[ ص: 393 ] )
nindex.php?page=treesubj&link=29005_31595 ( nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور ( 15 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=16فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل ( 16 ) )
قوله - عز وجل - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15لقد كان لسبإ في مسكنهم ) روى
أبو سبرة النخعي عن
فروة بن مسيك العطيفي ، قال : قال رجل : يا رسول الله أخبرني عن سبأ كان رجلا أو امرأة أو أرضا ؟ قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=815410كان رجلا من العرب وله عشرة من الولد ، تيامن منهم ستة ، وتشاءم أربعة ، فأما الذين تيامنوا : فكندة ، والأشعريون ، وأزد ، ومذحج ، وأنمار ، وحمير ، فقال رجل : وما أنمار ؟ قال الذين منهم خثعم وبجيلة : وأما الذين تشاءموا : فعاملة ، وجذام ، ولخم ، وغسان ، وسبأ هو ابن يشجب بن يعرب بن قحطان " .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15في مسكنهم ) قرأ
حمزة ،
وحفص : " مسكنهم " بفتح الكاف ، على الواحد ، وقرأ
الكسائي بكسر الكاف ، وقرأ الآخرون : " مساكنهم " على الجمع ، وكانت مساكنهم
بمأرب من
اليمن ) ( آية ) دلالة على وحدانيتنا وقدرتنا ، ثم فسر الآية فقال : ) ( جنتان ) أي : هي جنتان بستانان (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15عن يمين وشمال ) أي : عن يمين الوادي وشماله . وقيل : عن يمين من أتاهم وشماله ، وكان لهم واد قيل أحاطت الجنتان بذلك الوادي ) ( كلوا ) أي : وقيل لهم كلوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15من رزق ربكم ) يعني : من ثمار الجنتين ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ومقاتل : كانت المرأة تحمل مكتلها على رأسها وتمر بالجنتين فيمتلىء مكتلها من أنواع الفواكه من غير أن تمس شيئا بيدها (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15واشكروا له ) أي : على ما رزقكم من النعمة ، والمعنى : اعملوا بطاعته (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15بلدة طيبة ) أي : أرض
سبأ بلدة طيبة ليست بسبخة ، قال
ابن زيد : لم يكن يرى في بلدتهم بعوضة ولا ذباب ولا برغوث ولا عقرب ولا حية ، وكان الرجل يمر ببلدهم وفي ثيابه القمل فيموت القمل كله من طيب الهواء ، فذلك قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15بلدة طيبة ) أي : طيبة الهواء (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15ورب غفور ) قال
مقاتل : وربكم إن شكرتموه فيما رزقكم رب غفور للذنوب . ) ( فأعرضوا ) قال
وهب : فأرسل الله إلى سبأ ثلاثة عشر نبيا فدعوهم إلى الله وذكروهم نعمه عليهم وأنذروهم عقابه فكذبوهم ، وقالوا : ما نعرف لله - عز وجل - علينا نعمة فقولوا لربكم
[ ص: 394 ] فليحبس هذه النعم عنا إن استطاع ، فذلك قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=16فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم ) و " العرم " : جمع عرمة ، وهي السكر الذي يحبس به الماء .
وقال ابن الأعرابي : " العرم " السيل الذي لا يطاق ، وقيل : كان ماء أحمر ، أرسله الله عليهم من حيث شاء ، وقيل : " العرم " : الوادي ، وأصله من العرامة ، وهي الشدة والقوة .
وقال
ابن عباس ،
ووهب ، وغيرهما : كان ذلك السد بنته
بلقيس ، وذلك أنهم كانوا يقتتلون على ماء واديهم ، فأمرت بواديهم فسد بالعرم ، وهو المسناة بلغة
حمير ، فسدت بين الجبلين بالصخر والقار وجعلت له أبوابا ثلاثة بعضها فوق بعض ، وبنت من دونه بركة ضخمة وجعلت فيها اثني عشر مخرجا على عدة أنهارهم يفتحونها إذا احتاجوا إلى الماء ، وإذا استغنوا سدوها ، فإذا جاء المطر اجتمع إليه ماء أودية
اليمن ، فاحتبس السيل من وراء السد فأمرت بالباب الأعلى ففتح فجرى ماؤه في البركة ، فكانوا يسقون من الباب الأعلى ثم من الثاني ثم من الثالث الأسفل فلا ينفذ الماء حتى يثوب الماء من السنة المقبلة فكانت تقسمه بينهم على ذلك ، فبقوا على ذلك بعدها مدة فلما طغوا وكفروا سلط الله عليهم جرذا يسمى الخلد فنقب السد من أسفله فغرق الماء جناتهم وخرب أرضهم .
قال
وهب : وكان مما يزعمون ويجدون في علمهم وكهانتهم أنه يخرب سدهم فأرة ، فلم يتركوا فرجة بين حجرين إلا ربطوا عندها هرة فلما جاء زمانه وما أراد الله - عز وجل - بهم من التغريق أقبلت فيما يذكرون فأرة حمراء كبيرة إلى هرة من تلك الهرر فساورتها حتى استأخرت عنها الهرة ، فدخلت في الفرجة التي كانت عندها فتغلغلت في السد فثقبت وحفرت حتى أوهنته للسيل ، وهم لا يدرون بذلك فلما جاء السيل وجد خللا فدخل فيه حتى قطع السد ، وفاض على أموالهم فغرقها ودفن بيوتهم الرمل ، ففرقوا وتمزقوا حتى صاروا مثلا عند العرب ، يقولون : صار بنو فلان أيدي سبأ وأيادي سبأ ، أي : تفرقوا وتبددوا ، فذلك قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=16فأرسلنا عليهم سيل العرم )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=16وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط ) قرأ العامة بالتنوين ، وقرأ
أهل البصرة : " أكل خمط " بالإضافة ، الأكل : الثمر ، والخمط : الأراك وثمره يقال له : البرير ، هذا قول أكثر المفسرين .
وقال
المبرد والزجاج : كل نبت قد أخذ طعما من المرارة حتى لا يمكن أكله فهو خمط .
[ ص: 395 ]
وقال
ابن الأعرابي : الخمط : ثمر شجرة يقال له فسوة الضبع ، على صورة الخشخاش يتفرك ولا ينتفع به ، فمن جعل الخمط اسما للمأكول فالتنوين في " أكل " حسن ، ومن جعله أصلا وجعل الأكل ثمرة فالإضافة فيه ظاهرة ، والتنوين سائغ ، تقول العرب : في بستان فلان أعناب كرم ، يترجم الأعناب بالكرم لأنها منه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=16وأثل وشيء من سدر قليل ) فالأثل هو الطرفاء ، وقيل : هو شجر يشبه الطرفاء إلا أنه أعظم منه ، والسدر شجر معروف ، وهو شجر النبق ينتفع بورقه لغسل الرأس ويغرس في البساتين ، ولم يكن هذا من ذلك ، بل كان سدرا بريا لا ينتفع به ولا يصلح ورقه لشيء .
قال
قتادة : كان شجر القوم من خير الشجر فصيره الله من شر الشجر بأعمالهم .
[ ص: 393 ] )
nindex.php?page=treesubj&link=29005_31595 ( nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ( 15 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=16فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ( 16 ) )
قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ ) رَوَى
أَبُو سَبْرَةَ النَّخَعِيُّ عَنْ
فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ الْعُطَيْفِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ سَبَأٍ كَانَ رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَرْضًا ؟ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=815410كَانَ رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ وَلَهُ عَشَرَةٌ مِنَ الْوَلَدِ ، تَيَامَنَ مِنْهُمْ سِتَّةٌ ، وَتَشَاءَمَ أَرْبَعَةٌ ، فَأَمَّا الَّذِينَ تَيَامَنُوا : فَكِنْدَةُ ، وَالْأَشْعَرِيُّونَ ، وَأَزْدٌ ، وَمُذْحِجٌ ، وَأَنْمَارٌ ، وَحِمْيَرٌ ، فَقَالَ رَجُلٌ : وَمَا أَنْمَارٌ ؟ قَالَ الَّذِينَ مِنْهُمْ خَثْعَمٌ وَبَجِيلَةُ : وَأَمَّا الَّذِينَ تَشَاءَمُوا : فَعَامِلَةُ ، وَجُذَامُ ، وَلَخْمٌ ، وَغَسَّانُ ، وَسَبَأٌ هُوَ ابْنُ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبِ بْنِ قَحْطَانَ " .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15فِي مَسْكَنِهِمْ ) قَرَأَ
حَمْزَةُ ،
وَحَفْصٌ : " مَسْكَنِهِمْ " بِفَتْحِ الْكَافِ ، عَلَى الْوَاحِدِ ، وَقَرَأَ
الْكِسَائِيُّ بِكَسْرِ الْكَافِ ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ : " مَسَاكِنِهِمْ " عَلَى الْجَمْعِ ، وَكَانَتْ مَسَاكِنُهُمْ
بِمَأْرِبَ مِنَ
الْيَمَنِ ) ( آيَةٌ ) دَلَالَةٌ عَلَى وَحْدَانِيَّتِنَا وَقُدْرَتِنَا ، ثُمَّ فَسَّرَ الْآيَةَ فَقَالَ : ) ( جَنَّتَانِ ) أَيْ : هِيَ جَنَّتَانِ بُسْتَانَانِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ ) أَيْ : عَنْ يَمِينِ الْوَادِي وَشِمَالِهِ . وَقِيلَ : عَنْ يَمِينِ مَنْ أَتَاهُمْ وَشِمَالِهِ ، وَكَانَ لَهُمْ وَادٍ قِيلَ أَحَاطَتِ الْجَنَّتَانِ بِذَلِكَ الْوَادِي ) ( كُلُوا ) أَيْ : وَقِيلَ لَهُمْ كُلُوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ ) يَعْنِي : مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّتَيْنِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ وَمُقَاتِلٌ : كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَحْمِلُ مِكْتَلَهَا عَلَى رَأْسِهَا وَتَمُرُّ بِالْجَنَّتَيْنِ فَيَمْتَلِىءُ مِكْتَلُهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْفَوَاكِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَمَسَّ شَيْئًا بِيَدِهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15وَاشْكُرُوا لَهُ ) أَيْ : عَلَى مَا رَزَقَكُمْ مِنَ النِّعْمَةِ ، وَالْمَعْنَى : اعْمَلُوا بِطَاعَتِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ ) أَيْ : أَرْضُ
سَبَأٍ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ لَيْسَتْ بِسَبْخَةٍ ، قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : لَمْ يَكُنْ يُرَى فِي بَلْدَتِهِمْ بَعُوضَةٌ وَلَا ذُبَابٌ وَلَا بُرْغُوثٌ وَلَا عَقْرَبٌ وَلَا حَيَّةٌ ، وَكَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ بِبَلَدِهِمْ وَفِي ثِيَابِهِ الْقَمْلُ فَيَمُوتُ الْقَمْلُ كُلُّهُ مِنْ طِيبِ الْهَوَاءِ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ ) أَيْ : طَيِّبَةُ الْهَوَاءِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=15وَرَبٌّ غَفُورٌ ) قَالَ
مُقَاتِلٌ : وَرَبُّكُمْ إِنْ شَكَرْتُمُوهُ فِيمَا رَزَقَكُمْ رَبٌّ غَفُورٌ لِلذُّنُوبِ . ) ( فَأَعْرَضُوا ) قَالَ
وَهْبٌ : فَأَرْسَلَ اللَّهُ إِلَى سَبَأٍ ثَلَاثَةَ عَشَرَ نَبِيًّا فَدَعَوْهُمْ إِلَى اللَّهِ وَذَكَّرُوهُمْ نِعَمَهُ عَلَيْهِمْ وَأَنْذَرُوهُمْ عِقَابَهُ فَكَذَّبُوهُمْ ، وَقَالُوا : مَا نَعْرِفُ لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَيْنَا نِعْمَةً فَقُولُوا لِرَبِّكُمْ
[ ص: 394 ] فَلْيَحْبِسْ هَذِهِ النِّعَمَ عَنَّا إِنِ اسْتَطَاعَ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=16فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ ) وَ " الْعَرِمُ " : جَمْعُ عُرْمَةٍ ، وَهِيَ السِّكْرُ الَّذِي يُحْبَسُ بِهِ الْمَاءُ .
وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : " الْعَرِمُ " السَّيْلُ الَّذِي لَا يُطَاقُ ، وَقِيلَ : كَانَ مَاءً أَحْمَرَ ، أَرْسَلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَيْثُ شَاءَ ، وَقِيلَ : " الْعَرِمُ " : الْوَادِي ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْعِرَامَةِ ، وَهِيَ الشِّدَّةُ وَالْقُوَّةُ .
وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَوَهْبٌ ، وَغَيْرُهُمَا : كَانَ ذَلِكَ السَّدُّ بَنَتْهُ
بِلْقِيسُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى مَاءِ وَادِيهِمْ ، فَأَمَرَتْ بِوَادِيهِمْ فَسُدَّ بِالْعَرِمِ ، وَهُوَ الْمُسَنَّاةُ بِلُغَةِ
حِمْيَرَ ، فَسَدَّتْ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ بِالصَّخْرِ وَالْقَارِ وَجَعَلَتْ لَهُ أَبْوَابًا ثَلَاثَةً بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ، وَبَنَتْ مِنْ دُونِهِ بِرْكَةً ضَخْمَةً وَجَعَلَتْ فِيهَا اثْنَيْ عَشَرَ مَخْرَجًا عَلَى عِدَّةِ أَنْهَارِهِمْ يَفْتَحُونَهَا إِذَا احْتَاجُوا إِلَى الْمَاءِ ، وَإِذَا اسْتَغْنَوْا سَدُّوهَا ، فَإِذَا جَاءَ الْمَطَرُ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ مَاءُ أَوْدِيَةِ
الْيَمَنِ ، فَاحْتَبَسَ السَّيْلُ مِنْ وَرَاءِ السَّدِّ فَأَمَرَتْ بِالْبَابِ الْأَعْلَى فَفُتِحَ فَجَرَى مَاؤُهُ فِي الْبِرْكَةِ ، فَكَانُوا يَسْقُونَ مِنَ الْبَابِ الْأَعْلَى ثُمَّ مِنَ الثَّانِي ثُمَّ مِنَ الثَّالِثِ الْأَسْفَلِ فَلَا يَنْفُذُ الْمَاءُ حَتَّى يَثُوبَ الْمَاءُ مِنَ السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ فَكَانَتْ تُقَسِّمُهُ بَيْنَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ، فَبَقُوا عَلَى ذَلِكَ بَعْدَهَا مُدَّةً فَلَمَّا طَغَوْا وَكَفَرُوا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ جُرَذًا يُسَمَّى الْخُلْدَ فَنَقَبَ السَّدَّ مِنْ أَسْفَلِهِ فَغَرَّقَ الْمَاءُ جَنَّاتِهِمْ وَخَرَّبَ أَرْضَهُمْ .
قَالَ
وَهْبٌ : وَكَانَ مِمَّا يَزْعُمُونَ وَيَجِدُونَ فِي عِلْمِهِمْ وَكَهَانَتِهِمْ أَنَّهُ يُخَرِّبُ سَدَّهُمْ فَأْرَةٌ ، فَلَمْ يَتْرُكُوا فُرْجَةً بَيْنَ حَجَرَيْنِ إِلَّا رَبَطُوا عِنْدَهَا هِرَّةً فَلَمَّا جَاءَ زَمَانُهُ وَمَا أَرَادَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - بِهِمْ مِنَ التَّغْرِيقِ أَقْبَلَتْ فِيمَا يَذْكُرُونَ فَأْرَةٌ حَمْرَاءُ كَبِيرَةٌ إِلَى هِرَّةٍ مِنْ تِلْكَ الْهِرَرِ فَسَاوَرَتْهَا حَتَّى اسْتَأْخَرَتْ عَنْهَا الْهِرَّةُ ، فَدَخَلَتْ فِي الْفُرْجَةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهَا فَتَغَلْغَلَتْ فِي السَّدِّ فَثَقَبَتْ وَحَفَرَتْ حَتَّى أَوْهَنَتْهُ لِلسَّيْلِ ، وَهُمْ لَا يَدْرُونَ بِذَلِكَ فَلَمَّا جَاءَ السَّيْلُ وَجَدَ خَلَلًا فَدَخَلَ فِيهِ حَتَّى قَطَّعَ السَّدَّ ، وَفَاضَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ فَغَرَّقَهَا وَدَفَنَ بُيُوتَهُمُ الرَّمْلُ ، فَفَرَّقُوا وَتَمَزَّقُوا حَتَّى صَارُوا مَثَلًا عِنْدَ الْعَرَبِ ، يَقُولُونَ : صَارَ بَنُو فُلَانٍ أَيْدِي سَبَأٍ وَأَيَادِي سَبَأٍ ، أَيْ : تَفَرَّقُوا وَتَبَدَّدُوا ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=16فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=16وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ ) قَرَأَ الْعَامَّةُ بِالتَّنْوِينِ ، وَقَرَأَ
أَهْلُ الْبَصْرَةِ : " أُكُلِ خَمْطٍ " بِالْإِضَافَةِ ، الْأُكُلُ : الثَّمَرُ ، وَالْخَمْطُ : الْأَرَاكُ وَثَمَرُهُ يُقَالُ لَهُ : الْبَرِيرُ ، هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ .
وَقَالَ
الْمُبَرِّدُ وَالزَّجَّاجُ : كُلُّ نَبْتٍ قَدْ أَخَذَ طَعْمًا مِنَ الْمَرَارَةِ حَتَّى لَا يُمْكِنَ أَكْلُهُ فَهُوَ خَمْطٌ .
[ ص: 395 ]
وَقَالَ
ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : الْخَمْطُ : ثَمَرُ شَجَرَةٍ يُقَالُ لَهُ فَسْوَةُ الضَّبْعِ ، عَلَى صُورَةِ الْخَشْخَاشِ يَتَفَرَّكُ وَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ ، فَمَنْ جَعَلَ الْخَمْطَ اسْمًا لِلْمَأْكُولِ فَالتَّنْوِينُ فِي " أُكُلٍ " حَسَنٌ ، وَمَنْ جَعَلَهُ أَصْلًا وَجَعَلَ الْأُكُلَ ثَمَرَةً فَالْإِضَافَةُ فِيهِ ظَاهِرَةٌ ، وَالتَّنْوِينُ سَائِغٌ ، تَقُولُ الْعَرَبُ : فِي بُسْتَانِ فَلَانٍ أَعْنَابُ كَرْمٍ ، يُتَرْجِمُ الْأَعْنَابَ بِالْكَرْمِ لِأَنَّهَا مِنْهُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=16وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ) فَالْأَثْلُ هُوَ الطَّرْفَاءُ ، وَقِيلَ : هُوَ شَجَرٌ يُشْبِهُ الطَّرْفَاءَ إِلَّا أَنَّهُ أَعْظَمُ مِنْهُ ، وَالسِّدْرُ شَجَرٌ مَعْرُوفٌ ، وَهُوَ شَجَرُ النَّبْقِ يُنْتَفَعُ بِوَرَقِهِ لِغَسْلِ الرَّأْسِ وَيُغْرَسُ فِي الْبَسَاتِينِ ، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا مِنْ ذَلِكَ ، بَلْ كَانَ سِدْرًا بَرِّيًّا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَا يَصْلُحُ وَرَقُهُ لِشَيْءٍ .
قَالَ
قَتَادَةُ : كَانَ شَجَرُ الْقَوْمِ مِنْ خَيْرِ الشَّجَرِ فَصَيَّرَهُ اللَّهُ مِنْ شَرِّ الشَّجَرِ بِأَعْمَالِهِمْ .