القول في
nindex.php?page=treesubj&link=29016_19789_19790تأويل قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=4وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون ( 4 ) )
يقول - تعالى ذكره - : وفى خلق الله إياكم أيها الناس ، وخلقه ما تفرق في الأرض من دابة تدب عليها من غير جنسكم (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=4آيات لقوم يوقنون ) يعني حججا وأدلة لقوم يوقنون بحقائق الأشياء ، فيقرون بها ، ويعلمون صحتها .
[ ص: 60 ]
واختلفت القراء في قراءة قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=4آيات لقوم يوقنون ) وفي التي بعد ذلك فقرأ ذلك عامة قراء
المدينة والبصرة وبعض قراء
الكوفة ( آيات ) رفعا على الابتداء ، وترك ردها على قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=3لآيات للمؤمنين ) ، وقرأته عامة قراء
الكوفة ( آيات ) خفضا بتأويل النصب ردا على قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=3لآيات للمؤمنين ) .
وزعم قارئو ذلك كذلك من المتأخرين أنهم اختاروا قراءته كذلك ؛ لأنه في قراءة
أبي في الآيات الثلاثة ( لآيات ) باللام فجعلوا دخول اللام في ذلك في قراءته دليلا لهم على صحة قراءة جميعه بالخفض ، وليس الذي اعتمدوا عليه من الحجة في ذلك بحجة ؛ لأنه لا رواية بذلك عن
أبي صحيحة ،
وأبي لو صحت به عنه رواية ، ثم لم يعلم كيف كانت قراءته بالخفض أو بالرفع لم يكن الحكم عليه بأنه كان يقرؤه خفضا ، بأولى من الحكم عليه بأنه كان يقرؤه رفعا ، إذ كانت العرب قد تدخل اللام في خبر المعطوف على جملة كلام تام قد عملت في ابتدائها " إن" ، مع ابتدائهم إياه ، كما قال
حميد بن ثور الهلالي :
إن الخلافة بعدهم لذميمة وخلائف طرف لمما أحقر
فأدخل اللام في خبر مبتدأ بعد جملة خبر قد عملت فيه " إن" إذ كان
[ ص: 61 ] الكلام ، وإن ابتدئ منويا فيه " إن" .
والصواب من القول في ذلك إن كان الأمر على ما وصفنا أن يقال : إن الخفض في هذه الأحرف والرفع قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار قد قرأ بهما علماء من القراء صحيحتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .
الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29016_19789_19790تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=4وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ( 4 ) )
يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : وَفَى خَلْقِ اللَّهِ إِيَّاكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ ، وَخَلْقِهِ مَا تَفَرَّقَ فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ تَدُبُّ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِكُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=4آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) يَعْنِي حُجَجًا وَأَدِلَّةً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ بِحَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ ، فَيُقِرُّونَ بِهَا ، وَيَعْلَمُونَ صِحَّتَهَا .
[ ص: 60 ]
وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=4آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) وَفِي الَّتِي بَعْدَ ذَلِكَ فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ
الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَعْضُ قُرَّاءِ
الْكُوفَةِ ( آيَاتٌ ) رَفْعًا عَلَى الِابْتِدَاءِ ، وَتَرَكَ رَدَّهَا عَلَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=3لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ ) ، وَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ
الْكُوفَةِ ( آيَاتٍ ) خَفْضًا بِتَأْوِيلِ النَّصْبِ رَدًّا عَلَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=3لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ ) .
وَزَعَمَ قَارِئُو ذَلِكَ كَذَلِكَ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُمُ اخْتَارُوا قِرَاءَتَهُ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ فِي قِرَاءَةِ
أُبَيٍّ فِي الْآيَاتِ الثَّلَاثَةِ ( لِآيَاتٍ ) بِاللَّامِ فَجَعَلُوا دُخُولَ اللَّامِ فِي ذَلِكَ فِي قِرَاءَتِهِ دَلِيلًا لَهُمْ عَلَى صِحَّةِ قِرَاءَةِ جَمِيعِهِ بِالْخَفْضِ ، وَلَيْسَ الَّذِي اعْتَمَدُوا عَلَيْهِ مِنَ الْحُجَّةِ فِي ذَلِكَ بِحُجَّةٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا رِوَايَةَ بِذَلِكَ عَنْ
أُبَيٍّ صَحِيحَةً ،
وَأُبَيٌّ لَوْ صَحَّتْ بِهِ عَنْهُ رِوَايَةٌ ، ثُمَّ لَمْ يُعْلَمُ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَتُهُ بِالْخَفْضِ أَوْ بِالرَّفْعِ لَمْ يَكُنِ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهُ خَفْضًا ، بِأَوْلَى مِنَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهُ رَفْعًا ، إِذْ كَانَتِ الْعَرَبُ قَدْ تُدْخِلُ اللَّامَ فِي خَبَرِ الْمَعْطُوفِ عَلَى جُمْلَةِ كَلَامٍ تَامٍّ قَدْ عَمِلَتْ فِي ابْتِدَائِهَا " إِنَّ" ، مَعَ ابْتِدَائِهِمْ إِيَّاهُ ، كَمَا قَالَ
حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ الْهِلَالِيُّ :
إِنَّ الْخِلَافَةَ بَعْدَهُمْ لَذَمِيمَةٌ وَخَلَائِفٌ طُرُفٌ لَمِمَّا أحْقِرُ
فَأَدْخَلَ اللَّامَ فِي خَبَرِ مُبْتَدَأٍ بَعْدَ جُمْلَةِ خَبَرٍ قَدْ عَمِلَتْ فِيهِ " إِنَّ" إِذْ كَانَ
[ ص: 61 ] الْكَلَامُ ، وَإِنِ ابْتُدِئَ مَنْوِيًّا فِيهِ " إِنَّ" .
وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ إِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْنَا أَنْ يُقَالَ : إِنَّ الْخَفْضَ فِي هَذِهِ الْأَحْرُفِ وَالرَّفْعَ قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَةِ الْأَمْصَارِ قَدْ قَرَأَ بِهِمَا عُلَمَاءُ مِنَ الْقُرَّاءِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ .