القول في ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا ( 57 ) ) تأويل قوله تعالى : (
يقول عز ذكره : وأي الناس أوضع للإعراض والصد في غير موضعهما ممن ذكره بآياته وحججه ، فدله بها على سبيل الرشاد ، وهداه بها إلى طريق النجاة ، فأعرض عن آياته وأدلته التي في استدلاله بها الوصول إلى الخلاص من الهلاك ( ونسي ما قدمت يداه ) يقول : ونسي ما أسلف من الذنوب المهلكة فلم يتب ، ولم ينب .
كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( ونسي ما قدمت يداه ) : أي نسي ما سلف من الذنوب .
وقوله : ( إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه ) يقول تعالى ذكره : إنا جعلنا على قلوب هؤلاء الذين يعرضون عن آيات الله إذا ذكروا [ ص: 52 ] بها أغطية لئلا يفقهوه ، لأن المعنى أن يفقهوا ما ذكروا به ، وقوله : ( وفي آذانهم وقرا ) يقول : في آذانهم ثقلا لئلا يسمعوه ( وإن تدعهم إلى الهدى ) يقول عز ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وإن تدع يا محمد هؤلاء المعرضين عن آيات الله عند التذكير بها إلى الاستقامة على محجة الحق والإيمان بالله ، وما جئتهم به من عند ربك ( فلن يهتدوا إذا أبدا ) يقول : فلن يستقيموا إذا أبدا على الحق ، ولن يؤمنوا بما دعوتهم إليه ، لأن الله قد طبع على قلوبهم ، وسمعهم وأبصارهم .