(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158nindex.php?page=treesubj&link=28973_33029_3585إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم ( 158 ) )
قال الإمام
أحمد : حدثنا
سليمان بن داود الهاشمي ، أخبرنا
إبراهيم بن سعد ، عن
الزهري ، عن
عروة ، عن
عائشة قالت : قلت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820392أرأيت قول الله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ) قلت : فوالله ما على أحد جناح أن لا يطوف بهما ؟ فقالت عائشة : بئسما قلت يا ابن أختي ، إنها لو كانت على ما أولتها عليه كانت : فلا جناح عليه [ ص: 470 ] ألا يطوف بهما ، ولكنها إنما أنزلت أن الأنصار كانوا قبل أن يسلموا كانوا يهلون لمناة الطاغية ، التي كانوا يعبدونها عند المشلل . وكان من أهل لها يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة ، فسألوا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا رسول الله ، إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة في الجاهلية . فأنزل الله عز وجل : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158إن الصفا والمروة من شعائر الله ) إلى قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158فلا جناح عليه أن يطوف بهما ) قالت عائشة : ثم قد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بهما ، فليس لأحد أن يدع الطواف بهما . أخرجاه في الصحيحين .
وفي رواية عن
الزهري أنه قال : فحدثت بهذا الحديث
nindex.php?page=showalam&ids=11947أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، فقال : إن هذا العلم ، ما كنت سمعته ، ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يقولون : إن الناس إلا من ذكرت
عائشة كانوا يقولون : إن طوافنا بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية . وقال آخرون من الأنصار : إنما أمرنا بالطواف بالبيت ، ولم نؤمر بالطواف بين الصفا والمروة ، فأنزل الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158إن الصفا والمروة من شعائر الله ) قال أبو بكر بن عبد الرحمن : فلعلها نزلت في هؤلاء وهؤلاء .
ورواه البخاري من حديث
مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
عائشة بنحو ما تقدم . ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
محمد بن يوسف ، حدثنا
سفيان ، عن
عاصم بن سليمان قال : سألت
أنسا عن
الصفا والمروة قال : كنا نرى ذلك من أمر الجاهلية ، فلما جاء الإسلام أمسكنا عنهما ، فأنزل الله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158إن الصفا والمروة من شعائر الله ) .
وذكر
القرطبي في تفسيره عن
ابن عباس قال : كانت الشياطين تفرق بين
الصفا والمروة الليل كله ، وكانت بينهما آلهة ، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن الطواف بينهما ، فنزلت هذه الآية . وقال
الشعبي : كان إساف على
الصفا ، وكانت نائلة على
المروة ، وكانوا يستلمونهما فتحرجوا بعد الإسلام من الطواف بينهما ، فنزلت هذه الآية . قلت : وذكر
ابن إسحاق في كتاب السيرة أن إسافا ونائلة كانا بشرين ، فزنيا داخل الكعبة فمسخا حجرين فنصبتهما قريش تجاه الكعبة ليعتبر بهما الناس ، فلما طال عهدهما عبدا ، ثم حولا إلى
الصفا والمروة ، فنصبا هنالك ، فكان من طاف
بالصفا والمروة يستلمهما ، ولهذا يقول
أبو طالب ، في قصيدته المشهورة :
وحيث ينيخ الأشعرون ركابهم بمفضى السيول من إساف ونائل
وفي صحيح
مسلم [ من ] حديث
جابر الطويل ، وفيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=824352لما فرغ من طوافه [ ص: 471 ] بالبيت ، عاد إلى الركن فاستلمه ، ثم خرج من باب الصفا ، وهو يقول : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158إن الصفا والمروة من شعائر الله ) ثم قال : " أبدأ بما بدأ الله به " . وفي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820393 " ابدءوا بما بدأ الله به " .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
شريح ، حدثنا
عبد الله بن المؤمل ، عن
عطاء بن أبي رباح ، عن
صفية بنت شيبة ، عن
حبيبة بنت أبي تجراة قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بين الصفا والمروة ، والناس بين يديه ، وهو وراءهم ، وهو يسعى حتى أرى ركبتيه من شدة السعي يدور به إزاره ، وهو يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820394 " اسعوا ، فإن الله كتب عليكم السعي " .
ثم رواه الإمام
أحمد ، عن
عبد الرزاق ، أخبرنا
معمر ، عن
واصل مولى أبي عيينة عن
موسى بن عبيدة عن صفية بنت شيبة ، أن امرأة أخبرتها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم بين
الصفا والمروة يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820395 " كتب عليكم السعي ، فاسعوا " .
وقد استدل بهذا الحديث على مذهب من يرى أن
nindex.php?page=treesubj&link=3585السعي بين الصفا والمروة ركن في الحج ، كما هو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، ومن وافقه [ ورواية عن
أحمد وهو المشهور عن
مالك ] . وقيل : إنه واجب ، وليس بركن [ فإن تركه عمدا أو سهوا جبره بدم وهو رواية عن
أحمد وبه تقول طائفة وقيل : بل مستحب ، وإليه ذهب
أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ، وروي عن
أنس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، وحكي عن
مالك في العتبية ، قال
القرطبي : واحتجوا بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فمن تطوع خيرا ) ] . وقيل : بل مستحب . والقول الأول أرجح ، لأنه عليه السلام طاف بينهما ، وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820396 " لتأخذوا عني مناسككم " . فكل ما فعله في حجته تلك واجب لا بد من فعله في الحج ، إلا ما خرج بدليل ، والله أعلم [ وقد تقدم قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820394 " اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي " ] .
فقد بين الله تعالى أن الطواف بين
الصفا والمروة من شعائر الله ، أي : مما شرع الله تعالى
لإبراهيم الخليل في مناسك الحج ، وقد تقدم في حديث
ابن عباس أن أصل ذلك مأخوذ من تطواف
هاجر وتردادها بين
الصفا والمروة في طلب الماء لولدها ، لما نفد ماؤها وزادها ، حين تركهما
إبراهيم عليه السلام هنالك ليس عندهما أحد من الناس ، فلما خافت الضيعة على ولدها هنالك ، ونفد ما عندها قامت تطلب الغوث من الله ، عز وجل ، فلم تزل تردد في هذه البقعة المشرفة بين
الصفا والمروة متذللة خائفة وجلة مضطرة فقيرة إلى الله ، عز وجل ، حتى كشف الله كربتها ، وآنس غربتها ، وفرج شدتها ، وأنبع لها زمزم التي ماؤها طعام طعم ، وشفاء سقم ، فالساعي بينهما ينبغي له أن يستحضر فقره وذله وحاجته إلى الله في هداية قلبه وصلاح حاله وغفران ذنبه ، وأن يلتجئ إلى الله ،
[ ص: 472 ] عز وجل ، ليزيح ما هو به من النقائص والعيوب ، وأن يهديه إلى الصراط المستقيم وأن يثبته عليه إلى مماته ، وأن يحوله من حاله الذي هو عليه من الذنوب والمعاصي ، إلى حال الكمال والغفران والسداد والاستقامة ، كما فعل
بهاجر عليها السلام .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فمن تطوع خيرا ) قيل :
nindex.php?page=treesubj&link=3610زاد في طوافه بينهما على قدر الواجب ثامنة وتاسعة ونحو ذلك . وقيل : يطوف بينهما في حجة تطوع ، أو عمرة تطوع . وقيل : المراد تطوع خيرا في سائر العبادات . حكى ذلك
[ فخر الدين ] الرازي ، وعزى الثالث إلى
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ، والله أعلم . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158فإن الله شاكر عليم ) أي : يثيب على القليل بالكثير ) عليم ) بقدر الجزاء فلا يبخس أحدا ثوابه و (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=40لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ) [ النساء : 40 ] .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158nindex.php?page=treesubj&link=28973_33029_3585إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ( 158 ) )
قَالَ الْإِمَامُ
أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ ، أَخْبَرَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، عَنْ
عُرْوَةَ ، عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ : قُلْتُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820392أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا ) قُلْتُ : فَوَاللَّهِ مَا عَلَى أَحَدٍ جُنَاحٌ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ : بِئْسَمَا قُلْتَ يَا ابْنَ أُخْتِي ، إِنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَلَى مَا أَوَّلْتَهَا عَلَيْهِ كَانَتْ : فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ [ ص: 470 ] أَلَّا يَطَّوَفَ بِهِمَا ، وَلَكِنَّهَا إِنَّمَا أُنْزِلَتْ أَنَّ الْأَنْصَارَ كَانُوا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا كَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ ، التِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا عِنْدَ الْمُشَلَّلِ . وَكَانَ مَنْ أَهَلَّ لَهَا يَتَحَرَّجُ أَنْ يَطَّوَّفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، فَسَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّا كُنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نَطَّوَّفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ . فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ) إِلَى قَوْلِهِ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا ) قَالَتْ عَائِشَةُ : ثُمَّ قَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّوَافَ بِهِمَا ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَعَ الطَّوَافَ بِهِمَا . أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ .
وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ
الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ : فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=11947أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، فَقَالَ : إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ ، مَا كُنْتُ سَمِعْتُهُ ، وَلَقَدْ سَمِعْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ : إِنَّ النَّاسَ إِلَّا مَنْ ذَكَرَتْ
عَائِشَةُ كَانُوا يَقُولُونَ : إِنَّ طَوَافَنَا بَيْنَ هَذَيْنَ الْحَجَرَيْنِ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ . وَقَالَ آخَرُونَ مِنَ الْأَنْصَارِ : إِنَّمَا أُمِرْنَا بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ ، وَلَمْ نُؤْمَرْ بِالطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ) قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ : فَلَعَلَّهَا نَزَلَتْ فِي هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ .
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ
مَالِكٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
عَائِشَةَ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ . ثُمَّ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ : سَأَلْتُ
أَنَسًا عَنِ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَ : كُنَّا نَرَى ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَمْسَكْنَا عَنْهُمَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ) .
وَذَكَرَ
الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَتِ الشَّيَاطِينُ تُفَرِّقُ بَيْنَ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ اللَّيْلَ كُلَّهُ ، وَكَانَتْ بَيْنَهُمَا آلِهَةٌ ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنِ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ . وَقَالَ
الشَّعْبِيُّ : كَانَ إِسَافٌ عَلَى
الصَّفَا ، وَكَانَتْ نَائِلَةُ عَلَى
الْمَرْوَةِ ، وَكَانُوا يَسْتَلِمُونَهُمَا فَتَحَرَّجُوا بَعْدَ الْإِسْلَامِ مِنَ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ . قُلْتُ : وَذَكَرَ
ابْنُ إِسْحَاقَ فِي كِتَابِ السِّيرَةِ أَنَّ إِسَافًا وَنَائِلَةَ كَانَا بَشَرَيْنِ ، فَزَنَيَا دَاخِلَ الْكَعْبَةِ فَمُسِخَا حَجَرَيْنِ فَنَصَبَتْهُمَا قُرَيْشٌ تُجَاهَ الْكَعْبَةِ لِيَعْتَبِرَ بِهِمَا النَّاسُ ، فَلَمَّا طَالَ عَهْدُهُمَا عُبِدَا ، ثُمَّ حُوِّلَا إِلَى
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، فَنُصِبَا هُنَالِكَ ، فَكَانَ مَنْ طَافَ
بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَسْتَلِمُهُمَا ، وَلِهَذَا يَقُولُ
أَبُو طَالِبٍ ، فِي قَصِيدَتِهِ الْمَشْهُورَةِ :
وَحَيْثُ يُنِيخُ الْأَشْعَرُونَ رِكَابَهُمْ بِمَفْضَى السِّيُولُ مِنْ إِسَافِ وَنَائِلِ
وَفِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ [ مِنْ ] حَدِيثِ
جَابِرٍ الطَّوِيلِ ، وَفِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=824352لَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ [ ص: 471 ] بِالْبَيْتِ ، عَادَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ بَابِ الصَّفَا ، وَهُوَ يَقُولُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ) ثُمَّ قَالَ : " أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ " . وَفِي رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيِّ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820393 " ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ " .
وَقَالَ الْإِمَامُ
أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
شُرَيْحٌ ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ ، عَنْ
عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، عَنْ
صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ ، عَنْ
حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي تَجْرَاةَ قَالَتْ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَالنَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَهُوَ وَرَاءَهُمْ ، وَهُوَ يَسْعَى حَتَّى أَرَى رُكْبَتَيْهِ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ يَدُورُ بِهِ إِزَارُهُ ، وَهُوَ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820394 " اسْعَوْا ، فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ " .
ثُمَّ رَوَاهُ الْإِمَامُ
أَحْمَدُ ، عَنْ
عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ
وَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ عَنْ
مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ ، أَنَّ امْرَأَةً أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820395 " كُتِبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيُ ، فَاسْعَوْا " .
وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=3585السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رُكْنٌ فِي الْحَجِّ ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، وَمَنْ وَافَقَهُ [ وَرِوَايَةً عَنْ
أَحْمَدَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ
مَالِكٍ ] . وَقِيلَ : إِنَّهُ وَاجِبٌ ، وَلَيْسَ بِرُكْنٍ [ فَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا جَبَرَهُ بِدَمٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ
أَحْمَدَ وَبِهِ تَقُولُ طَائِفَةٌ وَقِيلَ : بَلْ مُسْتَحَبٌّ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ
أَبُو حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16972وَابْنُ سِيرِينَ ، وَرُوِيَ عَنْ
أَنَسٍ nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنِ عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَحُكِيَ عَنْ
مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ ، قَالَ
الْقُرْطُبِيُّ : وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا ) ] . وَقِيلَ : بَلْ مُسْتَحَبٌّ . وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَرْجَحُ ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ طَافَ بَيْنَهُمَا ، وَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820396 " لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ " . فَكُلُّ مَا فَعَلَهُ فِي حَجَّتِهِ تِلْكَ وَاجِبٌ لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهِ فِي الْحَجِّ ، إِلَّا مَا خَرَجَ بِدَلِيلٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ [ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820394 " اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ " ] .
فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الطَّوَافَ بَيْنَ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ، أَيْ : مِمَّا شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى
لِإِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ فِي مَنَاسِكِ الْحَجِّ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ تَطْوَافِ
هَاجَرَ وَتَرْدَادِهَا بَيْنَ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي طَلَبِ الْمَاءِ لِوَلَدِهَا ، لَمَّا نَفِدَ مَاؤُهَا وَزَادُهَا ، حِينَ تَرَكَهُمَا
إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُنَالِكَ لَيْسَ عِنْدَهُمَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ ، فَلَمَّا خَافَتِ الضَّيْعَةُ عَلَى وَلَدِهَا هُنَالِكَ ، وَنَفِدَ مَا عِنْدَهَا قَامَتْ تَطْلُبُ الْغَوْثَ مِنَ اللَّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ ، فَلَمْ تَزَلْ تَرَدَّدُ فِي هَذِهِ الْبُقْعَةِ الْمُشَرَّفَةِ بَيْنَ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مُتَذَلِّلَةً خَائِفَةً وَجِلَةً مُضْطَرَّةً فَقِيرَةً إِلَى اللَّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ ، حَتَّى كَشَفَ اللَّهُ كُرْبَتَهَا ، وَآنَسَ غُرْبَتَهَا ، وَفَرَّجَ شِدَّتَهَا ، وَأَنْبَعَ لَهَا زَمْزَمَ التِي مَاؤُهَا طَعَامُ طَعْمٍ ، وَشِفَاءُ سُقْمٍ ، فَالسَّاعِي بَيْنَهُمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَحْضِرَ فَقْرَهُ وَذُلُّهُ وَحَاجَتَهُ إِلَى اللَّهِ فِي هِدَايَةِ قَلْبِهِ وَصَلَاحِ حَالِهِ وَغُفْرَانِ ذَنْبِهِ ، وَأَنْ يَلْتَجِئَ إِلَى اللَّهِ ،
[ ص: 472 ] عَزَّ وَجَلَّ ، لِيُزِيحَ مَا هُوَ بِهِ مِنَ النَّقَائِصِ وَالْعُيُوبِ ، وَأَنْ يَهْدِيَهُ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَأَنْ يُثَبِّتَهُ عَلَيْهِ إِلَى مَمَاتِهِ ، وَأَنْ يُحَوِّلَهُ مِنْ حَالِهِ الذِي هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي ، إِلَى حَالِ الْكَمَالِ وَالْغُفْرَانِ وَالسَّدَادِ وَالِاسْتِقَامَةِ ، كَمَا فَعَلَ
بِهَاجَرَ عَلَيْهَا السَّلَامُ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا ) قِيلَ :
nindex.php?page=treesubj&link=3610زَادَ فِي طَوَافِهِ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْوَاجِبِ ثَامِنَةً وَتَاسِعَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ . وَقِيلَ : يَطُوفُ بَيْنَهُمَا فِي حَجَّةِ تَطَوُّعٍ ، أَوْ عُمْرَةِ تَطَوُّعٍ . وَقِيلَ : الْمُرَادُ تَطَوَّعَ خَيْرًا فِي سَائِرِ الْعِبَادَاتِ . حَكَى ذَلِكَ
[ فَخْرُ الدِّينِ ] الرَّازِيُّ ، وَعَزَى الثَّالِثَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ) أَيْ : يُثِيبُ عَلَى الْقَلِيلِ بِالْكَثِيرِ ) عَلِيمٌ ) بِقَدْرِ الْجَزَاءِ فَلَا يَبْخَسُ أَحَدًا ثَوَابَهُ وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=40لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ) [ النِّسَاءِ : 40 ] .