قلت : خرج القراء ، وهم أهل القرآن والصلاح
بالعراق على
الحجاج لظلمه وتأخيره الصلاة والجمع في الحضر ، وكان ذلك مذهبا واهيا
لبني أمية كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=880050 " يكون عليكم أمراء يميتون الصلاة " فخرج على
الحجاج عبد الرحمن بن الأشعث بن قيس الكندي ، وكان شريفا مطاعا ، وجدته أخت الصديق ، فالتف على مائة ألف أو يزيدون ، وضاقت على
الحجاج الدنيا ، وكاد أن يزول ملكه ، وهزموه مرات ، وعاين التلف وهو ثابت مقدام ، إلى أن انتصر وتمزق جمع
ابن الأشعث . وقتل خلق
[ ص: 307 ] كثير من الفريقين ، فكان من ظفر به
الحجاج منهم قتله إلا من باء منهم بالكفر على نفسه فيدعه .
سعيد بن عامر ، عن
حميد بن الأسود ، عن
عيسى الحناط قال : قال
الشعبي : إنما كان يطلب هذا العلم من اجتمعت فيه خصلتان : العقل والنسك ; فإن كان عاقلا ولم يكن ناسكا قال : هذا أمر لا يناله إلا النساك فلن أطلبه ، وإن كان ناسكا ولم يكن عاقلا قال : هذا أمر لا يناله إلا العقلاء ، فلن أطلبه ، يقول
الشعبي : فلقد رهبت أن يكون يطلبه اليوم من ليس فيه واحدة منهما ، لا عقل ولا نسك .
قلت : أظنه أراد بالعقل الفهم والذكاء .
قال
مجالد : قال
الشعبي :
إسماعيل بن أبي خالد يزدرد العلم ازدرادا .
وقلما روى
الأعمش عن
الشعبي ، فروى
حفص عن
الأعمش ، عن
الشعبي ، قال : لا بأس بذبيحة الليطة . فقلت
للأعمش : يا
أبا محمد ، ما منعك من إتيان
الشعبي ؟ قال : ويحك ، كيف كنت آتيه وهو إذا رآني سخر بي ويقول : هذه هيئة عالم ! ما هيئتك إلا هيئة حائك . وكنت إذا أتيت
إبراهيم أكرمني وأدناني .
قال
عاصم الأحول : حدثني
الشعبي بحديث ، فقلت : إن هذا يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم . قال : من دونه أحب إلينا إن كان فيه زيادة أو نقصان .
خالد الحذاء ، عن
حصين ، عن
عامر ، قال : ما كذب على أحد في هذه الأمة ما كذب على
علي .
ابن عيينة : عن
ابن شبرمة ، عن
الشعبي ، قال : ما جلست مع قوم مذ
[ ص: 308 ] كذا وكذا ، فخاضوا في حديث إلا كنت أعلمهم به .
nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى : حدثنا
داود بن يزيد ، سمعت
الشعبي يقول : والله لو أصبت تسعا وتسعين مرة وأخطأت مرة ، لأعدوا علي تلك الواحدة .
وعن
زكريا بن أبي زائدة ، عن
الشعبي قال : كأني بهذا العلم تحول إلى
خراسان .
عبد الله بن إدريس ، عن
عمرو بن خليفة ، عن
أبي عمرو ، عن
الشعبي ، قال : أصبحت الأمة على أربع فرق : محب
لعلي مبغض
لعثمان ، ومحب
لعثمان مبغض
لعلي ، ومحب لهما ، ومبغض لهما . قلت : من أيها أنت ؟ قال : مبغض لباغضهما .
عبد الله بن إدريس : حدثنا عمي ، قال لي
الشعبي : أحدثك عن القوم كأنك شهدتهم ، كان
شريح أعلمهم بالقضاء ، وكان
عبيدة يوازي شريحا في علم القضاء ، وأما
علقمة ، فانتهى إلى علم
عبد الله لم يجاوزه ، وأما
مسروق ، فأخذ عن كل . وكان
الربيع بن خثيم أعلمهم علما ، وأورعهم ورعا .
قال
زكريا بن أبي زائدة : كان
الشعبي يمر
بأبي صالح فيأخذ بأذنه ويقول : تفسر القرآن وأنت لا تقرأ القرآن !
عبد الوهاب بن نجدة : حدثنا
بقية ، حدثنا
سعيد بن عبد العزيز ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=15884ربيعة بن يزيد ، قال : جلست إلى
الشعبي بدمشق في خلافة
عبد الملك ، فحدث رجل من الصحابة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
" اعبدوا [ ص: 309 ] ربكم ولا تشركوا به شيئا ، وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ، وأطيعوا الأمراء ، فإن كان خيرا فلكم ، وإن كان شرا فعليهم وأنتم منه برآء " فقال له
الشعبي : كذبت .
هكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم فقال : حدثنا
إبراهيم بن مضارب العمري ، حدثنا
أبو بكر محمد بن إسماعيل بن مهران ، حدثنا
عبد الوهاب فكأنه أراد بها أخطأت .
قراد : حدثنا
يونس بن أبي إسحاق ، عن
طارق بن عبد الرحمن ، قال : كنت جالسا على باب
الشعبي إذ جاء
جرير بن يزيد بن جرير البجلي ، فدعا
الشعبي له بوسادة ، فقلنا له : حولك أشياخ ، وجاء هذا الغلام فدعوت له بوسادة ! ؟ قال : نعم ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=880052إن رسول الله ألقى لجده وسادة وقال : " إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه " .
شبابة : حدثنا
يزيد بن عياض ، عن
مجالد ، قال : كنت أمشي مع
قيس الأرقب ، فمررنا
بالشعبي ، فقال لي
الشعبي : اتق الله لا يشعلك بناره . فقال
قيس : أما والله قد كنت في هذه الدار - كذا قال ، ولعله في هذا الرأي - ثم قال له : وما تركته إلا لحب الدنيا . قال : فقلت : إن كنت كاذبا ، فلعنك الله . قال : فهل تعرف أصحاب علي ؟ قال
الشعبي : ما كنت أعرف فقهاء
الكوفة إلا أصحاب
عبد الله قبل أن يقدم علينا
علي ، ولقد كان أصحاب
عبد الله يسمون قناديل المسجد ، أو سرج المصر . قال
قيس : أفلا تعرف أصحاب
علي ؟ قال : نعم . قال : فهل تعرف
nindex.php?page=showalam&ids=14057الحارث الأعور ؟ قال : نعم ،
[ ص: 310 ] لقد تعلمت منه حساب الفرائض فخشيت على نفسي منه الوسواس ، فلا أدري ممن تعلمه . قال : فهل تعرف
ابن صبور ؟ قال : نعم ، ولم يكن بفقيه ، ولم يكن فيه خير . قال : فهل تعرف
صعصعة بن صوحان ؟ قال : كان رجلا خطيبا ولم يكن بفقيه . قال : فهل تعرف
رشيدا الهجري ؟ قال
الشعبي : نعم ، بينما أنا واقف في الهجريين إذ قال لي رجل : هل لك في رجل علينا يحب أمير المؤمنين ؟ قلت : نعم . فأدخلني على
رشيد فقال : خرجت حاجا ، فلما قضيت نسكي ، قلت : لو أحدثت عهدا بأمير المؤمنين ، فممررت
بالمدينة ، فأتيت باب
علي - رضي الله عنه - فقلت لإنسان : استأذن لي على سيد المسلمين ، فقال : هو نائم ، وهو يحسب أني أعني
الحسن ، قلت : لست أعني
الحسن إنما أعني أمير المؤمنين ، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين .
قال : أوليس قد مات ! فبكى . فقلت : أما والله إنه ليتنفس الآن بنفس حي ، ويعترق من الدثار الثقيل . فقال : أما إذ عرفت سر آل
محمد ، فادخل عليه ، فسلم عليه . فدخلت على أمير المؤمنين ، فسلمت عليه ، وأنبأني بأشياء تكون . قال
الشعبي : فقلت
لرشيد : إن كنت كاذبا ، فلعنك الله ، ثم خرجت .
وبلغ الحديث
زيادا ، فقطع لسانه وصلبه قال
شبابة : وحدثنيه غير واحد ، عن
مجالد ، عن
الشعبي .
إسماعيل بن أبي خالد ، عن
عامر ، عن
علقمة ، قال : أفرط ناس في حب
علي كما أفرطت
النصارى في حب المسيح .
وروى
خالد بن سلمة ، عن
الشعبي قال :
حب أبي بكر وعمر ومعرفة فضلهما من السنة .
[ ص: 311 ] nindex.php?page=showalam&ids=16872مالك بن مغول ، عن
الشعبي : ما بكيت من زمان إلا بكيت عليه .
روى
مجالد وغيره ، أن رجلا مغفلا لقي
الشعبي ومعه امرأة تمشي ، فقال : أيكما
الشعبي ؟ قال : هذه .
وعن
عامر بن يساف قال : قال لي
الشعبي : امض بنا نفر من أصحاب الحديث ، فخرجنا ، قال : فمر بنا شيخ ، فقال له
الشعبي : ما صنعتك ؟ قال : رفاء ، قال : عندنا دن مكسور ترفوه لنا ؟ قال : إن هيأت لي سلوكا من رمل ، رفوته . فضحك
الشعبي حتى استلقى .
روى
عطاء بن السائب ، عن
الشعبي قال : ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها .
عبد الواحد بن زياد ، عن
الحسن بن عبد الرحمن ، قال : رأيت
الشعبي سلم على نصراني فقال : السلام عليك ورحمة الله . فقيل له في ذلك فقال : أوليس في رحمة الله ، لولا ذلك ، لهلك .
روى
مجالد عن
الشعبي قال : لعن الله " أرأيت " .
قال
أبو بكر الهذلي ، قال
الشعبي : أرأيتم لو قتل
الأحنف ، وقتل معه صغير ، أكانت ديتهما سواء ، أم يفضل
الأحنف لعقله وحلمه ؟ قلت : بل سواء . قال : فليس القياس بشيء .
[ ص: 312 ] مجالد ، عن
الشعبي : نعم الشيء الغوغاء ، يسدون السيل ويطفئون الحريق ، ويشغبون على ولاة السوء .
وبلغنا عن
الشعبي أنه قال : يا ليتني أنفلت من علمي كفافا لا علي ولا لي .
إسحاق الأزرق ، عن
الأعمش ، قال : أتى رجل
الشعبي ، فقال : ما اسم امرأة إبليس ؟ قال : ذاك عرس ما شهدته .
ابن عيينة ، عن
ابن شبرمة ، قال : سئل
الشعبي عمن نذر أن يطلق امرأته ؟ قال : ليس بشيء قال : فنهيت
الشعبي أنا فقال : ردوا علي الرجل : نذرك في عنقك إلى يوم القيامة .
عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : رأيت
الشعبي ينشد الشعر في المسجد ، ورأيت عليه حلفة حمراء ، وإزارا أصفر .
قال
ابن شبرمة : استعمل
ابن هبيرة الشعبي على القضاء وكلفه أن يسامره فقال : لا أستطيع ، فأفردني بأحدهما .
قال
عاصم الأحول ، كان
الشعبي أكثر حديثا من
الحسن وأسن منه بسنتين .
الهيثم بن عدي : حدثنا
مجالد ، عن
الشعبي . قال : كره الصالحون
[ ص: 313 ] الأولون الإكثار من الحديث ، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما حدثت إلا بما أجمع عليه أهل الحديث .
قلت : الهيثم واه .
وروي عن
الشعبي قال : رزق صبيان هذا الزمان من العقل ما نقص من أعمارهم في هذا الزمان .
قال
ابن شبرمة : مر
الشعبي - وأنا معه - بإنسان وهو يقول : فتن
الشعبي لما رفع الطرف إليها
فلما رأى
الشعبي كأنه ولم يتم البيت ، فقال
الشعبي : . . . . . . . . . . . . . . . . . . نظر الطرف إليها
قلت : هذه أبيات مشهورة ، عملها رجل تحاكم هو وزوجته إلى
الشعبي أيام قضائه يقول فيها :
فتنته ببنان وبخطي مقلتيها
قال للجلواز قدمها وأحضر شاهديها فقضى جورا على الخصم
ولم يقض عليها
[ ص: 314 ] قال
ابن شبرمة عن
الشعبي : إذا عظمت الحلقة فإنما هو نجاء أو نداء .
قرأت على
إسحاق بن طارق : أخبركم
ابن خليل ، أنبأنا
أبو المكارم اللبان ، أنبأنا
أبو علي الحداد ، أنبأنا
أبو نعيم ، وحدثنا
محمد بن علي بن محارب ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13918محمد بن إبراهيم البوشنجي حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17387يعقوب بن كعب ( ح ) ، قال
أبو نعيم . وحدثنا
محمد بن علي بن حبيش ، حدثنا
ابن زنجويه ، أنبأنا
إسماعيل بن عبد الله الرقي ( ح ) وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ، حدثنا
أحمد بن المعلى ، حدثنا
هشام ، قالوا : حدثنا
عيسى بن يونس ، عن
عباد بن موسى ، عن
الشعبي ، قال : أتي بي
الحجاج موثقا ، فلما انتهيت إلى باب القصر لقيني
يزيد بن أبي مسلم فقال : إنا لله يا
شعبي لما بين دفتيك من العلم ، وليس بيوم شفاعة ، بؤ للأمير بالشرك والنفاق على نفسك فبالحري أن تنجو .
ثم لقيني
محمد بن الحجاج فقال لي مثل مقالة
يزيد ، فلما دخلت عليه قال : وأنت يا
شعبي فيمن خرج علينا وكثر ! قلت : أصلح الله الأمير ، أحزن بنا المنزل ، وأجدب الجناب وضاق المسلك ، واكتحلنا السهر ، واستحلسنا الخوف ، ووقعنا في خزية لم نكن فيها بررة أتقياء ، ولا فجرة أقوياء . قال : صدق والله ، ما بروا في خروجهم علينا ، ولا قووا علينا حيث فجروا . فأطلقوا عني . قال : فاحتاج إلى فريضة ، فقال : ما تقول في أخت وأم وجد ؟ قلت : اختلف فيها خمسة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
عثمان ،
وزيد ،
وابن [ ص: 315 ] مسعود ،
وعلي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس . قال : فما قال فيها
ابن عباس ؟ إن كان لمنقبا . قلت : جعل الجد أبا وأعطى الأم الثلث ولم يعط الأخت شيئا .
