nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=52nindex.php?page=treesubj&link=29000قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السماوات والأرض
بعد أن ألقمهم حجر الحجة الدامغة أمر بأن يجعل الله حكما بينه وبينهم لما استمر تكذيبهم بعد الدلائل القاطعة .
وهذا من الكلام المنصف المقصود منه استدراج المخاطب .
و
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=52كفى بالله بمعنى هو كاف لي في إظهار الحق ; والباء مزيدة للتوكيد . وقد تقدم نظيره في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79وكفى بالله شهيدا في سورة النساء .
[ ص: 17 ] والشهيد : الشاهد . ولما ضمن معنى الحاكم عدي بظرف بيني وبينكم ، قال الحارث بن حلزة في عمرو بن هند الملك :
وهو الرب والشهيد على يو م الحيارين والبلاء بلاء
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=52يعلم ما في السماوات والأرض مقررة لمعنى الاكتفاء به شهيدا ، فهي تتنزل منها منزلة التوكيد .
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=52والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون بعد أن أنصفهم بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=52كفى بالله بيني وبينكم شهيدا استمر في الانتصاف بما لا يستطيعون إنكاره وهو أن الذين اعتقدوا الباطل وكفروا بالله هم الخاسرون في الحكومة والقضية الموكولة إلى الله تعالى ، فهم إن تأملوا في إيمانهم بالله حق التأمل وجدوا أنفسهم غير مؤمنين بإلهيته ؛ لأنهم أشركوا معه ما ليس حقيقا بالإلهية ، فعلموا أنهم كفروا بالله فتعين أنهم آمنوا بالباطل ، فالكلام موجه كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=24وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ، وقول
حسان في
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبي سفيان بن حرب أيام جاهليته :
أتهجوه ولست له بكفء فشركما لخيركما الفداء
وفي الجمع بين " آمنوا " و " كفروا " محسن المضادة وهو الطباق .
والباطل : ضد الحق ، أي ما ليس بحقيق أن يؤمن به ، أي ما ليس بإله حق ولكنهم يدعون له الإلهية ، وذلك إيمانهم بإلهية الأصنام . وأما كفرهم بالله فلأنهم أشركوا معه في الإلهية ، فكفروا بأعظم صفاته وهي الوحدانية .
واسم الإشارة يفيد التنبيه على أن المشار إليهم أحرياء بالحكم الوارد بعد اسم الإشارة لأجل الأوصاف التي ذكرت لهم قبل اسم الإشارة ، مثل أولئك على هدى من ربهم .
والقصر المستفاد من تعريف جزأي جملة هم الخاسرون قصر ادعائي للمبالغة في اتصافهم بالخسران العظيم بحيث إن كل خسران في جانب خسرانهم كالعدم ;
[ ص: 18 ] فكأنهم انفردوا بالخسران فأطلق عليهم المركب المفيد قصر الخسران عليهم ، وذلك لأنهم حقت عليهم الشقاوة العظمى الأبدية .
واستعير الخسران لانعكاس المأمول من العمل المكد تشبيها بحال من كد في التجارة لينال مالا فأفنى رأس ماله ، وقد تقدم عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=16فما ربحت تجارتهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=52nindex.php?page=treesubj&link=29000قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
بَعْدَ أَنْ أَلْقَمَهُمْ حَجَرَ الْحُجَّةِ الدَّامِغَةِ أُمِرَ بِأَنْ يَجْعَلَ اللَّهَ حَكَمًا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ لَمَّا اسْتَمَرَّ تَكْذِيبُهُمْ بَعْدَ الدَّلَائِلِ الْقَاطِعَةِ .
وَهَذَا مِنَ الْكَلَامِ الْمُنْصِفِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ اسْتِدْرَاجُ الْمُخَاطَبِ .
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=52كَفَى بِاللَّهِ بِمَعْنَى هُوَ كَافٍ لِي فِي إِظْهَارِ الْحَقِّ ; وَالْبَاءُ مَزِيدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ .
[ ص: 17 ] وَالشَّهِيدُ : الشَّاهِدُ . وَلَمَّا ضُمِّنَ مَعْنَى الْحَاكِمِ عُدِّيَ بِظَرْفِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ، قَالَ الْحَارِثُ بْنُ حِلِّزَةَ فِي عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ الْمَلِكِ :
وَهُوَ الرَّبُّ وَالشَّهِيدُ عَلَى يَوْ مِ الْحِيَارَيْنِ وَالْبَلَاءُ بَلَاءُ
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=52يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مُقَرِّرَةٌ لِمَعْنَى الِاكْتِفَاءِ بِهِ شَهِيدًا ، فَهِيَ تَتَنَزَّلُ مِنْهَا مَنْزِلَةَ التَّوْكِيدِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=52وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ بَعْدَ أَنْ أَنْصَفَهُمْ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=52كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا اسْتَمَرَّ فِي الِانْتِصَافِ بِمَا لَا يَسْتَطِيعُونَ إِنْكَارَهُ وَهُوَ أَنَّ الَّذِينَ اعْتَقَدُوا الْبَاطِلَ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ هُمُ الْخَاسِرُونَ فِي الْحُكُومَةِ وَالْقَضِيَّةِ الْمَوْكُولَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، فَهُمْ إِنْ تَأَمَّلُوا فِي إِيمَانِهِمْ بِاللَّهِ حَقَّ التَّأَمُّلِ وَجَدُوا أَنْفُسَهُمْ غَيْرَ مُؤْمِنِينَ بِإِلَهِيَّتِهِ ؛ لِأَنَّهُمْ أَشْرَكُوا مَعَهُ مَا لَيْسَ حَقِيقًا بِالْإِلَهِيَّةِ ، فَعَلِمُوا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ فَتَعَيَّنَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ ، فَالْكَلَامُ مُوَجَّهٌ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=24وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ، وَقَوْلِ
حَسَّانَ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=12026أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ أَيَّامَ جَاهِلِيَّتِهِ :
أَتَهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بِكُفْءٍ فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الْفِدَاءُ
وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ " آمَنُوا " وَ " كَفَرُوا " مُحَسِّنُ الْمُضَادَّةِ وَهُوَ الطِّبَاقُ .
وَالْبَاطِلُ : ضِدُّ الْحَقِّ ، أَيْ مَا لَيْسَ بِحَقِيقٍ أَنْ يُؤْمَنَ بِهِ ، أَيْ مَا لَيْسَ بِإِلَهٍ حَقٍّ وَلَكِنَّهُمْ يَدَّعُونَ لَهُ الْإِلَهِيَّةَ ، وَذَلِكَ إِيمَانُهُمْ بِإِلَهِيَّةِ الْأَصْنَامِ . وَأَمَّا كُفْرُهُمْ بِاللَّهِ فَلِأَنَّهُمْ أَشْرَكُوا مَعَهُ فِي الْإِلَهِيَّةِ ، فَكَفَرُوا بِأَعْظَمِ صِفَاتِهِ وَهِيَ الْوَحْدَانِيَّةُ .
وَاسْمُ الْإِشَارَةِ يُفِيدُ التَّنْبِيهَ عَلَى أَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِمْ أَحْرِيَاءُ بِالْحُكْمِ الْوَارِدِ بَعْدَ اسْمِ الْإِشَارَةِ لِأَجْلِ الْأَوْصَافِ الَّتِي ذُكِرَتْ لَهُمْ قَبْلَ اسْمِ الْإِشَارَةِ ، مِثْلَ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ .
وَالْقَصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ تَعْرِيفِ جُزْأَيْ جُمْلَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ قَصْرٌ ادِّعَائِيٌّ لِلْمُبَالَغَةِ فِي اتِّصَافِهِمْ بِالْخُسْرَانِ الْعَظِيمِ بِحَيْثُ إِنَّ كُلَّ خُسْرَانٍ فِي جَانِبِ خُسْرَانِهِمْ كَالْعَدَمِ ;
[ ص: 18 ] فَكَأَنَّهُمُ انْفَرَدُوا بِالْخُسْرَانِ فَأُطْلِقَ عَلَيْهِمُ الْمُرَكَّبُ الْمُفِيدُ قَصْرَ الْخُسْرَانِ عَلَيْهِمْ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ حَقَّتْ عَلَيْهِمُ الشَّقَاوَةُ الْعُظْمَى الْأَبَدِيَّةُ .
وَاسْتُعِيرَ الْخُسْرَانُ لِانْعِكَاسِ الْمَأْمُولِ مِنَ الْعَمَلِ الْمُكِدِّ تَشْبِيهًا بِحَالِ مَنْ كَدَّ فِي التِّجَارَةِ لِيَنَالَ مَالًا فَأَفْنَى رَأْسَ مَالِهِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=16فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ .