[ ص: 56 ] nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=14nindex.php?page=treesubj&link=29013_28827_28826وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم
عطف على جملة ولا تتفرقوا فيه وما بينهما اعتراض كما علمت ، وفي الكلام حذف يدل عليه قوله : وما تفرقوا تقديره : فتفرقوا . وضمير ( تفرقوا ) عائد إلى ما عاد إليه ضمير
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا وهم أمم الرسل المذكورين ، أي أوصيناهم بواسطة رسلهم بأن يقيموا الدين . دل على تقديره ما في فعل ( وصى ) من معنى التبليغ كما تقدم .
والعلم : إدراك العقل جزما أو ظنا .
ومجيء العلم إليهم يؤذن بأن رسلهم بينوا لهم مضار التفرق من عهد
نوح كما حكى الله عنه في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=8ثم إني دعوتهم جهارا ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=20سبلا فجاجا في سورة نوح . وإنما تلقى ذلك العلم علماؤهم .
ويجوز أن يكون المراد بالعلم سبب العلم ، أي إلا من بعد مجيء النبيء صلى الله عليه وسلم بصفاته الموافقة لما في كتابهم فتفرقوا في اختلاق المطاعن والمعاذير الباطلة لينفوا مطابقة الصفات ، فيكون كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=4وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة على أحد تفسيرين .
والمعنى : وما تفرقت أممهم في أديانهم إلا من بعد ما جاءهم العلم على لسان رسلهم من النهي عن
nindex.php?page=treesubj&link=28827التفرق في الدين مع بيانهم لهم مفاسد التفرق وأضراره ، أي أنهم تفرقوا عالمين بمفاسد التفرق غير معذورين بالجهل . وهذا كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=4وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة على التفسير الآخر .
وذكر سبب تفرقهم بقوله : بغيا بينهم أي تفرقوا لأجل العداوة بينهم ، أي بين المتفرقين ، أي لم يحافظوا على وصايا الرسل .
وهذا تعريض بالمشركين في إعراضهم عن دعوة الإسلام لعداوتهم للمؤمنين .
[ ص: 57 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=14ولولا كلمة سبقت من ربك إلخ تحذير للمؤمنين من مثل ذلك الاختلاف . وتنكير ( كلمة ) للتنويع لأن لكل فريق من المتفرقين في الدين كلمة من الله في تأجيلهم فهو على حد قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7وعلى أبصارهم غشاوة . وتنكير ( أجل ) أيضا للتنويع ؛ لأن لكل أمة من المتفرقين أجلا مسمى ، فهي آجال متفاوتة في الطول والقصر ومختلفة بالأزمنة والأمكنة .
والمراد بالكلمة ما أراده الله من إمهالهم وتأخير مؤاخذتهم إلى أجل لهم اقتضته حكمته في نظام هذا العالم ، فربما أخرهم ثم عذبهم في الدنيا ، وربما أخرهم إلى عذاب الآخرة ، وكل ذلك يدخل في الأجل المسمى ، ولكل ذلك كلمته . فالكلمة هنا مستعارة للإرادة والتقدير . وسبقها تقدمها من قبل وقت تفرقهم وذلك سبق علم الله بها وإرادته إياها على وقت علمه وقدره ، وقد تقدم نظير هذه الكلمة في سورة هود وفي سورة طه .
[ ص: 56 ] nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=14nindex.php?page=treesubj&link=29013_28827_28826وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ كَمَا عَلِمْتَ ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ : وَمَا تَفَرَّقُوا تَقْدِيرُهُ : فَتَفَرَّقُوا . وَضَمِيرُ ( تَفَرَّقُوا ) عَائِدٌ إِلَى مَا عَادَ إِلَيْهِ ضَمِيرٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا وَهُمْ أُمَمُ الرُّسُلِ الْمَذْكُورِينَ ، أَيْ أَوْصَيْنَاهُمْ بِوَاسِطَةِ رُسُلِهِمْ بِأَنْ يُقِيمُوا الدِّينَ . دَلَّ عَلَى تَقْدِيرِهِ مَا فِي فِعْلِ ( وَصَّى ) مِنْ مَعْنَى التَّبْلِيغِ كَمَا تَقَدَّمَ .
وَالْعِلْمُ : إِدْرَاكُ الْعَقْلِ جَزْمًا أَوْ ظَنًّا .
وَمَجِيءُ الْعِلْمِ إِلَيْهِمْ يُؤْذِنُ بِأَنَّ رُسُلَهُمْ بَيَّنُوا لَهُمْ مَضَارَّ التَّفَرُّقِ مِنْ عَهْدِ
نُوحٍ كَمَا حَكَى اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=8ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=20سُبُلًا فِجَاجًا فِي سُورَةِ نُوحٍ . وَإِنَّمَا تَلَّقَى ذَلِكَ الْعِلْمَ عُلَمَاؤُهُمْ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْعِلْمِ سَبَبُ الْعِلْمِ ، أَيْ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَجِيءِ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِفَاتِهِ الْمُوَافِقَةِ لِمَا فِي كِتَابِهِمْ فَتَفَرَّقُوا فِي اخْتِلَاقِ الْمَطَاعِنِ وَالْمَعَاذِيرِ الْبَاطِلَةِ لِيَنْفُوا مُطَابَقَةِ الصِّفَاتِ ، فَيَكُونَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=4وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَحَدِ تَفْسِيرَيْنِ .
وَالْمَعْنَى : وَمَا تَفَرَّقَتْ أُمَمُهُمْ فِي أَدْيَانِهِمْ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ عَلَى لِسَانِ رُسُلِهِمْ مِنَ النَّهْيِ عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=28827التَّفَرُّقِ فِي الدِّينِ مَعَ بَيَانِهِمْ لَهُمْ مَفَاسِدِ التَّفَرُّقِ وَأَضْرَارِهِ ، أَيْ أَنَّهُمْ تَفَرَّقُوا عَالِمَيْنِ بِمَفَاسِدِ التَّفَرُّقِ غَيْرَ مَعْذُورِينَ بِالْجَهْلِ . وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=4وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ عَلَى التَّفْسِيرِ الْآخَرِ .
وَذَكَرَ سَبَبَ تَفَرُّقِهِمْ بَقَوْلِهِ : بَغْيًا بَيْنَهُمْ أَيْ تَفَرَّقُوا لِأَجْلِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمْ ، أَيْ بَيْنِ الْمُتَفَرِّقِينَ ، أَيْ لَمْ يُحَافِظُوا عَلَى وَصَايَا الرُّسُلِ .
وَهَذَا تَعْرِيضٌ بِالْمُشْرِكِينَ فِي إِعْرَاضِهِمْ عَنْ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ لِعَدَاوَتِهِمْ لِلْمُؤْمِنِينَ .
[ ص: 57 ] وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=14وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَخْ تَحْذِيرٌ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ الِاخْتِلَافِ . وَتَنْكِيرُ ( كَلِمَةٌ ) لِلتَّنْوِيعِ لِأَنَّ لِكُلِّ فَرِيقٍ مِنَ الْمُتَفَرِّقِينَ فِي الدِّينِ كَلِمَةً مِنَ اللَّهِ فِي تَأْجِيلِهِمْ فَهُوَ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ . وَتَنْكِيرُ ( أَجَلٍ ) أَيْضًا لِلتَّنْوِيعِ ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ مِنَ الْمُتَفَرِّقِينَ أَجَلًا مُسَمًّى ، فَهِيَ آجَالٌ مُتَفَاوِتَةٌ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ وَمُخْتَلِفَةٌ بِالْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ .
وَالْمُرَادُ بِالْكَلِمَةِ مَا أَرَادَهُ اللَّهُ مِنْ إِمْهَالِهِمْ وَتَأْخِيرِ مُؤَاخَذَتِهِمْ إِلَى أَجَلٍ لَهُمُ اقْتَضَتْهُ حِكْمَتُهُ فِي نِظَامِ هَذَا الْعَالَمِ ، فَرُبَّمَا أَخَّرَهُمْ ثُمَّ عَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا ، وَرُبَّمَا أَخَّرَهُمْ إِلَى عَذَابِ الْآخِرَةِ ، وَكُلُّ ذَلِكَ يَدْخُلُ فِي الْأَجَلِ الْمُسَمَّى ، وَلِكُلِّ ذَلِكَ كَلِمَتُهُ . فَالْكَلِمَةُ هُنَا مُسْتَعَارَةٌ لِلْإِرَادَةِ وَالتَّقْدِيرِ . وَسَبْقُهَا تَقَدُّمُهَا مِنْ قَبْلِ وَقْتِ تَفَرُّقِهِمْ وَذَلِكَ سَبْقُ عِلْمِ اللَّهِ بِهَا وَإِرَادَتِهِ إِيَّاهَا عَلَى وَقْتٍ عَلِمَهُ وَقَدَّرَهُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِي سُورَةِ هُودٍ وَفِي سُورَةِ طه .