[ ص: 265 ] سياق
nindex.php?page=treesubj&link=29301خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجرا
قال
عقيل : قال
ابن شهاب : وأخبرني
عروة nindex.php?page=hadith&LINKID=881905أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين ، ولم يمر علينا يوم إلا ويأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة وعشيا ، فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا قبل أرض الحبشة ، حتى إذا بلغ برك الغماد ، لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة ، قال : أين تريد يا أبا بكر ؟ قال : أخرجني قومي ، فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي . قال : إن مثلك لا يخرج ، إنك تكسب المعدوم ، وتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق ، وأنا لك جار ، فارجع فاعبد ربك ببلادك . وارتحل ابن الدغنة مع أبي بكر ، فطاف في أشراف قريش ، فقال لهم : إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج ، أتخرجون رجلا يكسب المعدوم ، ويصل الرحم ، ويحمل الكل ، ويقري الضيف ، ويعين على نوائب الحق! فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة ، وقالوا له : مر أبا بكر يعبد ربه في داره ، فليصل وليقرأ ما شاء ، ولا يؤذينا بذلك ، ولا يستعلن به ، فإنا نخشى أن يفتن أبناؤنا ونساؤنا . فقال ذلك لأبي بكر ، فلبث يعبد ربه ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره ، ثم بدا لأبي بكر ، فابتنى مسجدا بفناء داره وبرز ، فيصلي فيه ويقرأ القرآن ، فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم ، يعجبون وينظرون إليه ، وكان أبو بكر لا يكاد يملك دمعه حين يقرأ ، فأفزع ذلك أشراف قريش فأرسلوا إلى ابن [ ص: 266 ] الدغنة ، فقدم عليهم ، فقالوا له : إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره ، وإنه جاوز ذلك ، وابتنى مسجدا بفناء داره ، وأعلن الصلاة والقراءة ، وإنا قد خشينا أن يفتن أبناؤنا ونساؤنا ، فأته فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل ، وإن أبي إلا أن يعلن ذلك فسله أن يرد عليك جوارك ، فإنا قد كرهنا أن نخفرك ، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان . قالت عائشة : فأتى ابن الدغنة أبا بكر فقال : قد علمت الذي عقدت لك عليه ، فإما أن تقتصر على ذلك ، وإما أن ترد إلي ذمتي ، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له . قال أبو بكر : أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله . ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين : قد أريت دار هجرتكم ، أريت سبخة ذات نخل بين لابتين . وهما الحرتان ، فهاجر من هاجر قبل المدينة حين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أرض الحبشة . وتجهز أبو بكر مهاجرا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : على رسلك ، فإني أرجو أن يؤذن لي . قال : هل ترجو بأبي أنت ذلك ؟ قال : نعم . فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه ، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر أربعة أشهر . فبينا نحن جلوس في بيتنا في نحر الظهيرة ، قيل لأبي بكر : هذا رسول الله مقبلا متقنعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها . فقال أبو بكر : فداء له أبي وأمي ، أما والله إن جاء به في هذه الساعة إلا أمر . قالت : فجاء واستأذن ، فأذن له فدخل ، فقال لأبي بكر : أخرج من عندك . قال أبو بكر : إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله . فقال : اخرج فقد أذن لي في الخروج . قال : فخذ مني إحدى راحلتي . قال : بالثمن . قالت عائشة : فجهزتهما أحث الجهاز ، فصنعنا لهما [ ص: 267 ] سفرة في جراب ، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فأوكت به الجراب ، فبذلك كانت تسمى " ذات النطاقين " ، ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار في جبل يقال له ثور ، فمكثا فيه ثلاث ليال ، يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر ، وهو غلام شاب لقن ثقف ، فيدلج من عندهما بسحر ، فيصبح في قريش بمكة كبائت ، فلا يسمع أمرا يكيدون به إلا وعاه ، حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ، ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة ، ويريح عليهما حين تذهب ساعة من الليل ، فيبيتان في رسل منحتهما حتى ينعق بهما عامر بن فهيرة بغلس ، يفعل ذلك كل ليلة من الليالي الثلاث . واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلا من بني الديل هاديا خريتا ، قد غمس يمين حلف في آل العاص بن وائل ، وهو على جاهليته ، فدفعا إليه راحلتيهما ووعداه غار ثور ، فأتاهما براحلتيهما صبيحة ثلاث ، فارتحلا ، وانطلق عامر بن فهيرة والدليل الديلي ، فأخذ بهما في طريق الساحل . أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
عن عمر رضي الله عنه ، قال : والله لليلة من أبي بكر ويوم خير من عمر ، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم هاربا من أهل مكة ليلا ، فتبعه أبو بكر ، فجعل يمشي مرة أمامه ، ومرة خلفه يحرسه ، فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلته حتى حفيت رجلاه ، فلما رآهما أبو بكر حمله على كاهله ، حتى أتى به فم الغار ، وكان فيه خرق فيه حيات ، فخشي أبو بكر أن يخرج منهن شيء يؤذي رسول الله فألقمه قدمه ، فجعلن يضربنه ويلسعنه الحيات والأفاعي ودموعه تنحدر ، ورسوله صلى الله عليه وسلم يقول : ( nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40لا تحزن [ ص: 268 ] إن الله معنا ( 40 ) ) [ التوبة ] ، وأما يومه ، فلما ارتدت العرب قلت : يا خليفة رسول الله تألف الناس وارفق بهم ، فقال : جبار في الجاهلية خوار في الإسلام ، بم أتألفهم أبشعر مفتعل أم بقول مفترى! وذكر الحديث .