قال : فما قال فيها أمير المؤمنين ؟ - يعني
عثمان - قلت : جعلها أثلاثا . قال : فما قال فيها
زيد ؟ قلت : جعلها من تسعة ، فأعطى الأم ثلاثا ، وأعطى الجد أربعا ، وأعطى الأخت سهمين . قال : فما قال فيها
ابن مسعود ؟ قلت : جعلها من ستة ، أعطى الأخت ثلاثا ، وأعطى الأم سهما ، وأعطى الجد سهمين . قال : فما قال فيها
أبو تراب ؟ قلت : جعلها من ستة ، فأعطى الأخت ثلاثا ، والأم سهمين ، والجد سهما . قال : مر القاضي فليمضها على ما أمضاها عليه أمير المؤمنين
عثمان ، إذ دخل عليه الحاجب فقال : إن بالباب رسلا ، قال : ائذن لهم .
فدخلوا عمائمهم على أوساطهم ، وسيوفهم على عواتقهم ، وكتبهم في أيمانهم ، فدخل رجل من بني سليم ، يقال له
سيابة بن عاصم ، فقال : من أين أنت ؟ قال : من
الشام ، قال : كيف أمير المؤمنين ، كيف حشمه ؟ قال : هل كان وراءك من غيث ؟ قال : نعم ، أصابني فيما بيني وبين أمير المؤمنين ثلاث سحائب ، قال : فانعت لي . قال : أصابتني سحابة
بحوران ، فوقع قطر صغار وقطر كبار ، فكان الكبار لحمة للصغار ، فوقع سبط متدارك ، وهو السح الذي سمعت به ، فواد سائل وواد نازح ، وأرض مقبلة وأرض مدبرة ، فأصابتني سحابة بسواء ، أو قال : بالقريتين - شك
عيسى - فلبدت الدماث ،
[ ص: 316 ] وأسالت العزاز ، وأدحضت التلاع فصدعت عن الكمأة أماكنها ، وأصابتني - أيضا - سحابة فقاءت العيون بعد الري ، وامتلأت الإخاذ وأفعمت الأودية ، وجئتك في مثل وجار الضبع .
ثم قال : ائذن . فدخل رجل من
بني أسد ، فقال : هل كان وراءك من غيث ؟ قال : لا ، كثر الإعصار ، واغبر البلاد ، وأكل ما أشرف من الجنبة فاستيقنا أنه عام سنة . فقال : بئس المخبر أنت .
ثم قال : ائذن . فدخل رجل من أهل
اليمامة فقال : هل كان وراءك من غيث ؟ قال : تقنعت الرواد تدعو إلى زيادتها ، وسمعت قائلا يقول : هلم أظعنكم إلى محلة تطفأ فيها النيران ، وتشكى فيها النساء ، وتنافس فيها
[ ص: 317 ] المعزى . قال
الشعبي : فلم يدر
الحجاج ما قال ، فقال : ويحك ; إنما تحدث أهل
الشام ، فأفهمهم . فقال : نعم ، أصلح الله الأمير ، أخصب الناس ، فكان التمر والسمن والزبد واللبن ، فلا توقد نار ليختبز بها ، وأما تشكي النساء ، فإن المرأة تظل بربق بهمها تمخض لبنها فتبيت ولها أنين من عضديها ، كأنها ليستا معها ، وأما تنافس المعزى ، فإنها ترعى من أنواع الشجر وألوان الثمر ، ونور النبات ما تشبع بطونها ، ولا تشبع عيونها ، فتبيت وقد امتلأت أكراشها ، لها من الكظة جرة فتبقى الجرة حتى تستنزل بها الدرة .
ثم قال : ائذن . فدخل رجل من الموالي كان يقال : إنه من أشد الناس في ذلك الزمان فقال : هل كان وراءك من غيث ؟ قال : نعم ، ولكني لا أحسن أقول كما قال هؤلاء . قال : قل كما تحسن . قال : أصابتني سحابة
بحلوان فلم أزل أطأ في إثرها حتى دخلت على الأمير . فقال
الحجاج : لئن كنت أقصرهم في المطر خطبة ، إنك أطولهم بالسيف خطوة .
وبه ، إلى
أبي نعيم ، حدثنا
أبو حامد بن جبلة ، حدثنا
أبو العباس السراج ، حدثنا
محمد بن عباد بن موسى العكلي ، حدثنا أبي ، أخبرني
أبو بكر [ ص: 318 ] الهذلي ، قال : قال لي
الشعبي : ألا أحدثك حديثا تحفظه في مجلس واحد ، إن كنت حافظا كما حفظت ، إنه لما أتي بي
الحجاج وأنا مقيد ، فخرج إلي
يزيد بن أبي مسلم ، فقال : إنا لله ، فذكر نحوه .
علي بن الجعد : أنبأنا
شعبة ، عن
سلمة بن كهيل nindex.php?page=showalam&ids=16878ومجالد ، عن
الشعبي ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=880054شهدت عليا جلد شراحة يوم الخميس ، ورجمها يوم الجمعة ، فكأنهم أنكروا ، أو رأى أنهم أنكروا . فقال : جلدتها بكتاب الله ، ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
رواه جماعة ، عن
الشعبي ، وزاد بعضهم : إنها اعترفت بالزنا .
قال
إسماعيل بن مجالد ،
وخليفة ، وطائفة : مات
الشعبي سنة أربع ومائة زاد
ابن مجالد : وقد بلغ ثنتين وثمانين سنة .
وقال
الواقدي : مات سنة خمس ومائة عن سبع وسبعين سنة .
وفيهما أرخه
nindex.php?page=showalam&ids=13608محمد بن عبد الله بن نمير . وقال
الفلاس : في أول سنة ست ومائة وقال
يحيى : سنة ثلاث ومائة ، والأول أشهر .
ومن كلامه :
ابن عيينة عن
ابن شبرمة ، عن
الشعبي ، قال : إنما سمي هوى لأنه يهوي بأصحابه .
أبو عوانة ، عن
مغيرة ، عن
الشعبي ، قال : لا أدري : نصف العلم .
[ ص: 319 ] أخبرنا
عمر بن محمد الفارسي وجماعة ، قالوا : أنبأنا
ابن اللتي ، أنبأنا
أبو الوقت ، أنبأنا
الداودي ، أنبأنا
ابن حمويه أنبأنا
عيسى بن عمر ، حدثنا
أبو محمد الدارمي ، أنبأنا
محمد بن يوسف ، حدثنا
مالك - هو ابن مغول - قال : قال
الشعبي : ما حدثوك هؤلاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فخذه ، وما قالوه برأيهم فألقه في الحش .
أخبرنا
عبد الرحمن بن محمد إجازة ، أنبأنا
عمر بن محمد ، أنبأنا
هبة الله بن محمد ، أنبأنا
أبو طالب بن غيلان ، أنبأنا
أبو بكر الشافعي ، حدثنا
محمد بن الجهم السمري حدثنا
يعلى ويزيد ، عن
إسماعيل بن أبي خالد ، عن
عامر ، أنه سئل عن رجل نذر أن يمشي إلى
الكعبة ، فمشى نصف الطريق ثم ركب ؟ قال
ابن عباس : إذا كان عاما قابلا ، فليركب ما مشى وليمش ما ركب ، وينحر بدنة .
