[ ص: 91 ] ( أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار ( 19 ) وعد الله لا يخلف الله الميعاد الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار لكن ( 20 ) ) .
يقول تعالى : أفمن كتب الله أنه شقي تقدر تنقذه مما هو فيه من الضلال والهلاك ؟ أي : لا يهديه أحد من بعد الله ; لأنه من يضلل الله فلا هادي له ، ومن يهده فلا مضل له .
ثم أخبر عن عباده السعداء أنهم لهم غرف في الجنة ، وهي القصور الشاهقة ( من فوقها غرف مبنية ) ، أي : طباق فوق طباق ، مبنيات محكمات مزخرفات عاليات .
قال : حدثنا عبد الله بن الإمام أحمد ، حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي ، عن محمد بن فضيل عبد الرحمن بن إسحاق ، عن النعمان بن سعد ، عن علي ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " " . إن في الجنة لغرفا يرى بطونها من ظهورها ، وظهورها من بطونها " فقال أعرابي : لمن هي يا رسول الله ؟ قال : " لمن أطاب الكلام ، وأطعم الطعام ، وصلى لله بالليل والناس نيام
ورواه الترمذي من حديث عبد الرحمن بن إسحاق ، وقال : " حسن غريب ، وقد تكلم بعض أهل العلم فيه من قبل حفظه " .
وقال : حدثنا الإمام أحمد عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن ، عن يحيى بن أبي كثير ابن معانق - أو : أبي معانق - عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " " . إن في الجنة لغرفة يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، أعدها الله لمن أطعم الطعام ، وألان الكلام ، وتابع الصيام ، وصلى والناس نيام
تفرد به أحمد من حديث عبد الله بن معانق الأشعري ، عن أبي مالك ، به .
وقال : حدثنا الإمام أحمد قتيبة بن سعيد ، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " النعمان بن أبي عياش ، فقال : سمعت يقول : " كما تراءون الكوكب الدري في الأفق الشرقي أو الغربي " أبا سعيد الخدري . إن أهل الجنة ليتراءون الغرفة في الجنة كما تراءون الكوكب في السماء " . قال : فحدثت بذلك
أخرجاه في الصحيحين ، من حديث أبي حازم ، وأخرجاه أيضا في الصحيحين من حديث مالك ، عن صفوان بن سليم ، عن ، عن عطاء بن يسار أبي سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقال : حدثنا الإمام أحمد فزارة ، أخبرني فليح ، عن هلال بن علي ، عن ، عن عطاء بن يسار ، رضي الله عنه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أبي هريرة . إن أهل الجنة ليتراءون في الجنة أهل الغرف ، كما تراءون الكوكب الدري الغارب في الأفق الطالع ، في تفاضل أهل الدرجات " . فقالوا : يا رسول الله ، أولئك النبيون ؟ فقال : " بلى ، والذي نفسي بيده ، وأقوام آمنوا بالله وصدقوا الرسل "
[ ص: 92 ]
ورواه الترمذي عن سويد ، عن ابن المبارك عن فليح به وقال : حسن صحيح .
وقال : حدثنا الإمام أحمد أبو النضر قالا حدثنا وأبو كامل زهير ، حدثنا سعد الطائي ، حدثنا أبو المدلة - مولى أم المؤمنين - أنه سمع يقول : قلنا : أبا هريرة . يا رسول الله ، إنا إذا رأيناك رقت قلوبنا ، وكنا من أهل الآخرة ، فإذا فارقناك أعجبتنا الدنيا وشممنا النساء والأولاد . قال : " لو أنكم تكونون على كل حال على الحال التي أنتم عليها عندي ، لصافحتكم الملائكة بأكفهم ، ولزارتكم في بيوتكم . ولو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم " قلنا : يا رسول الله ، حدثنا عن الجنة ، ما بناؤها ؟ قال : " لبنة ذهب ولبنة فضة ، وملاطها المسك الأذفر ، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ، وترابها الزعفران ، من يدخلها ينعم ولا يبأس ، ويخلد ولا يموت ، لا تبلى ثيابه ، ولا يفنى شبابه . ثلاثة لا ترد دعوتهم : الإمام العادل ، والصائم حتى يفطر ، ودعوة المظلوم تحمل على الغمام ، وتفتح لها أبواب السماوات ، ويقول الرب : وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين "
وروى الترمذي ، بعضه ، من حديث وابن ماجه سعد أبي مجاهد الطائي - وكان ثقة - عن أبي المدلة - وكان ثقة - به .
وقوله : ( تجري من تحتها الأنهار ) أي : تسلك الأنهار بين خلال ذلك ، كما يشاءوا وأين أرادوا ، ( وعد الله ) أي : هذا الذي ذكرناه وعد وعده الله عباده المؤمنين ( إن الله لا يخلف الميعاد )