فأنذرتكم نارا تلظى لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى
قوله تعالى : قوله تعالى : فأنذرتكم أي حذرتكم وخوفتكم .
نارا تلظى أي تلهب وتتوقد وأصله تتلظى . وهي قراءة عبيد بن عمير ، ويحيى بن يعمر ، . وطلحة بن مصرف
لا يصلاها أي لا يجد صلاها وهو حرها .
إلا الأشقى أي الشقي .
الذي كذب بنبي الله محمد - صلى الله عليه وسلم - وتولى أي أعرض عن الإيمان . وروى مكحول عن قال : كل يدخل الجنة إلا من أباها . قال : يا أبي هريرة ومن يأبى أن يدخل الجنة ؟ قال : الذي كذب وتولى . وقال أبا هريرة ، مالك : صلى بنا عمر بن عبد العزيز المغرب ، فقرأ والليل إذا يغشى فلما بلغ فأنذرتكم نارا تلظى وقع عليه البكاء ، فلم يقدر يتعداها من البكاء ، فتركها وقرأ سورة أخرى .
وقال : الفراء : إلا الأشقى إلا من كان شقيا في علم الله جل ثناؤه . وروى الضحاك عن ابن عباس قال : لا يصلاها إلا الأشقى أمية بن خلف ونظراؤه الذين كذبوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - وقال قتادة : كذب بكتاب الله ، وتولى عن طاعة الله . وقال الفراء : لم يكن كذب برد ظاهر ، ولكنه قصر عما أمر به من الطاعة فجعل تكذيبا ، كما تقول : لقي فلان العدو فكذب : إذا نكل ورجع عن اتباعه . قال : وسمعت أبا ثروان يقول : إن بني نمير ليس لجدهم مكذوبة . يقول : إذا لقوا صدقوا القتال ، ولم يرجعوا . وكذلك قوله جل ثناؤه : ليس لوقعتها كاذبة يقول : [ ص: 78 ] هي حق . وسمعت سلم بن الحسن يقول : سمعت يقول : هذه الآية التي من أجلها أبا إسحاق الزجاج لقوله جل ثناؤه : قال أهل الإرجاء بالإرجاء ، فزعموا أنه لا يدخل النار إلا كافر لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى وليس الأمر كما ظنوا . هذه نار موصوفة بعينها ، لا يصلى هذه النار إلا الذي كذب وتولى . فمنها أن ولأهل النار منازل والله سبحانه كل ما وعد عليه بجنس من العذاب فجائز أن يعذب به . وقال جل ثناؤه : المنافقين في الدرك الأسفل من النار إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ، فلو كان كل من لم يشرك لم يعذب ، لم يكن في قوله : ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فائدة ، وكان ويغفر ما دون ذلك كلاما لا معنى له .
: الآية واردة في الموازنة بين حالتي عظيم من المشركين وعظيم من المؤمنين ، فأريد أن يبالغ في صفتيهما المتناقضتين فقيل : الأشقى ، وجعل مختصا بالصلي ، كأن النار لم تخلق إلا له وقيل : الأتقى ، وجعل مختصا بالجنة ، كأن الجنة لم تخلق إلا له وقيل : هما الزمخشري أبو جهل أو أمية بن خلف . وأبو بكر - رضي الله عنه - .