قُلْتُ : خَرَجَ الْقُرَّاءُ ، وَهُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ وَالصَّلَاحِ
بِالْعِرَاقِ عَلَى
الْحَجَّاجِ لِظُلْمِهِ وَتَأْخِيرِهِ الصَّلَاةَ وَالْجَمْعِ فِي الْحَضَرِ ، وَكَانَ ذَلِكَ مَذْهَبًا وَاهِيًا
لِبَنِي أُمَيَّةَ كَمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=880050 " يَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ " فَخَرَجَ عَلَى
الْحَجَّاجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ ، وَكَانَ شَرِيفًا مُطَاعًا ، وَجَدَّتُهُ أُخْتُ الصِّدِّيقِ ، فَالْتَفَّ عَلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ، وَضَاقَتْ عَلَى
الْحَجَّاجِ الدُّنْيَا ، وَكَادَ أَنْ يَزُولَ مُلْكُهُ ، وَهَزَمُوهُ مَرَّاتٍ ، وَعَايَنَ التَّلَفَ وَهُوَ ثَابِتٌ مِقْدَامٌ ، إِلَى أَنِ انْتَصَرَ وَتَمَزَّقَ جَمْعُ
ابْنِ الْأَشْعَثِ . وَقُتِلَ خَلْقٌ
[ ص: 307 ] كَثِيرٌ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ ، فَكَانَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ
الْحَجَّاجُ مِنْهُمْ قَتَلَهُ إِلَّا مَنْ بَاءَ مِنْهُمْ بِالْكُفْرِ عَلَى نَفْسِهِ فَيَدَعُهُ .
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ ، عَنْ
حُمَيْدِ بْنِ الْأَسْوَدِ ، عَنْ
عِيسَى الْحِنَّاطِ قَالَ : قَالَ
الشَّعْبِيُّ : إِنَّمَا كَانَ يَطْلُبُ هَذَا الْعِلْمَ مَنِ اجْتَمَعَتِ فِيهِ خَصْلَتَانِ : الْعَقْلُ وَالنُّسُكُ ; فَإِنْ كَانَ عَاقِلًا وَلَمْ يَكُنْ نَاسِكًا قَالَ : هَذَا أَمْرٌ لَا يَنَالُهُ إِلَّا النُّسَّاكُ فَلَنْ أَطْلُبَهُ ، وَإِنْ كَانَ نَاسِكًا وَلَمْ يَكُنْ عَاقِلًا قَالَ : هَذَا أَمْرٌ لَا يَنَالُهُ إِلَّا الْعُقَلَاءُ ، فَلَنْ أَطْلُبَهُ ، يَقُولُ
الشَّعْبِيُّ : فَلَقَدْ رَهِبْتُ أَنْ يَكُونَ يَطْلُبُهُ الْيَوْمَ مَنْ لَيْسَ فِيهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا ، لَا عَقْلَ وَلَا نَسُكَ .
قُلْتُ : أَظُنُّهُ أَرَادَ بِالْعَقْلِ الْفَهْمَ وَالذَّكَاءَ .
قَالَ
مُجَالِدٌ : قَالَ
الشَّعْبِيُّ :
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ يَزْدَرِدُ الْعِلْمَ ازْدِرَادًا .
وَقَلَّمَا رَوَى
الْأَعْمَشُ عَنِ
الشَّعْبِيِّ ، فَرَوَى
حَفْصٌ عَنِ
الْأَعْمَشِ ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : لَا بَأْسَ بِذَبِيحَةِ اللِّيطَةِ . فَقُلْتُ
لِلْأَعْمَشِ : يَا
أَبَا مُحَمَّدٍ ، مَا مَنَعَكَ مِنْ إِتْيَانِ
الشَّعْبِيِّ ؟ قَالَ : وَيْحَكَ ، كَيْفَ كُنْتُ آتِيهِ وَهُوَ إِذَا رَآنِي سَخِرَ بِي وَيَقُولُ : هَذِهِ هَيْئَةُ عَالِمٍ ! مَا هَيْئَتُكَ إِلَّا هَيْئَةُ حَائِكٍ . وَكُنْتُ إِذَا أَتَيْتُ
إِبْرَاهِيمَ أَكْرَمَنِي وَأَدْنَانِي .
قَالَ
عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ : حَدَّثَنِي
الشَّعْبِيُّ بِحَدِيثٍ ، فَقُلْتُ : إِنَّ هَذَا يُرْفَعُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ : مَنْ دُونَهُ أَحَبُّ إِلَيْنَا إِنْ كَانَ فِيهِ زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانُ .
خَالِدٌ الْحَذَّاءُ ، عَنْ
حُصَيْنٍ ، عَنْ
عَامِرٍ ، قَالَ : مَا كُذِبَ عَلَى أَحَدٍ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مَا كُذِبَ عَلَى
عَلِيٍّ .
ابْنُ عُيَيْنَةَ : عَنِ
ابْنِ شُبْرُمَةَ ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : مَا جَلَسْتُ مَعَ قَوْمٍ مُذْ
[ ص: 308 ] كَذَا وَكَذَا ، فَخَاضُوا فِي حَدِيثٍ إِلَّا كُنْتُ أَعْلَمَهُمْ بِهِ .
nindex.php?page=showalam&ids=16527عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى : حَدَّثَنَا
دَاوُدُ بْنُ يَزِيدَ ، سَمِعْتُ
الشَّعْبِيَّ يَقُولُ : وَاللَّهِ لَوْ أَصَبْتُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ مَرَّةً وَأَخْطَأْتُ مَرَّةً ، لَأَعَدُّوا عَلَيَّ تِلْكَ الْوَاحِدَةَ .
وَعَنْ
زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ قَالَ : كَأَنِّي بِهَذَا الْعِلْمِ تَحَوَّلَ إِلَى
خُرَاسَانَ .
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ خَلِيفَةَ ، عَنْ
أَبِي عَمْرٍو ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : أَصْبَحَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَرْبَعِ فِرَقٍ : مُحِبٍّ
لِعَلِيٍّ مُبْغِضٍ
لِعُثْمَانَ ، وَمُحِبٍّ
لِعُثْمَانَ مُبْغِضٍ
لِعَلِيٍّ ، وَمُحِبٍّ لَهُمَا ، وَمُبْغِضٍ لَهُمَا . قُلْتُ : مَنْ أَيِّهَا أَنْتَ ؟ قَالَ : مُبْغِضٌ لِبَاغِضِهِمَا .
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ : حَدَّثَنَا عَمِّي ، قَالَ لِيَ
الشَّعْبِيُّ : أُحَدِّثُكَ عَنِ الْقَوْمِ كَأَنَّكَ شَهِدْتَهُمْ ، كَانَ
شُرَيْحٌ أَعْلَمَهُمْ بِالْقَضَاءِ ، وَكَانَ
عَبِيدَةُ يُوَازِي شُرَيْحًا فِي عِلْمِ الْقَضَاءِ ، وَأَمَّا
عَلْقَمَةُ ، فَانْتَهَى إِلَى عِلْمِ
عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يُجَاوِزْهُ ، وَأَمَّا
مَسْرُوقٌ ، فَأَخَذَ عَنْ كُلٍّ . وَكَانَ
الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ أَعْلَمَهُمْ عِلْمًا ، وَأَوْرَعَهُمْ وَرَعًا .
قَالَ
زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ : كَانَ
الشَّعْبِيُّ يَمُرُّ
بِأَبِي صَالِحٍ فَيَأْخُذُ بِأُذُنِهِ وَيَقُولُ : تُفَسِّرُ الْقُرْآنَ وَأَنْتَ لَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ !
عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ : حَدَّثَنَا
بَقِيَّةُ ، حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=15884رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ ، قَالَ : جَلَسْتُ إِلَى
الشَّعْبِيِّ بِدِمَشْقَ فِي خِلَافَةِ
عَبْدِ الْمَلِكِ ، فَحَدَّثَ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
" اعْبُدُوا [ ص: 309 ] رَبَّكُمْ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ، وَأَطِيعُوا الْأُمَرَاءَ ، فَإِنْ كَانَ خَيْرًا فَلَكُمْ ، وَإِنْ كَانَ شَرًّا فَعَلَيْهِمْ وَأَنْتُمْ مِنْهُ بَرَآءٌ " فَقَالَ لَهُ
الشَّعْبِيُّ : كَذَبْتَ .
هَكَذَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14070الْحَاكِمُ فَقَالَ : حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُضَارِبٍ الْعُمَرِيُّ ، حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْوَهَّابِ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِهَا أَخْطَأْتَ .
قُرَادٌ : حَدَّثَنَا
يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ
طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا عَلَى بَابِ
الشَّعْبِيِّ إِذْ جَاءَ
جَرِيرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَرِيرٍ الْبَجَلِيُّ ، فَدَعَا
الشَّعْبِيُّ لَهُ بِوِسَادَةٍ ، فَقُلْنَا لَهُ : حَوْلَكَ أَشْيَاخٌ ، وَجَاءَ هَذَا الْغُلَامُ فَدَعَوْتَ لَهُ بِوِسَادَةٍ ! ؟ قَالَ : نَعَمْ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=880052إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَلْقَى لِجَدِّهِ وِسَادَةً وَقَالَ : " إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ " .
شَبَابَةُ : حَدَّثَنَا
يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ ، عَنْ
مُجَالِدٍ ، قَالَ : كُنْتُ أَمْشِي مَعَ
قَيْسٍ الْأَرْقَبِ ، فَمَرَرْنَا
بِالشَّعْبِيِّ ، فَقَالَ لِيَ
الشَّعْبِيُّ : اتَّقِ اللَّهَ لَا يُشْعِلْكَ بِنَارِهِ . فَقَالَ
قَيْسٌ : أَمَا وَاللَّهِ قَدْ كُنْتَ فِي هَذِهِ الدَّارِ - كَذَا قَالَ ، وَلَعَلَّهُ فِي هَذَا الرَّأْيِ - ثُمَّ قَالَ لَهُ : وَمَا تَرَكْتَهُ إِلَّا لِحُبِّ الدُّنْيَا . قَالَ : فَقُلْتُ : إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا ، فَلَعَنَكَ اللَّهُ . قَالَ : فَهَلْ تَعْرِفُ أَصْحَابَ عَلِيٍّ ؟ قَالَ
الشَّعْبِيُّ : مَا كُنْتُ أَعْرِفُ فُقَهَاءَ
الْكُوفَةِ إِلَّا أَصْحَابَ
عَبْدِ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ يَقْدُمَ عَلَيْنَا
عَلِيٌّ ، وَلَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ
عَبْدِ اللَّهِ يُسَمَّوْنَ قَنَادِيلُ الْمَسْجِدِ ، أَوْ سُرُجُ الْمِصْرِ . قَالَ
قَيْسٌ : أَفَلَا تَعْرِفُ أَصْحَابَ
عَلِيٍّ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَهَلْ تَعْرِفُ
nindex.php?page=showalam&ids=14057الْحَارِثَ الْأَعْوَرَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ،
[ ص: 310 ] لَقَدْ تَعَلَّمْتُ مِنْهُ حِسَابَ الْفَرَائِضِ فَخَشِيتُ عَلَى نَفْسِي مِنْهُ الْوَسْوَاسَ ، فَلَا أَدْرِي مِمَّنْ تَعْلَمَهُ . قَالَ : فَهَلْ تَعْرِفُ
ابْنَ صَبُورٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَلَمْ يَكُنْ بِفَقِيهٍ ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ خَيْرٌ . قَالَ : فَهَلْ تَعْرِفُ
صَعْصَعَةَ بْنَ صُوحَانَ ؟ قَالَ : كَانَ رَجُلًا خَطِيبًا وَلَمْ يَكُنْ بِفَقِيهٍ . قَالَ : فَهَلْ تَعْرِفُ
رُشَيْدًا الْهَجَرِيَّ ؟ قَالَ
الشَّعْبِيُّ : نَعَمْ ، بَيْنَمَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الْهَجَرِيِّينَ إِذْ قَالَ لِي رَجُلٌ : هَلْ لَكَ فِي رَجُلٍ عَلَيْنَا يُحِبُّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . فَأَدْخَلَنِي عَلَى
رُشَيْدٍ فَقَالَ : خَرَجْتُ حَاجًّا ، فَلَمَّا قَضَيْتُ نُسُكِي ، قُلْتُ : لَوْ أَحْدَثْتُ عَهْدًا بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَمَمَرَرْتُ
بِالْمَدِينَةِ ، فَأَتَيْتُ بَابَ
عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقُلْتُ لِإِنْسَانٍ : اسْتَأْذِنْ لِي عَلَى سَيِّدِ الْمُسْلِمِينَ ، فَقَالَ : هُوَ نَائِمٌ ، وَهُوَ يَحْسَبُ أَنِّي أَعْنِي
الْحَسَنَ ، قُلْتُ : لَسْتُ أَعْنِي
الْحَسَنَ إِنَّمَا أَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَإِمَامَ الْمُتَّقِينَ ، وَقَائِدَ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ .
قَالَ : أَوَلَيْسَ قَدْ مَاتَ ! فَبَكَى . فَقُلْتُ : أَمَا وَاللَّهِ إِنَّهُ لِيَتَنَفَّسُ الْآنَ بِنَفْسِ حَيٍّ ، وَيَعْتَرِقُ مِنَ الدِّثَارِ الثَّقِيلِ . فَقَالَ : أَمَّا إِذْ عَرَفْتَ سِرَّ آلِ
مُحَمَّدٍ ، فَادْخُلْ عَلَيْهِ ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ . فَدَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، وَأَنْبَأَنِي بِأَشْيَاءَ تَكُونُ . قَالَ
الشَّعْبِيُّ : فَقُلْتُ
لِرُشَيْدٍ : إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا ، فَلَعَنَكَ اللَّهُ ، ثُمَّ خَرَجْتُ .
وَبَلَغَ الْحَدِيثُ
زِيَادًا ، فَقَطَعَ لِسَانَهُ وَصَلَبَهُ قَالَ
شَبَابَةُ : وَحَدَّثَنِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ ، عَنْ
مُجَالِدٍ ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ .
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ
عَامِرٍ ، عَنْ
عَلْقَمَةَ ، قَالَ : أَفْرَطَ نَاسٌ فِي حُبِّ
عَلِيٍّ كَمَا أَفْرَطَتِ
النَّصَارَى فِي حُبِّ الْمَسِيحِ .
وَرَوَى
خَالِدُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ قَالَ :
حُبُّ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَمَعْرِفَةُ فَضْلِهِمَا مِنَ السُّنَّةِ .
[ ص: 311 ] nindex.php?page=showalam&ids=16872مَالِكُ بْنُ مِغُوَلٍ ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ : مَا بَكَيْتُ مِنْ زَمَانٍ إِلَّا بَكَيْتُ عَلَيْهِ .
رَوَى
مُجَالِدٌ وَغَيْرُهُ ، أَنَّ رَجُلًا مُغَفَّلًا لَقِيَ
الشَّعْبِيَّ وَمَعَهُ امْرَأَةٌ تَمْشِي ، فَقَالَ : أَيُّكُمَا
الشَّعْبِيُّ ؟ قَالَ : هَذِهِ .
وَعَنْ
عَامِرِ بْنِ يَسَافٍ قَالَ : قَالَ لِيَ
الشَّعْبِيُّ : امْضِ بِنَا نَفِرُّ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ ، فَخَرَجْنَا ، قَالَ : فَمَرَّ بِنَا شَيْخٌ ، فَقَالَ لَهُ
الشَّعْبِيُّ : مَا صَنْعَتُكَ ؟ قَالَ : رَفَّاءٌ ، قَالَ : عِنْدَنَا دِنٌّ مَكْسُورٌ تَرْفُوهُ لَنَا ؟ قَالَ : إِنْ هَيَّأْتَ لِي سُلُوكًا مِنْ رَمْلٍ ، رَفَوْتُهُ . فَضَحِكَ
الشَّعْبِيُّ حَتَّى اسْتَلْقَى .
رَوَى
عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ قَالَ : مَا اخْتَلَفَتْ أُمَّةٌ بَعْدَ نَبِيِّهَا إِلَّا ظَهَرَ أَهْلُ بَاطِلِهَا عَلَى أَهْلِ حَقِّهَا .
عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ، عَنِ
الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : رَأَيْتُ
الشَّعْبِيَّ سَلَّمَ عَلَى نَصْرَانِيٍّ فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ . فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ : أَوَلَيْسَ فِي رَحْمَةِ اللَّهِ ، لَوْلَا ذَلِكَ ، لَهَلَكَ .
رَوَى
مُجَالِدٌ عَنِ
الشَّعْبِيِّ قَالَ : لَعَنَ اللَّهُ " أَرَأَيْتَ " .
قَالَ
أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ ، قَالَ
الشَّعْبِيُّ : أَرَأَيْتُمْ لَوْ قُتِلَ
الْأَحْنَفُ ، وَقُتِلَ مَعَهُ صَغِيرٌ ، أَكَانَتْ دِيَتُهُمَا سَوَاءٌ ، أَمْ يُفَضَّلُ
الْأَحْنَفُ لِعَقْلِهِ وَحِلْمِهِ ؟ قُلْتُ : بَلْ سَوَاءٌ . قَالَ : فَلَيْسَ الْقِيَاسُ بِشَيْءٍ .
[ ص: 312 ] مُجَالِدٌ ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ : نِعْمَ الشَّيْءُ الْغَوْغَاءُ ، يَسُدُّونَ السَّيْلَ وَيُطْفِئُونَ الْحَرِيقَ ، وَيُشْغِبُونَ عَلَى وُلَاةِ السُّوءِ .
وَبَلَغَنَا عَنِ
الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ : يَا لَيْتَنِي أَنْفَلِتُ مِنْ عِلْمِي كَفَافًا لَا عَلَيَّ وَلَا لِي .
إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ ، عَنِ
الْأَعْمَشِ ، قَالَ : أَتَى رَجُلٌ
الشَّعْبِيَّ ، فَقَالَ : مَا اسْمُ امْرَأَةِ إِبْلِيسَ ؟ قَالَ : ذَاكَ عُرْسٌ مَا شَهِدْتُهُ .
ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ
ابْنِ شُبْرُمَةَ ، قَالَ : سُئِلَ
الشَّعْبِيُّ عَمَّنْ نَذَرَ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ ؟ قَالَ : لَيْسَ بِشَيْءٍ قَالَ : فَنَهَيْتُ
الشَّعْبِيَّ أَنَا فَقَالَ : رُدُّوا عَلَيَّ الرَّجُلَ : نَذْرُكَ فِي عُنُقِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، قَالَ : رَأَيْتُ
الشَّعْبِيَّ يُنْشِدُ الشِّعْرَ فِي الْمَسْجِدِ ، وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ حَلْفَةً حَمْرَاءَ ، وَإِزَارًا أَصْفَرَ .
قَالَ
ابْنُ شُبْرُمَةَ : اسْتَعْمَلَ
ابْنُ هُبَيْرَةَ الشَّعْبِيَّ عَلَى الْقَضَاءِ وَكَلَّفَهُ أَنْ يُسَامِرَهُ فَقَالَ : لَا أَسْتَطِيعُ ، فَأَفْرِدْنِي بِأَحَدِهِمَا .
قَالَ
عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ ، كَانَ
الشَّعْبِيُّ أَكْثَرَ حَدِيثًا مِنَ
الْحَسَنِ وَأَسَنَّ مِنْهُ بِسَنَتَيْنِ .
الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ : حَدَّثَنَا
مُجَالِدٌ ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ . قَالَ : كَرِهَ الصَّالِحُونَ
[ ص: 313 ] الْأَوَّلُونَ الْإِكْثَارَ مِنَ الْحَدِيثِ ، وَلَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا حَدَّثْتُ إِلَّا بِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْحَدِيثِ .
قُلْتُ : الْهَيْثَمُ وَاهٍ .
وَرُوِيَ عَنِ
الشَّعْبِيِّ قَالَ : رُزِقَ صِبْيَانُ هَذَا الزَّمَانِ مِنَ الْعَقْلِ مَا نَقَصَ مِنْ أَعْمَارِهِمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ .
قَالَ
ابْنُ شُبْرُمَةَ : مَرَّ
الشَّعْبِيُّ - وَأَنَا مَعَهُ - بِإِنْسَانٍ وَهُوَ يَقُولُ : فُتِنَ
الشَّعْبِيُّ لَمَّا رَفَعَ الطَّرَفَ إِلَيْهَا
فَلَمَّا رَأَى
الشَّعْبِيَّ كَأَنَّهُ وَلَمْ يُتِمَّ الْبَيْتَ ، فَقَالَ
الشَّعْبِيُّ : . . . . . . . . . . . . . . . . . . نَظَرَ الطَّرْفُ إِلَيْهَا
قُلْتُ : هَذِهِ أَبْيَاتٌ مَشْهُورَةٌ ، عَمِلَهَا رَجُلٌ تَحَاكَمَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ إِلَى
الشَّعْبِيِّ أَيَّامَ قَضَائِهِ يَقُولُ فِيهَا :
فَتَنَتْهُ بِبَنَانٍ وَبِخَطَّيْ مُقْلَتَيْهَا
قَالَ لِلْجِلْوَازِ قَدِّمْهَا وَأَحْضِرْ شَاهِدَيْهَا فَقَضَى جَوْرًا عَلَى الْخَصْمِ
وَلَمْ يَقْضِ عَلَيْهَا
[ ص: 314 ] قَالَ
ابْنُ شُبْرُمَةَ عَنِ
الشَّعْبِيِّ : إِذَا عَظُمَتِ الْحَلْقَةُ فَإِنَّمَا هُوَ نِجَاءٌ أَوْ نِدَاءٌ .
قَرَأْتُ عَلَى
إِسْحَاقَ بْنِ طَارِقٍ : أَخْبَرَكُمِ
ابْنُ خَلِيلٍ ، أَنْبَأَنَا
أَبُو الْمَكَارِمِ اللَّبَّانُ ، أَنْبَأَنَا
أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ ، أَنْبَأَنَا
أَبُو نُعَيْمٍ ، وَحَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَارِبٍ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13918مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17387يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ ( ح ) ، قَالَ
أَبُو نُعَيْمٍ . وَحَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ ، حَدَّثَنَا
ابْنُ زَنْجَوَيْهِ ، أَنْبَأَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقِيُّ ( ح ) وَحَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَلَّى ، حَدَّثَنَا
هِشَامٌ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا
عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنْ
عَبَّادِ بْنِ مُوسَى ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : أُتِيَ بِيَ
الْحَجَّاجُ مُوَثَّقًا ، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى بَابِ الْقَصْرِ لَقِيَنِي
يَزِيدُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ فَقَالَ : إِنَّا لِلَّهِ يَا
شَعْبِيُّ لِمَا بَيْنَ دَفَّتَيْكَ مِنَ الْعِلْمِ ، وَلَيْسَ بِيَوْمِ شَفَاعَةٍ ، بُؤْ لِلْأَمِيرِ بِالشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ عَلَى نَفْسِكَ فَبِالْحَرِيِّ أَنْ تَنْجُوَ .
ثُمَّ لَقِيَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ فَقَالَ لِي مِثْلَ مَقَالَةِ
يَزِيدَ ، فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ قَالَ : وَأَنْتَ يَا
شَعْبِيُّ فِيمَنْ خَرَجَ عَلَيْنَا وَكَثَّرَ ! قُلْتُ : أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ ، أَحْزَنَ بِنَا الْمَنْزِلُ ، وَأَجْدَبَ الْجَنَابُ وَضَاقَ الْمَسْلَكُ ، وَاكْتَحَلْنَا السَّهَرَ ، وَاسْتَحْلَسْنَا الْخَوْفَ ، وَوَقَعْنَا فِي خِزْيَةٍ لَمْ نَكُنْ فِيهَا بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ ، وَلَا فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ . قَالَ : صَدَقَ وَاللَّهِ ، مَا بَرُّوا فِي خُرُوجِهِمْ عَلَيْنَا ، وَلَا قَوُوا عَلَيْنَا حَيْثُ فَجَرُوا . فَأَطْلَقُوا عَنِّي . قَالَ : فَاحْتَاجَ إِلَى فَرِيضَةٍ ، فَقَالَ : مَا تَقُولُ فِي أُخْتٍ وَأُمٍّ وَجَدٍّ ؟ قُلْتُ : اخْتَلَفَ فِيهَا خَمْسَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
عُثْمَانُ ،
وَزَيْدٌ ،
وَابْنُ [ ص: 315 ] مَسْعُودٍ ،
وَعَلِيٌّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ . قَالَ : فَمَا قَالَ فِيهَا
ابْنُ عَبَّاسٍ ؟ إِنْ كَانَ لَمُنَقِّبًا . قُلْتُ : جَعَلَ الْجِدَّ أَبَا وَأَعْطَى الْأُمَّ الثُّلْثَ وَلَمْ يُعْطِ الْأُخْتَ شَيْئًا .
قَالَ : فَمَا قَالَ فِيهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ؟ - يَعْنِي
عُثْمَانَ - قُلْتُ : جَعَلَهَا أَثْلَاثًا . قَالَ : فَمَا قَالَ فِيهَا
زَيْدٌ ؟ قُلْتُ : جَعَلَهَا مِنْ تِسْعَةٍ ، فَأَعْطَى الْأُمَّ ثَلَاثًا ، وَأَعْطَى الْجَدَّ أَرْبَعًا ، وَأَعْطَى الْأُخْتَ سَهْمَيْنِ . قَالَ : فَمَا قَالَ فِيهَا
ابْنُ مَسْعُودٍ ؟ قُلْتُ : جَعَلَهَا مِنْ سِتَّةٍ ، أَعْطَى الْأُخْتَ ثَلَاثًا ، وَأَعْطَى الْأُمَّ سَهْمًا ، وَأَعْطَى الْجَدَّ سَهْمَيْنِ . قَالَ : فَمَا قَالَ فِيهَا
أَبُو تُرَابٍ ؟ قُلْتُ : جَعَلَهَا مِنْ سِتَّةٍ ، فَأَعْطَى الْأُخْتَ ثَلَاثًا ، وَالْأُمَّ سَهْمَيْنِ ، وَالْجَدَّ سَهْمًا . قَالَ : مُرِ الْقَاضِي فَلْيُمْضِهَا عَلَى مَا أَمْضَاهَا عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ
عُثْمَانُ ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ الْحَاجِبُ فَقَالَ : إِنَّ بِالْبَابِ رُسُلًا ، قَالَ : ائْذَنْ لَهُمْ .
فَدَخَلُوا عَمَائِمُهُمْ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ ، وَسُيُوفُهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ ، وَكُتُبُهُمْ فِي أَيْمَانِهِمْ ، فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ ، يُقَالُ لَهُ
سِيَابَةُ بْنُ عَاصِمٍ ، فَقَالَ : مِنْ أَيْنَ أَنْتَ ؟ قَالَ : مِنَ
الشَّامِ ، قَالَ : كَيْفَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، كَيْفَ حَشَمُهُ ؟ قَالَ : هَلْ كَانَ وَرَاءَكَ مِنْ غَيْثٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، أَصَابَنِي فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ثَلَاثُ سَحَائِبَ ، قَالَ : فَانْعِتْ لِي . قَالَ : أَصَابَتْنِي سَحَابَةٌ
بِحَوْرَانَ ، فَوَقَعَ قَطْرٌ صِغَارٌ وَقَطْرٌ كِبَارٌ ، فَكَانَ الْكِبَارُ لُحْمَةً لِلصِّغَارِ ، فَوَقَعَ سَبْطٌ مُتَدَارِكٌ ، وَهُوَ السَّحُّ الَّذِي سَمِعْتَ بِهِ ، فَوَادٍ سَائِلٌ وَوَادٍ نَازِحٌ ، وَأَرْضٌ مُقْبِلَةٌ وَأَرْضٌ مُدْبِرَةٌ ، فَأَصَابَتْنِي سَحَابَةٌ بِسَوَاءَ ، أَوْ قَالَ : بِالْقَرْيَتَيْنِ - شَكَّ
عِيسَى - فَلَبَّدَتِ الدِّمَاثَ ،
[ ص: 316 ] وَأَسَالَتِ الْعِزَازَ ، وَأَدْحَضَتِ التِّلَاعَ فَصَدَّعَتْ عَنِ الْكَمْأَةِ أَمَاكِنَهَا ، وَأَصَابَتْنِي - أَيْضًا - سَحَابَةٌ فَقَاءَتِ الْعُيُونُ بَعْدَ الرِّيِّ ، وَامْتَلَأَتِ الْإِخَاذُ وَأُفْعِمَتِ الْأَوْدِيَةُ ، وَجِئْتُكَ فِي مِثْلِ وَجَارِ الضَّبْعِ .
ثُمَّ قَالَ : ائْذَنْ . فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ
بَنِي أَسَدٍ ، فَقَالَ : هَلْ كَانَ وَرَاءَكَ مِنْ غَيْثٍ ؟ قَالَ : لَا ، كَثُرَ الْإِعْصَارُ ، وَاغْبَرَّ الْبِلَادُ ، وَأَكَلَ مَا أَشْرَفَ مِنَ الْجَنَبَةِ فَاسْتَيْقَنَّا أَنَّهُ عَامُ سَنَةٍ . فَقَالَ : بِئْسَ الْمُخْبِرُ أَنْتَ .
ثُمَّ قَالَ : ائْذَنْ . فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ
الْيَمَامَةِ فَقَالَ : هَلْ كَانَ وَرَاءَكَ مِنْ غَيْثٍ ؟ قَالَ : تَقَنَّعَتِ الرُّوَّادُ تَدْعُو إِلَى زِيَادَتِهَا ، وَسَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ : هَلُمَّ أُظْعِنُكُمْ إِلَى مَحَلَّةٍ تُطْفَأُ فِيهَا النِّيرَانُ ، وَتَشَّكَّى فِيهَا النِّسَاءُ ، وَتُنَافَسُ فِيهَا
[ ص: 317 ] الْمِعْزَى . قَالَ
الشَّعْبِيُّ : فَلَمْ يَدْرِ
الْحَجَّاجُ مَا قَالَ ، فَقَالَ : وَيْحَكَ ; إِنَّمَا تُحَدِّثُ أَهْلَ
الشَّامِ ، فَأَفْهِمْهُمْ . فَقَالَ : نَعَمْ ، أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ ، أَخْصَبَ النَّاسُ ، فَكَانَ التَّمْرُ وَالسَّمْنُ وَالزُّبْدُ وَاللَّبَنُ ، فَلَا تُوقَدُ نَارٌ لِيُخْتَبِزَ بِهَا ، وَأَمَّا تَشَكِّي النِّسَاءِ ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تَظَلُّ بِرَبْقِ بُهْمِهَا تَمْخَضُ لَبَنَهَا فَتَبِيتُ وَلَهَا أَنِينٌ مِنْ عَضُدَيْهَا ، كَأَنَّهَا لَيْسَتَا مَعَهَا ، وَأَمَّا تَنَافُسُ الْمِعْزَى ، فَإِنَّهَا تَرْعَى مِنْ أَنْوَاعِ الشَّجَرِ وَأَلْوَانِ الثَّمَرِ ، وَنُورِ النَّبَاتِ مَا تُشْبِعُ بُطُونَهَا ، وَلَا تُشْبِعُ عُيُونَهَا ، فَتَبِيتُ وَقَدِ امْتَلَأَتْ أَكْرَاشُهَا ، لَهَا مِنَ الْكِظَّةِ جِرَّةٌ فَتَبْقَى الْجِرَّةُ حَتَّى تَسْتَنْزِلَ بِهَا الدَّرَّةَ .
ثُمَّ قَالَ : ائْذَنْ . فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنَ الْمَوَالِي كَانَ يُقَالُ : إِنَّهُ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فَقَالَ : هَلْ كَانَ وَرَاءَكَ مِنْ غَيْثٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَلَكِنِّي لَا أُحْسِنُ أَقُولُ كَمَا قَالَ هَؤُلَاءِ . قَالَ : قُلْ كَمَا تُحْسِنُ . قَالَ : أَصَابَتْنِي سَحَابَةٌ
بِحُلْوَانَ فَلَمْ أَزَلْ أَطَأُ فِي إِثْرِهَا حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى الْأَمِيرِ . فَقَالَ
الْحَجَّاجُ : لَئِنْ كُنْتَ أَقْصَرَهُمْ فِي الْمَطَرِ خُطْبَةً ، إِنَّكَ أَطْوَلُهُمْ بِالسَّيْفِ خُطْوَةً .
وَبِهِ ، إِلَى
أَبِي نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا
أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ ، حَدَّثَنَا
أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ مُوسَى الْعُكْلِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، أَخْبَرَنِي
أَبُو بَكْرٍ [ ص: 318 ] الْهُذَلِيُّ ، قَالَ : قَالَ لِيَ
الشَّعْبِيُّ : أَلَا أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا تَحَفَظُهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ ، إِنْ كُنْتَ حَافِظًا كَمَا حَفِظْتُ ، إِنَّهُ لَمَّا أُتِي بِيَ
الْحَجَّاجَ وَأَنَا مُقَيَّدٌ ، فَخَرَجَ إِلَيَّ
يَزِيدُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ ، فَقَالَ : إِنَّا لِلَّهِ ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ .
عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ : أَنْبَأَنَا
شُعْبَةُ ، عَنْ
سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ nindex.php?page=showalam&ids=16878وَمُجَالِدٍ ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=880054شَهِدْتُ عَلِيَّا جَلَدَ شُرَاحَةَ يَوْمَ الْخَمِيسِ ، وَرَجَمَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، فَكَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا ، أَوْ رَأَى أَنَّهُمْ أَنْكَرُوا . فَقَالَ : جَلَدْتُهَا بِكِتَابِ اللَّهِ ، وَرَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
رَوَاهُ جَمَاعَةٌ ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ : إِنَّهَا اعْتَرَفَتْ بِالزِّنَا .
قَالَ
إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ ،
وَخَلِيفَةُ ، وَطَائِفَةٌ : مَاتَ
الشَّعْبِيُّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَةٍ زَادَ
ابْنُ مُجَالِدٍ : وَقَدْ بَلَغَ ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِينَ سَنَةً .
وَقَالَ
الْوَاقِدِيُّ : مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ عَنْ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً .
وَفِيهِمَا أَرَّخَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13608مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ . وَقَالَ
الْفَلَّاسُ : فِي أَوَّلِ سَنَةِ سِتٍّ وَمِائَةٍ وَقَالَ
يَحْيَى : سَنَةَ ثَلَاثٍ وَمِائَةٍ ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ .
وَمِنْ كَلَامِهِ :
ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ
ابْنِ شُبْرُمَةَ ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : إِنَّمَا سُمِّيَ هَوَى لِأَنَّهُ يَهْوِي بِأَصْحَابِهِ .
أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ
مُغِيرَةَ ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : لَا أَدْرِي : نِصْفُ الْعِلْمِ .
[ ص: 319 ] أَخْبَرَنَا
عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ وَجَمَاعَةٌ ، قَالُوا : أَنْبَأَنَا
ابْنُ اللَّتِّيِّ ، أَنْبَأَنَا
أَبُو الْوَقْتِ ، أَنْبَأَنَا
الدَّاوُدِيُّ ، أَنْبَأَنَا
ابْنُ حَمَّوَيْهِ أَنْبَأَنَا
عِيسَى بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا
أَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ ، أَنْبَأَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا
مَالِكٌ - هُوَ ابْنُ مِغْوَلٍ - قَالَ : قَالَ
الشَّعْبِيُّ : مَا حَدَّثُوكَ هَؤُلَاءِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخُذْهُ ، وَمَا قَالُوهُ بِرَأْيِهِمْ فَأَلْقِهِ فِي الْحُشِّ .
أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ إِجَازَةً ، أَنْبَأَنَا
عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، أَنْبَأَنَا
هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، أَنْبَأَنَا
أَبُو طَالِبِ بْنُ غَيْلَانَ ، أَنْبَأَنَا
أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ السِّمَّرِيُ حَدَّثَنَا
يَعْلَى وَيَزِيدُ ، عَنْ
إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ
عَامِرٍ ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى
الْكَعْبَةِ ، فَمَشَى نِصْفَ الطَّرِيقِ ثُمَّ رَكِبَ ؟ قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : إِذَا كَانَ عَامًا قَابِلًا ، فَلْيَرْكَبْ مَا مَشَى وَلْيَمْشِ مَا رَكِبَ ، وَيَنْحَرْ بَدَنَةً .