وهو منكر ، سكت عنه
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ، وساقه من حديث
يحيى بن أبي طالب ، قال : أخبرنا
عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي ، قال : حدثني
فرات بن السائب ، عن
ميمون ، عن
ضبة بن محصن ، عن
عمر . وآفته من هذا
الراسبي فإنه ليس بثقة ، مع كونه مجهولا ، ذكره الخطيب في تاريخه فغمزه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16081الأسود بن عامر : حدثنا
إسرائيل ، عن
الأسود ، عن
جندب ، قال : كان
أبو بكر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ، فأصاب يده حجر فقال :
إن أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت
الأسود : هو ابن قيس ، سمع من
جندب البجلي ، واحتجا به في الصحيحين . وقال
همام : حدثنا
ثابت ، عن
أنس أن
أبا بكر حدثه ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=881907كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ، فقلت : يا رسول الله لو أن أحدهم ينظر إلى تحت قدميه لأبصرنا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما . متفق عليه .
وقال
ابن لهيعة ، عن
أبي الأسود ، عن
عروة أنهم ركبوا في كل وجه يطلبون النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعثوا إلى أهل المياه يأمرونهم به ، ويجعلون لهم الجعل العظيم إلى أن قال : فأجاز بهما الدليل أسفل
مكة ، ثم مضى بهما
[ ص: 269 ] حتى جاء بهما الساحل أسفل من
عسفان ثم سلك في أمج ، ثم أجاز بهما حتى عارض الطريق بعد أن أجاز
قديدا ، ثم سلك في
الخرار ، ثم أجاز على
ثنية المرة ، ثم سلك نقعا ، مدلجة
ثقيف ، ثم استبطن
مدلجة محاج ، ثم
بطن مرجح ذي العصوين ، ثم أجاز
القاحة ثم هبط للعرج ، ثم أجاز في
ثنية الغابر عن يمين ركوبة ، ثم هبط
بطن رئم ثم قدم
قباء من قبل العالية .
وقال
مسلم بن إبراهيم : حدثنا
عون بن عمرو القيسي ، قال : سمعت
أبا مصعب المكي ، قال : أدركت
المغيرة بن شعبة nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك nindex.php?page=showalam&ids=68وزيد بن أرقم ، فسمعتهم يتحدثون
أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الغار أمر الله بشجرة فنبتت في وجه النبي صلى الله عليه وسلم فسترته ، وأمر الله العنكبوت فنسجت فسترته ، وأمر الله حمامتين وحشيتين فوقعتا بفم الغار ، وأقبل فتيان قريش بعصيهم وسيوفهم ، فجاء رجل ثم رجع إلى الباقين فقال : رأيت حمامتين بفم الغار ، فعلمت أنه ليس فيه أحد .
وقال
إسرائيل ، عن
أبي إسحاق ، عن
البراء ، قال : اشترى
أبو بكر من
عازب رحلا بثلاثة عشر درهما ، فقال
أبو بكر لعازب : مر
البراء فليحمله إلى رحلي ، فقال له
عازب : لا حتى تحدثنا كيف صنعت أنت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجتما ، والمشركون يطلبونكما .
قال : أدلجنا من
مكة ليلا ، فأحيينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا ، وقام قائم الظهيرة ، فرميت ببصري هل أرى من ظل نأوي إليه ، فإذا صخرة فانتهيت إليها ، فإذا بقية ظل لها فسويته ، ثم فرشت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فروة ، ثم قلت : اضطجع يا رسول الله . فاضطجع ، ثم ذهبت أنفض ما حولي هل أرى من الطلب أحدا ، فإذا براعي غنم يسوق غنمه إلى
[ ص: 270 ] الصخرة ، ويريد منها الذي أريد ، يعني الظل ، فسألته : لمن أنت ؟ فقال : لرجل من
قريش ، فسماه فعرفته ، فقلت : هل في غنمك من لبن ؟ قال : نعم . قلت : هل أنت حالب لي ؟ قال : نعم . فأمرته ، فاعتقل شاة من غنمه ، وأمرته أن ينفض ضرعها من التراب ، ثم أمرته أن ينفض كفيه ، فقال هكذا ، فضرب إحداهما على الأخرى ، فحلب لي كثبة من لبن ، وقد رويت معي لرسول الله صلى الله عليه وسلم إداوة ، على فمها خرقة ، فصببت على اللبن حتى برد أسفله ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوافيته وقد استيقظ ، فقلت : اشرب يا رسول الله . فشرب حتى رضيت ، ثم قلت : قد آن الرحيل . قال : فارتحلنا والقوم يطلبوننا ، فلم يدركنا أحد منهم غير
nindex.php?page=treesubj&link=30669سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له ، فقلت : هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله . قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40لا تحزن إن الله معنا ( 40 ) ) [ التوبة ] . فما أن دنا منا ، وكان بيننا وبينه قيد رمحين أو ثلاثة ، قلت : هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله . وبكيت ، فقال : ما يبكيك ؟ قلت : أما والله ما على نفسي أبكي ولكني إنما أبكي عليك . فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اللهم اكفناه بما شئت . فساخت به فرسه في الأرض إلى بطنها ، فوثب عنها ، ثم قال : يا
محمد قد علمت أن هذا عملك ، فادع الله أن ينجيني مما أنا فيه ، فوالله لأعمين على من ورائي من الطلب ، وهذه كنانتي فخذ منها سهما ، فإنك ستمر بإبلي وغنمي بمكان كذا وكذا ، فخذ منها حاجتك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حاجة لنا في إبلك وغنمك . ودعا له ، فانطلق راجعا إلى أصحابه ، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه حتى قدمنا
المدينة ليلا . أخرجاه من حديث
زهير بن معاوية ، سمعت
أبا إسحاق ، قال : سمعت
البراء . وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حديث
إسرائيل ، عن
عبد الله بن [ ص: 271 ] رجاء ، عنه .
وقال
عقيل ، عن
الزهري : أخبرني
عبد الرحمن بن مالك المدلجي أن أباه أخبره ، أنه سمع
سراقة بن مالك بن جعشم يقول : جاءنا رسل كفار
قريش يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأبي بكر دية كل واحد منهما في قتله أو أسره ، فبينا أنا جالس في مجلس قومي
بني مدلج ، أقبل رجل منهم ، حتى قام علينا ونحن جلوس ، فقال : يا
سراقة إني قد رأيت آنفا أسودة بالساحل ، أراها
محمدا وأصحابه . قال
سراقة : فعرفت أنهم هم ، فقلت : إنهم ليسوا بهم ، ولكن رأيت فلانا وفلانا ، انطلقوا باغين ، ثم قل ما لبثت في المجلس حتى قمت فدخلت بيتي ، فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي فتهبطها من وراء أكمة فتحبسها علي ، فأخذت برمحي . وخرجت من ظهر البيت ، فخططت بزجه الأرض ، وخفضت عالية الرمح حتى أتيت فرسي فركبتها ، فرفعتها تقرب بي ، حتى إذا دنوت منهم عثرت بي فرسي فخررت ، فقمت فأهويت بيدي إلى كنانتي ، فاستخرجت منها الأزلام ، فاستقسمت بها أضرهم أو لا أضرهم ، فخرج الذي أكره : لا أضرهم ، فركبت فرسي وعصيت الأزلام ، فرفعتها تقرب بي ، حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت ،
وأبو بكر يكثر التلفت ، ساخت يدا فرسي في الأرض ، حتى بلغت الركبتين ، فخررت عنها ، ثم زجرتها فنهضت ، فلم تكد تخدج يداها ، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع في السماء مثل الدخان ، فاستقسمت بالأزلام ، فخرج الذي أكره لا أضرهم ، فناديتهما بالأمان ، فوقفا لي وركبت
[ ص: 272 ] فرسي حتى جئتهما ، ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهما ، أنه سيظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت له : إن قومك قد جعلوا فيكما الدية ، وأخبرتهما أخبار ما يريد الناس بهم ، وعرضت عليهم الزاد والمتاع ، فلم يرزؤوني شيئا ، ولم يسألني ، إلا أن قال : أخف عنا . فسألته أن يكتب لي كتاب موادعة آمن به ، فأمر
عامر بن فهيرة ، فكتب في رقعة من أدم ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم . أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب الزهري ، قال : حدثني
عبد الرحمن بن مالك بن جعشم المدلجي أن أباه أخبره ، أن أخاه
سراقة بن جعشم أخبره ، ثم ساق الحديث ، وزاد فيه : وأخرجت سلاحي ثم لبست لأمتي ، وفيه : فكتب لي
أبو بكر ، ثم ألقاه إلي فرجعت فسكت ، فلم أذكر شيئا مما كان حتى فتح الله
مكة ، وفرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين خرجت لألقاه ومعي الكتاب ، فدخلت بين كتيبة من كتائب
الأنصار ، فطفقوا يقرعونني بالرماح ويقولون : إليك إليك ، حتى دنوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته ، أنظر إلى ساقه في غرزه كأنها جمارة ، فرفعت يدي بالكتاب فقلت : يا رسول الله هذا كتابك : فقال : " يوم وفاء وبر ادن " . قال : فأسلمت ، ثم ذكرت شيئا أسأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال
ابن شهاب : سأله عن الضالة وشيء آخر ، قال : فانصرفت وسقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقتي .
وقال
البكائي ، عن
ابن إسحاق : حدثت عن
أسماء بنت أبي بكر أنها قالت : لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأبو بكر ، أتى نفر من
قريش ، فيهم
[ ص: 273 ] أبو جهل ، فوقفوا على باب
أبي بكر ، فخرجت إليهم ، فقالوا : أين أبوك ؟ قلت : لا أدري والله أين أبي ، فرفع
أبو جهل يده وكان فاحشا خبيثا فلطمني على خدي لطمة طرح منها قرطي .
وحدثني
يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير أن أباه حدثه عن جدته
أسماء بنت أبي بكر ، قالت : لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج معه
أبو بكر ، احتمل
أبو بكر ماله كله معه ، خمسة آلاف أو ستة آلاف درهم ، فانطلق به معه ، فدخل علينا جدي
أبو قحافة - وقد ذهب بصره - فقال : والله إني لأراه فجعكم بماله مع نفسه . قالت : قلت : كلا يا أبه ، قد ترك لنا خيرا كثيرا . قالت : فأخذت أحجارا فوضعتها في كوة من البيت كان أبي يضع فيها ماله ، ثم وضعت يده عليه فقال : لا بأس إذا كان قد ترك لكم هذا فقد أحسن ، وفي هذا بلاغ لكم ، قالت : ولا والله ما ترك لنا شيئا ، ولكني أردت أن أسكن الشيخ .
وحدثني
الزهري ، أن
عبد الرحمن بن مالك بن جعشم حدثه ، عن أبيه ، عن عمه
سراقة بن مالك بن جعشم ، قال : لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من
مكة مهاجرا ، جعلت
قريش فيه مائة ناقة لمن رده ، قال : فبينا أنا جالس ، أقبل رجل منا فقال : والله لقد رأيت ركبا ثلاثة مروا علي آنفا ، إني لأراهم
محمدا وأصحابه ، فأومأت إليه ، يعني أن اسكت ، ثم قلت : إنما هم بنو فلان يبتغون ضالة لهم ، قال : لعله ، قال : فمكثت قليلا ، ثم قمت فدخلت بيتي ، فذكر نحو ما تقدم .
قال : وحدثت عن
أسماء بنت أبي بكر قالت : فمكثنا ثلاث ليال ما ندري أين وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى أقبل رجل من الجن من أسفل
مكة [ ص: 274 ] يتغنى بأبيات من شعر غناء العرب ، وإن الناس ليتبعونه ، ويسمعون صوته ، حتى خرج من أعلى
مكة ، وهو يقول :
جزى الله رب الناس خير جزائه رفيقين حلا خيمتي أم معبد
هما نزلا بالبر ثم تروحا فأفلح من أمسى رفيق محمد
ليهن بني كعب مكان فتاتهم ومقعدها للمؤمنين بمرصد
قالت : فعرفنا حيث وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن وجهه إلى
المدينة .
قلت : قد سقت
nindex.php?page=treesubj&link=30669خبر أم معبد بطوله في صفته صلى الله عليه وسلم ، كما يأتي إن شاء الله تعالى .
[ ص: 265 ] سِيَاقُ
nindex.php?page=treesubj&link=29301خُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ مُهَاجِرًا
قَالَ
عُقَيْلٌ : قَالَ
ابْنُ شِهَابٍ : وَأَخْبَرَنِي
عُرْوَةُ nindex.php?page=hadith&LINKID=881905أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا وَيَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَفَيِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا ، فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الْغَمَادِ ، لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَّةِ وَهُوَ سَيِّدُ الْقَارَّةِ ، قَالَ : أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ ؟ قَالَ : أَخْرَجَنِي قَوْمِي ، فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الْأَرْضِ وَأَعْبُدَ رَبِّي . قَالَ : إِنَّ مِثْلَكَ لَا يَخْرُجُ ، إِنَّكَ تُكْسِبُ الْمَعْدُومَ ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ ، وَأَنَا لَكَ جَارٌ ، فَارْجِعْ فَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبِلَادِكَ . وَارْتَحَلَ ابْنُ الدَّغِنَّةِ مَعَ أَبِي بَكْرٍ ، فَطَافَ فِي أَشْرَافِ قُرَيْشٍ ، فَقَالَ لَهُمْ : إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَا يُخْرَجُ مِثْلُهُ وَلَا يَخْرُجُ ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يُكْسِبُ الْمَعْدُومَ ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ ، وَيَحْمِلُ الْكَلَّ ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ! فَأَنْفَذَتْ قُرَيْشٌ جِوَارَ ابْنِ الدَّغِنَّةِ ، وَقَالُوا لَهُ : مُرْ أَبَا بَكْرٍ يَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ ، فَلْيُصَلِّ وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ ، وَلَا يُؤْذِينَا بِذَلِكَ ، وَلَا يَسْتَعْلِنُ بِهِ ، فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يُفْتَنَ أَبْنَاؤُنَا وَنِسَاؤُنَا . فَقَالَ ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرٍ ، فَلَبِثَ يَعْبُدُ رَبَّهُ وَلَا يَسْتَعْلِنُ بِالصَّلَاةِ وَلَا الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ دَارِهِ ، ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ وَبَرَزَ ، فَيُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ ، فَيَتَقَصَّفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ ، يَعْجَبُونَ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَكَادُ يَمْلِكُ دَمْعَهُ حِينَ يَقْرَأُ ، فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ [ ص: 266 ] الدَّغِنَّةِ ، فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالُوا لَهُ : إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ ، وَإِنَّهُ جَاوَزَ ذَلِكَ ، وَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ ، وَأَعْلَنَ الصَّلَاةَ وَالْقِرَاءَةَ ، وَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يُفْتَنَ أَبْنَاؤُنَا وَنِسَاؤُنَا ، فَأْتِهِ فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَعَلَ ، وَإِنْ أَبِي إِلَّا أَنْ يُعْلِنَ ذَلِكَ فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْكَ جِوَارَكَ ، فَإِنَّا قَدْ كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لِأَبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلَانَ . قَالَتْ عَائِشَةُ : فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَّةِ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ : قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَرُدَّ إِلَيَّ ذِمَّتِي ، فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ . وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسْلِمِينَ : قَدْ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ ، أُرِيتُ سَبْخَةً ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ . وَهُمَا الْحَرَّتَانِ ، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْضُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ . وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَلَى رِسْلِكَ ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي . قَالَ : هَلْ تَرْجُو بِأَبِي أَنْتَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَصْحَبَهُ ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ . فَبَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ فِي بَيْتِنَا فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ، قِيلَ لِأَبِي بَكْرٍ : هَذَا رَسُولُ اللَّهِ مُقْبِلًا مُتَقَنِّعًا فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : فِدَاءٌ لَهُ أَبِي وَأُمِّي ، أَمَا وَاللَّهِ إِنْ جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا أَمْرٌ . قَالَتْ : فَجَاءَ وَاسْتَأْذَنَ ، فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ ، فَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ : أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَقَالَ : اخْرُجْ فَقَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ . قَالَ : فَخُذْ مِنِّي إِحْدَى رَاحِلَتَيَّ . قَالَ : بِالثَّمَنِ . قَالَتْ عَائِشَةُ : فَجَهَّزْتُهُمَا أَحَثَّ الْجِهَازِ ، فَصَنَعْنَا لَهُمَا [ ص: 267 ] سُفْرَةً فِي جِرَابٍ ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا فَأَوْكَتْ بِهِ الْجِرَابَ ، فَبِذَلِكَ كَانَتْ تُسَمَّى " ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ " ، ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ ثَوْرٌ ، فَمَكَثَا فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ ، يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ لَقِنٌ ثَقِفٌ ، فَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ ، فَيُصْبِحُ فِي قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ ، فَلَا يَسْمَعُ أَمْرًا يَكِيدُونَ بِهِ إِلَّا وَعَاهُ ، حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلَامُ ، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْحَةً ، وَيُرِيحُ عَلَيْهِمَا حِينَ تَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ ، فَيَبِيتَانِ فِي رِسْلِ مِنْحَتِهِمَا حَتَّى يَنْعِقَ بِهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ ، يَفْعَلُ ذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنَ اللَّيَالِي الثَّلَاثِ . وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ هَادِيًا خِرِّيتًا ، قَدْ غَمَسَ يَمِينَ حِلْفٍ فِي آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ ، وَهُوَ عَلَى جَاهِلِيَّتِهِ ، فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا وَوَعْدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ ، فَأَتَاهُمَا بِرَاحِلَتَيْهِمَا صَبِيحَةَ ثَلَاثٍ ، فَارْتَحَلَا ، وَانْطَلَقَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ الدِّيلِيُّ ، فَأَخَذَ بِهِمَا فِي طَرِيقِ السَّاحِلِ . أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ .
عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : وَاللَّهِ لَلَيْلَةٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَيَوْمٌ خَيْرٌ مِنْ عُمَرَ ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَارِبًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ لَيْلًا ، فَتَبِعَهُ أَبُو بَكْرٍ ، فَجَعَلَ يَمْشِي مَرَّةً أَمَامَهُ ، وَمَرَّةً خَلْفَهُ يَحْرُسُهُ ، فَمَشَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَتَهُ حَتَّى حَفِيَتْ رِجْلَاهُ ، فَلَمَّا رَآهُمَا أَبُو بَكْرٍ حَمَلَهُ عَلَى كَاهِلِهِ ، حَتَّى أَتَى بِهِ فَمَ الْغَارِ ، وَكَانَ فِيهِ خَرْقٌ فِيهِ حَيَّاتٌ ، فَخَشِيَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُنَّ شَيْءٌ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ فَأَلْقَمَهُ قَدَمَهُ ، فَجَعَلْنَ يَضْرِبْنَهُ وَيَلْسَعْنَهُ الْحَيَّاتُ وَالْأَفَاعِي وَدُمُوعُهُ تَنْحَدِرُ ، وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40لَا تَحْزَنْ [ ص: 268 ] إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ( 40 ) ) [ التَّوْبَةِ ] ، وَأَمَّا يَوْمُهُ ، فَلَمَّا ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ قُلْتُ : يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ تَأَلَّفِ النَّاسَ وَارْفُقْ بِهِمْ ، فَقَالَ : جَبَّارٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خَوَّارٌ فِي الْإِسْلَامِ ، بِمَ أَتَأَلَّفُهُمْ أَبِشِعْرٍ مُفْتَعَلٍ أَمْ بِقَوْلٍ مُفْتَرًى! وَذَكَرَ الْحَدِيثَ .
وَهُوَ مُنْكَرٌ ، سَكَتَ عَنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ ، وَسَاقَهُ مِنْ حَدِيثِ
يَحْيَى بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الرَّاسِبِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي
فُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ ، عَنْ
مَيْمُونٍ ، عَنْ
ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ ، عَنْ
عُمَرَ . وَآفَتُهُ مِنْ هَذَا
الرَّاسِبِيِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِثِقَةٍ ، مَعَ كَوْنِهِ مَجْهُولًا ، ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ فِي تَارِيخِهِ فَغَمَزَهُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16081الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ : حَدَّثَنَا
إِسْرَائِيلُ ، عَنِ
الْأَسْوَدِ ، عَنْ
جُنْدَبٍ ، قَالَ : كَانَ
أَبُو بَكْرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَارِ ، فَأَصَابَ يَدَهُ حَجَرٌ فَقَالَ :
إِنْ أَنْتِ إِلَّا أُصْبُعٌ دَمِيتِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ
الْأَسْوَدُ : هُوَ ابْنُ قَيْسٍ ، سَمِعَ مِنْ
جُنْدَبٍ الْبَجَلِيِّ ، وَاحْتَجَّا بِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ . وَقَالَ
هَمَّامٌ : حَدَّثَنَا
ثَابِتٌ ، عَنْ
أَنَسٍ أَنَّ
أَبَا بَكْرٍ حَدَّثَهُ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=881907كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَارِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَنْظُرُ إِلَى تَحْتِ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَقَالَ
ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ
أَبِي الْأَسْوَدِ ، عَنْ
عُرْوَةَ أَنَّهُمْ رَكِبُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ يَطْلُبُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَبَعَثُوا إِلَى أَهْلِ الْمِيَاهِ يَأْمُرُونَهُمْ بِهِ ، وَيَجْعَلُونَ لَهُمُ الْجُعْلَ الْعَظِيمَ إِلَى أَنْ قَالَ : فَأَجَازَ بِهِمَا الدَّلِيلُ أَسْفَلَ
مَكَّةَ ، ثُمَّ مَضَى بِهِمَا
[ ص: 269 ] حَتَّى جَاءَ بِهِمَا السَّاحِلَ أَسْفَلَ مِنْ
عُسْفَانَ ثُمَّ سَلَكَ فِي أَمَجٍ ، ثُمَّ أَجَازَ بِهِمَا حَتَّى عَارَضَ الطَّرِيقَ بَعْدَ أَنْ أَجَازَ
قُدَيْدًا ، ثُمَّ سَلَكَ فِي
الْخَرَّارِ ، ثُمَّ أَجَازَ عَلَى
ثَنِيَّةِ الْمِرَّةِ ، ثُمَّ سَلَكَ نَقْعًا ، مَدْلَجَةَ
ثَقِيفٍ ، ثُمَّ اسْتَبْطَنَ
مَدْلَجَةَ مِحَاجٍّ ، ثُمَّ
بَطْنَ مَرْجَحٍ ذِي الْعَصَوَيْنِ ، ثُمَّ أَجَازَ
الْقَاحَةَ ثُمَّ هَبَطَ لِلْعَرْجِ ، ثُمَّ أَجَازَ فِي
ثَنِيَّةِ الْغَابِرِ عَنْ يَمِينِ رَكُوبَةَ ، ثُمَّ هَبَطَ
بَطْنَ رِئْمٍ ثُمَّ قَدِمَ
قُبَاءً مِنْ قِبَلِ الْعَالِيَةِ .
وَقَالَ
مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ : حَدَّثَنَا
عَوْنُ بْنُ عَمْرٍو الْقَيْسِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ
أَبَا مُصْعَبٍ الْمَكِّيَّ ، قَالَ : أَدْرَكْتُ
الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ nindex.php?page=showalam&ids=9وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=68وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ ، فَسَمِعْتُهُمْ يَتَحَدَّثُونَ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْغَارِ أَمَرَ اللَّهُ بِشَجَرَةٍ فَنَبَتَتْ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَتَرَتْهُ ، وَأَمَرَ اللَّهُ الْعَنْكَبُوتَ فَنَسَجَتْ فَسَتَرَتْهُ ، وَأَمَرَ اللَّهُ حَمَامَتَيْنِ وَحْشِيَّتَيْنِ فَوَقَعَتَا بِفَمِ الْغَارِ ، وَأَقْبَلَ فِتْيَانُ قُرَيْشٍ بِعِصِيِّهِمْ وَسُيُوفِهِمْ ، فَجَاءَ رَجُلٌ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْبَاقِينَ فَقَالَ : رَأَيْتُ حَمَامَتَيْنِ بِفَمِ الْغَارِ ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ .
وَقَالَ
إِسْرَائِيلُ ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ
الْبَرَاءِ ، قَالَ : اشْتَرَى
أَبُو بَكْرٍ مِنْ
عَازِبٍ رَحْلًا بِثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا ، فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ لِعَازِبٍ : مُرِ
الْبَرَاءَ فَلْيَحْمِلْهُ إِلَى رَحْلِي ، فَقَالَ لَهُ
عَازِبٌ : لَا حَتَّى تُحَدِّثَنَا كَيْفَ صَنَعْتَ أَنْتَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجْتُمَا ، وَالْمُشْرِكُونَ يَطْلُبُونَكُمَا .
قَالَ : أَدْلَجْنَا مِنْ
مَكَّةَ لَيْلًا ، فَأَحْيَيْنَا لَيْلَتَنَا وَيَوْمَنَا حَتَّى أَظْهَرْنَا ، وَقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ ، فَرَمَيْتُ بِبَصَرِي هَلْ أَرَى مِنْ ظِلٍّ نَأْوِي إِلَيْهِ ، فَإِذَا صَخْرَةٌ فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهَا ، فَإِذَا بَقِيَّةُ ظِلٍّ لَهَا فَسَوَّيْتُهُ ، ثُمَّ فَرَشْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْوَةً ، ثُمَّ قُلْتُ : اضْطَجِعْ يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَاضْطَجَعَ ، ثُمَّ ذَهَبْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلِي هَلْ أَرَى مِنَ الطَّلَبِ أَحَدًا ، فَإِذَا بِرَاعِي غَنَمٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ إِلَى
[ ص: 270 ] الصَّخْرَةِ ، وَيُرِيدُ مِنْهَا الَّذِي أُرِيدُ ، يَعْنِي الظِّلَّ ، فَسَأَلْتُهُ : لِمَنْ أَنْتَ ؟ فَقَالَ : لِرَجُلٍ مِنْ
قُرَيْشٍ ، فَسَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ ، فَقُلْتُ : هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قُلْتُ : هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لِي ؟ قَالَ : نَعَمْ . فَأَمَرْتُهُ ، فَاعْتَقَلَ شَاةً مَنْ غَنَمِهِ ، وَأَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنَ التُّرَابِ ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ ، فَقَالَ هَكَذَا ، فَضَرَبَ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى ، فَحَلَبَ لِي كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ ، وَقَدْ رَوَّيْتُ مَعِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِدَاوَةً ، عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ ، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَوَافَيْتُهُ وَقَدِ اسْتَيْقَظَ ، فَقُلْتُ : اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ ، ثُمَّ قُلْتُ : قَدْ آنَ الرَّحِيلُ . قَالَ : فَارْتَحَلْنَا وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَنَا ، فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرَ
nindex.php?page=treesubj&link=30669سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ ، فَقُلْتُ : هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ( 40 ) ) [ التَّوْبَةِ ] . فَمَا أَنْ دَنَا مِنَّا ، وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ قَيْدَ رُمْحَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ ، قُلْتُ : هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ . وَبَكَيْتُ ، فَقَالَ : مَا يُبْكِيكَ ؟ قُلْتُ : أَمَا وَاللَّهِ مَا عَلَى نَفْسِي أَبْكِي وَلَكِنِّي إِنَّمَا أَبْكِي عَلَيْكَ . فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : اللَّهُمَّ اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ . فَسَاخَتْ بِهِ فَرَسُهُ فِي الْأَرْضِ إِلَى بَطْنِهَا ، فَوَثَبَ عَنْهَا ، ثُمَّ قَالَ : يَا
مُحَمَّدُ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا عَمَلُكَ ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُنَجِّينِي مِمَّا أَنَا فِيهِ ، فَوَاللَّهِ لَأُعَمِّيَنَّ عَلَى مَنْ وَرَائِي مِنَ الطَّلَبِ ، وَهَذِهِ كِنَانَتِي فَخُذْ مِنْهَا سَهْمًا ، فَإِنَّكَ سَتَمُرُّ بِإِبِلِي وَغَنَمِي بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا ، فَخُذْ مِنْهَا حَاجَتَكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حَاجَةَ لَنَا فِي إِبِلِكَ وَغَنَمِكَ . وَدَعَا لَهُ ، فَانْطَلَقَ رَاجِعًا إِلَى أَصْحَابِهِ ، وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا
الْمَدِينَةَ لَيْلًا . أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ
زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، سَمِعْتُ
أَبَا إِسْحَاقَ ، قَالَ : سَمِعْتُ
الْبَرَاءَ . وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ
إِسْرَائِيلَ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ [ ص: 271 ] رَجَاءٍ ، عَنْهُ .
وَقَالَ
عُقَيْلٌ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ : أَخْبَرَنِي
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكٍ الْمُدْلِجِيُّ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ ، أَنَّهُ سَمِعَ
سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ يَقُولُ : جَاءَنَا رُسُلُ كُفَّارِ
قُرَيْشٍ يَجْعَلُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَأَبِي بَكْرٍ دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي قَتْلِهِ أَوْ أَسْرِهِ ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ فِي مَجْلِسِ قَوْمِي
بَنِي مُدْلِجٍ ، أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ ، حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ جُلُوسٌ ، فَقَالَ : يَا
سُرَاقَةُ إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ آنِفًا أَسْوِدَةً بِالسَّاحِلِ ، أُرَاهَا
مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ . قَالَ
سُرَاقَةُ : فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ هُمْ ، فَقُلْتُ : إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِهِمْ ، وَلَكِنْ رَأَيْتَ فُلَانًا وَفُلَانًا ، انْطَلَقُوا بَاغِينَ ، ثُمَّ قَلَّ مَا لَبِثْتُ فِي الْمَجْلِسِ حَتَّى قُمْتُ فَدَخَلْتُ بَيْتِي ، فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي أَنْ تَخْرُجَ بِفَرَسِي فَتُهْبِطَهَا مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ فَتَحْبِسَهَا عَلَيَّ ، فَأَخَذْتُ بِرُمْحِي . وَخَرَجْتُ مِنْ ظَهْرِ الْبَيْتِ ، فَخَطَطْتُ بِزُجِّهِ الْأَرْضَ ، وَخَفَّضْتُ عَالِيَةَ الرُّمْحِ حَتَّى أَتَيْتُ فَرَسِي فَرَكِبْتُهَا ، فَرَفَعْتُهَا تُقَرِّبُ بِي ، حَتَّى إِذَا دَنَوْتُ مِنْهُمْ عَثَرَتْ بِي فَرَسِي فَخَرَرْتُ ، فَقُمْتُ فَأَهْوَيْتُ بِيَدِي إِلَى كِنَانَتِي ، فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الْأَزْلَامَ ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا أَضُرُّهُمْ أَوْ لَا أَضُرُّهُمْ ، فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ : لَا أَضُرُّهُمْ ، فَرَكِبْتُ فَرَسِي وَعَصَيْتُ الْأَزْلَامَ ، فَرَفَعْتُهَا تُقَرِّبُ بِي ، حَتَّى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ لَا يَلْتَفِتُ ،
وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ التَّلَفُّتَ ، سَاخَتْ يَدَا فَرَسِي فِي الْأَرْضِ ، حَتَّى بَلَغَتِ الرُّكْبَتَيْنِ ، فَخَرَرْتُ عَنْهَا ، ثُمَّ زَجَرْتُهَا فَنَهَضَتْ ، فَلَمْ تَكَدْ تُخْدِجُ يَدَاهَا ، فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً إِذَا لِأَثَرِ يَدَيْهَا غُبَارٌ سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ مِثْلُ الدُّخَانِ ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِالْأَزْلَامِ ، فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ لَا أَضُرُّهُمْ ، فَنَادَيْتُهُمَا بِالْأَمَانِ ، فَوَقَفَا لِي وَرَكِبْتُ
[ ص: 272 ] فَرَسِي حَتَّى جِئْتُهُمَا ، وَوَقَعَ فِي نَفْسِي حِينَ لَقِيتُ مَا لَقِيتُ مِنَ الْحَبْسِ عَنْهُمَا ، أَنَّهُ سَيَظْهَرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَعَلُوا فِيكُمَا الدِّيَةَ ، وَأَخْبَرْتُهُمَا أَخْبَارَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمُ الزَّادَ وَالْمَتَاعَ ، فَلَمْ يَرْزَؤُونِي شَيْئًا ، وَلَمْ يَسْأَلْنِي ، إِلَّا أَنْ قَالَ : أَخْفِ عَنَّا . فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِي كِتَابَ مُوَادَعَةٍ آمَنُ بِهِ ، فَأَمَرَ
عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ ، فَكَتَبَ فِي رُقْعَةٍ مِنْ أَدَمٍ ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17177مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ الْمُدْلِجِيُّ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ ، أَنَّ أَخَاهُ
سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمٍ أَخْبَرَهُ ، ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ ، وَزَادَ فِيهِ : وَأَخْرَجْتُ سِلَاحِي ثُمَّ لَبِسْتُ لَأْمَتِي ، وَفِيهِ : فَكَتَبَ لِي
أَبُو بَكْرٍ ، ثُمَّ أَلْقَاهُ إِلَيَّ فَرَجَعْتُ فَسَكَتُّ ، فَلَمْ أَذْكُرْ شَيْئًا مِمَّا كَانَ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ
مَكَّةَ ، وَفَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُنَيْنٍ خَرَجْتُ لِأَلْقَاهُ وَمَعِيَ الْكِتَابُ ، فَدَخَلْتُ بَيْنَ كَتِيبَةٍ مِنْ كَتَائِبِ
الْأَنْصَارِ ، فَطَفِقُوا يَقْرَعُونَنِي بِالرِّمَاحِ وَيَقُولُونَ : إِلَيْكَ إِلَيْكَ ، حَتَّى دَنَوْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ ، أَنْظُرُ إِلَى سَاقِهِ فِي غَرْزِهِ كَأَنَّهَا جُمَّارَةٌ ، فَرَفَعْتُ يَدَيَّ بِالْكِتَابِ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا كِتَابُكَ : فَقَالَ : " يَوْمُ وَفَاءٍ وَبِرٍّ ادْنُ " . قَالَ : فَأَسْلَمْتُ ، ثُمَّ ذَكَرْتُ شَيْئًا أَسْأَلُ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ
ابْنُ شِهَابٍ : سَأَلَهُ عَنِ الضَّالَّةِ وَشَيْءٍ آخَرَ ، قَالَ : فَانْصَرَفْتُ وَسُقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَتِي .
وَقَالَ
الْبَكَّائِيُّ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ : حُدِّثْتُ عَنْ
أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا قَالَتْ : لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَأَبُو بَكْرٍ ، أَتَى نَفَرٌ مِنْ
قُرَيْشٍ ، فِيهِمْ
[ ص: 273 ] أَبُو جَهْلٍ ، فَوَقَفُوا عَلَى بَابِ
أَبِي بَكْرٍ ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ ، فَقَالُوا : أَيْنَ أَبُوكِ ؟ قُلْتُ : لَا أَدْرِي وَاللَّهِ أَيْنَ أَبِي ، فَرَفَعَ
أَبُو جَهْلٍ يَدَهُ وَكَانَ فَاحِشًا خَبِيثًا فَلَطَمَنِي عَلَى خَدِّي لَطْمَةً طُرِحَ مِنْهَا قُرْطِي .
وَحَدَّثَنِي
يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنْ جَدَّتِهِ
أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ ، قَالَتْ : لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَرَجَ مَعَهُ
أَبُو بَكْرٍ ، احْتَمَلَ
أَبُو بَكْرٍ مَالَهُ كُلَّهُ مَعَهُ ، خَمْسَةَ آلَافٍ أَوْ سِتَّةَ آلَافِ دِرْهَمٍ ، فَانْطَلَقَ بِهِ مَعَهُ ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا جَدِّي
أَبُو قُحَافَةَ - وَقَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ - فَقَالَ : وَاللَّهِ إِنِّي لَأُرَاهُ فَجَعَكُمْ بِمَالِهِ مَعَ نَفْسِهِ . قَالَتْ : قُلْتُ : كَلَّا يَا أَبَهْ ، قَدْ تَرَكَ لَنَا خَيْرًا كَثِيرًا . قَالَتْ : فَأَخَذْتُ أَحْجَارًا فَوَضَعْتُهَا فِي كُوَّةٍ مِنَ الْبَيْتِ كَانَ أَبِي يَضَعُ فِيهَا مَالَهُ ، ثُمَّ وَضَعْتُ يَدَهُ عَلَيْهِ فَقَالَ : لَا بَأْسَ إِذَا كَانَ قَدْ تَرَكَ لَكُمْ هَذَا فَقَدْ أَحْسَنَ ، وَفِي هَذَا بَلَاغٌ لَكُمْ ، قَالَتْ : وَلَا وَاللَّهِ مَا تَرَكَ لَنَا شَيْئًا ، وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أُسَكِّنَ الشَّيْخَ .
وَحَدَّثَنِي
الزُّهْرِيُّ ، أَنَّ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ حَدَّثَهُ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَمِّهِ
سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ ، قَالَ : لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ
مَكَّةَ مُهَاجِرًا ، جَعَلَتْ
قُرَيْشٌ فِيهِ مِائَةَ نَاقَةٍ لِمَنْ رَدَّهُ ، قَالَ : فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ ، أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَّا فَقَالَ : وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَكْبًا ثَلَاثَةً مَرُّوا عَلَيَّ آنِفًا ، إِنِّي لَأُرَاهُمْ
مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ ، فَأَوْمَأْتُ إِلَيْهِ ، يَعْنِي أَنِ اسْكُتْ ، ثُمَّ قُلْتُ : إِنَّمَا هُمْ بَنُو فُلَانٍ يَبْتَغُونَ ضَالَّةً لَهُمْ ، قَالَ : لَعَلَّهُ ، قَالَ : فَمَكَثْتُ قَلِيلًا ، ثُمَّ قُمْتُ فَدَخَلْتُ بَيْتِي ، فَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ .
قَالَ : وَحُدِّثْتُ عَنْ
أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ : فَمَكَثْنَا ثَلَاثَ لَيَالٍ مَا نَدْرِي أَيْنَ وَجَّهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حَتَّى أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَ الْجِنِّ مِنْ أَسْفَلِ
مَكَّةَ [ ص: 274 ] يَتَغَنَّى بِأَبْيَاتٍ مِنْ شِعْرِ غِنَاءِ الْعَرَبِ ، وَإِنَّ النَّاسَ لَيَتْبَعُونَهُ ، وَيَسْمَعُونَ صَوْتَهُ ، حَتَّى خَرَجَ مِنْ أَعْلَى
مَكَّةَ ، وَهُوَ يَقُولُ :
جَزَى اللَّهُ رَبَّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ رَفِيقَيْنِ حَلَّا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ
هُمَا نَزَلَا بِالْبَرِّ ثُمَّ تَرَوَّحَا فَأَفْلَحَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ
لِيُهْنِ بَنِي كَعْبٍ مَكَانُ فَتَاتِهِمْ وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ
قَالَتْ : فَعَرَفْنَا حَيْثُ وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ وَجْهَهُ إِلَى
الْمَدِينَةِ .
قُلْتُ : قَدْ سُقْتُ
nindex.php?page=treesubj&link=30669خَبَرَ أُمِّ مَعْبَدٍ بِطُولِهِ فِي صِفَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَمَا يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .