قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأمته : والله الذي جعلكم ، أيها الناس ، ( خلائف الأرض ) ، بأن أهلك من كان قبلكم من القرون والأمم الخالية ، واستخلفكم ، فجعلكم خلائف منهم في الأرض ، [ ص: 288 ] تخلفونهم فيها ، وتعمرونها بعدهم .
و " الخلائف " جمع " خليفة " ، كما " الوصائف " جمع " وصيفة " ، وهي من قول القائل : " خلف فلان فلانا في داره يخلفه خلافة ، فهو خليفة فيها " ، كما قال الشماخ :
تصيبهم وتخطئني المنايا وأخلف في ربوع عن ربوع
وذلك كما : -
14308 - حدثني الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن : ( السدي وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ) ، قال : أما " خلائف الأرض " ، فأهلك القرون واستخلفنا فيها بعدهم .
وأما قوله : ( ورفع بعضكم فوق بعض درجات ) ، فإنه يقول : وخالف بين أحوالكم ، فجعل بعضكم فوق بعض ، بأن رفع هذا على هذا ، بما بسط لهذا من الرزق ففضله بما أعطاه من المال والغنى ، على هذا الفقير فيما خوله من أسباب الدنيا ، وهذا على هذا بما أعطاه من الأيد والقوة على هذا الضعيف الواهن القوي ، فخالف [ ص: 289 ] بينهم بأن رفع من درجة هذا على درجة هذا ، وخفض من درجة هذا عن درجة هذا . وذلك كالذي : -
14309 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن : ( السدي ورفع بعضكم فوق بعض درجات ) ، يقول : في الرزق .
وأما قوله : ( ليبلوكم فيما آتاكم ) ، فإنه يعني : ليختبركم فيما خولكم من فضله ومنحكم من رزقه ، فيعلم المطيع له منكم فيما أمره به ونهاه عنه ، والعاصي; ومن المؤدي مما آتاه الحق الذي أمره بأدائه منه ، والمفرط في أدائه .