( فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنا إنا خلقناهم من طين لازب ( 11 ) بل عجبت ويسخرون ( 12 ) وإذا ذكروا لا يذكرون ( 13 ) وإذا رأوا آية يستسخرون ( 14 ) وقالوا إن هذا إلا سحر مبين ( 15 ) أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون ( 16 ) أوآباؤنا الأولون ( 17 ) قل نعم وأنتم داخرون ( 18 ) فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون ( 19 ) )
يقول تعالى : فسل هؤلاء المنكرين للبعث : أيما أشد خلقا هم أم السماوات والأرض ، وما بينهما من الملائكة والشياطين والمخلوقات العظيمة ؟ - وقرأ ابن مسعود : " أم من عددنا " - فإنهم يقرون أن هذه المخلوقات أشد خلقا منهم ، وإذا كان الأمر كذلك فلم ينكرون البعث ؟ وهم يشاهدون ما هو أعظم مما أنكروا . كما قال تعالى : ( لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) [ غافر : 57 ] ثم بين أنهم خلقوا من شيء ضعيف ، فقال ( إنا خلقناهم من طين لازب )
قال مجاهد ، ، وسعيد بن جبير والضحاك : هو الجيد الذي يلتزق بعضه ببعض . وقال [ ص: 8 ] ابن عباس ، وعكرمة : هو اللزج . وقال قتادة : هو الذي يلزق باليد .
وقوله : ( بل عجبت ويسخرون ) أي : بل عجبت - يا محمد - من تكذيب هؤلاء المنكرين للبعث ، وأنت موقن مصدق بما أخبر الله به من الأمر العجيب ، وهو إعادة الأجسام بعد فنائها . وهم بخلاف أمرك ، من شدة تكذيبهم يسخرون مما تقول لهم من ذلك .
قال قتادة : عجب محمد - صلى الله عليه وسلم - وسخر ضلال بني آدم . ( وإذا رأوا آية ) أي : دلالة واضحة على ذلك ( يستسخرون ) قال مجاهد وقتادة : يستهزئون .
( وقالوا إن هذا إلا سحر مبين ) أي : إن هذا الذي جئت به إلا سحر مبين ، ( أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون ، أوآباؤنا الأولون ) يستبعدون ذلك ويكذبون به ، ( قل نعم وأنتم داخرون ) أي : قل لهم يا محمد : نعم تبعثون يوم القيامة بعد ما تصيرون ترابا وعظاما ، ( وأنتم داخرون ) أي : حقيرون تحت القدرة العظيمة ، كما قال تعالى ( وكل أتوه داخرين ) [ النمل : 87 ] ، وقال : ( إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) [ غافر : 60 ] .
ثم قال : ( فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون ) أي : إنما هو أمر واحد من الله - عز وجل - يدعوهم دعوة واحدة أن يخرجوا من الأرض ، فإذا هم [ قيام ] بين يديه ، ينظرون إلى أهوال يوم القيامة .