[ ص: 67 ] القول في تأويل فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما ) قوله تعالى (
قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بقوله : " فإن أرادا " إن أراد والد المولود ووالدته " فصالا " يعني : فصال ولدهما من اللبن .
ويعني ب " الفصال " : الفطام ، وهو مصدر من قول القائل : " فاصلت فلانا أفاصله مفاصلة وفصالا " إذا فارقه من خلطة كانت بينهما . فكذلك " فصال الفطيم " إنما هو منعه اللبن ، وقطعه شربه ، وفراقه ثدي أمه إلا الاغتذاء بالأقوات التي يغتذي بها البالغ من الرجال .
وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
5041 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن قوله : " السدي فإن أرادا فصالا " يقول : إن أرادا أن يفطماه قبل الحولين .
5042 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله قال : حدثنا معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : " فإن أرادا فصالا " فإن أرادا أن يفطماه قبل الحولين وبعده .
5043 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو زهير ، عن جويبر ، عن الضحاك : " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما " قال : الفطام .
وأما قوله : " عن تراض منهما وتشاور " فإنه يعني بذلك : عن تراض من والدي المولود وتشاور منهما .
ثم اختلف أهل التأويل في الوقت الذي أسقط الله الجناح عنهما ، إن فطماه [ ص: 68 ] عن تراض منهما وتشاور ، وأي الأوقات الذي عناه الله - تعالى ذكره - بقوله : " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور " .
فقال بعضهم : عنى بذلك ، فإن أرادا فصالا في الحولين عن تراض منهما وتشاور ، فلا جناح عليهما .
ذكر من قال ذلك :
5044 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن : " السدي فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور " يقول : إذا أرادا أن يفطماه قبل الحولين فتراضيا بذلك ، فليفطماه .
5045 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : إذا أرادت الوالدة أن تفصل ولدها قبل الحولين ، فكان ذلك عن تراض منهما وتشاور ، فلا بأس به .
5046 - حدثنا سفيان قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد : " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور " قال : التشاور فيما دون الحولين ، ليس لها أن تفطمه إلا أن يرضى ، وليس له أن يفطمه إلا أن ترضى .
5047 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد قال : التشاور ما دون الحولين ، " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور " دون الحولين " فلا جناح عليهما " فإن لم يجتمعا ، فليس لها أن تفطمه دون الحولين .
5048 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان عن ليث ، عن مجاهد قال : التشاور ما دون الحولين ، ليس لها حتى يجتمعا .
5049 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني الليث قال : أخبرنا عقيل ، عن ابن شهاب : " فإن أرادا فصالا " يفصلان ولدهما " عن تراض منهما وتشاور " دون الحولين الكاملين " فلا جناح عليهما " .
[ ص: 69 ] 5050 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا مهران وحدثني علي قال : حدثنا زيد جميعا ، عن سفيان قال : التشاور ما دون الحولين ، إذا اصطلحا دون ذلك ، وذلك قوله : " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور " . فإن قالت المرأة : " أنا أفطمه قبل الحولين " وقال الأب : " لا " فليس لها أن تفطمه قبل الحولين . وإن لم ترض الأم ، فليس له ذلك ، حتى يجتمعا . فإن اجتمعا قبل الحولين فطماه ، وإذا اختلفا لم يفطماه قبل الحولين . وذلك قوله : " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما " .
5051 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد : " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور " قال : قبل السنتين " فلا جناح عليهما " .
وقال آخرون : معنى ذلك : " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما " في أي وقت أرادا ذلك ، قبل الحولين أرادا أم بعد ذلك .
ذكر من قال ذلك :
5052 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما " أن يفطماه قبل الحولين وبعده .
وأما قوله : " عن تراض منهما وتشاور " فإنه يعني : عن تراض منهما وتشاور فيما فيه مصلحة المولود لفطمه ، كما : -
5053 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور " [ ص: 70 ] قال : غير مسيئين في ظلم أنفسهما ولا إلى صبيهما " فلا جناح عليهما " .
5054 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .
قال أبو جعفر : وأولى التأويلين بالصواب تأويل من قال : " فإن أرادا فصالا في الحولين عن تراض منهما وتشاور " لأن تمام الحولين غاية لتمام الرضاع وانقضائه ، ولا تشاور بعد انقضائه ، وإنما التشاور والتراضي قبل انقضاء نهايته .
فإن ظن ذو غفلة أن للتشاور بعد انقضاء الحولين معنى صحيحا إذ كان من الصبيان من تكون به علة يحتاج من أجلها إلى تركه والاغتذاء بلبن أمه فإن ذلك إذا كان كذلك ، فإنما هو علاج ، كالعلاج بشرب بعض الأدوية ، لا رضاع . فأما الرضاع الذي يكون في الفصال منه قبل انقضاء آخره تراض وتشاور من والدي الطفل الذي أسقط الله - تعالى ذكره - لفطمهما إياه الجناح عنهما ، قبل انقضاء آخر مدته ، فإنما حده الحد الذي حده الله - تعالى ذكره - بقوله : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة " على ما قد أتينا على البيان عنه فيما مضى قبل .
وأما الجناح ، فالحرج ، كما : - [ ص: 71 ] 5055 - حدثني به المثنى قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : " فلا جناح عليهما " فلا حرج عليهما .