِ الْأَوْلَادِ .
وَالْقَصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ ( إِنَّمَا ) قَصْرُ مَوْصُوفٍ عَلَى صِفَةٍ ، أَيْ لَيْسَتْ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ إِلَّا فِتْنَةً . وَهُوَ قَصْرٌ ادِّعَائِيٌّ لِلْمُبَالَغَةِ فِي كَثْرَةِ مُلَازَمَةِ هَذِهِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ إِذْ يَنْدُرُ أَنْ تَخْلُوَ أَفْرَادُ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ ، وَهُمَا أَمْوَالُ الْمُسْلِمِينَ وَأَوْلَادُهُمْ عَنِ الِاتِّصَافِ بِالْفِتْنَةِ لِمَنْ يَتَلَبَّسُ بِهِمَا .
وَالْإِخْبَارُ بِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15فِتْنَةٌ ) لِلْمُبَالَغَةِ . وَالْمُرَادُ : أَنَّهُمْ سَبَبُ فِتْنَةٍ سَوَاءً سَعَوْا فِي فِعْلِ الْفَتْنِ أَمْ لَمْ يَسْعَوْا . فَإِنَّ الشُّغْلَ بِالْمَالِ وَالْعِنَايَةَ بِالْأَوْلَادِ فِيهِ فِتْنَةٌ .
فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ عِلْمِ الْمَعَانِي التَّذْيِيلُ وَالْإِدْمَاجُ ، وَكِلَاهُمَا مِنَ الْإِطْنَابِ ، وَالِاكْتِفَاءُ وَهُوَ مِنَ الْإِيجَازِ ، وَفِيهَا الْإِخْبَارُ بِالْمَصْدَرِ وَهُوَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15فِتْنَةٌ ) ، وَالْإِخْبَارُ بِهِ مِنَ الْمُبَالَغَةِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمُحَسِّنَاتِ الْبَدِيعِيَّةِ ، وَفِيهَا الْقَصْرُ ، وَفِيهَا التَّعْلِيلُ ، وَهُوَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ الْفَصْلِ ، وَقَدْ يُعَدُّ مِنْ مُحَسِّنَاتِ الْبَدِيعِ أَيْضًا فَتِلْكَ سِتُّ خُصُوصِيَّاتٍ .
وَفُصِلَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ عَنِ الَّتِي قَبْلَهَا لِأَنَّهَا اشْتَمَلَتْ عَلَى التَّذْيِيلِ وَالتَّعْلِيلِ وَكِلَاهُمَا مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْفَصْلِ .
وَالْفِتْنَةُ : اضْطِرَابُ النَّفْسِ وَحِيرَتُهَا مِنْ جَرَّاءِ أَحْوَالٍ لَا تُلَائِمُ مَنْ عَرَضَتْ لَهُ ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=191وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
أَخْرَجَ
أَبُو دَاوُدَ عَنْ
بُرَيْدَةَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002664إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى جَاءَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ يَعْثُرَانِ وَيَقُومَانِ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْمِنْبَرِ فَأَخَذَهُمَا وَجَذَبَهُمَا ثُمَّ قَرَأَ nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ . وَقَالَ رَأَيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أَصْبِرْ ، ثُمَّ أَخَذَ فِي خُطْبَتِهِ .
وَذَكَرَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : أَنَّ
عُمَرَ قَالَ
لِحُذَيْفَةَ : كَيْفَ أَصْبَحْتَ فَقَالَ : أَصْبَحْتُ أُحِبُّ الْفِتْنَةَ وَأَكْرَهُ الْحَقَّ . فَقَالَ
عُمَرُ : مَا هَذَا ؟ فَقَالَ : أُحِبُّ وَلَدِي وَأَكْرَهُ الْمَوْتَ .
[ ص: 287 ] وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ كِنَايَةٌ عَنِ الْجَزَاءِ عَنْ تِلْكَ الْفِتْنَةِ لِمَنْ يُصَابِرُ نَفْسَهُ عَلَى مُرَاجَعَةِ مَا تُسَوِّلُهُ مِنَ الِانْحِرَافِ عَنْ مَرْضَاةِ اللَّهِ إِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ تَسْوِيلٌ . وَالْأَجْرُ الْعَظِيمُ عَلَى إِعْطَاءِ حَقِّ الْمَالِ وَالرَّأْفَةِ بِالْأَوْلَادِ ، أَيْ وَاللَّهُ يَؤْجُرُكُمْ عَلَيْهَا . لِقَوْلِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002665nindex.php?page=treesubj&link=33302_30507مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ . وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ
إِنَّ الصَّبْرَ عَلَى سُوءِ خُلُقِ الزَّوْجَةِ عِبَادَةٌ .
وَالْأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى مِنْهَا مَا رَوَاهُ
حُذَيْفَةُ nindex.php?page=hadith&LINKID=2002667فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ .