قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=73وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا nindex.php?page=treesubj&link=32282قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=73وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات أي على الكفار الذين سبق ذكرهم في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=66أئذا ما مت لسوف أخرج حيا وقال فيهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=72ونذر الظالمين فيها جثيا أي هؤلاء إذا قرئ عليهم القرآن تعززوا بالدنيا ، وقالوا : فما بالنا - إن كنا على باطل - أكثر أموالا وأعز نفرا . وغرضهم إدخال الشبهة على المستضعفين ، وإيهامهم أن من كثر ماله دل ذلك على أنه المحق في دينه ، وكأنهم لم يروا في الكفار فقيرا ولا في المسلمين غنيا ، ولم يعلموا أن الله تعالى نحى أولياءه عن الاغترار بالدنيا وفرط الميل إليها . وبينات معناه مرتلات الألفاظ ملخصة المعاني ، مبينات المقاصد ؛ إما محكمات ، أو متشابهات قد تبعها البيان بالمحكمات ، أو تبيين الرسول - صلى الله عليه وسلم - قولا أو فعلا أو ظاهرات الإعجاز تحدي بها فلم يقدر على معارضتها . أو حججا وبراهين . والوجه أن تكون حالا مؤكدة كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=91وهو الحق مصدقا لأن آيات الله تعالى لا تكون إلا واضحة وحججا .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=73قال الذين كفروا يريد مشركي
قريش النضر بن الحارث وأصحابه .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=73للذين آمنوا يعني فقراء أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وكانت
[ ص: 65 ] فيهم قشافة ، وفي عيشهم خشونة وفي ثيابهم رثاثة وكان المشركون ، يرجلون شعورهم ويدهنون رءوسهم ، ويلبسون خير ثيابهم ، فقالوا للمؤمنين :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=73أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا . قرأ
ابن كثير وابن محيصن وحميد وشبل بن عباد مقاما بضم الميم وهو موضع الإقامة . ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى الإقامة . الباقون مقاما بالفتح ؛ أي منزلا ومسكنا . وقيل : المقام الموضع الذي يقام فيه بالأمور الجليلة ؛ أي أي الفريقين أكثر جاها وأنصارا .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=73وأحسن نديا أي مجلسا ؛ عن
ابن عباس وعنه أيضا المنظر وهو المجلس في اللغة وهو النادي ومنه دار الندوة لأن المشركين كانوا يتشاورون فيها في أمورهم وناداه جالسه في النادي قال :
أنادي به آل الوليد وجعفرا
والندي على فعيل : مجلس القوم ومتحدثهم ، وكذلك الندوة والنادي والمتندى ، فإن تفرق القوم فليس بندي قاله
الجوهري . قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=74وكم أهلكنا قبلهم من قرن أي من أمة وجماعة .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=74هم أحسن أثاثا ورئيا أي متاعا كثيرا ؛ قال : [
امرؤ القيس ] :
وفرع يزين المتن أسود فاحم أثيث كقنو النخلة المتعثكل
والأثاث متاع البيت . وقيل : هو ما جد من الفرش ، والخرثي ما لبس منها ، وأنشد
الحسن بن علي الطوسي فقال :
تقادم العهد من أم الوليد بنا دهرا وصار أثاث البيت خرثيا
وقال
ابن عباس : هيئة . مقاتل : ثيابا ورئيا أي منظرا حسنا . وفيه خمس قراءات : قرأ
أهل المدينة ( وريا ) بغير همز . وقرأ
أهل الكوفة ( ورئيا ) بالهمز . وحكى
يعقوب أن
طلحة قرأ ( وريا ) بياء واحدة مخففة . وروى
سفيان عن
الأعمش عن
nindex.php?page=showalam&ids=12062أبي ظبيان عن
ابن عباس ( هم أحسن أثاثا وزيا ) بالزاي ؛ فهذه أربع قراءات قال
أبو إسحاق ويجوز ( هم أحسن أثاثا وريئا ) بياء بعدها همزة .
النحاس : وقراءة
أهل المدينة في هذا حسنة وفيها تقريران : أحدهما : أن تكون من رأيت ثم خففت الهمزة فأبدل منها ياء وأدغمت الياء في الياء . وكان هذا حسنا لتتفق رءوس الآيات لأنها غير مهموزات . وعلى هذا قال
ابن عباس : ( الرئي المنظر ) فالمعنى : هم أحسن أثاثا ولباسا . والوجه الثاني : أن جلودهم مرتوية من
[ ص: 66 ] النعمة ؛ فلا يجوز الهمز على هذا . وفي رواية
ورش عن
نافع وابن ذكوان عن
ابن عامر ( ورئيا ) بالهمز تكون على الوجه الأول . وهي قراءة
أهل الكوفة وأبي عمرو من رأيت على الأصل . وقراءة
طلحة بن مصرف ( وريا ) بياء واحدة مخففة أحسبها غلطا . وقد زعم بعض النحويين أنه كان أصلها الهمز فقلبت الهمزة ياء ، ثم حذفت إحدى اليائين .
المهدوي : ويجوز أن يكون ( ريئا ) فقلبت ياء فصارت رييا ثم نقلت حركة الهمزة على الياء وحذفت . وقد قرأ بعضهم ( وريا ) على القلب وهي القراءة الخامسة . وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه راء بمعنى رأى .
الجوهري : من همزه جعله من المنظر من رأيت ، وهو ما رأته العين من حال حسنة وكسوة ظاهرة وأنشد
أبو عبيدة لمحمد بن نمير الثقفي فقال :
أشاقتك الظعائن يوم بانوا بذي الرئي الجميل من الأثاث
ومن لم يهمز إما أن يكون على تخفيف الهمزة أو يكون من رويت ألوانهم وجلودهم ريا ؛ أي امتلأت وحسنت . وأما قراءة
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير والأعسم المكي ويزيد البربري ( وزيا ) بالزاي فهو الهيئة والحسن . ويجوز أن يكون من زويت أي جمعت ؛ فيكون أصلها زويا فقلبت الواو ياء . ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=832084زويت لي الأرض أي جمعت ؛ أي فلم يغن ذلك عنهم شيئا من عذاب الله تعالى ؛ فليعش هؤلاء ما شاءوا فمصيرهم إلى الموت والعذاب وإن عمروا ؛ أو العذاب العاجل يأخذهم الله تعالى به . قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=75قل من كان في الضلالة أي في الكفر
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=75فليمدد له الرحمن مدا أي فليدعه في طغيان جهله وكفره ؛ فلفظه لفظ الأمر ومعناه الخبر أي من كان في الضلالة مده الرحمن مدا حتى يطول اغتراره ، فيكون ذلك أشد لعقابه ، نظيره
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=178إنما نملي لهم ليزدادوا إثما وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=110ونذرهم في طغيانهم يعمهون ومثله كثير ؛ أي فليعش ما شاء ، وليوسع لنفسه في العمر ؛ فمصيره إلى الموت والعقاب . وهذا غاية في التهديد والوعيد . وقيل : هذا دعاء أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ تقول : من سرق مالي فليقطع الله تعالى يده ؛ فهو دعاء على السارق . وهو جواب الشرط وعلى هذا فليس قوله فليمدد خبرا .
nindex.php?page=treesubj&link=28990قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=75حتى إذا رأوا ما يوعدون قال رأوا لأن لفظ ما يصلح للواحد
[ ص: 67 ] والجمع . وإذا مع الماضي بمعنى المستقبل ؛ أي حتى يروا ما يوعدون ، والعذاب هنا إما أن يكون بنصر المؤمنين عليهم فيعذبونهم بالسيف والأسر ؛ وإما أن تقوم الساعة فيصيرون إلى النار .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=75فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا أي تنكشف حينئذ الحقائق وهذا رد لقولهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=73أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=73وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا nindex.php?page=treesubj&link=32282قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=73وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ أَيْ عَلَى الْكُفَّارِ الَّذِينَ سَبَقَ ذِكْرُهُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=66أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا وَقَالَ فِيهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=72وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا أَيْ هَؤُلَاءِ إِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ تَعَزَّزُوا بِالدُّنْيَا ، وَقَالُوا : فَمَا بَالُنَا - إِنْ كُنَّا عَلَى بَاطِلٍ - أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا . وَغَرَضُهُمْ إِدْخَالُ الشُّبْهَةِ عَلَى الْمُسْتَضْعَفِينَ ، وَإِيهَامُهُمْ أَنَّ مَنْ كَثُرَ مَالُهُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ الْمُحِقُّ فِي دِينِهِ ، وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا فِي الْكُفَّارِ فَقِيرًا وَلَا فِي الْمُسْلِمِينَ غَنِيًّا ، وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَحَّى أَوْلِيَاءَهُ عَنِ الِاغْتِرَارِ بِالدُّنْيَا وَفَرْطِ الْمَيْلِ إِلَيْهَا . وَبَيِّنَاتٍ مَعْنَاهُ مُرَتَّلَاتُ الْأَلْفَاظِ مُلَخَّصَةُ الْمَعَانِي ، مُبَيِّنَاتُ الْمَقَاصِدِ ؛ إِمَّا مُحْكَمَاتٌ ، أَوْ مُتَشَابِهَاتٌ قَدْ تَبِعَهَا الْبَيَانُ بِالْمُحْكَمَاتِ ، أَوْ تَبْيِينُ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلًا أَوْ فِعْلًا أَوْ ظَاهِرَاتُ الْإِعْجَازِ تُحُدِّيَ بِهَا فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَى مُعَارَضَتِهَا . أَوْ حُجَجًا وَبَرَاهِينَ . وَالْوَجْهُ أَنْ تَكُونَ حَالًا مُؤَكَّدَةً كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=91وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِأَنَّ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَكُونُ إِلَّا وَاضِحَةً وَحُجَجًا .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=73قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا يُرِيدُ مُشْرِكِي
قُرَيْشٍ النَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ وَأَصْحَابَهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=73لِلَّذِينَ آمَنُوا يَعْنِي فُقَرَاءَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ
[ ص: 65 ] فِيهِمْ قَشَافَةٌ ، وَفِي عَيْشِهِمْ خُشُونَةٌ وَفِي ثِيَابِهِمْ رَثَاثَةٌ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ ، يُرَجِّلُونَ شُعُورَهُمْ وَيَدْهُنُونَ رُءُوسَهُمْ ، وَيَلْبَسُونَ خَيْرَ ثِيَابِهِمْ ، فَقَالُوا لِلْمُؤْمِنِينَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=73أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا . قَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَحُمَيْدٌ وَشِبْلُ بْنُ عَبَّادٍ مُقَامًا بِضَمِّ الْمِيمِ وَهُوَ مَوْضِعُ الْإِقَامَةِ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا بِمَعْنَى الْإِقَامَةِ . الْبَاقُونَ مَقَامًا بِالْفَتْحِ ؛ أَيْ مَنْزِلًا وَمَسْكَنًا . وَقِيلَ : الْمُقَامُ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُقَامُ فِيهِ بِالْأُمُورِ الْجَلِيلَةِ ؛ أَيْ أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَكْثَرُ جَاهًا وَأَنْصَارًا .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=73وَأَحْسَنُ نَدِيًّا أَيْ مَجْلِسًا ؛ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْهُ أَيْضًا الْمَنْظَرُ وَهُوَ الْمَجْلِسُ فِي اللُّغَةِ وَهُوَ النَّادِي وَمِنْهُ دَارُ النَّدْوَةِ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَتَشَاوَرُونَ فِيهَا فِي أُمُورِهِمْ وَنَادَاهُ جَالَسَهُ فِي النَّادِي قَالَ :
أُنَادِي بِهِ آلَ الْوَلِيدِ وَجَعْفَرَا
وَالنَّدِيُّ عَلَى فَعِيلٍ : مَجْلِسُ الْقَوْمِ وَمُتَحَدَّثُهُمْ ، وَكَذَلِكَ النَّدْوَةُ وَالنَّادِي وَالْمُتَنَدَّى ، فَإِنْ تَفَرَّقَ الْقَوْمُ فَلَيْسَ بِنَدِيٍّ قَالَهُ
الْجَوْهَرِيُّ . قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=74وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ أَيْ مِنْ أُمَّةٍ وَجَمَاعَةٍ .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=74هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا أَيْ مَتَاعًا كَثِيرًا ؛ قَالَ : [
امْرُؤُ الْقَيْسِ ] :
وَفَرْعٍ يَزِينُ الْمَتْنَ أَسْوَدَ فَاحِمٍ أَثِيثٍ كَقِنْوِ النَّخْلَةِ الْمُتَعَثْكِلِ
وَالْأَثَاثُ مَتَاعُ الْبَيْتِ . وَقِيلَ : هُوَ مَا جَدَّ مِنَ الْفَرْشِ ، وَالْخُرْثِيُّ مَا لُبِسَ مِنْهَا ، وَأَنْشَدَ
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الطُّوسِيُّ فَقَالَ :
تَقَادَمَ الْعَهْدُ مِنْ أُمِّ الْوَلِيدِ بِنَا دَهْرًا وَصَارَ أَثَاثُ الْبَيْتِ خُرْثِيَّا
وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : هَيْئَةً . مُقَاتِلٌ : ثِيَابًا وَرِئْيًا أَيْ مَنْظَرًا حَسَنًا . وَفِيهِ خَمْسُ قِرَاءَاتٍ : قَرَأَ
أَهْلُ الْمَدِينَةِ ( وَرِيًّا ) بِغَيْرِ هَمْزٍ . وَقَرَأَ
أَهْلُ الْكُوفَةِ ( وَرِئْيًا ) بِالْهَمْزِ . وَحَكَى
يَعْقُوبُ أَنَّ
طَلْحَةَ قَرَأَ ( وَرِيًا ) بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ مُخَفَّفَةٍ . وَرَوَى
سُفْيَانُ عَنِ
الْأَعْمَشِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12062أَبِي ظَبْيَانَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ( هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَزِيًّا ) بِالزَّايِ ؛ فَهَذِهِ أَرْبَعُ قِرَاءَاتٍ قَالَ
أَبُو إِسْحَاقَ وَيَجُوزُ ( هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِيئًا ) بِيَاءٍ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ .
النَّحَّاسُ : وَقِرَاءَةُ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي هَذَا حَسَنَةٌ وَفِيهَا تَقْرِيرَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ تَكُونَ مِنْ رَأَيْتُ ثُمَّ خُفِّفَتِ الْهَمْزَةُ فَأُبْدِلَ مِنْهَا يَاءٌ وَأُدْغِمَتِ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ . وَكَانَ هَذَا حَسَنًا لِتَتَّفِقَ رُءُوسُ الْآيَاتِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَهْمُوزَاتٍ . وَعَلَى هَذَا قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : ( الرِّئْيُ الْمَنْظَرُ ) فَالْمَعْنَى : هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَلِبَاسًا . وَالْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّ جُلُودَهُمْ مُرْتَوِيَةٌ مِنْ
[ ص: 66 ] النِّعْمَةِ ؛ فَلَا يَجُوزُ الْهَمْزُ عَلَى هَذَا . وَفِي رِوَايَةِ
وَرْشٍ عَنْ
نَافِعٍ وَابْنِ ذَكْوَانَ عَنِ
ابْنِ عَامِرٍ ( وَرِئْيًا ) بِالْهَمْزِ تَكُونُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ . وَهِيَ قِرَاءَةُ
أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَبِي عَمْرٍو مِنْ رَأَيْتُ عَلَى الْأَصْلِ . وَقِرَاءَةُ
طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ ( وَرِيًا ) بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ مُخَفَّفَةٍ أَحْسَبُهَا غَلَطًا . وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ أَنَّهُ كَانَ أَصْلُهَا الْهَمْزَ فَقُلِبَتِ الْهَمْزَةُ يَاءً ، ثُمَّ حُذِفَتْ إِحْدَى الْيَائَيْنِ .
الْمَهْدَوِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ( رِيئًا ) فَقُلِبَتْ يَاءً فَصَارَتْ رِيَيًا ثُمَّ نُقِلَتْ حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ عَلَى الْيَاءِ وَحُذِفَتْ . وَقَدْ قَرَأَ بَعْضُهُمْ ( وَرِيًّا ) عَلَى الْقَلْبِ وَهِيَ الْقِرَاءَةُ الْخَامِسَةُ . وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ رَاءَ بِمَعْنَى رَأَى .
الْجَوْهَرِيُّ : مَنْ هَمَزَهُ جَعَلَهُ مِنَ الْمَنْظَرِ مِنْ رَأَيْتُ ، وَهُوَ مَا رَأَتْهُ الْعَيْنُ مِنْ حَالٍ حَسَنَةٍ وَكِسْوَةٍ ظَاهِرَةٍ وَأَنْشَدَ
أَبُو عُبَيْدَةَ لِمُحَمَّدِ بْنِ نُمَيْرٍ الثَّقَفِيِّ فَقَالَ :
أَشَاقَتْكَ الظَّعَائِنُ يَوْمَ بَانُوا بِذِي الرِّئْيِ الْجَمِيلِ مِنَ الْأَثَاثِ
وَمَنْ لَمْ يَهْمِزْ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى تَخْفِيفِ الْهَمْزَةِ أَوْ يَكُونَ مِنْ رَوِيَتْ أَلْوَانُهُمْ وَجُلُودُهُمْ رِيًّا ؛ أَيِ امْتَلَأَتْ وَحَسُنَتْ . وَأَمَّا قِرَاءَةُ
ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=34وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالْأَعْسَمِ الْمَكِّيِّ وَيَزِيدَ الْبَرْبَرِيِّ ( وَزِيًّا ) بِالزَّايِ فَهُوَ الْهَيْئَةُ وَالْحُسْنُ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ زَوَيْتُ أَيْ جَمَعْتُ ؛ فَيَكُونُ أَصْلُهَا زَوِيًّا فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً . وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=832084زُوِيَتْ لِي الْأَرْضُ أَيْ جُمِعَتْ ؛ أَيْ فَلَمْ يُغْنِ ذَلِكَ عَنْهُمْ شَيْئًا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى ؛ فَلْيَعِشْ هَؤُلَاءِ مَا شَاءُوا فَمَصِيرُهُمْ إِلَى الْمَوْتِ وَالْعَذَابِ وَإِنْ عُمِّرُوا ؛ أَوِ الْعَذَابِ الْعَاجِلِ يَأْخُذُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ . قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=75قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ أَيْ فِي الْكُفْرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=75فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا أَيْ فَلْيَدَعْهُ فِي طُغْيَانِ جَهْلِهِ وَكُفْرِهِ ؛ فَلَفْظُهُ لَفْظُ الْأَمْرِ وَمَعْنَاهُ الْخَبَرُ أَيْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ مَدَّهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى يَطُولَ اغْتِرَارُهُ ، فَيَكُونَ ذَلِكَ أَشَدَّ لِعِقَابِهِ ، نَظِيرُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=178إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=110وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ ؛ أَيْ فَلْيَعِشْ مَا شَاءَ ، وَلْيُوَسِّعْ لِنَفْسِهِ فِي الْعُمُرِ ؛ فَمَصِيرُهُ إِلَى الْمَوْتِ وَالْعِقَابِ . وَهَذَا غَايَةٌ فِي التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ . وَقِيلَ : هَذَا دُعَاءٌ أُمِرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؛ تَقُولُ : مَنْ سَرَقَ مَالِي فَلْيَقْطَعِ اللَّهُ تَعَالَى يَدَهُ ؛ فَهُوَ دُعَاءٌ عَلَى السَّارِقِ . وَهُوَ جَوَابُ الشَّرْطِ وَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ قَوْلُهُ فَلْيَمْدُدْ خَبَرًا .
nindex.php?page=treesubj&link=28990قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=75حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ قَالَ رَأَوْا لِأَنَّ لَفْظَ مَا يَصْلُحُ لِلْوَاحِدِ
[ ص: 67 ] وَالْجَمْعِ . وَإِذَا مَعَ الْمَاضِي بِمَعْنَى الْمُسْتَقْبَلِ ؛ أَيْ حَتَّى يَرَوْا مَا يُوعَدُونَ ، وَالْعَذَابُ هُنَا إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِنَصْرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِمْ فَيُعَذِّبُونَهُمْ بِالسَّيْفِ وَالْأَسْرِ ؛ وَإِمَّا أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ فَيَصِيرُونَ إِلَى النَّارِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=75فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا أَيْ تَنْكَشِفُ حِينَئِذٍ الْحَقَائِقُ وَهَذَا رَدٌّ لِقَوْلِهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=73أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا .