nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=28984_18085الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=21والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=22والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار
يجوز أن يكون الذين يؤمنون ابتداء كلام فهو استئناف ابتدائي جاء لمناسبة ما أفادت الجملة التي قبلها من إنكار الاستواء بين فريقين ، ولذلك ذكر في هذه الجمل حال فريقين في المحامد والمساوي ليظهر أن نفي التسوية بينهما في الجملة السابقة ذلك النفي المراد به تفضيل أحد الفريقين على الآخر هو نفي مؤيد بالحجة ، وبذلك يصير موقع هذه الجملة مفيدا تعليلا لنفي التسوية المقصود منه تفضيل المؤمنين على المشركين ، فيكون قوله الذين يوفون مسندا إليه وكذلك ما عطف عليه . وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=22أولئك لهم عقبى الدار مسندا .
واجتلاب اسم الإشارة
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=22أولئك لهم عقبى الدار للتنبيه على أن المشار إليهم جديرون بما بعد اسم الإشارة من أجل الأوصاف التي قبل اسم الإشارة ، كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5أولئك على هدى من ربهم في أول سورة البقرة .
ونظير هذه الجملة قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=34الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=33ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا .
[ ص: 125 ] وقد ظهر بهذه الجملة كلها وبموقعها تفضيل الذين يعلمون أن ما أنزل حق بما لهم من صفات الكمال الموجبة للفضل في الدنيا وحسن المصير في الآخرة وبما لأضدادهم من ضد ذلك في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=25والذين ينقضون عهد الله إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=25ولهم سوء الدار .
nindex.php?page=treesubj&link=27047_18789_18085والوفاء بالعهد : أن يحقق المرء ما عاهد على أن يعمله . ومعنى العهد : الوعد الموثق بإظهار العزم على تحقيقه من يمين أو تأكيد .
ويجوز أن يكون
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=20الذين يوفون بعهد الله نعتا لقوله أولو الألباب وتكون جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=22أولئك لهم عقبى الدار نعتا ثانيا . والإتيان باسم الإشارة للغرض المذكور آنفا .
وعهد الله مصدر مضاف لمفعوله . أي ما عاهدوا الله على فعله ، أو من إضافة المصدر إلى فاعله ، أي ما عهد الله به إليهم . وعلى كلا الوجهين فالمراد به الإيمان الذي أخذه الله على الخلق المشار إليه بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى ، وتقدم في سورة الأعراف ، فذلك عهدهم ربهم . وأيضا بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=60ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني ، وذلك عهد الله لهم بأن يعبدوه ولا يعبدوا غيره . فحصل العهد باعتبار إضافته إلى مفعوله وإلى فاعله .
وذلك أمر أودعه الله في فطرة البشر فنشأ عليه أصلهم وتقلده ذريته ، واستمر اعترافهم لله بأنه خالقهم . وذلك من آثار عهد الله . وطرأ عليهم بعد ذلك تحريف عهدهم فأخذوا يتناسون وتشتبه الأمور على بعضهم فطرأ عليهم الإشراك لتفريطهم النظر في دلائل التوحيد ، ولأنه بذلك العهد قد أودع الله في فطرة العقول السليمة دلائل الوحدانية لمن تأمل وأسلم للدليل ، ولكن المشركين أعرضوا وكابروا
[ ص: 126 ] ذلك العهد القائم في الفطرة ، فلا جرم أن كان الإشراك إبطالا للعهد ونقضا له ، ولذلك عطفت جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=20ولا ينقضون الميثاق على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=20يوفون بعهد الله .
والتعريف في الميثاق يحمل على تعريف الجنس فيستغرق جميع المواثيق وبذلك يكون أعم من عهد الله فيشمل المواثيق الحاصلة بين الناس من عهود وأيمان .
وباعتبار هذا العموم حصلت مغايرة ما بينه وبين عهد الله . وتلك هي مسوغة عطف
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=20ولا ينقضون الميثاق على
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=20يوفون بعهد الله مع حصول التأكيد لمعنى الأولى بنفي ضدها ، وتعريضا بالمشركين لاتصافهم بضد ذلك الكمال فعطف التأكيد باعتبار المغايرة بالعموم والخصوص .
والميثاق والعهد مترادفان . والإيفاء ونفي النقض متحدا المعنى . وابتدئ من الصفات بهذه الخصلة لأنها تنبئ عن الإيمان ،
nindex.php?page=treesubj&link=29674والإيمان أصل الخيرات وطريقها ، ولذلك عطف على
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=20يوفون بعهد الله قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=20ولا ينقضون الميثاق تحذيرا من كل ما فيه نقضه .
وهذه الصلات صفات لأولي الألباب فعطفها من باب عطف الصفات للموصوف الواحد ، وليس من عطف الأصناف . وذلك مثل العطف في قول الشاعر الذي أنشده
الفراء في معاني القرآن :
إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم
فالمعنى : الذين يتصفون بمضمون كل صلة من هذه الصلات كلما عرض مقتض لاتصافهم بها بحيث إذا وجد المقتضي ولم يتصفوا بمقتضاه كانوا غير متصفين بتلك الفضائل ، فمنها ما يستلزم الاتصاف بالضد ، ومنها ما لا يستلزم إلا التفريط في الفضل .
وأعيد اسم الموصول هذا وما عطف عليه من الأسماء الموصولة ، للدلالة على أن صلاتها خصال عظيمة تقتضي الاهتمام بذكر من اتصف بها ، ولدفع توهم أن عقبى الدار لا تتحقق لهم إلا إذا جمعوا كل هذه الصفات .
[ ص: 127 ] فالمراد بـ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=21والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ما يصدق على الفريق الذين يوفون بعهد الله .
ومناسبة عطفه أن وصل ما أمر الله به أن يوصل أثر من آثار الوفاء بعهد الله وهو عهد الطاعة الداخل في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=61وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم في سورة يس .
والوصل : ضم شيء لشيء ، وضده القطع . ويطلق مجازا على القرب وضده الهجر . واشتهر مجازا أيضا في الإحسان والإكرام ومنه قولهم ، صلة الرحم ، أي الإحسان لأجل الرحم ، أي لأجل القرابة الآتية من الأرحام مباشرة أو بواسطة ، وذلك النسب الجائي من الأمهات . وأطلقت على قرابة النسب من جانب الآباء أيضا لأنها لا تخلو غالبا من اشتراك في الأمهات ولو بعدن .
و
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=21ما أمر الله به أن يوصل عام في جميع الأواصر والعلائق التي أمر الله بالمودة والإحسان لأصحابها ، فمنها آصرة الإيمان ، ومنها آصرة القرابة وهي
nindex.php?page=treesubj&link=18033صلة الرحم . وقد اتفق المفسرون على أنها مراد الله هنا ، وقد تقدم مثله عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=26وما يضل به إلا الفاسقين nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=27الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل في سورة البقرة .
وإنما أطنب في التعبير عنها بطريقة اسم الموصول
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=25ما أمر الله به أن يوصل لما في الصلة من التعريض بأن واصلها آت بما يرضي الله لينتقل من ذلك إلى التعريض بالمشركين الذين قطعوا أواصر القرابة بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين وأساءوا إليهم في كل حال وكتبوا صحيفة القطيعة مع
بني هاشم .
وفيها
nindex.php?page=treesubj&link=18043الثناء على المؤمنين بأنهم يصلون الأرحام ولم يقطعوا أرحام قومهم المشركين إلا عندما حاربوهم وناوؤهم .
[ ص: 128 ] وقوله أن يوصل بدل من ضمير به ، أي ما أمر الله بوصله . وجيء بهذا النظم لزيادة تقرير المقصود وهو الأرحام بعد تقريره بالموصولية .
والخشية : خوف بتعظيم المخوف منه . وتقدمت في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=45وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين في سورة البقرة . وتطلق على مطلق الخوف .
والخوف : ظن وقوع المضرة من شيء . وتقدم في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله في سورة البقرة .
و
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=18سوء الحساب ما يحف به مما يسوء المحاسب ، وقد تقدم آنفا أي يخافون وقوعه عليهم فيتركون العمل السيئ .
وجاءت الصلات
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=20الذين يوفون nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=21والذين يصلون وما عطف عليهما بصيغة المضارع في تلك الأفعال الخمسة لإفادة التجدد كناية عن الاستمرار .
وجاءت صلة
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=22والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وما عطف عليها وهو أقاموا الصلاة وأنفقوا بصيغة المضي لإفادة تحقق هذه الأفعال الثلاثة لهم وتمكنها من أنفسهم تنويها بها لأنها أصول لفضائل الأعمال .
فأما الصبر فلأنه ملاك استقامة الأعمال ومصدرها فإذا تخلق به المؤمن صدرت عنه الحسنات والفضائل بسهولة ، ولذلك قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=103&ayano=2إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر .
وأما الصلاة فلأنها عماد الدين وفيها ما في الصبر من الخاصية لقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=45إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=45واستعينوا بالصبر والصلاة .
وأما الإنفاق فأصله الزكاة ، وهي مقارنة للصلاة كلما ذكرت ، ولها الحظ الأوفى من اعتناء الدين بها ، ومنها النفقات والعطايا كلها ، وهي أهم
[ ص: 129 ] الأعمال ; لأن بذل المال يشق على النفوس فكان له من الأهمية ما جعله ثانيا للصلاة .
ثم أعيد أسلوب التعبير بالمضارع في المعطوف على الصلة وهو قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=22ويدرءون بالحسنة السيئة لاقتضاء المقام إفادة التجدد إيماء إلى أن تجدد هذا الدرء مما يحرص عليه ; لأن الناس عرضة للسيئات على تفاوت ، فوصف لهم دواء ذلك بأن يدفعوا السيئات بالحسنات .
والقول في عطف والذين صبروا وفي إعادة اسم الموصول كالقول في
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=21والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل .
والصبر : من المحامد . وتقدم في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=45واستعينوا بالصبر في سورة البقرة . والمراد الصبر على مشاق أفعال الخير ونصر الدين .
و
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=22ابتغاء وجه ربهم مفعول لأجله لـ صبروا ، والابتغاء : الطلب . ومعنى ابتغاء وجه الله ابتغاء رضاه كأنه فعل فعلا يطلب به إقباله عند لقائه . وتقدم في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=272وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله في آخر سورة البقرة .
والمعنى أنهم صبروا لأجل أن الصبر مأمور به من الله لا لغرض آخر كالرياء ليقال ما أصبره على الشدائد ولاتقاء شماتة الأعداء .
والسر والعلانية تقدم وجه ذكرهما في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=274الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية أواخر سورة البقرة .
والدرء : الدفع والطرد . وهو هنا مستعار لإزالة أثر الشيء فيكون بعد حصول المدفوع وقبل حصوله بأن يعد ما يمنع حصوله . فيصدق ذلك بأن يتبع السيئة - إذا صدرت منه - بفعل الحسنات فإن ذلك كطرد السيئة . قال النبيء صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341997يا معاذ اتق الله حيث كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها . وخاصة فيما بينه وبين ربه .
[ ص: 130 ] ويصدق بأن لا يقابل من فعل معه سيئة بمثلها بل يقابل ذلك بالإحسان ، قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=34ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم بأن يصل من قطعه ويعطي من حرمه ويعفو عمن ظلمه . وذلك فيما بين الأفراد وكذلك بين الجماعات إذا لم يفض إلى استمرار الضر . قال تعالى في ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=10إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم .
ويصدق بالعدول عن فعل السيئة بعد العزم فإن ذلك العدول حسنة درأت السيئة المعزوم عليها . قال النبيء صلى الله عليه وسلم : من هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له حسنة .
فقد جمع يدرءون جميع هذه المعاني ولهذا لم يعقب بما يقتضي أن المراد معاملة المسيء بالإحسان كما أتبع في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=34ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن في سورة فصلت . وكما في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=96ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون في سورة المؤمنون .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=22أولئك لهم عقبى الدار خبر عن
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=20الذين يوفون بعهد الله ، ودل اسم الإشارة على أن المشار إليهم جديرون بالحكم الوارد بعد اسم الإشارة لأجل ما وصف به المشار إليهم من الأوصاف . كما في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5أولئك على هدى من ربهم في أول سورة البقرة .
و
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=22لهم عقبى الدار جملة جعلت خبرا عن اسم الإشارة . وقدم المجرور على المبتدأ للدلالة على القصر ، أي لهم عقبى الدار لا للمتصفين بأضداد صفاتهم . فهو قصر إضافي .
والعقبى : العاقبة . وهي الشيء الذي يعقب ، أي يقع عقب شيء آخر . وقد اشتهر استعمالها في آخرة الخير ، قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=128والعاقبة للمتقين ، ولذلك وقعت هنا في مقابلة ضدها في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=25ولهم سوء الدار .
وأما قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=35وعقبى الكافرين النار فهو مشاكلة كما سيأتي في آخر السورة
[ ص: 131 ] عند قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=42وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار ، وانظر ما ذكرته في تفسير قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=37ومن تكون له عاقبة الدار في سورة القصص فقد زدته بيانا .
وإضافتها إلى الدار من إضافة الصفة إلى الموصوف . والمعنى : لهم الدار العاقبة . أي الحسنة .
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=28984_18085الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=21وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=22وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ ابْتِدَاءَ كَلَامٍ فَهُوَ اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ جَاءَ لِمُنَاسَبَةِ مَا أَفَادَتِ الْجُمْلَةُ الَّتِي قَبْلَهَا مِنْ إِنْكَارِ الِاسْتِوَاءِ بَيْنَ فَرِيقَيْنِ ، وَلِذَلِكَ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْجُمَلِ حَالُ فَرِيقَيْنِ فِي الْمَحَامِدِ وَالْمَسَاوِي لِيَظْهَرَ أَنَّ نَفْيَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْجُمْلَةِ السَّابِقَةِ ذَلِكَ النَّفْيُ الْمُرَادُ بِهِ تَفْضِيلُ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى الْآخَرِ هُوَ نَفْيٌ مُؤَيَّدٌ بِالْحُجَّةِ ، وَبِذَلِكَ يَصِيرُ مَوْقِعُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مُفِيدًا تَعْلِيلًا لِنَفْيِ التَّسْوِيَةِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ تَفْضِيلُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ الَّذِينَ يُوفُونَ مُسْنَدًا إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ . وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=22أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ مُسْنَدًا .
وَاجْتِلَابُ اسْمِ الْإِشَارَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=22أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِمْ جَدِيرُونَ بِمَا بَعْدَ اسْمِ الْإِشَارَةِ مِنْ أَجْلِ الْأَوْصَافِ الَّتِي قَبْلَ اسْمِ الْإِشَارَةِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَنَظِيرُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=34الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=33وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا .
[ ص: 125 ] وَقَدْ ظَهَرَ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ كُلِّهَا وَبِمَوْقِعِهَا تَفْضِيلُ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ أَنَّ مَا أُنْزِلَ حَقٌّ بِمَا لَهُمْ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ الْمُوجِبَةِ لِلْفَضْلِ فِي الدُّنْيَا وَحُسْنِ الْمَصِيرِ فِي الْآخِرَةِ وَبِمَا لِأَضْدَادِهِمْ مِنْ ضِدِّ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=25وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=25وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ .
nindex.php?page=treesubj&link=27047_18789_18085وَالْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ : أَنْ يُحَقِّقَ الْمَرْءُ مَا عَاهَدَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَهُ . وَمَعْنَى الْعَهْدِ : الْوَعْدُ الْمُوَثَّقُ بِإِظْهَارِ الْعَزْمِ عَلَى تَحْقِيقِهِ مِنْ يَمِينٍ أَوْ تَأْكِيدٍ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=20الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ نَعْتًا لِقَوْلِهِ أُولُو الْأَلْبَابِ وَتَكُونُ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=22أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ نَعْتًا ثَانِيًا . وَالْإِتْيَانُ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ لِلْغَرَضِ الْمَذْكُورِ آنِفًا .
وَعَهْدُ اللَّهِ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ . أَيْ مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَى فِعْلِهِ ، أَوْ مِنْ إِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إِلَى فَاعِلِهِ ، أَيْ مَا عَهِدَ اللَّهُ بِهِ إِلَيْهِمْ . وَعَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْإِيمَانُ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّهُ عَلَى الْخَلْقِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ، وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ ، فَذَلِكَ عَهْدُهُمْ رَبَّهُمْ . وَأَيْضًا بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=60أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي ، وَذَلِكَ عَهْدُ اللَّهِ لَهُمْ بِأَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يَعْبُدُوا غَيْرَهُ . فَحَصَلَ الْعَهْدُ بِاعْتِبَارِ إِضَافَتِهِ إِلَى مَفْعُولِهِ وَإِلَى فَاعِلِهِ .
وَذَلِكَ أَمْرٌ أَوْدَعَهُ اللَّهُ فِي فِطْرَةِ الْبَشَرِ فَنَشَأَ عَلَيْهِ أَصْلُهُمْ وَتَقَلَّدَهُ ذُرِّيَّتُهُ ، وَاسْتَمَرَّ اعْتِرَافُهُمْ لِلَّهِ بِأَنَّهُ خَالِقُهُمْ . وَذَلِكَ مِنْ آثَارِ عَهْدِ اللَّهِ . وَطَرَأَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ تَحْرِيفُ عَهْدِهِمْ فَأَخَذُوا يَتَنَاسَوْنَ وَتَشْتَبِهُ الْأُمُورُ عَلَى بَعْضِهِمْ فَطَرَأَ عَلَيْهِمُ الْإِشْرَاكُ لِتَفْرِيطِهِمُ النَّظَرَ فِي دَلَائِلِ التَّوْحِيدِ ، وَلِأَنَّهُ بِذَلِكَ الْعَهْدِ قَدْ أَوْدَعَ اللَّهُ فِي فِطْرَةِ الْعُقُولِ السَّلِيمَةِ دَلَائِلَ الْوَحْدَانِيَّةِ لِمَنْ تَأَمَّلَ وَأَسْلَمَ لِلدَّلِيلِ ، وَلَكِنَّ الْمُشْرِكِينَ أَعْرَضُوا وَكَابَرُوا
[ ص: 126 ] ذَلِكَ الْعَهْدَ الْقَائِمَ فِي الْفِطْرَةِ ، فَلَا جَرَمَ أَنْ كَانَ الْإِشْرَاكُ إِبْطَالًا لِلْعَهْدِ وَنَقْضًا لَهُ ، وَلِذَلِكَ عُطِفَتْ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=20وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=20يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ .
وَالتَّعْرِيفُ فِي الْمِيثَاقَ يُحْمَلُ عَلَى تَعْرِيفِ الْجِنْسِ فَيَسْتَغْرِقُ جَمِيعَ الْمَوَاثِيقِ وَبِذَلِكَ يَكُونُ أَعَمَّ مِنْ عَهْدِ اللَّهِ فَيَشْمَلُ الْمَوَاثِيقَ الْحَاصِلَةَ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ عُهُودٍ وَأَيْمَانٍ .
وَبِاعْتِبَارِ هَذَا الْعُمُومِ حَصَلَتْ مُغَايَرَةٌ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَهْدِ اللَّهِ . وَتِلْكَ هِيَ مُسَوِّغَةُ عَطْفِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=20وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=20يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ مَعَ حُصُولِ التَّأْكِيدِ لِمَعْنَى الْأُولَى بِنَفْيِ ضِدِّهَا ، وَتَعْرِيضًا بِالْمُشْرِكِينَ لِاتِّصَافِهِمْ بِضِدِّ ذَلِكَ الْكَمَالِ فَعُطِفَ التَّأْكِيدُ بِاعْتِبَارِ الْمُغَايَرَةِ بِالْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ .
وَالْمِيثَاقُ وَالْعَهْدُ مُتَرَادِفَانِ . وَالْإِيفَاءُ وَنَفْيُ النَّقْضِ مُتَّحِدَا الْمَعْنَى . وَابْتُدِئَ مِنَ الصِّفَاتِ بِهَذِهِ الْخَصْلَةِ لِأَنَّهَا تُنْبِئُ عَنِ الْإِيمَانِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=29674وَالْإِيمَانُ أَصْلُ الْخَيْرَاتِ وَطَرِيقُهَا ، وَلِذَلِكَ عُطِفَ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=20يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=20وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ تَحْذِيرًا مِنْ كُلِّ مَا فِيهِ نَقْضُهُ .
وَهَذِهِ الصِّلَاتُ صِفَاتٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ فَعَطْفُهَا مِنْ بَابِ عَطْفِ الصِّفَاتِ لِلْمَوْصُوفِ الْوَاحِدِ ، وَلَيْسَ مِنْ عَطْفِ الْأَصْنَافِ . وَذَلِكَ مِثْلُ الْعَطْفِ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ الَّذِي أَنْشَدَهُ
الْفَرَّاءُ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ :
إِلَى الْمَلِكِ الْقَرْمِ وَابْنِ الْهُمَامِ وَلَيْثِ الْكَتِيبَةِ فِي الْمُزْدَحَمْ
فَالْمَعْنَى : الَّذِينَ يَتَّصِفُونَ بِمَضْمُونِ كُلِّ صِلَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّلَاتِ كُلَّمَا عَرَضَ مُقْتَضٍ لِاتِّصَافِهِمْ بِهَا بِحَيْثُ إِذَا وُجِدَ الْمُقْتَضِي وَلَمْ يَتَّصِفُوا بِمُقْتَضَاهُ كَانُوا غَيْرَ مُتَّصِفِينَ بِتِلْكَ الْفَضَائِلِ ، فَمِنْهَا مَا يَسْتَلْزِمُ الِاتِّصَافَ بِالضِّدِّ ، وَمِنْهَا مَا لَا يَسْتَلْزِمُ إِلَّا التَّفْرِيطَ فِي الْفَضْلِ .
وَأُعِيدَ اسْمُ الْمَوْصُولِ هَذَا وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْمَوْصُولَةِ ، لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ صِلَاتِهَا خِصَالٌ عَظِيمَةٌ تَقْتَضِي الِاهْتِمَامَ بِذِكْرِ مَنِ اتَّصَفَ بِهَا ، وَلِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ عُقْبَى الدَّارِ لَا تَتَحَقَّقُ لَهُمْ إِلَّا إِذَا جَمَعُوا كُلَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ .
[ ص: 127 ] فَالْمُرَادُ بِـ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=21وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ مَا يَصْدُقُ عَلَى الْفَرِيقِ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ .
وَمُنَاسَبَةُ عَطْفِهِ أَنَّ وَصْلَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الْوَفَاءِ بِعَهْدِ اللَّهِ وَهُوَ عَهْدُ الطَّاعَةِ الدَّاخِلُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=61وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ فِي سُورَةِ يس .
وَالْوَصْلُ : ضَمُّ شَيْءٍ لِشَيْءٍ ، وَضِدُّهُ الْقَطْعُ . وَيُطْلَقُ مَجَازًا عَلَى الْقُرْبِ وَضِدُّهُ الْهَجْرُ . وَاشْتُهِرَ مَجَازًا أَيْضًا فِي الْإِحْسَانِ وَالْإِكْرَامِ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ ، صِلَةُ الرَّحِمِ ، أَيِ الْإِحْسَانُ لِأَجْلِ الرَّحِمِ ، أَيْ لِأَجْلِ الْقَرَابَةِ الْآتِيَةِ مِنَ الْأَرْحَامِ مُبَاشَرَةً أَوْ بِوَاسِطَةٍ ، وَذَلِكَ النَّسَبُ الْجَائِي مِنَ الْأُمَّهَاتِ . وَأُطْلِقَتْ عَلَى قَرَابَةِ النَّسَبِ مِنْ جَانِبِ الْآبَاءِ أَيْضًا لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو غَالِبًا مِنِ اشْتَرَاكٍ فِي الْأُمَّهَاتِ وَلَوْ بَعُدْنَ .
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=21مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْأَوَاصِرِ وَالْعَلَائِقِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِالْمَوَدَّةِ وَالْإِحْسَانِ لِأَصْحَابِهَا ، فَمِنْهَا آصِرَةُ الْإِيمَانِ ، وَمِنْهَا آصِرَةُ الْقَرَابَةِ وَهِيَ
nindex.php?page=treesubj&link=18033صِلَةُ الرَّحِمِ . وَقَدِ اتَّفَقَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّهَا مُرَادُ اللَّهِ هُنَا ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=26وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=27الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَإِنَّمَا أُطْنِبَ فِي التَّعْبِيرِ عَنْهَا بِطَرِيقَةِ اسْمِ الْمَوْصُولِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=25مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ لِمَا فِي الصِّلَةِ مِنَ التَّعْرِيضِ بِأَنَّ وَاصِلَهَا آتٍ بِمَا يُرْضِي اللَّهَ لِيَنْتَقِلَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى التَّعْرِيضِ بِالْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَطَعُوا أَوَاصِرَ الْقَرَابَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَسَاءُوا إِلَيْهِمْ فِي كُلِّ حَالٍ وَكَتَبُوا صَحِيفَةَ الْقَطِيعَةِ مَعَ
بَنِي هَاشِمٍ .
وَفِيهَا
nindex.php?page=treesubj&link=18043الثَّنَاءُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّهُمْ يَصِلُونَ الْأَرْحَامَ وَلَمْ يُقَطِّعُوا أَرْحَامَ قَوْمِهِمُ الْمُشْرِكِينَ إِلَّا عِنْدَمَا حَارَبُوهُمْ وَنَاوَؤُهُمْ .
[ ص: 128 ] وَقَوْلُهُ أَنْ يُوصَلَ بَدَلٌ مِنْ ضَمِيرِ بِهِ ، أَيْ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِوَصْلِهِ . وَجِيءَ بِهَذَا النَّظْمِ لِزِيَادَةِ تَقْرِيرِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الْأَرْحَامُ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ بِالْمَوْصُولِيَّةِ .
وَالْخَشْيَةُ : خَوْفٌ بِتَعْظِيمِ الْمَخُوفِ مِنْهُ . وَتَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=45وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ . وَتُطْلَقُ عَلَى مُطْلَقِ الْخَوْفِ .
وَالْخَوْفُ : ظَنُّ وُقُوعِ الْمَضَرَّةِ مِنْ شَيْءٍ . وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=18سُوءُ الْحِسَابِ مَا يَحُفُّ بِهِ مِمَّا يَسُوءُ الْمُحَاسَبُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا أَيْ يَخَافُونَ وُقُوعَهُ عَلَيْهِمْ فَيَتْرُكُونَ الْعَمَلَ السَّيِّئَ .
وَجَاءَتِ الصِّلَاتُ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=20الَّذِينَ يُوفُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=21وَالَّذِينَ يَصِلُونَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِمَا بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ فِي تِلْكَ الْأَفْعَالِ الْخَمْسَةِ لِإِفَادَةِ التَّجَدُّدِ كِنَايَةً عَنِ الِاسْتِمْرَارِ .
وَجَاءَتْ صِلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=22وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا وَهُوَ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا بِصِيغَةِ الْمُضِيِّ لِإِفَادَةِ تَحَقُّقِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ الثَّلَاثَةِ لَهُمْ وَتَمَكُّنِهَا مِنْ أَنْفُسِهِمْ تَنْوِيهًا بِهَا لِأَنَّهَا أُصُولٌ لِفَضَائِلِ الْأَعْمَالِ .
فَأَمَّا الصَّبْرُ فَلِأَنَّهُ مِلَاكُ اسْتِقَامَةِ الْأَعْمَالِ وَمَصْدَرِهَا فَإِذَا تَخَلَّقَ بِهِ الْمُؤْمِنُ صَدَرَتْ عَنْهُ الْحَسَنَاتُ وَالْفَضَائِلُ بِسُهُولَةٍ ، وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=103&ayano=2إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ .
وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلِأَنَّهَا عِمَادُ الدِّينِ وَفِيهَا مَا فِي الصَّبْرِ مِنَ الْخَاصِّيَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=45إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=45وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ .
وَأَمَّا الْإِنْفَاقُ فَأَصْلُهُ الزَّكَاةُ ، وَهِيَ مُقَارِنَةٌ لِلصَّلَاةِ كُلَّمَا ذُكِرَتْ ، وَلَهَا الْحَظُّ الْأَوْفَى مِنِ اعْتِنَاءِ الدِّينِ بِهَا ، وَمِنْهَا النَّفَقَاتُ وَالْعَطَايَا كُلُّهَا ، وَهِيَ أَهَمُّ
[ ص: 129 ] الْأَعْمَالِ ; لِأَنَّ بَذْلَ الْمَالِ يَشُقُّ عَلَى النُّفُوسِ فَكَانَ لَهُ مِنَ الْأَهَمِّيَّةِ مَا جَعَلَهُ ثَانِيًا لِلصَّلَاةِ .
ثُمَّ أُعِيدَ أُسْلُوبُ التَّعْبِيرِ بِالْمُضَارِعِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَى الصِّلَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=22وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ لِاقْتِضَاءِ الْمَقَامِ إِفَادَةَ التَّجَدُّدِ إِيمَاءً إِلَى أَنَّ تَجَدُّدَ هَذَا الدَّرْءِ مِمَّا يُحْرَصُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ النَّاسَ عُرْضَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ عَلَى تَفَاوُتٍ ، فَوُصِفَ لَهُمْ دَوَاءُ ذَلِكَ بِأَنْ يَدْفَعُوا السَّيِّئَاتِ بِالْحَسَنَاتِ .
وَالْقَوْلُ فِي عَطْفِ وَالَّذِينَ صَبَرُوا وَفِي إِعَادَةِ اسْمِ الْمَوْصُولِ كَالْقَوْلِ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=21وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ .
وَالصَّبْرُ : مِنَ الْمَحَامِدِ . وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=45وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ . وَالْمُرَادُ الصَّبْرُ عَلَى مَشَاقِّ أَفْعَالِ الْخَيْرِ وَنَصْرِ الدِّينِ .
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=22ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ لِـ صَبَرُوا ، وَالِابْتِغَاءُ : الطَّلَبُ . وَمَعْنَى ابْتِغَاءِ وَجْهِ اللَّهِ ابْتِغَاءُ رِضَاهُ كَأَنَّهُ فَعَلَ فِعْلًا يَطْلُبُ بِهِ إِقْبَالَهُ عِنْدَ لِقَائِهِ . وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=272وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ فِي آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ صَبَرُوا لِأَجْلِ أَنَّ الصَّبْرَ مَأْمُورٌ بِهِ مِنَ اللَّهِ لَا لِغَرَضٍ آخَرَ كَالرِّيَاءِ لِيُقَالَ مَا أَصْبَرَهُ عَلَى الشَّدَائِدِ وَلِاتِّقَاءِ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ .
وَالسِّرُّ وَالْعَلَانِيَةُ تَقَدَّمَ وَجْهُ ذِكْرِهِمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=274الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً أَوَاخِرَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَالدَّرْءُ : الدَّفْعُ وَالطَّرْدُ . وَهُوَ هُنَا مُسْتَعَارٌ لِإِزَالَةِ أَثَرِ الشَّيْءِ فَيَكُونُ بَعْدَ حُصُولِ الْمَدْفُوعِ وَقَبْلَ حُصُولِهِ بِأَنْ يُعِدَّ مَا يَمْنَعُ حُصُولَهُ . فَيُصَدِّقُ ذَلِكَ بِأَنْ يُتْبِعَ السَّيِّئَةَ - إِذَا صَدَرَتْ مِنْهُ - بِفِعْلِ الْحَسَنَاتِ فَإِنَّ ذَلِكَ كَطَرْدِ السَّيِّئَةِ . قَالَ النَّبِيءُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341997يَا مُعَاذُ اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُ كُنْتَ وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا . وَخَاصَّةً فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ .
[ ص: 130 ] وَيُصَدِّقُ بِأَنْ لَا يُقَابِلَ مَنْ فَعَلَ مَعَهُ سَيِّئَةً بِمِثْلِهَا بَلْ يُقَابِلُ ذَلِكَ بِالْإِحْسَانِ ، قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=34ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ بِأَنْ يَصِلَ مَنْ قَطَعَهُ وَيُعْطِيَ مَنْ حَرَمَهُ وَيَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَهُ . وَذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ الْأَفْرَادِ وَكَذَلِكَ بَيْنَ الْجَمَاعَاتِ إِذَا لَمْ يُفْضِ إِلَى اسْتِمْرَارِ الضُّرِّ . قَالَ تَعَالَى فِي ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=10إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ .
وَيُصَدِّقُ بِالْعُدُولِ عَنْ فِعْلِ السَّيِّئَةِ بَعْدَ الْعَزْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْعُدُولَ حَسَنَةٌ دَرَأَتِ السَّيِّئَةَ الْمَعْزُومَ عَلَيْهَا . قَالَ النَّبِيءُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ حَسَنَةً .
فَقَدْ جَمَعَ يَدْرَءُونَ جَمِيعَ هَذِهِ الْمَعَانِي وَلِهَذَا لَمْ يُعَقَّبْ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ مُعَامَلَةُ الْمُسِيءِ بِالْإِحْسَانِ كَمَا أُتْبِعَ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=34وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فِي سُورَةِ فُصِّلَتْ . وَكَمَا فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=96ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنُونَ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=22أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ خَبَرٌ عَنِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=20الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ ، وَدَلَّ اسْمُ الْإِشَارَةِ عَلَى أَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِمْ جَدِيرُونَ بِالْحُكْمِ الْوَارِدِ بَعْدَ اسْمِ الْإِشَارَةِ لِأَجْلِ مَا وُصِفَ بِهِ الْمُشَارُ إِلَيْهِمْ مِنَ الْأَوْصَافِ . كَمَا فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=22لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ جُمْلَةٌ جُعِلَتْ خَبَرًا عَنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ . وَقُدِّمَ الْمَجْرُورُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْقَصْرِ ، أَيْ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ لَا لِلْمُتَّصِفِينَ بِأَضْدَادِ صِفَاتِهِمْ . فَهُوَ قَصْرٌ إِضَافِيٌّ .
وَالْعُقْبَى : الْعَاقِبَةُ . وَهِيَ الشَّيْءُ الَّذِي يُعَقِبُ ، أَيْ يَقَعُ عَقِبَ شَيْءٍ آخَرَ . وَقَدِ اشْتُهِرَ اسْتِعْمَالُهَا فِي آخِرَةِ الْخَيْرِ ، قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=128وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ، وَلِذَلِكَ وَقَعَتْ هُنَا فِي مُقَابَلَةِ ضِدِّهَا فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=25وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=35وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ فَهُوَ مُشَاكَلَةٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ السُّورَةِ
[ ص: 131 ] عِنْدَ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=42وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ ، وَانْظُرْ مَا ذَكَرْتُهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=37وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ فِي سُورَةِ الْقَصَصِ فَقَدْ زِدْتُهُ بَيَانًا .
وَإِضَافَتُهَا إِلَى الدَّارِ مِنْ إِضَافَةِ الصِّفَةِ إِلَى الْمَوْصُوفِ . وَالْمَعْنَى : لَهُمُ الدَّارُ الْعَاقِبَةُ . أَيِ الْحَسَنَةُ .