nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44nindex.php?page=treesubj&link=29012_30532_18630_29558قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد .
هذا جواب تضمنه قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=43ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك ، أي ما يقال من الطعن في القرآن ، فجوابه : أن ذلك الذكر أو الكتاب للذين آمنوا هدى وشفاء ، أي أن تلك الخصال العظيمة للقرآن حرمهم كفرهم الانتفاع بها وانتفع بها المؤمنون فكان لهم هديا وشفاء . وهذا ناظر إلى ما حكاه عنهم من قولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ، فهو إلزام لهم بحكم على أنفسهم .
وحقيقة الشفاء : زوال المرض وهو مستعار هنا للبصارة بالحقائق وانكشاف الالتباس من النفس كما يزول المرض عند حصول الشفاء ، يقال : شفيت نفسه ، إذا زال حرجه ، قال
قيس بن زهير :
شفيت النفس من حمل بن بدر وسيفي من حذيفة قد شفاني
ونظيره قولهم : شفي غليله ، وبرد غليله ، فإن الكفر كالداء في النفس لأنه يوقع في العذاب ويبعث على السيئات .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44والذين لا يؤمنون إلخ معطوفة على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44هو للذين آمنوا هدى فهي مستأنفة استئنافا ابتدائيا ، أي وأما الذين لا يؤمنون فلا تتخلل آياته نفوسهم ؛ لأنهم كمن في آذانهم وقر دون سماعه ، وهو ما تقدم في حكاية قولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5وفي آذاننا وقر ، ولهذا الاعتبار كان معنى الجملة متعلقا بأحوال القرآن مع الفريق غير المؤمن من غير تكلف لتقدير جعل الجملة خبرا عن القرآن .
[ ص: 316 ] ويجوز أن تكون الجملة خبرا ثانيا عن ضمير الذكر ، أي القرآن ، فتكون من مقول القول وكذلك جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44وهو عليهم عمى ، والإخبار عنه بـ ( وقر ، وعمى ) تشبيه بليغ ووجه الشبه هو عدم الانتفاع به مع سماع ألفاظه ، والوقر : داء فمقابلته بالشفاء من محسن الطباق .
وضمير
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44وهو عليهم عمى يتبادر أنه عائد إلى الذكر أو الكتاب كما عاد ضمير
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44هو للذين آمنوا هدى ، والعمى : عدم البصر ، وهو مستعار هنا لضد الاهتداء فمقابلته بالهدى فيها محسن الطباق .
والإسناد إلى القرآن على هذا الوجه في معاد الضمير بأنه عليهم عمى من الإسناد المجازي ؛ لأن عنادهم في قبوله كان سببا لضلالهم فكان القرآن سبب سبب ، كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=125وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم .
ويجوز أن يكون ضمير ( وهو ) ضمير شأن تنبيها على فظاعة ضلالهم .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44عليهم عمى خبر ضمير الشأن ، أي وأعظم من الوقر أن عليهم عمى ، أي على أبصارهم عمى كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7وعلى أبصارهم غشاوة .
وإنما علق العمى بالكون على ذواتهم ؛ لأنه لما كان عمى مجازيا تعين أن مصيبته على أنفسهم كلها لا على أبصارهم خاصة فإن عمى البصائر أشد ضرا من عمى الأبصار كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=46فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44أولئك ينادون من مكان بعيد خبر ثالث عن الذين لا يؤمنون ، والكلام تمثيل لحال إعراضهم عن الدعوة عند سماعها بحال من ينادى من مكان بعيد لا يبلغ إليه في مثله صوت المنادي على نحو قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=171ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع كما تقدم في سورة البقرة . وتقول العرب لمن لا يفهم : أنت تنادى من مكان بعيد .
والإشارة بـ ( أولئك ) إلى الذين لا يؤمنون لقصد التنبيه على أن المشار
[ ص: 317 ] إليهم بعد تلك الأوصاف أحرياء بما سيذكر بعدها من الحكم من أجلها نظير
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5أولئك على هدى من ربهم .
ويتعلق من مكان بعيد بـ ( ينادون ) ، وإذا كان النداء من مكان بعيد كان المنادى بالفتح في مكان بعيد لا محالة كما تقدم في تعلق من الأرض بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=25ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض أي دعاكم من مكانكم في الأرض ، وبذلك يجوز أن يكون من مكان بعيد ظرفا مستقرا في موضع الحال من ضمير ( ينادون ) وذلك غير متأت في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=25إذا دعاكم دعوة من الأرض .
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44nindex.php?page=treesubj&link=29012_30532_18630_29558قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهْوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ .
هَذَا جَوَابٌ تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=43مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ ، أَيْ مَا يُقَالُ مِنَ الطَّعْنِ فِي الْقُرْآنِ ، فَجَوَابُهُ : أَنَّ ذَلِكَ الذِّكْرَ أَوِ الْكِتَابَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ، أَيْ أَنَّ تِلْكَ الْخِصَالَ الْعَظِيمَةَ لِلْقُرْآنِ حَرَمَهُمْ كُفْرُهُمُ الِانْتِفَاعَ بِهَا وَانْتَفَعَ بِهَا الْمُؤْمِنُونَ فَكَانَ لَهُمْ هَدْيًا وَشِفَاءً . وَهَذَا نَاظِرٌ إِلَى مَا حَكَاهُ عَنْهُمْ مِنْ قَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ ، فَهُوَ إِلْزَامٌ لَهُمْ بِحُكْمٍ عَلَى أَنْفُسِهِمْ .
وَحَقِيقَةُ الشِّفَاءِ : زَوَالُ الْمَرَضِ وَهُوَ مُسْتَعَارٌ هُنَا لِلْبَصَارَةِ بِالْحَقَائِقِ وَانْكِشَافِ الِالْتِبَاسِ مِنَ النَّفْسِ كَمَا يَزُولُ الْمَرَضُ عِنْدَ حُصُولِ الشِّفَاءِ ، يُقَالُ : شُفِيَتْ نَفْسُهُ ، إِذَا زَالَ حَرَجُهُ ، قَالَ
قَيْسُ بْنُ زُهَيْرٍ :
شَفَيْتُ النَّفْسَ مِنْ حَمَلِ بْنِ بَدْرٍ وَسَيْفِي مِنْ حُذَيْفَةَ قَدْ شَفَانِي
وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُمْ : شُفِيَ غَلِيلُهُ ، وَبُرِدَ غَلِيلُهُ ، فَإِنَّ الْكُفْرَ كَالدَّاءِ فِي النَّفْسِ لِأَنَّهُ يُوقِعُ فِي الْعَذَابِ وَيَبْعَثُ عَلَى السَّيِّئَاتِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ إِلَخْ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى فَهِيَ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا ابْتِدَائِيًّا ، أَيْ وَأَمَّا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فَلَا تَتَخَلَّلُ آيَاتُهُ نُفُوسَهُمْ ؛ لِأَنَّهُمْ كَمَنْ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ دُونَ سَمَاعِهِ ، وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي حِكَايَةِ قَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ ، وَلِهَذَا الِاعْتِبَارِ كَانَ مَعْنَى الْجُمْلَةِ مُتَعَلِّقًا بِأَحْوَالِ الْقُرْآنِ مَعَ الْفَرِيقِ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ لِتَقْدِيرِ جَعْلِ الْجُمْلَةِ خَبَرًا عَنِ الْقُرْآنِ .
[ ص: 316 ] وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ خَبَرًا ثَانِيًا عَنْ ضَمِيرِ الذِّكْرِ ، أَيِ الْقُرْآنِ ، فَتَكُونُ مِنْ مَقُولِ الْقَوْلِ وَكَذَلِكَ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ، وَالْإِخْبَارُ عَنْهُ بِـ ( وَقْرٌ ، وَعَمًى ) تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ وَوَجْهُ الشَّبَهِ هُوَ عَدَمُ الِانْتِفَاعِ بِهِ مَعَ سَمَاعِ أَلْفَاظِهِ ، وَالْوَقْرُ : دَاءٌ فَمُقَابَلَتُهُ بِالشِّفَاءِ مِنْ مُحَسِّنِ الطِّبَاقِ .
وَضَمِيرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى يَتَبَادَرُ أَنَّهُ عَائِدٌ إِلَى الذِّكْرِ أَوِ الْكِتَابِ كَمَا عَادَ ضَمِيرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى ، وَالْعَمَى : عَدَمُ الْبَصَرِ ، وَهُوَ مُسْتَعَارٌ هُنَا لِضِدِّ الِاهْتِدَاءِ فَمُقَابَلَتُهُ بِالْهُدَى فِيهَا مُحَسِّنُ الطِّبَاقِ .
وَالْإِسْنَادُ إِلَى الْقُرْآنِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي مُعَادِ الضَّمِيرِ بِأَنَّهُ عَلَيْهِمْ عَمًى مِنَ الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ ؛ لِأَنَّ عِنَادَهُمْ فِي قَبُولِهِ كَانَ سَبَبًا لِضَلَالِهِمْ فَكَانَ الْقُرْآنُ سَبَبَ سَبَبٍ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=125وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ ( وَهُوَ ) ضَمِيرَ شَأْنٍ تَنْبِيهًا عَلَى فَظَاعَةِ ضَلَالِهِمْ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44عَلَيْهِمْ عَمًى خَبَرَ ضَمِيرِ الشَّأْنِ ، أَيْ وَأَعْظَمُ مِنَ الْوَقْرِ أَنَّ عَلَيْهِمْ عَمًى ، أَيْ عَلَى أَبْصَارِهِمْ عَمًى كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ .
وَإِنَّمَا عَلَّقَ الْعَمَى بِالْكَوْنِ عَلَى ذَوَاتِهِمْ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَمًى مُجَازِيًا تَعَيَّنَ أَنَّ مُصِيبَتَهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ كُلِّهَا لَا عَلَى أَبْصَارِهِمْ خَاصَّةً فَإِنَّ عَمَى الْبَصَائِرِ أَشَدُّ ضُرًّا مِنْ عَمَى الْأَبْصَارِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=46فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ خَبَرٌ ثَالِثٌ عَنِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ، وَالْكَلَامُ تَمْثِيلٌ لِحَالِ إِعْرَاضِهِمْ عَنِ الدَّعْوَةِ عِنْدَ سَمَاعِهَا بِحَالِ مَنْ يُنَادَى مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ لَا يَبْلُغُ إِلَيْهِ فِي مِثْلِهِ صَوْتُ الْمُنَادِي عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=171وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ . وَتَقُولُ الْعَرَبُ لِمَنْ لَا يَفْهَمُ : أَنْتَ تُنَادَى مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ .
وَالْإِشَارَةُ بِـ ( أُولَئِكَ ) إِلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ لِقَصْدِ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْمُشَارَ
[ ص: 317 ] إِلَيْهِمْ بَعْدَ تِلْكَ الْأَوْصَافِ أَحْرِيَاءُ بِمَا سَيُذْكَرُ بَعْدَهَا مِنَ الْحِكَمِ مِنْ أَجْلِهَا نَظِيرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ .
وَيَتَعَلَّقُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ بِـ ( يُنَادَوْنَ ) ، وَإِذَا كَانَ النِّدَاءُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ كَانَ الْمُنَادَى بِالْفَتْحِ فِي مَكَانٍ بَعِيدٍ لَا مَحَالَةَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَعَلُّقِ مِنَ الْأَرْضِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=25ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ أَيْ دَعَاكُمْ مِنْ مَكَانِكُمْ فِي الْأَرْضِ ، وَبِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ظَرْفًا مُسْتَقِرًّا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ ( يُنَادَوْنَ ) وَذَلِكَ غَيْرُ مُتَأَتٍّ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=25إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ .