[ ص: 473 ] القول في تأويل قوله ( والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة )
قال أبو جعفر : وهذا أمر من الله تعالى ذكره نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بإبلاغ اليهود والنصارى الذين كانوا بين ظهراني مهاجره . يقول تعالى ذكره له : "قل " ، يا محمد ، لهؤلاء اليهود والنصارى "يا أهل الكتاب " ، التوراة والإنجيل "لستم على شيء " ، مما تدعون أنكم عليه مما جاءكم به موسى صلى الله عليه وسلم ، معشر اليهود ، ولا مما جاءكم به عيسى ، معشر النصارى "حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم " ، مما جاءكم به محمد صلى الله عليه وسلم من الفرقان ، فتعملوا بذلك كله ، وتؤمنوا بما فيه من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وتصديقه ، وتقروا بأن كل ذلك من عند الله ، فلا تكذبوا بشيء منه ، ولا تفرقوا بين رسل الله فتؤمنوا ببعض وتكفروا ببعض ، فإن الكفر بواحد من ذلك كفر بجميعه ، لأن كتب الله يصدق بعضها بعضا ، فمن كذب ببعضها فقد كذب بجميعها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك جاء الأثر .
12284 - حدثنا هناد بن السري وأبو كريب قالا : حدثنا قال ، حدثنا يونس بن بكير محمد بن إسحاق قال ، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت ، عن عكرمة ، أو عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رافع بن حارثة وسلام بن مشكم ، ومالك بن الصيف ، ورافع بن حريملة ، فقالوا : يا محمد ، ألست تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه ، [ ص: 474 ] وتؤمن بما عندنا من التوراة ، وتشهد أنها من الله حق ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "بلى ، ولكنكم أحدثتم وجحدتم ما فيها مما أخذ عليكم من الميثاق ، وكتمتم منها ما أمرتم أن تبينوه للناس ، وأنا بريء من أحداثكم! قالوا : فإنا نأخذ بما في أيدينا ، فإنا على الحق والهدى ، ولا نؤمن بك ، ولا نتبعك ! فأنزل الله تعالى ذكره : " قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم " إلى : "فلا تأس على القوم الكافرين" .
12285 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : " قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم " ، قال : فقد صرنا من أهل الكتاب"التوراة " ، لليهود ، و"الإنجيل " ، للنصارى ، "وما أنزل إليكم من ربكم " ، وما أنزل إلينا من ربنا أي : "لستم على شيء حتى تقيموا " ، حتى تعملوا بما فيه .