nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=86nindex.php?page=treesubj&link=29009قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=87إن هو إلا ذكر للعالمين nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=88ولتعلمن نبأه بعد حين لما أمر الله رسوله بإبلاغ المواعظ والعبر التي تضمنتها هذه السورة أمره عند انتهائها أن يقرع أسماعهم بهذا الكلام الذي هو كالفذلكة للسورة تنهية لها وتسجيلا عليهم أنه ما جاءهم إلا بما ينفعهم وليس طالبا من ذلك جزاء ، أي : لو سألهم عليه أجرا لراج اتهامهم إياه بالكذب لنفع نفسه ، فلما انتفى ذلك وجب أن ينتفي توهم اتهامه بالكذب لأن وازع العقل يصرف صاحبه عن أن يكذب لغير نفع يرجوه لنفسه .
والمعنى عموم نفي سؤاله الأجر منهم من يوم بعث إلى وقت نزول هذه الآية وهو قياس استقراء لأنهم إذا استقروا أحوال الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما مضى وجدوا انتفاء سؤاله أجرا أمرا عاما بالاستقراء التام الحاصل من جميع أفراد المشركين في جميع مخالطاتهم إياه ، فهو أمر متواتر بينهم ؛ فهذا إبطال لقولهم " كذاب " المحكي عنهم في أول السورة وإقامة الحجة على صدق رسالته كما سيجيء .
وضمير عليه عائد إلى القرآن المعلوم من المقام فإن مبدأ السورة قوله " والقرآن ذي الذكر " فهذا من رد العجز على الصدر .
وعطف
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=86وما أنا من المتكلفين أفاد
nindex.php?page=treesubj&link=30963انتفاء جميع التكلف عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - .
والتكلف : معالجة الكلفة ، وهي ما يشق على المرء عمله والتزامه لكونه يحرجه
[ ص: 309 ] أو يشق عليه ، ومادة التفعل تدل على معالجة ما ليس بسهل ، فالمتكلف هو الذي يتطلب ما ليس له أو يدعي علم ما لا يعلمه .
فالمعنى هنا : ما أنا بمدع النبوءة باطلا من غير أن يوحى إلي وهو رد لقولهم : " كذاب " وبذلك كان كالنتيجة لقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=86ما أسألكم عليه من أجر لأن المتكلف شيئا إنما يطلب من تكلفه نفعا ، فالمعنى : وما أنا ممن يدعون ما ليس لهم . ومنه حديث
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002248خرج رسول الله في بعض أسفاره فمر على رجل جالس عند مقراة له " أي : حوض ماء " فقال عمر : يا صاحب المقراة أولغت السباع الليلة في مقراتك ؟ فقال له النبيء - صلى الله عليه وسلم - يا صاحب المقراة لا تخبره ، هذا متكلف ; لها ما حملت في بطونها ولنا ما بقي شراب وطهور ، وفي الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه قال " يأيها الناس من علم منكم علما فليقل به ومن لم يعلم فليقل : الله أعلم ، قال الله لرسوله
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=86قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين .
وأخذ من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=86وما أنا من المتكلفين أن ما جاء به من الدين لا تكلف فيه ، أي : لا مشقة في تكاليفه وهو معنى سماحة الإسلام ، وهذا استرواح مبني على أن من حكمة الله أن يجعل بين طبع الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبين روح شريعته تناسبا ليكون إقباله على تنفيذ شرعه بشراشره لأن ذلك أنفى للحرج عنه في القيام بتنفيذ ما أمر به .
وتركيب ما أنا من المتكلفين أشد في نفي التكلف من أن يقول : ما أنا بمتكلف ، كما تقدم بيانه عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=67قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين في سورة البقرة .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=87إن هو إلا ذكر للعالمين بدل اشتمال من جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=86وما أنا من المتكلفين اشتمال نفي الشيء على ثبوت ضده ، فلما نفى بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=86وما أنا من المتكلفين أن يكون تقول القرآن على الله ، ثبت من ذلك أن
nindex.php?page=treesubj&link=28424_29568القرآن ذكر للناس ذكرهم الله به ، أي : ليس هو بالأساطير أو الترهات . ولك أن تجعلها تذييلا إذ لا منافاة بينهما هنا . وهذا الإخبار عن موقع القرآن لدى جميع أمة الدعوة لا خصوص المشركين الذين كان في مجادلتهم لأنه لما ثبت أن النبيء - صلى الله عليه وسلم -
[ ص: 310 ] لا يرجو من معانديه أجرا . وثبت بذلك أنه ليس بمتقول ما لم يوح إليه ؛ انتقل إلى إثبات أن القرآن ذكر للناس قاطبة فيدخل في ذلك مشركو أهل
مكة وغيرهم من الناس ، فكأنه قيل : يستغني الله عنكم بأقوام آخرين كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7إن تكفروا فإن الله غني عنكم .
وعموم العالمين يكسب الجملة معنى التذييل للجملتين قبلها .
والقصر الذي اشتملت عليه جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=87إن هو إلا ذكر للعالمين قصر قلب إضافي ، أي : هو ذكر لا أساطير ولا سحر ولا شعر ولا غير ذلك للرد على المشركين ما وسموا به القرآن من غير صفاته الحقيقية .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=88ولتعلمن نبأه بعد حين عطف على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=87إن هو إلا ذكر للعالمين باعتبار ما يشتمل عليه القصر من جانب الإثبات ، أي : وستعلمون خبر هذا القرآن بعد زمان علما جزما فيزول شككم فيه ، فالكلام إخبار عن المستقبل كما هو مقتضى وجود نون التوكيد .
والنبأ : الخبر ، وأصل الخبر : الصدق ، أي : الموافقة للواقع ، فإذا قيل : أتاني نبأ كذا ، فمعناه : الخبر عن حاله في الواقع ، فإضافة النبأ إلى ما يضاف إليه على معنى اللام إذ معنى اللام هو أصل معاني الإضافة ، قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=21وهل أتاك نبأ الخصم أي : ستعلمون صدق وصف هذا القرآن أنه الحق ، وهذا كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=53سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق وفسر النبأ بمعنى المفعول ، أي : ما أنبأ به القرآن من إنذاركم بالعذاب ، فهو تهديد . وكلا الاحتمالين واقع فإن من المخاطبين من عجل له عذاب السيف يوم
بدر ، وبقيتهم رأوا ذلك رأي العين منهم من علموا دخول الناس في الإسلام فماتوا بغيظهم ومنهم من شاهدوا فتح
مكة وآمنوا ، أو رأوا قبائل العرب تدخل في الدين أفواجا فعلموا نبأ صدق القرآن وما وعد به بعد حين فازدادوا إيمانا .
وحين كل فريق ما مضى عليه من زمن بين هذا الخطاب وبين تحقق الصدق .
والحين : الزمن من ساعة إلى أربعين سنة . فختم الكلام بتسجيل التبليغ وأن فائدة ما أبلغهم لهم لا للنبيء - صلى الله عليه وسلم - وختم بالمواعدة لوقت يقينهم بنبيئه ، وهذا مؤذن بانتهاء الكلام ومراعاة حسن الختام .
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=86nindex.php?page=treesubj&link=29009قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=87إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=88وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ بِإِبْلَاغِ الْمَوَاعِظِ وَالْعِبَرِ الَّتِي تَضَمَّنَتْهَا هَذِهِ السُّورَةُ أَمَرَهُ عِنْدَ انْتِهَائِهَا أَنْ يَقْرَعَ أَسْمَاعَهُمْ بِهَذَا الْكَلَامِ الَّذِي هُوَ كَالْفَذْلَكَةِ لِلسُّورَةِ تَنْهِيَةً لَهَا وَتَسْجِيلًا عَلَيْهِمْ أَنَّهُ مَا جَاءَهُمْ إِلَّا بِمَا يَنْفَعُهُمْ وَلَيْسَ طَالِبًا مِنْ ذَلِكَ جَزَاءً ، أَيْ : لَوْ سَأَلَهُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا لَرَاجَ اتِّهَامُهُمْ إِيَّاهُ بِالْكَذِبِ لِنَفْعِ نَفْسِهِ ، فَلَمَّا انْتَفَى ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَنْتَفِيَ تَوَهُّمُ اتِّهَامِهِ بِالْكَذِبِ لِأَنَّ وَازِعَ الْعَقْلِ يَصْرِفُ صَاحِبَهُ عَنْ أَنْ يَكْذِبَ لِغَيْرِ نَفْعٍ يَرْجُوهُ لِنَفْسِهِ .
وَالْمَعْنَى عُمُومُ نَفْيِ سُؤَالِهِ الْأَجْرَ مِنْهُمْ مِنْ يَوْمِ بُعِثَ إِلَى وَقْتِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ وَهُوَ قِيَاسُ اسْتِقْرَاءٍ لِأَنَّهُمْ إِذَا اسْتَقْرَوْا أَحْوَالَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا مَضَى وَجَدُوا انْتِفَاءَ سُؤَالِهِ أَجْرًا أَمْرًا عَامًّا بِالِاسْتِقْرَاءِ التَّامِّ الْحَاصِلِ مِنْ جَمِيعِ أَفْرَادِ الْمُشْرِكِينَ فِي جَمِيعِ مُخَالَطَاتِهِمْ إِيَّاهُ ، فَهُوَ أَمْرٌ مُتَوَاتِرٌ بَيْنَهُمْ ؛ فَهَذَا إِبْطَالٌ لِقَوْلِهِمْ " كَذَّابٌ " الْمَحْكِيُّ عَنْهُمْ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ وَإِقَامَةُ الْحُجَّةِ عَلَى صِدْقِ رِسَالَتِهِ كَمَا سَيَجِيءُ .
وَضَمِيرُ عَلَيْهِ عَائِدٌ إِلَى الْقُرْآنِ الْمَعْلُومِ مِنَ الْمَقَامِ فَإِنَّ مَبْدَأَ السُّورَةِ قَوْلُهُ " وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ " فَهَذَا مِنْ رَدِّ الْعَجُزِ عَلَى الصَّدْرِ .
وَعَطْفُ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=86وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ أَفَادَ
nindex.php?page=treesubj&link=30963انْتِفَاءَ جَمِيعِ التَّكَلُّفِ عَنِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وَالتَّكَلُّفُ : مُعَالَجَةُ الْكُلْفَةِ ، وَهِيَ مَا يَشُقُّ عَلَى الْمَرْءِ عَمَلُهُ وَالْتِزَامُهُ لِكَوْنِهِ يُحْرِجُهُ
[ ص: 309 ] أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهِ ، وَمَادَّةُ التَّفَعُّلِ تَدُلُّ عَلَى مُعَالَجَةِ مَا لَيْسَ بِسَهْلٍ ، فَالْمُتَكَلِّفُ هُوَ الَّذِي يَتَطَلَّبُ مَا لَيْسَ لَهُ أَوْ يَدَّعِي عِلْمَ مَا لَا يَعْلَمُهُ .
فَالْمَعْنَى هُنَا : مَا أَنَا بِمُدَّعٍ النُّبُوءَةَ بَاطِلًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوحَى إِلَيَّ وَهُوَ رَدٌّ لِقَوْلِهِمْ : " كَذَّابٌ " وَبِذَلِكَ كَانَ كَالنَّتِيجَةِ لِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=86مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّفَ شَيْئًا إِنَّمَا يَطْلُبُ مِنْ تَكَلُّفِهِ نَفْعًا ، فَالْمَعْنَى : وَمَا أَنَا مِمَّنْ يَدَّعُونَ مَا لَيْسَ لَهُمْ . وَمِنْهُ حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيِّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ قَالَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002248خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فَمَرَّ عَلَى رَجُلٍ جَالسٍ عِنْدَ مِقْرَاةٍ لَهُ " أَيْ : حَوْضِ مَاءٍ " فَقَالَ عُمَرُ : يَا صَاحِبَ الْمَقْرَاةِ أَوَلَغَتِ السِّبَاعُ اللَّيْلَةَ فِي مَقْرَاتِكَ ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا صَاحِبَ الْمَقْرَاةِ لَا تُخْبِرْهُ ، هَذَا مُتَكَلِّفٌ ; لَهَا مَا حَمَلَتْ فِي بُطُونِهَا وَلَنَا مَا بَقِيَ شَرَابٌ وَطَهُورٌ ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ " يَأَيُّهَا النَّاسُ مَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ عِلْمًا فَلْيَقُلْ بِهِ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلْ : اللَّهُ أَعْلَمُ ، قَالَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=86قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ .
وَأُخِذَ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=86وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مِنَ الدِّينِ لَا تَكَلُّفَ فِيهِ ، أَيْ : لَا مَشَقَّةَ فِي تَكَالِيفِهِ وَهُوَ مَعْنَى سَمَاحَةِ الْإِسْلَامِ ، وَهَذَا اسْتِرْوَاحٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مِنْ حِكْمَةِ اللَّهِ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَ طَبْعِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ رَوْحِ شَرِيعَتِهِ تَنَاسُبًا لِيَكُونَ إِقْبَالُهُ عَلَى تَنْفِيذِ شَرْعِهِ بِشَرَاشِرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَنْفَى لِلْحَرَجِ عَنْهُ فِي الْقِيَامِ بِتَنْفِيذِ مَا أُمِرَ بِهِ .
وَتَرْكِيبُ مَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ أَشَدُّ فِي نَفْيِ التَّكَلُّفِ مِنْ أَنْ يَقُولَ : مَا أَنَا بِمُتَكَلِّفٍ ، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=67قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=87إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=86وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ اشْتِمَالِ نَفْيِ الشَّيْءِ عَلَى ثُبُوتِ ضِدِّهِ ، فَلَمَّا نَفَى بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=86وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ أَنْ يَكُونَ تَقَوَّلَ الْقُرْآنَ عَلَى اللَّهِ ، ثَبَتَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28424_29568الْقُرْآنَ ذِكْرٌ لِلنَّاسِ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ ، أَيْ : لَيْسَ هُوَ بِالْأَسَاطِيرِ أَوِ التُّرَّهَاتِ . وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَهَا تَذْيِيلًا إِذْ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا هُنَا . وَهَذَا الْإِخْبَارُ عَنْ مَوْقِعِ الْقُرْآنِ لَدَى جَمِيعِ أُمَّةِ الدَّعْوَةِ لَا خُصُوصِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانَ فِي مُجَادَلَتِهِمْ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[ ص: 310 ] لَا يَرْجُو مِنْ مُعَانِدِيهِ أَجْرًا . وَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَقَوِّلِ مَا لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ ؛ انْتَقَلَ إِلَى إِثْبَاتِ أَنَّ الْقُرْآنَ ذِكْرٌ لِلنَّاسِ قَاطِبَةً فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مُشْرِكُو أَهْلِ
مَكَّةَ وَغَيْرُهُمْ مِنَ النَّاسِ ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ : يَسْتَغْنِي اللَّهُ عَنْكُمْ بِأَقْوَامٍ آخَرِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ .
وَعُمُومُ الْعَالَمِينَ يُكْسِبُ الْجُمْلَةَ مَعْنَى التَّذْيِيلِ لِلْجُمْلَتَيْنِ قَبْلَهَا .
وَالْقَصْرُ الَّذِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=87إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ قَصْرُ قَلْبٍ إِضَافِيٍّ ، أَيْ : هُوَ ذِكْرٌ لَا أَسَاطِيرُ وَلَا سِحْرٌ وَلَا شِعْرٌ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا وَسَمُوا بِهِ الْقُرْآنَ مِنْ غَيْرِ صِفَاتِهِ الْحَقِيقِيَّةِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=88وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=87إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ بِاعْتِبَارِ مَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الْقَصْرُ مِنْ جَانِبِ الْإِثْبَاتِ ، أَيْ : وَسَتَعْلَمُونَ خَبَرَ هَذَا الْقُرْآنِ بَعْدَ زَمَانٍ عِلْمًا جَزْمًا فَيَزُولُ شَكُّكُمْ فِيهِ ، فَالْكَلَامُ إِخْبَارٌ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى وُجُودِ نُونِ التَّوْكِيدِ .
وَالنَّبَأُ : الْخَبَرُ ، وَأَصْلُ الْخَبَرِ : الصِّدْقُ ، أَيْ : الْمُوَافَقَةُ لِلْوَاقِعِ ، فَإِذَا قِيلَ : أَتَانِي نَبَأُ كَذَا ، فَمَعْنَاهُ : الْخَبَرُ عَنْ حَالِهِ فِي الْوَاقِعِ ، فَإِضَافَةُ النَّبَأِ إِلَى مَا يُضَافُ إِلَيْهِ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ إِذْ مَعْنَى اللَّامِ هُوَ أَصلُ مَعَانِي الْإِضَافَةِ ، قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=21وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ أَيْ : سَتَعْلَمُونَ صِدْقَ وَصْفِ هَذَا الْقُرْآنِ أَنَّهُ الْحَقُّ ، وَهَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=53سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ وَفُسِّرَ النَّبَأُ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ ، أَيْ : مَا أَنْبَأَ بِهِ الْقُرْآنُ مِنْ إِنْذَارِكُمْ بِالْعَذَابِ ، فَهُوَ تَهْدِيدٌ . وَكِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ وَاقِعٌ فَإِنَّ مِنَ الْمُخَاطَبِينَ مَنْ عُجِّلَ لَهُ عَذَابُ السَّيْفِ يَوْمَ
بَدْرٍ ، وَبَقِيَّتُهُمْ رَأَوْا ذَلِكَ رَأْيَ الْعَيْنِ مِنْهُمْ مَنْ عَلِمُوا دُخُولَ النَّاسِ فِي الْإِسْلَامِ فَمَاتُوا بِغَيْظِهِمْ وَمِنْهُمْ مَنْ شَاهَدُوا فَتْحَ
مَكَّةَ وَآمَنُوا ، أَوْ رَأَوْا قَبَائِلَ الْعَرَبِ تَدْخُلُ فِي الدِّينِ أَفْوَاجًا فَعَلِمُوا نَبَأَ صِدْقِ الْقُرْآنِ وَمَا وَعَدَ بِهِ بَعْدَ حِينٍ فَازْدَادُوا إِيمَانًا .
وَحِينُ كُلِّ فَرِيقٍ مَا مَضَى عَلَيْهِ مِنْ زَمَنٍ بَيْنَ هَذَا الْخِطَابِ وَبَيْنَ تَحَقُّقِ الصِّدْقِ .
وَالْحِينُ : الزَّمَنُ مِنْ سَاعَةٍ إِلَى أَرْبَعِينَ سَنَةٍ . فَخَتَمَ الْكَلَامَ بِتَسْجِيلِ التَّبْلِيغِ وَأَنَّ فَائِدَةَ مَا أَبْلَغَهُمْ لَهُمْ لَا لِلنَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَتَمَ بِالْمُوَاعَدَةِ لِوَقْتِ يَقِينِهِمْ بِنَبِيئِهِ ، وَهَذَا مُؤْذِنٌ بِانْتِهَاءِ الْكَلَامِ وَمُرَاعَاةِ حُسْنِ الْخِتَامِ .