(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين ( 194 ) )
[ ص: 527 ]
قال
عكرمة ، عن
ابن عباس ، والضحاك ، nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ، ومقسم ، nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء وغيرهم : لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمرا في سنة ست من الهجرة ، وحبسه المشركون عن الدخول والوصول إلى البيت ، وصدوه بمن معه من المسلمين في ذي القعدة ، وهو شهر حرام ، حتى قاضاهم على الدخول من قابل ، فدخلها في السنة الآتية ، هو ومن كان [ معه ] من المسلمين ، وأقصه الله منهم ، فنزلت في ذلك هذه الآية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194nindex.php?page=treesubj&link=28973_32265_28861الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص )
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
إسحاق بن عيسى ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15124ليث بن سعد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820487لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو في الشهر الحرام إلا أن يغزى ويغزوا فإذا حضره أقام حتى ينسلخ .
هذا إسناد صحيح ; ولهذا لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم وهو مخيم
بالحديبية أن
عثمان قد قتل وكان قد بعثه في رسالة إلى المشركين بايع أصحابه ، وكانوا ألفا وأربعمائة تحت الشجرة على قتال المشركين ، فلما بلغه أن
عثمان لم يقتل كف عن ذلك ، وجنح إلى المسالمة والمصالحة ، فكان ما كان .
وكذلك لما فرغ من قتال
هوازن يوم
حنين وتحصن فلهم بالطائف ، عدل إليها ، فحاصرها ودخل ذو القعدة وهو محاصرها بالمنجنيق ، واستمر عليها إلى كمال أربعين يوما ، كما ثبت في الصحيحين عن
أنس . فلما كثر القتل في أصحابه انصرف عنها ولم تفتح ، ثم كر راجعا إلى
مكة واعتمر من
الجعرانة ، حيث قسم غنائم
حنين . وكانت عمرته هذه في ذي القعدة أيضا عام ثمان ، صلوات الله وسلامه عليه .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) أمر بالعدل حتى في المشركين : كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ) [ النحل : 126 ] . وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=40وجزاء سيئة سيئة مثلها ) [ الشورى : 40 ] .
وروى
علي بن أبي طلحة عن
ابن عباس أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) نزلت بمكة حيث لا شوكة ولا جهاد ، ثم نسخ بآية الجهاد بالمدينة . وقد رد هذا القول
ابن جرير ، وقال : بل [ هذه ] الآية مدنية بعد عمرة القضية ، وعزا ذلك إلى
مجاهد ، رحمه الله .
وقد أطلق هاهنا الاعتداء على الاقتصاص ، من باب المقابلة ، كما قال
عمرو بن أم كلثوم :
ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
وقال
ابن دريد :
[ ص: 528 ] لي استواء إن موالي استوا لي التواء إن معادي التوا
وقال غيره :
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
ومن رام تقويمي فإني مقوم ومن رام تعويجي فإني معوج
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين ) أمر لهم بطاعة الله وتقواه ، وإخبار بأنه تعالى مع الذين اتقوا بالنصر والتأييد في الدنيا والآخرة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ( 194 ) )
[ ص: 527 ]
قَالَ
عِكْرِمَةُ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَالضَّحَّاكِ ، nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيِّ ، وَمِقْسَمٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=14354وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمْ : لَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَمِرًا فِي سَنَةِ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ ، وَحَبَسَهُ الْمُشْرِكُونَ عَنِ الدُّخُولِ وَالْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ ، وَصَدُّوهُ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ ، وَهُوَ شَهْرٌ حَرَامٌ ، حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى الدُّخُولِ مِنْ قَابِلٍ ، فَدَخَلَهَا فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ ، هُوَ وَمَنْ كَانَ [ مَعَهُ ] مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَقَصَّهُ اللَّهُ مِنْهُمْ ، فَنَزَلَتْ فِي ذَلِكَ هَذِهِ الْآيَةُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194nindex.php?page=treesubj&link=28973_32265_28861الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ )
وَقَالَ الْإِمَامُ
أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15124لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11862أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820487لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ إِلَّا أَنْ يُغْزَى وَيُغْزَوْا فَإِذَا حَضَرَهُ أَقَامَ حَتَّى يَنْسَلِخَ .
هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ ; وَلِهَذَا لَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُخَيِّمٌ
بِالْحُدَيْبِيَةِ أَنَّ
عُثْمَانَ قَدْ قُتِلَ وَكَانَ قَدْ بَعَثَهُ فِي رِسَالَةٍ إِلَى الْمُشْرِكِينَ بَايَعَ أَصْحَابَهُ ، وَكَانُوا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ تَحْتَ الشَّجَرَةِ عَلَى قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ ، فَلَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ
عُثْمَانَ لَمْ يُقْتَلْ كَفَّ عَنْ ذَلِكَ ، وَجَنَحَ إِلَى الْمُسَالِمَةِ وَالْمُصَالِحٍةِ ، فَكَانَ مَا كَانَ .
وَكَذَلِكَ لَمَّا فَرَغَ مِنْ قِتَالِ
هَوَازِنَ يَوْمَ
حُنَيْنٍ وَتَحَصَّنَ فَلُّهُمْ بِالطَّائِفِ ، عَدَلَ إِلَيْهَا ، فَحَاصَرَهَا وَدَخَلَ ذُو الْقِعْدَةِ وَهُوَ مُحَاصِرُهَا بِالْمَنْجَنِيقِ ، وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهَا إِلَى كَمَالِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
أَنَسٍ . فَلَمَّا كَثُرَ الْقَتْلُ فِي أَصْحَابِهِ انْصَرَفَ عَنْهَا وَلَمْ تُفْتَحْ ، ثُمَّ كَرَّ رَاجِعًا إِلَى
مَكَّةَ وَاعْتَمَرَ مِنَ
الْجِعْرَانَةِ ، حَيْثُ قَسَّمَ غَنَائِمَ
حُنَيْنٍ . وَكَانَتْ عُمْرَتُهُ هَذِهِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ أَيْضًا عَامَ ثَمَانٍ ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ) أَمَرَ بِالْعَدْلِ حَتَّى فِي الْمُشْرِكِينَ : كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ) [ النَّحْلِ : 126 ] . وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=40وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ) [ الشُّورَى : 40 ] .
وَرَوَى
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ) نَزَلَتْ بِمَكَّةَ حَيْثُ لَا شَوْكَةَ وَلَا جِهَادَ ، ثُمَّ نُسِخَ بِآيَةِ الْجِهَادِ بِالْمَدِينَةِ . وَقَدْ رَدَّ هَذَا الْقَوْلَ
ابْنُ جَرِيرٍ ، وَقَالَ : بَلْ [ هَذِهِ ] الْآيَةُ مَدَنِيَّةٌ بَعْدَ عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ ، وَعَزَا ذَلِكَ إِلَى
مُجَاهِدٍ ، رَحِمَهُ اللَّهُ .
وَقَدْ أُطْلِقَ هَاهُنَا الِاعْتِدَاءُ عَلَى الِاقْتِصَاصِ ، مِنْ بَابِ الْمُقَابَلَةِ ، كَمَا قَالَ
عَمْرُو بْنُ أُمِّ كُلْثُومَ :
أَلَا لَا يَجْهَلَنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا فَنَجَهَلْ فَوْقَ جَهْلِ الْجَاهِلِينَا
وَقَالَ
ابْنُ دُرَيْدٍ :
[ ص: 528 ] لِيَ اسْتِوَاءٌ إِنْ مَوالِيَّ اسْتَوَا لِيَ الْتِوَاءٌ إِنْ مُعَادِيَّ الْتَوَا
وَقَالَ غَيْرُهُ :
وَلِي فَرَسٌ لِلْحِلْمِ بِالْحِلْمِ مُلْجَمٌ وَلِي فَرَسٌ لِلْجَهْلِ بِالْجَهْلِ مُسْرَجُ
وَمَنْ رَامَ تَقْوِيمِي فَإِنِّي مُقَوَّمٌ وَمَنْ رَامَ تَعْوِيجِي فَإِنِّي مُعَوَّجُ
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) أَمْرٌ لَهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَتَقْوَاهُ ، وَإِخْبَارٌ بِأَنَّهُ تَعَالَى مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِالنَّصْرِ وَالتَّأْيِيدِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .