(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=28861_28410_29004ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ( 4 )
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما ( 5 ) ) .
يقول تعالى موطئا قبل المقصود المعنوي أمرا حسيا معروفا ، وهو أنه كما لا يكون للشخص الواحد قلبان في جوفه ، ولا تصير زوجته التي يظاهر منها بقوله : أنت علي كظهر أمي - أما له ، كذلك لا يصير الدعي ولدا للرجل إذا تبناه فدعاه ابنا له ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم ) ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا ) . [ المجادلة : 3 ] .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4وما جعل أدعياءكم أبناءكم ) : هذا هو المقصود بالنفي; فإنها نزلت في شأن
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة مولى النبي صلى الله عليه وسلم ، كان النبي صلى الله عليه وسلم قد تبناه قبل النبوة ، وكان يقال له :
" زيد بن محمد " فأراد الله تعالى أن يقطع هذا الإلحاق وهذه النسبة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4وما جعل أدعياءكم أبناءكم ) كما قال في أثناء السورة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=40ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما ) [ الأحزاب : 40 ] وقال هاهنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4ذلكم قولكم بأفواهكم ) يعني : تبنيكم لهم قول لا يقتضي أن يكون ابنا حقيقيا ، فإنه مخلوق من صلب رجل آخر ، فما يمكن أن يكون له أبوان ، كما لا يمكن أن يكون للبشر الواحد قلبان .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ) : قال
سعيد بن جبير (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4يقول الحق ) أي : العدل . وقال
قتادة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4وهو يهدي السبيل ) أي : الصراط المستقيم .
وقد ذكر غير واحد : أن هذه الآية نزلت في رجل من
قريش ، كان يقال له :
" ذو القلبين " ، وأنه كان يزعم أن له قلبين ، كل منهما بعقل وافر . فأنزل الله هذه الآية ردا عليه . هكذا روى
العوفي عن
ابن عباس . قاله
مجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة ، واختاره
ابن جرير .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
حسن ، حدثنا
زهير ، عن
قابوس - يعني ابن أبي ظبيان - أن أباه حدثه قال : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس : أرأيت قول الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ) ، ما عنى بذلك ؟ قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يصلي ، فخطر خطرة ، فقال المنافقون الذين يصلون معه : ألا ترون له قلبين ، قلبا معكم وقلبا معهم ؟ فأنزل الله ، عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ) .
[ ص: 377 ] وهكذا رواه
الترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14272عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، عن
صاعد الحراني - وعن
عبد بن حميد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12297أحمد بن يونس - كلاهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=15932زهير ، وهو ابن معاوية ، به . ثم قال : وهذا حديث حسن . وكذا رواه
ابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم من حديث
زهير ، به .
وقال
عبد الرزاق : أخبرنا
معمر ، عن
الزهري ، في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ) قال : بلغنا أن ذلك كان في
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة ، ضرب له مثل ، يقول : ليس ابن رجل آخر ابنك .
وكذا قال
مجاهد ، وقتادة ، وابن زيد : أنها نزلت في
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة . وهذا يوافق ما قدمناه من التفسير ، والله أعلم .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ) : هذا أمر ناسخ لما كان في ابتداء الإسلام من جواز
nindex.php?page=treesubj&link=28410ادعاء الأبناء الأجانب ، وهم الأدعياء ، فأمر [ الله ] تعالى برد نسبهم إلى آبائهم في الحقيقة ، وأن هذا هو العدل والقسط .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، رحمه الله : حدثنا
معلى بن أسد ، حدثنا
عبد العزيز بن المختار ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة قال : حدثني
سالم عن
عبد الله بن عمر ; أن
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما كنا ندعوه إلا
زيد بن محمد ، حتى نزل القرآن : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ) . وأخرجه
مسلم nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، من طرق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة به .
وقد كانوا يعاملونهم معاملة الأبناء من كل وجه ، في
nindex.php?page=treesubj&link=25527الخلوة بالمحارم وغير ذلك; ولهذا قالت
سهلة بنت سهيل امرأة
أبي حذيفة : يا رسول الله ، كنا ندعو
سالما ابنا ، وإن الله قد أنزل ما أنزل ، وإنه كان يدخل علي ، وإني أجد في نفس
أبي حذيفة من ذلك شيئا ، فقال صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822468 " أرضعيه تحرمي عليه " الحديث .
ولهذا لما نسخ هذا الحكم ، أباح تعالى زوجة الدعي ، وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم
بزينب بنت جحش زوجة
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا ) [ الأحزاب : 37 ] ، وقال في آية التحريم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ) [ النساء : 23 ] ، احترازا عن زوجة الدعي ، فإنه ليس من الصلب ، فأما الابن من الرضاعة ، فمنزل منزلة ابن الصلب شرعا ، بقوله عليه السلام في الصحيحين :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822469 " حرموا من الرضاعة ما يحرم من النسب " . فأما دعوة الغير ابنا على سبيل التكريم والتحبيب ، فليس مما نهي عنه في هذه الآية ، بدليل ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد وأهل السنن إلا
الترمذي ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، عن
سلمة بن كهيل ،
[ ص: 378 ] عن
الحسن العرني ، عن
ابن عباس ، رضي الله عنهما ، قال : قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أغيلمة بني
عبد المطلب على حمرات لنا من جمع ، فجعل يلطخ أفخاذنا ويقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822470 " أبيني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس " . قال
أبو عبيد وغيره : " أبيني " تصغير بني . وهذا ظاهر الدلالة ، فإن هذا كان في حجة الوداع سنة عشر ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5ادعوهم لآبائهم ) في شأن
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة ، وقد قتل في يوم مؤتة سنة ثمان ، وأيضا ففي صحيح
مسلم ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12118أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري ، عن
الجعد أبي عثمان البصري ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=822471عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا بني " . ورواه
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم ) : أمر [ الله ] تعالى برد أنساب الأدعياء إلى آبائهم ، إن عرفوا ، فإن لم يعرفوا آباءهم ، فهم إخوانهم في الدين ومواليهم ، أي : عوضا عما فاتهم من النسب . ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خرج من مكة عام عمرة القضاء ، وتبعتهم ابنة حمزة تنادي : يا عم ، يا عم . فأخذها علي وقال لفاطمة : دونك ابنة عمك فاحتمليها . فاختصم فيها علي ، وزيد ، وجعفر في أيهم يكفلها ، فكل أدلى بحجة ; فقال علي : أنا أحق بها وهي ابنة عمي - وقال زيد : ابنة أخي . وقال جعفر بن أبي طالب : ابنة عمي ، وخالتها تحتي - يعني أسماء بنت عميس . فقضى النبي صلى الله عليه وسلم لخالتها ، وقال : " الخالة بمنزلة الأم " . وقال لعلي : " أنت مني ، وأنا منك " . وقال لجعفر : " أشبهت خلقي وخلقي " . وقال لزيد : " أنت أخونا ومولانا " .
ففي هذا الحديث أحكام كثيرة من أحسنها : أنه ، عليه الصلاة والسلام حكم بالحق ، وأرضى كلا من المتنازعين ، وقال
لزيد :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822315 " أنت أخونا ومولانا " ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5فإخوانكم في الدين ومواليكم ) .
وقال
ابن جرير : حدثني
يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
عيينة بن عبد الرحمن ، عن أبيه قال : قال
أبو بكرة : قال الله ، عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم ) ، فأنا ممن لا يعرف أبوه ، وأنا من إخوانكم في الدين . قال أبي : والله إني لأظنه لو علم أن أباه كان حمارا لانتمى إليه .
[ ص: 379 ] وقد جاء في الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822472 " من ادعى لغير أبيه ، وهو يعلمه ، كفر . وهذا تشديد وتهديد ووعيد أكيد ، في
nindex.php?page=treesubj&link=28443التبري من النسب المعلوم ; ولهذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم ) .
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ) أي : إذا نسبتم بعضهم إلى غير أبيه في الحقيقة خطأ ، بعد الاجتهاد واستفراغ الوسع; فإن الله قد وضع الحرج في الخطأ ورفع إثمه ، كما أرشد إليه في قوله آمرا عباده أن يقولوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) [ البقرة : 286 ] . وثبت في صحيح
مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822473 " قال الله : قد فعلت " . وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، عن
عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822049 " إذا اجتهد الحاكم فأصاب ، فله أجران ، وإن اجتهد فأخطأ ، فله أجر " . وفي الحديث الآخر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822474 " إن الله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ، وما يكرهون عليه " .
وقال هاهنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما ) أي : وإنما الإثم على من تعمد الباطل كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ) . وفي الحديث المتقدم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822475 " من ادعى إلى غير أبيه ، وهو يعلمه ، إلا كفر " . وفي القرآن المنسوخ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822476 " فإن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم " .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
عبد الرزاق ، أخبرنا
معمر ، عن
الزهري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن
ابن عباس ، عن
عمر أنه قال : بعث الله
محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق ، وأنزل معه الكتاب ، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم ، فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورجمنا بعده . ثم قال : قد كنا نقرأ : " ولا ترغبوا عن آبائكم [ فإنه كفر بكم - أو : إن كفرا بكم - أن ترغبوا عن آبائكم ] ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822477 " لا تطروني [ كما أطري ] عيسى بن مريم ، فإنما أنا عبد ، فقولوا : عبده ورسوله " . وربما قال
معمر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822478 " كما أطرت النصارى ابن مريم " .
ورواه في الحديث الآخر : " ثلاث في الناس كفر : الطعن في النسب ، والنياحة على الميت ، والاستسقاء بالنجوم " .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=28861_28410_29004مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ( 4 )
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ( 5 ) ) .
يَقُولُ تَعَالَى مُوَطِّئًا قَبْلَ الْمَقْصُودِ الْمَعْنَوِيِّ أَمْرًا حِسِّيًّا مَعْرُوفًا ، وَهُوَ أَنَّهُ كَمَا لَا يَكُونُ لِلشَّخْصِ الْوَاحِدِ قَلْبَانِ فِي جَوْفِهِ ، وَلَا تَصِيرُ زَوْجَتُهُ الَّتِي يُظَاهِرُ مِنْهَا بِقَوْلِهِ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي - أُمًّا لَهُ ، كَذَلِكَ لَا يَصِيرُ الدَّعِيُّ وَلَدًا لِلرَّجُلِ إِذَا تَبَنَّاهُ فَدَعَاهُ ابْنًا لَهُ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ ) ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ) . [ الْمُجَادَلَةِ : 3 ] .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ) : هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالنَّفْيِ; فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي شَأْنِ
nindex.php?page=showalam&ids=138زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَبَنَّاهُ قَبْلَ النُّبُوَّةِ ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ :
" زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ " فَأَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ يَقْطَعَ هَذَا الْإِلْحَاقَ وَهَذِهِ النِّسْبَةَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ) كَمَا قَالَ فِي أَثْنَاءِ السُّورَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=40مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ) [ الْأَحْزَابِ : 40 ] وَقَالَ هَاهُنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ ) يَعْنِي : تَبَنِّيكُمْ لَهُمْ قَوْلٌ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ ابْنًا حَقِيقِيًّا ، فَإِنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ صُلْبِ رَجُلٍ آخَرَ ، فَمَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَبَوَانِ ، كَمَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِلْبَشَرِ الْوَاحِدِ قَلْبَانِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ) : قَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4يَقُولُ الْحَقَّ ) أَيِ : الْعَدْلَ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ) أَيِ : الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ .
وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ : أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنْ
قُرَيْشٍ ، كَانَ يُقَالُ لَهُ :
" ذُو الْقَلْبَيْنِ " ، وَأَنَّهُ كَانَ يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ قَلْبَيْنِ ، كُلٌّ مِنْهُمَا بِعَقْلٍ وَافِرٍ . فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ رَدًّا عَلَيْهِ . هَكَذَا رَوَى
الْعَوْفِيُّ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ . قَالَهُ
مُجَاهِدٌ ، وَعِكْرِمَةُ ، وَالْحَسَنُ ، وَقَتَادَةُ ، وَاخْتَارَهُ
ابْنُ جَرِيرٍ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
حَسَنٌ ، حَدَّثَنَا
زُهَيْرٌ ، عَنْ
قَابُوسَ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي ظِبْيَانَ - أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ : قُلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=11لِابْنِ عَبَّاسٍ : أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ) ، مَا عَنَى بِذَلِكَ ؟ قَالَ : قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا يُصَلِّي ، فَخَطَرَ خَطْرَةً ، فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ مَعَهُ : أَلَا تَرَوْنَ لَهُ قَلْبَيْنِ ، قَلْبًا مَعَكُمْ وَقَلْبًا مَعَهُمْ ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ) .
[ ص: 377 ] وَهَكَذَا رَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14272عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيِّ ، عَنْ
صَاعِدٍ الْحَرَّانِيِّ - وَعَنْ
عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12297أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ - كِلَاهُمَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15932زُهَيْرٍ ، وَهُوَ ابْنُ مُعَاوِيَةَ ، بِهِ . ثُمَّ قَالَ : وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ . وَكَذَا رَوَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ
زُهَيْرٍ ، بِهِ .
وَقَالَ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ : أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ) قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=138زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ ، ضُرِبَ لَهُ مَثَلٌ ، يَقُولُ : لَيْسَ ابْنُ رَجُلٍ آخَرَ ابْنَكَ .
وَكَذَا قَالَ
مُجَاهِدٌ ، وَقَتَادَةُ ، وَابْنُ زَيْدٍ : أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=138زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ . وَهَذَا يُوَافِقُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ التَّفْسِيرِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ) : هَذَا أَمْرٌ نَاسِخٌ لِمَا كَانَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ مِنْ جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=28410ادِّعَاءِ الْأَبْنَاءِ الْأَجَانِبِ ، وَهُمُ الْأَدْعِيَاءُ ، فَأَمَرَ [ اللَّهُ ] تَعَالَى بِرَدِّ نِسَبِهِمْ إِلَى آبَائِهِمْ فِي الْحَقِيقَةِ ، وَأَنَّ هَذَا هُوَ الْعَدْلُ وَالْقِسْطُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ : حَدَّثَنَا
مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17177مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي
سَالِمٌ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ; أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=138زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَا كُنَّا نَدْعُوهُ إِلَّا
زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ) . وَأَخْرَجَهُ
مُسْلِمٌ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ ، مِنْ طُرُقٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17177مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ بِهِ .
وَقَدْ كَانُوا يُعَامِلُونَهُمْ مُعَامَلَةَ الْأَبْنَاءِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ، فِي
nindex.php?page=treesubj&link=25527الْخَلْوَةِ بِالْمَحَارِمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ; وَلِهَذَا قَالَتْ
سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ امْرَأَةُ
أَبِي حُذَيْفَةَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كُنَّا نَدْعُو
سَالِمًا ابْنًا ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْزَلَ مَا أَنْزَلَ ، وَإِنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيَّ ، وَإِنِّي أَجِدُ فِي نَفْسِ
أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822468 " أَرَضِعَيْهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ " الْحَدِيثَ .
وَلِهَذَا لَمَّا نُسِخَ هَذَا الْحُكْمُ ، أَبَاحَ تَعَالَى زَوْجَةَ الدَّعِيِّ ، وَتَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ زَوْجَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=138زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ) [ الْأَحْزَابِ : 37 ] ، وَقَالَ فِي آيَةِ التَّحْرِيمَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ ) [ النِّسَاءِ : 23 ] ، احْتِرَازًا عَنْ زَوْجَةِ الدَّعِيِّ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الصُّلْبِ ، فَأَمَّا الِابْنُ مِنَ الرَّضَاعَةِ ، فَمُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ ابْنِ الصُّلْبِ شَرْعًا ، بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الصَّحِيحَيْنِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822469 " حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ " . فَأَمَّا دَعْوَةُ الْغَيْرِ ابْنًا عَلَى سَبِيلِ التَّكْرِيمِ وَالتَّحْبِيبِ ، فَلَيْسَ مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ، بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَهْلُ السُّنَنِ إِلَّا
التِّرْمِذِيَّ ، مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ
سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ ،
[ ص: 378 ] عَنِ
الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُغَيْلِمَةَ بَنِي
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَى حُمُرَاتٍ لَنَا مِنْ جَمْعٍ ، فَجَعَلَ يُلَطِّخُ أَفْخَاذَنَا وَيَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822470 " أُبَيْنِيَّ لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ " . قَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ : " أُبَيْنِيَّ " تَصْغِيرُ بَنِيَّ . وَهَذَا ظَاهِرُ الدَّلَالَةِ ، فَإِنَّ هَذَا كَانَ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ سَنَةَ عَشْرٍ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ ) فِي شَأْنِ
nindex.php?page=showalam&ids=138زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ ، وَقَدْ قُتِلَ فِي يَوْمِ مُؤْتَةَ سَنَةَ ثَمَانٍ ، وَأَيْضًا فَفِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ ، مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=12118أَبِي عَوَانَةَ الْوَضَّاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَشْكُرِيِّ ، عَنِ
الْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ الْبَصْرِيِّ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=822471عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا بُنَيَّ " . وَرَوَاهُ
أَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ) : أَمَرَ [ اللَّهُ ] تَعَالَى بِرَدِّ أَنْسَابِ الْأَدْعِيَاءِ إِلَى آبَائِهِمْ ، إِنْ عُرِفُوا ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوا آبَاءَهُمْ ، فَهُمْ إِخْوَانُهُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيهِمْ ، أَيْ : عِوَضًا عَمَّا فَاتَهُمْ مِنَ النَّسَبِ . وَلِهَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ عَامَ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ ، وَتَبِعَتْهُمُ ابْنَةُ حَمْزَةَ تُنَادِي : يَا عَمِّ ، يَا عَمِّ . فَأَخَذَهَا عَلِيٌّ وَقَالَ لِفَاطِمَةَ : دُونَكِ ابْنَةَ عَمِّكِ فَاحْتَمِلِيهَا . فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ ، وَزَيْدٌ ، وَجَعْفَرٌ فِي أَيِّهِمْ يَكْفُلُهَا ، فَكُلٌّ أَدْلَى بِحُجَّةٍ ; فَقَالَ عَلِيٌّ : أَنَا أَحَقُّ بِهَا وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّي - وَقَالَ زَيْدٌ : ابْنَةُ أَخِي . وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : ابْنَةُ عَمِّي ، وَخَالَتُهَا تَحْتِي - يَعْنِي أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ . فَقَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَالَتِهَا ، وَقَالَ : " الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ " . وَقَالَ لَعَلِيٍّ : " أَنْتَ مِنِّي ، وَأَنَا مِنْكَ " . وَقَالَ لِجَعْفَرَ : " أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي " . وَقَالَ لِزَيْدٍ : " أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا " .
فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ مَنْ أَحْسَنِهَا : أَنَّهُ ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حَكَمَ بِالْحَقِّ ، وَأَرْضَى كُلًّا مِنَ الْمُتَنَازِعِينَ ، وَقَالَ
لِزَيْدٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822315 " أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا " ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ) .
وَقَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنِي
يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ
عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ
أَبُو بَكْرَةَ : قَالَ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ) ، فَأَنَا مِمَّنْ لَا يُعْرَفُ أَبُوهُ ، وَأَنَا مِنْ إِخْوَانِكُمْ فِي الدِّينِ . قَالَ أُبَيٌّ : وَاللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ حِمَارًا لَانْتَمَى إِلَيْهِ .
[ ص: 379 ] وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822472 " مَنِ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ ، وَهُوَ يَعْلَمُهُ ، كَفَرَ . وَهَذَا تَشْدِيدٌ وَتَهْدِيدٌ وَوَعِيدٌ أَكِيدٌ ، فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28443التَّبَرِّي مِنَ النَّسَبِ الْمَعْلُومِ ; وَلِهَذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ) .
ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ ) أَيْ : إِذَا نَسَبْتُمْ بَعْضَهُمْ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ فِي الْحَقِيقَةِ خَطَأً ، بَعْدَ الِاجْتِهَادِ وَاسْتِفْرَاغِ الْوُسْعِ; فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ وَضَعَ الْحَرَجَ فِي الْخَطَأِ وَرَفَعَ إِثْمَهُ ، كَمَا أَرْشَدَ إِلَيْهِ فِي قَوْلِهِ آمِرًا عِبَادَهُ أَنْ يَقُولُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) [ الْبَقَرَةِ : 286 ] . وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822473 " قَالَ اللَّهُ : قَدْ فَعَلْتُ " . وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822049 " إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ ، فَلَهُ أَجْرَانِ ، وَإِنِ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ ، فَلَهُ أَجْرٌ " . وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822474 " إِنَّ اللَّهَ رَفَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ ، وَمَا يُكْرَهُونَ عَلَيْهِ " .
وَقَالَ هَاهُنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) أَيْ : وَإِنَّمَا الْإِثْمُ عَلَى مَنْ تَعَمَّدَ الْبَاطِلَ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ) . وَفِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822475 " مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ ، وَهُوَ يَعْلَمُهُ ، إِلَّا كَفَرَ " . وَفِي الْقُرْآنِ الْمَنْسُوخِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822476 " فَإِنَّ كُفْرًا بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ " .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16523عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ
عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : بَعَثَ اللَّهُ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ ، وَأَنْزَلَ مَعَهُ الْكِتَابَ ، فَكَانَ فِيمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ ، فَرَجَمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرَجَمَنَا بَعْدَهُ . ثُمَّ قَالَ : قَدْ كُنَّا نَقْرَأُ : " وَلَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ [ فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ - أَوْ : إِنَّ كُفْرًا بِكُمْ - أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ ] ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822477 " لَا تُطْرُونِي [ كَمَا أُطْرِيَ ] عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ ، فَقُولُوا : عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ " . وَرُبَّمَا قَالَ
مَعْمَرٌ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822478 " كَمَا أَطَرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ " .
وَرَوَاهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ : " ثَلَاثٌ فِي النَّاسِ كُفْرٌ : الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ ، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ ، وَالِاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ " .