قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين
فيه عشر مسائل :
الأولى : قوله تعالى : جعل لكم معناه صير . وكل ما علاك فأظلك فهو سقف وسماء ، وكل ما أقلك فهو أرض ، وكل ما سترك من جهاتك الأربع فهو جدار ; فإذا انتظمت واتصلت فهو بيت . وهذه الآية فيها تعديد نعم الله - تعالى - على الناس في البيوت ، فذكر أولا بيوت المدن وهي التي للإقامة الطويلة . وقوله : سكنا أي تسكنون فيها وتهدأ جوارحكم من الحركة ، وقد تتحرك فيه وتسكن في غيره ; إلا أن القول خرج على الغالب . وعد هذا في جملة النعم فإنه لو شاء خلق العبد مضطربا أبدا كالأفلاك لكان ذلك كما خلق وأراد ، لو خلقه ساكنا كالأرض لكان كما خلق وأراد ، ولكنه أوجده خلقا يتصرف للوجهين ، ويختلف حاله بين الحالتين ، وردده كيف وأين . والسكن مصدر يوصف به الواحد والجمع .
ثم ذكر - تعالى - بيوت النقلة والرحلة وهي :
الثانية : فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها أي من الأنطاع والأدم . بيوتا يعني الخيام والقباب يخف عليكم حملها في الأسفار .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80يوم ظعنكم الظعن : سير البادية في الانتجاع والتحول من موضع إلى موضع ; ومنه قول
عنترة :
ظعن الذين فراقهم أتوقع وجرى ببينهم الغراب الأبقع
[ ص: 139 ] والظعن الهودج أيضا ; قال :
ألا هل هاجك الأظعان إذ بانوا وإذ جادت بوشك البين غربان
وقرئ بإسكان العين وفتحها كالشعر والشعر . وقيل : يحتمل أن يعم بيوت الأدم وبيوت الشعر وبيوت الصوف ; لأن هذه من الجلود لكونها ثابتة فيها ; نحا إلى ذلك
ابن سلام . وهو احتمال حسن ، ويكون قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80ومن أصوافها ابتداء كلام ، كأنه قال جعل أثاثا ; يريد الملابس والوطاء ، وغير ذلك ; قال الشاعر :
أهاجتك الظعائن يوم بانوا بذي الزي الجميل من الأثاث
ويحتمل أن يريد بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80من جلود الأنعام بيوت الأدم فقط كما قدمناه أولا . ويكون قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80ومن أصوافها عطفا على قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80من جلود الأنعام أي جعل بيوتا أيضا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : وهذا أمر انتشر في تلك الديار ، وعزبت عنه بلادنا ، فلا تضرب الأخبية عندنا إلا من الكتان والصوف ، وقد كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - قبة من أدم ، وناهيك من أدم
الطائف غلاء في القيمة ، واعتلاء في الصنعة ، وحسنا في البشرة ، ولم يعد ذلك - صلى الله عليه وسلم - ترفا ولا رآه سرفا ; لأنه مما امتن الله سبحانه من نعمته وأذن فيه من متاعه ، وظهرت وجوه منفعته في الاكتنان والاستظلال الذي لا يقدر على الخروج عنه جنس الإنسان . ومن غريب ما جرى أني زرت بعض المتزهدين من الغافلين مع بعض المحدثين ، فدخلنا عليه في خباء كتان فعرض عليه صاحبي المحدث أن يحمله إلى منزله ضيفا ، وقال : إن هذا موضع يكثر فيه الحر والبيت أرفق بك وأطيب لنفسي فيك ; فقال : هذا الخباء لنا كثير ، وكان في صنعنا من الحقير ; فقلت : ليس كما زعمت فقد كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو رئيس الزهاد قبة من أدم طائفي يسافر معها ويستظل بها ; فبهت ، ورأيته على منزلة من العي فتركته مع صاحبي وخرجت عنه .
الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=32285قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أذن الله سبحانه بالانتفاع بصوف الغنم ووبر الإبل وشعر المعز ، كما أذن في الأعظم ، وهو ذبحها وأكل لحومها ، ولم يذكر القطن والكتان لأنه لم يكن في بلاد العرب المخاطبين به ، وإنما عدد عليهم ما أنعم به عليهم ، وخوطبوا فيما عرفوا بما فهموا . وما قام مقام هذه وناب منابها فيدخل في الاستعمال والنعمة مدخلها ; وهذا كقوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43وينزل من السماء من جبال فيها من برد ;
[ ص: 140 ] فخاطبهم بالبرد لأنهم كانوا يعرفون نزوله كثيرا عندهم ، وسكت عن ذكر الثلج ; لأنه لم يكن في بلادهم ، وهو مثله في الصفة والمنفعة ، وقد ذكرهما النبي - صلى الله عليه وسلم - معا في التطهير فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835447اللهم اغسلني بماء وثلج وبرد . قال
ابن عباس : الثلج شيء أبيض ينزل من السماء وما رأيته قط . وقيل : إن ترك ذكر القطن والكتان إنما كان إعراضا عن الترف ; إذ ملبس عباد الله الصالحين إنما هو الصوف . وهذا فيه نظر ; فإنه سبحانه يقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=26يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم حسبما تقدم بيانه في " الأعراف وقال هنا :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81وجعل لكم سرابيل فأشار إلى القطن والكتان في لفظة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81سرابيل والله أعلم . و أثاثا قال
الخليل : متاعا منضما بعضه إلى بعض ; من أث إذا كثر . قال :
وفرع يزين المتن أسود فاحم أثيث كقنو النخلة المتعثكل
ابن عباس : أثاثا ثيابا . وقد تقدم
وتضمنت هذه الآية جواز
nindex.php?page=treesubj&link=26809الانتفاع بالأصواف والأوبار والأشعار على كل حال ، ولذلك قال أصحابنا :
nindex.php?page=treesubj&link=26809صوف الميتة وشعرها طاهر يجوز الانتفاع به على كل حال ، ويغسل مخافة أن يكون علق به وسخ ; وكذلك روت
أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=839607لا بأس بجلد الميتة إذا دبغ وصوفها وشعرها إذا غسل لأنه مما لا يحله الموت ، سواء كان شعر ما يؤكل لحمه أو لا ، كشعر ابن آدم والخنزير ، فإنه طاهر كله ; وبه قال
أبو حنيفة ، ولكنه زاد علينا فقال :
nindex.php?page=treesubj&link=26895القرن والسن والعظم مثل الشعر ; قال : لأن هذه الأشياء كلها لا روح فيها لا تنجس بموت الحيوان . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي : إن الشعور كلها نجسة ولكنها تطهر بالغسل . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ثلاث روايات : الأولى : طاهرة لا تنجس بالموت . الثانية : تنجس . الثالثة : الفرق بين شعر ابن آدم وغيره ،
nindex.php?page=treesubj&link=26809_25644فشعر ابن آدم طاهر وما عداه نجس . ودليلنا عموم قوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80ومن أصوافها الآية . فمن علينا بأن جعل لنا الانتفاع بها ، ولم يخص شعر الميتة من المذكاة ، فهو عموم إلا أن يمنع منه دليل . وأيضا فإن الأصل كونها طاهرة قبل الموت بإجماع ، فمن زعم أنه انتقل إلى نجاسة فعليه الدليل . فإن قيل
[ ص: 141 ] قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حرمت عليكم الميتة وذلك عبارة عن الجملة . قلنا : نخصه بما ذكرنا ; فإنه منصوص عليه في ذكر الصوف ، وليس في آيتكم ذكره صريحا ، فكان دليلنا أولى . والله أعلم . وقد عول الشيخ الإمام
أبو إسحاق إمام
الشافعية ببغداد على أن الشعر جزء متصل بالحيوان خلقة ، فهو ينمي بنمائه ويتنجس بموته كسائر الأجزاء . وأجيب بأن النماء ليس بدليل على الحياة ; لأن النبات ينمي وليس بحي . وإذا عولوا على النماء المتصل لما على الحيوان عولنا نحن على الإبانة التي تدل على عدم الإحساس الذي يدل على عدم الحياة . وأما ما ذكره الحنفيون في العظم والسن والقرن أنه مثل الشعر ، فالمشهور عندنا أن ذلك نجس كاللحم . وقال
ابن وهب مثل قول
أبي حنيفة . ولنا قول ثالث : هل تلحق أطراف القرون والأظلاف بأصولها أو بالشعر ، قولان . وكذلك الشعري من الريش حكمه حكم الشعر ، والعظمي منه حكمه حكمه . ودليلنا قوله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835448لا تنتفعوا من الميتة بشيء وهذا عام فيها وفي كل جزء منها ، إلا ما قام دليله ; ومن الدليل القاطع على ذلك قوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=78قال من يحيي العظام وهي رميم ، وقال - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=259وانظر إلى العظام كيف ننشزها ، وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14فكسونا العظام لحما ، وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=11أئذا كنا عظاما نخرة فالأصل هي العظام ، والروح والحياة فيها كما في اللحم والجلد . وفي حديث
عبد الله بن عكيم : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=835449لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ) . فإن قيل : قد ثبت في الصحيح
nindex.php?page=hadith&LINKID=835450أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في شاة ميمونة : ( ألا انتفعتم بجلدها ) ؟ فقالوا : يا رسول الله ، إنها ميتة . فقال : ( إنما حرم أكلها ) والعظم لا يؤكل . قلنا : العظم يؤكل ، وخاصة عظم الجمل الرضيع والجدي والطير ، وعظم الكبير يشوى ويؤكل . وما ذكرناه قبل يدل على وجود الحياة فيه ، وما كان طاهرا بالحياة ويستباح بالذكاة ينجس بالموت . والله أعلم .
[ ص: 142 ] الرابعة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80من جلود الأنعام عام في جلد الحي والميت ، فيجوز
nindex.php?page=treesubj&link=24777_565_24729_17637الانتفاع بجلود الميتة وإن لم تدبغ ; وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب الزهري nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : لم نجد عن أحد من الفقهاء جواز
nindex.php?page=treesubj&link=24777_4456بيع جلد الميتة قبل الدباغ إلا عن
الليث . قال
أبو عمر : يعني من الفقهاء أئمة الفتوى بالأمصار بعد التابعين ، وأما
ابن شهاب فذلك عنه صحيح ، وهو قول أباه جمهور أهل العلم . وقد روي عنهما خلاف هذا القول ، والأول أشهر .
قلت : قد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في سننه حديث
يحيى بن أيوب عن
يونس وعقيل عن
الزهري ، وحديث
بقية عن
الزبيدي ، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=17015محمد بن كثير العبدي وأبي سلمة المنقري عن
سليمان بن كثير عن
الزهري ، وقال في آخرها : هذه أسانيد صحاح .
السادسة : اختلف العلماء في
nindex.php?page=treesubj&link=24729جلد الميتة إذا دبغ هل يطهر أم لا ; فذكر
ابن عبد الحكم عن
مالك ما يشبه مذهب
ابن شهاب في ذلك . وذكره
ابن خويز منداد في كتابه عن
ابن عبد الحكم أيضا . قال
ابن خويز منداد : وهو قول
الزهري nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث . قال : والظاهر من مذهب
مالك ما ذكره
ابن عبد الحكم ، وهو أن الدباغ لا يطهر جلد الميتة ، ولكن يبيح الانتفاع به في الأشياء اليابسة ، ولا يصلى عليه ولا يؤكل فيه . وفي المدونة
لابن القاسم : من
nindex.php?page=treesubj&link=10691_10755اغتصب جلد ميتة غير مدبوغ فأتلفه كان عليه قيمته . وحكي أن ذلك قول
مالك . وذكر
أبو الفرج أن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا قال : من اغتصب لرجل جلد ميتة غير مدبوغ فلا شيء عليه . قال
إسماعيل : إلا أن يكون لمجوسي . وروى
ابن وهب ،
nindex.php?page=showalam&ids=16991وابن عبد الحكم عن
مالك جواز بيعه ، وهذا في جلد كل ميتة إلا الخنزير وحده ; لأن الزكاة لا تعمل فيه ، فالدباغ أولى . قال
أبو عمر :
nindex.php?page=treesubj&link=32035وكل جلد ذكي فجائز استعماله للوضوء وغيره . وكان
مالك يكره
nindex.php?page=treesubj&link=811_32036الوضوء في إناء جلد الميتة بعد الدباغ على اختلاف من قوله ، ومرة قال : إنه لم يكرهه إلا في خاصة نفسه ، وتكره
nindex.php?page=treesubj&link=1346_4456الصلاة عليه وبيعه ، وتابعه على ذلك جماعة من أصحابه . وأما أكثر المدنيين فعلى إباحة ذلك وإجازته ; لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835451أيما إهاب دبغ فقد طهر . وعلى هذا أكثر
أهل الحجاز والعراق من أهل الفقه والحديث ، . وهو اختيار
ابن وهب .
السابعة : ذهب الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - إلى أنه لا يجوز الانتفاع بجلود الميتة في شيء وإن دبغت ; لأنها كلحم الميتة . والأخبار بالانتفاع بعد الدباغ ترد قوله . واحتج
[ ص: 143 ] بحديث
عبد الله بن عكيم - رواه
أبو داود - قال : قرئ علينا كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأرض
جهينة وأنا غلام شاب :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835452ألا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عصب . وفي رواية : قبل موته بشهر . رواه
القاسم بن مخيمرة عن
عبد الله بن عكيم ، قال : حدثنا مشيخة لنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إليهم . . قال
داود بن علي : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين عن هذا الحديث ، فضعفه وقال : ليس بشيء ، إنما يقول حدثني الأشياخ ، قال
أبو عمر : ولو كان ثابتا لاحتمل أن يكون مخالفا للأحاديث المروية عن
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة وسلمة بن المحبق وغيرهم ، لأنه جائز أن يكون معنى حديث
ابن عكيم (
nindex.php?page=hadith&LINKID=835453ألا تنتفعوا من الميتة بإهاب ) قبل الدباغ ; وإذا احتمل ألا يكون مخالفا فليس لنا أن نجعله مخالفا ، وعلينا أن نستعمل الخبرين ما أمكن ، وحديث
عبد الله بن عكيم وإن كان قبل موت النبي - صلى الله عليه وسلم - بشهر كما جاء في الخبر فيمكن أن تكون قصة
ميمونة وسماع
ابن عباس منه
nindex.php?page=hadith&LINKID=835451أيما إهاب دبغ فقد طهر قبل موته بجمعة أو دون جمعة ، والله أعلم .
الثامنة : المشهور عندنا أن
nindex.php?page=treesubj&link=24730جلد الخنزير لا يدخل في الحديث ولا يتناوله العموم ، وكذلك الكلب عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وعند
الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور : لا يطهر بالدباغ إلا جلد ما يؤكل لحمه . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=17126معن بن عيسى عن
مالك أنه سئل عن
nindex.php?page=treesubj&link=24730_24729جلد الخنزير إذا دبغ فكرهه . قال
ابن وضاح : وسمعت
سحنونا يقول لا بأس به ; وكذلك قال
محمد بن عبد الحكم وداود بن علي وأصحابه ; لقوله - عليه السلام - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835454أيما مسك دبغ فقد طهر . قال
أبو عمر : يحتمل أن يكون أراد بهذا القول عموم الجلود المعهود الانتفاع بها ، فأما الخنزير فلم يدخل في المعنى لأنه غير معهود الانتفاع بجلده ، إذ لا تعمل فيه الذكاة . ودليل آخر وهو ما قاله
النضر بن شميل : إن الإهاب جلد البقر والغنم والإبل ، وما عداه فإنما يقال له : جلد لا إهاب .
قلت :
nindex.php?page=treesubj&link=24730_24729وجلد الكلب وما لا يؤكل لحمه أيضا غير معهود الانتفاع به فلا يطهر ; وقد قال - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835045nindex.php?page=treesubj&link=33213أكل كل ذي ناب من السباع حرام فليست الذكاة فيها ذكاة ، كما أنها ليست في الخنزير ذكاة . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي عن
nindex.php?page=showalam&ids=241المقدام بن معديكرب قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835455نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن nindex.php?page=treesubj&link=17605_17545الحرير والذهب ومياثر النمور [ ص: 144 ] التاسعة : اختلف الفقهاء في
nindex.php?page=treesubj&link=24729الدباغ التي تطهر به جلود الميتة ما هو ؟ فقال أصحاب
مالك وهو المشهور من مذهبه : كل شيء دبغ الجلد من ملح أو قرظ أو شب أو غير ذلك فقد جاز الانتفاع به . وكذلك قال
أبو حنيفة وأصحابه ، وهو قول
داود .
nindex.php?page=showalam&ids=13790وللشافعي في هذه المسألة قولان : أحدهما : هذا ، والآخر أنه لا يطهر إلا الشب والقرظ ; لأنه الدباغ المعهود على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعليه خرج
nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي - والله أعلم - ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=hadith&LINKID=835456عن ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مر برسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجال من قريش يجرون شاة لهم مثل الحصان ; فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لو أخذتم إهابها قالوا . إنها ميتة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يطهرها الماء والقرظ .
العاشرة : قوله تعالى : أثاثا الأثاث متاع البيت ، واحدها أثاثة ; هذا قول
أبي زيد الأنصاري . وقال
الأموي : الأثاث متاع البيت ، وجمعه آثة وأثث . وقال غيرهما : الأثاث جميع أنواع المال ولا واحد له من لفظه . وقال
الخليل : أصله من الكثرة واجتماع بعض المتاع إلى بعض حتى يكثر ; ومنه شعر أثيث أي كثير . وأث شعر فلان يأث أثا إذا كثر والتف ; قال
امرؤ القيس :
وفرع يزين المتن أسود فاحم أثيث كقنو النخلة المتعثكل
وقيل : الأثاث ما يلبس ويفترش . وقد تأثثت إذا اتخذت أثاثا . وعن
ابن عباس - رضي الله عنه - أثاثا مالا . وقد تقدم القول في الحين ; وهو هنا وقت غير معين بحسب كل إنسان ، إما بموته وإما بفقد تلك الأشياء التي هي أثاث . ومن هذه اللفظة قول الشاعر :
أهاجتك الظعائن يوم بانوا بذي الزي الجميل من الأثاث
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ
فِيهِ عَشْرُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى : جَعَلَ لَكُمْ مَعْنَاهُ صَيَّرَ . وَكُلُّ مَا عَلَاكَ فَأَظَلَّكَ فَهُوَ سَقْفٌ وَسَمَاءٌ ، وَكُلُّ مَا أَقَلَّكَ فَهُوَ أَرْضٌ ، وَكُلُّ مَا سَتَرَكَ مِنْ جِهَاتِكَ الْأَرْبَعِ فَهُوَ جِدَارٌ ; فَإِذَا انْتَظَمَتْ وَاتَّصَلَتْ فَهُوَ بَيْتٌ . وَهَذِهِ الْآيَةُ فِيهَا تَعْدِيدُ نِعَمِ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَى النَّاسِ فِي الْبُيُوتِ ، فَذَكَرَ أَوَّلًا بُيُوتَ الْمُدُنِ وَهِيَ الَّتِي لِلْإِقَامَةِ الطَّوِيلَةِ . وَقَوْلُهُ : سَكَنًا أَيْ تَسْكُنُونَ فِيهَا وَتَهْدَأُ جَوَارِحُكُمْ مِنَ الْحَرَكَةِ ، وَقَدْ تَتَحَرَّكُ فِيهِ وَتَسْكُنُ فِي غَيْرِهِ ; إِلَّا أَنَّ الْقَوْلَ خَرَجَ عَلَى الْغَالِبِ . وَعَدَّ هَذَا فِي جُمْلَةِ النِّعَمِ فَإِنَّهُ لَوْ شَاءَ خَلَقَ الْعَبْدَ مُضْطَرِبًا أَبَدًا كَالْأَفْلَاكِ لَكَانَ ذَلِكَ كَمَا خَلَقَ وَأَرَادَ ، لَوْ خَلَقَهُ سَاكِنًا كَالْأَرْضِ لَكَانَ كَمَا خَلَقَ وَأَرَادَ ، وَلَكِنَّهُ أَوْجَدَهُ خَلْقًا يَتَصَرَّفُ لِلْوَجْهَيْنِ ، وَيَخْتَلِفُ حَالُهُ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ ، وَرَدَّدَهُ كَيْفَ وَأَيْنَ . وَالسَّكَنُ مَصْدَرٌ يُوصَفُ بِهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ .
ثُمَّ ذَكَرَ - تَعَالَى - بُيُوتَ النُّقْلَةِ وَالرِّحْلَةِ وَهِيَ :
الثَّانِيَةُ : فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا أَيْ مِنَ الْأَنْطَاعِ وَالْأَدَمِ . بُيُوتًا يَعْنِي الْخِيَامَ وَالْقِبَابَ يَخِفُّ عَلَيْكُمْ حَمْلُهَا فِي الْأَسْفَارِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80يَوْمَ ظَعْنِكُمْ الظَّعْنُ : سَيْرُ الْبَادِيَةِ فِي الِانْتِجَاعِ وَالتَّحَوُّلِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ ; وَمِنْهُ قَوْلُ
عَنْتَرَةَ :
ظَعَنَ الَّذِينَ فِرَاقُهُمْ أَتَوَقَّعُ وَجَرَى بِبَيْنِهِمُ الْغُرَابُ الْأَبْقَعُ
[ ص: 139 ] وَالظَّعْنُ الْهَوْدَجُ أَيْضًا ; قَالَ :
أَلَا هَلْ هَاجَكَ الْأَظْعَانُ إِذْ بَانُوا وَإِذْ جَادَتْ بِوَشْكِ الْبَيْنِ غِرْبَانُ
وَقُرِئَ بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا كَالشَّعْرِ وَالشَّعَرِ . وَقِيلَ : يَحْتَمِلُ أَنْ يَعُمَّ بُيُوتَ الْأَدَمِ وَبُيُوتَ الشَّعْرِ وَبُيُوتَ الصُّوفِ ; لِأَنَّ هَذِهِ مِنَ الْجُلُودِ لِكَوْنِهَا ثَابِتَةً فِيهَا ; نَحَا إِلَى ذَلِكَ
ابْنُ سَلَّامٍ . وَهُوَ احْتِمَالُ حَسَنٌ ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80وَمِنْ أَصْوَافِهَا ابْتِدَاءُ كَلَامٍ ، كَأَنَّهُ قَالَ جَعَلَ أَثَاثًا ; يُرِيدُ الْمَلَابِسَ وَالْوِطَاءَ ، وَغَيْرَ ذَلِكَ ; قَالَ الشَّاعِرُ :
أَهَاجَتْكَ الظَّعَائِنُ يَوْمَ بَانُوا بِذِي الزِّيِّ الْجَمِيلِ مِنَ الْأَثَاثِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتَ الْأَدَمِ فَقَطْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلًا . وَيَكُونُ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80وَمِنْ أَصْوَافِهَا عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ أَيْ جَعَلَ بُيُوتًا أَيْضًا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : وَهَذَا أَمْرٌ انْتَشَرَ فِي تِلْكَ الدِّيَارِ ، وَعَزَبَتْ عَنْهُ بِلَادُنَا ، فَلَا تُضْرَبُ الْأَخْبِيَةُ عِنْدَنَا إِلَّا مِنَ الْكَتَّانِ وَالصُّوفِ ، وَقَدْ كَانَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُبَّةٌ مِنْ أَدَمٍ ، وَنَاهِيكَ مِنْ أَدَمِ
الطَّائِفِ غَلَاءٌ فِي الْقِيمَةِ ، وَاعْتِلَاءٌ فِي الصَّنْعَةِ ، وَحُسْنًا فِي الْبَشَرَةِ ، وَلَمْ يَعُدَّ ذَلِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرَفًا وَلَا رَآهُ سَرَفًا ; لِأَنَّهُ مِمَّا امْتَنَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ نِعْمَتِهِ وَأَذِنَ فِيهِ مِنْ مَتَاعِهِ ، وَظَهَرَتْ وُجُوهُ مَنْفَعَتِهِ فِي الِاكْتِنَانِ وَالِاسْتِظْلَالِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ عَنْهُ جِنْسُ الْإِنْسَانِ . وَمِنْ غَرِيبِ مَا جَرَى أَنِّي زُرْتُ بَعْضَ الْمُتَزَهِّدِينَ مِنَ الْغَافِلِينَ مَعَ بَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فِي خِبَاءِ كَتَّانٍ فَعَرَضَ عَلَيْهِ صَاحِبِي الْمُحَدِّثُ أَنْ يَحْمِلَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ ضَيْفًا ، وَقَالَ : إِنَّ هَذَا مَوْضِعٌ يَكْثُرُ فِيهِ الْحَرُّ وَالْبَيْتُ أَرْفَقُ بِكَ وَأَطْيَبُ لِنَفْسِي فِيكَ ; فَقَالَ : هَذَا الْخِبَاءُ لَنَا كَثِيرٌ ، وَكَانَ فِي صُنْعِنَا مِنَ الْحَقِيرِ ; فَقُلْتُ : لَيْسَ كَمَا زَعَمْتَ فَقَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ رَئِيسُ الزُّهَّادِ قُبَّةٌ مِنْ أَدَمٍ طَائِفِيٍّ يُسَافِرُ مَعَهَا وَيَسْتَظِلُّ بِهَا ; فَبُهِتَ ، وَرَأَيْتُهُ عَلَى مَنْزِلَةٍ مِنَ الْعِيِّ فَتَرَكْتُهُ مَعَ صَاحِبِي وَخَرَجْتُ عَنْهُ .
الثَّالِثَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=32285قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَذِنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالِانْتِفَاعِ بِصُوفِ الْغَنَمِ وَوَبَرِ الْإِبِلِ وَشَعْرِ الْمَعْزِ ، كَمَا أَذِنَ فِي الْأَعْظَمِ ، وَهُوَ ذَبْحُهَا وَأَكْلُ لُحُومِهَا ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْقُطْنَ وَالْكَتَّانَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ الْمُخَاطَبِينَ بِهِ ، وَإِنَّمَا عَدَّدَ عَلَيْهِمْ مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ ، وَخُوطِبُوا فِيمَا عَرَفُوا بِمَا فَهِمُوا . وَمَا قَامَ مَقَامَ هَذِهِ وَنَابَ مَنَابَهَا فَيَدْخُلُ فِي الِاسْتِعْمَالِ وَالنِّعْمَةِ مَدْخَلَهَا ; وَهَذَا كَقَوْلِهِ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ ;
[ ص: 140 ] فَخَاطَبَهُمْ بِالْبَرَدِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْرِفُونَ نُزُولَهُ كَثِيرًا عِنْدَهُمْ ، وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الثَّلْجِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي بِلَادِهِمْ ، وَهُوَ مِثْلُهُ فِي الصِّفَةِ وَالْمَنْفَعَةِ ، وَقَدْ ذَكَرَهُمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعًا فِي التَّطْهِيرِ فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835447اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي بِمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : الثَّلْجُ شَيْءٌ أَبْيَضُ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا رَأَيْتُهُ قَطُّ . وَقِيلَ : إِنَّ تَرْكَ ذِكْرِ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ إِنَّمَا كَانَ إِعْرَاضًا عَنِ التَّرَفِ ; إِذْ مَلْبَسُ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ إِنَّمَا هُوَ الصُّوفُ . وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ ; فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يَقُولُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=26يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي " الْأَعْرَافِ وَقَالَ هُنَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ فَأَشَارَ إِلَى الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ فِي لَفْظَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81سَرَابِيلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَ أَثَاثًا قَالَ
الْخَلِيلُ : مَتَاعًا مُنْضَمًّا بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ ; مِنْ أَثَّ إِذَا كَثُرَ . قَالَ :
وَفَرْعٌ يَزِينُ الْمَتْنَ أَسْوَدُ فَاحِمٌ أَثِيثٌ كَقِنْوِ النَّخْلَةِ الْمُتَعَثْكِلِ
ابْنُ عَبَّاسٍ : أَثَاثًا ثِيَابًا . وَقَدْ تَقَدَّمَ
وَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَةُ جَوَازَ
nindex.php?page=treesubj&link=26809الِانْتِفَاعِ بِالْأَصْوَافِ وَالْأَوْبَارِ وَالْأَشْعَارِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَلِذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا :
nindex.php?page=treesubj&link=26809صُوفُ الْمَيْتَةِ وَشَعْرُهَا طَاهِرٌ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَيُغْسَلُ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ عَلِقَ بِهِ وَسَخٌ ; وَكَذَلِكَ رَوَتْ
أُمُّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=839607لَا بَأْسَ بِجِلْدِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَ وَصُوفِهَا وَشَعْرِهَا إِذَا غُسِلَ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَحُلُّهُ الْمَوْتُ ، سَوَاءٌ كَانَ شَعْرُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ أَوْ لَا ، كَشَعْرِ ابْنِ آدَمَ وَالْخِنْزِيرِ ، فَإِنَّهُ طَاهِرٌ كُلُّهُ ; وَبِهِ قَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ ، وَلَكِنَّهُ زَادَ عَلَيْنَا فَقَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=26895الْقَرْنُ وَالسِّنُّ وَالْعَظْمُ مِثْلُ الشَّعْرِ ; قَالَ : لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا لَا رُوحَ فِيهَا لَا تَنْجُسُ بِمَوْتِ الْحَيَوَانِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15124وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ nindex.php?page=showalam&ids=13760وَالْأَوْزَاعِيُّ : إِنَّ الشُّعُورَ كُلَّهَا نَجِسَةٌ وَلَكِنَّهَا تَطْهُرُ بِالْغَسْلِ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ : الْأُولَى : طَاهِرَةٌ لَا تَنْجُسُ بِالْمَوْتِ . الثَّانِيَةُ : تَنْجُسُ . الثَّالِثَةُ : الْفَرْقُ بَيْنَ شَعْرِ ابْنِ آدَمَ وَغَيْرِهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=26809_25644فَشَعْرُ ابْنِ آدَمَ طَاهِرٌ وَمَا عَدَاهُ نَجِسٌ . وَدَلِيلُنَا عُمُومُ قَوْلِهِ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80وَمِنْ أَصْوَافِهَا الْآيَةَ . فَمَنَّ عَلَيْنَا بِأَنْ جَعَلَ لَنَا الِانْتِفَاعَ بِهَا ، وَلَمْ يَخُصَّ شَعْرَ الْمَيْتَةِ مِنَ الْمُذَكَّاةِ ، فَهُوَ عُمُومٌ إِلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ دَلِيلٌ . وَأَيْضًا فَإِنَّ الْأَصْلَ كَوْنُهَا طَاهِرَةً قَبْلَ الْمَوْتِ بِإِجْمَاعٍ ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ انْتَقَلَ إِلَى نَجَاسَةٍ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ . فَإِنْ قِيلَ
[ ص: 141 ] قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَذَلِكَ عِبَارَةٌ عَنِ الْجُمْلَةِ . قُلْنَا : نَخُصُّهُ بِمَا ذَكَرْنَا ; فَإِنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي ذِكْرِ الصُّوفِ ، وَلَيْسَ فِي آيَتِكُمْ ذِكْرُهُ صَرِيحًا ، فَكَانَ دَلِيلُنَا أَوْلَى . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَقَدْ عَوَّلَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ
أَبُو إِسْحَاقَ إِمَامُ
الشَّافِعِيَّةِ بِبَغْدَادَ عَلَى أَنَّ الشَّعْرَ جُزْءٌ مُتَّصِلٌ بِالْحَيَوَانِ خِلْقَةً ، فَهُوَ يَنْمِي بِنَمَائِهِ وَيَتَنَجَّسُ بِمَوْتِهِ كَسَائِرِ الْأَجْزَاءِ . وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّمَاءَ لَيْسَ بِدَلِيلٍ عَلَى الْحَيَاةِ ; لِأَنَّ النَّبَاتَ يَنْمِي وَلَيْسَ بِحَيٍّ . وَإِذَا عَوَّلُوا عَلَى النَّمَاءِ الْمُتَّصِلِ لِمَا عَلَى الْحَيَوَانِ عَوَّلْنَا نَحْنُ عَلَى الْإِبَانَةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْإِحْسَاسِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَيَاةِ . وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْحَنَفِيُّونَ فِي الْعَظْمِ وَالسِّنِّ وَالْقَرْنِ أَنَّهُ مِثْلُ الشَّعْرِ ، فَالْمَشْهُورُ عِنْدَنَا أَنَّ ذَلِكَ نَجِسٌ كَاللَّحْمِ . وَقَالَ
ابْنُ وَهْبٍ مِثْلَ قَوْلِ
أَبِي حَنِيفَةَ . وَلَنَا قَوْلٌ ثَالِثٌ : هَلْ تُلْحَقُ أَطْرَافُ الْقُرُونِ وَالْأَظْلَافِ بِأُصُولِهَا أَوْ بِالشَّعْرِ ، قَوْلَانِ . وَكَذَلِكَ الشَّعْرِيُّ مِنَ الرِّيشِ حُكْمُهُ حُكْمُ الشَّعْرِ ، وَالْعَظْمِيُّ مِنْهُ حُكْمُهُ حُكْمُهُ . وَدَلِيلُنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835448لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِشَيْءٍ وَهَذَا عَامٌّ فِيهَا وَفِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا ، إِلَّا مَا قَامَ دَلِيلُهُ ; وَمِنَ الدَّلِيلِ الْقَاطِعِ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=78قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ، وَقَالَ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=259وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ، وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ، وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=11أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً فَالْأَصْلُ هِيَ الْعِظَامُ ، وَالرُّوحُ وَالْحَيَاةُ فِيهَا كَمَا فِي اللَّحْمِ وَالْجِلْدِ . وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=835449لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ ) . فَإِنْ قِيلَ : قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=835450أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي شَاةِ مَيْمُونَةَ : ( أَلَا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا ) ؟ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّهَا مَيْتَةٌ . فَقَالَ : ( إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا ) وَالْعَظْمُ لَا يُؤْكَلُ . قُلْنَا : الْعَظْمُ يُؤْكَلُ ، وَخَاصَّةً عَظْمَ الْجَمَلِ الرَّضِيعِ وَالْجَدْيِ وَالطَّيْرِ ، وَعَظْمُ الْكَبِيرِ يُشْوَى وَيُؤْكَلُ . وَمَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الْحَيَاةِ فِيهِ ، وَمَا كَانَ طَاهِرًا بِالْحَيَاةِ وَيُسْتَبَاحُ بِالذَّكَاةِ يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
[ ص: 142 ] الرَّابِعَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ عَامٌّ فِي جِلْدِ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ ، فَيَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=24777_565_24729_17637الِانْتِفَاعُ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ وَإِنْ لَمْ تُدْبَغْ ; وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15124وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطَّحَاوِيُّ : لَمْ نَجِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ جَوَازُ
nindex.php?page=treesubj&link=24777_4456بَيْعِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ إِلَّا عَنِ
اللَّيْثِ . قَالَ
أَبُو عُمَرَ : يَعْنِي مِنَ الْفُقَهَاءِ أَئِمَّةَ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ بَعْدَ التَّابِعِينَ ، وَأَمَّا
ابْنُ شِهَابٍ فَذَلِكَ عَنْهُ صَحِيحٌ ، وَهُوَ قَوْلٌ أَبَاهُ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُمَا خِلَافُ هَذَا الْقَوْلِ ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ .
قُلْتُ : قَدْ ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ حَدِيثَ
يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ
يُونُسَ وَعُقَيْلٍ عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، وَحَدِيثَ
بَقِيَّةَ عَنِ
الزُّبَيْدِيِّ ، وَحَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=17015مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ الْعَبْدِيِّ وَأَبِي سَلَمَةَ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، وَقَالَ فِي آخِرِهَا : هَذِهِ أَسَانِيدُ صِحَاحٌ .
السَّادِسَةُ : اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=24729جِلْدِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَ هَلْ يَطْهُرُ أَمْ لَا ; فَذَكَرَ
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ
مَالِكٍ مَا يُشْبِهُ مَذْهَبَ
ابْنِ شِهَابٍ فِي ذَلِكَ . وَذَكَرَهُ
ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ فِي كِتَابِهِ عَنِ
ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَيْضًا . قَالَ
ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ : وَهُوَ قَوْلُ
الزُّهْرِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=15124وَاللَّيْثِ . قَالَ : وَالظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ
مَالِكٍ مَا ذَكَرَهُ
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ ، وَهُوَ أَنَّ الدِّبَاغَ لَا يُطَهِّرُ جِلْدَ الْمَيْتَةِ ، وَلَكِنْ يُبِيحُ الِانْتِفَاعَ بِهِ فِي الْأَشْيَاءِ الْيَابِسَةِ ، وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يُؤْكَلُ فِيهِ . وَفِي الْمُدَوَّنَةِ
لِابْنِ الْقَاسِمِ : مَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=10691_10755اغْتَصَبَ جِلْدَ مَيْتَةٍ غَيْرَ مَدْبُوغٍ فَأَتْلَفَهُ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ . وَحُكِيَ أَنَّ ذَلِكَ قَوْلُ
مَالِكٍ . وَذَكَرَ
أَبُو الْفَرَجِ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكًا قَالَ : مَنِ اغْتَصَبَ لِرَجُلٍ جِلْدَ مَيْتَةٍ غَيْرَ مَدْبُوغٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ . قَالَ
إِسْمَاعِيلُ : إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِمَجُوسِيٍّ . وَرَوَى
ابْنُ وَهْبٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16991وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ
مَالِكٍ جَوَازَ بَيْعِهِ ، وَهَذَا فِي جِلْدِ كُلِّ مَيْتَةٍ إِلَّا الْخِنْزِيرَ وَحْدَهُ ; لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَعْمَلُ فِيهِ ، فَالدِّبَاغُ أَوْلَى . قَالَ
أَبُو عُمَرَ :
nindex.php?page=treesubj&link=32035وَكُلُّ جِلْدٍ ذَكِيٍّ فَجَائِزٌ اسْتِعْمَالُهُ لِلْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ . وَكَانَ
مَالِكٌ يَكْرَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=811_32036الْوُضُوءَ فِي إِنَاءِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ عَلَى اخْتِلَافٍ مِنْ قَوْلِهِ ، وَمَرَّةً قَالَ : إِنَّهُ لَمْ يَكْرَهْهُ إِلَّا فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ ، وَتُكْرَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=1346_4456الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَبَيْعُهُ ، وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ . وَأَمَّا أَكْثَرُ الْمَدَنِيِّينَ فَعَلَى إِبَاحَةِ ذَلِكَ وَإِجَازَتِهِ ; لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835451أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ . وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ
أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ ، . وَهُوَ اخْتِيَارُ
ابْنِ وَهْبٍ .
السَّابِعَةُ : ذَهَبَ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ فِي شَيْءٍ وَإِنْ دُبِغَتْ ; لِأَنَّهَا كَلَحْمِ الْمَيْتَةِ . وَالْأَخْبَارُ بِالِانْتِفَاعِ بَعْدَ الدِّبَاغِ تَرُدُّ قَوْلَهُ . وَاحْتَجَّ
[ ص: 143 ] بِحَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ - رَوَاهُ
أَبُو دَاوُدَ - قَالَ : قُرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَرْضِ
جُهَيْنَةَ وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835452أَلَّا تَسْتَمْتِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ . وَفِي رِوَايَةٍ : قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ . رَوَاهُ
الْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَشْيَخَةٌ لَنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ إِلَيْهِمْ . . قَالَ
دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ : سَأَلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=17336يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ ، فَضَعَّفَهُ وَقَالَ : لَيْسَ بِشَيْءٍ ، إِنَّمَا يَقُولُ حَدَّثَنِي الْأَشْيَاخُ ، قَالَ
أَبُو عُمَرَ : وَلَوْ كَانَ ثَابِتًا لَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا لِلْأَحَادِيثِ الْمَرْوِيَّةِ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=25وَعَائِشَةَ وَسَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبَّقِ وَغَيْرِهِمْ ، لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى حَدِيثِ
ابْنِ عُكَيْمٍ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=835453أَلَّا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ ) قَبْلَ الدِّبَاغِ ; وَإِذَا احْتَمَلَ أَلَّا يَكُونَ مُخَالِفًا فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَجْعَلَهُ مُخَالِفًا ، وَعَلَيْنَا أَنْ نَسْتَعْمِلَ الْخَبَرَيْنِ مَا أَمْكَنَ ، وَحَدِيثُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَهْرٍ كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ فَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ قِصَّةُ
مَيْمُونَةَ وَسَمَاعُ
ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْهُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=835451أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِجُمْعَةٍ أَوْ دُونَ جُمْعَةٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الثَّامِنَةُ : الْمَشْهُورُ عِنْدَنَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=24730جِلْدَ الْخِنْزِيرِ لَا يَدْخُلُ فِي الْحَدِيثِ وَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْعُمُومُ ، وَكَذَلِكَ الْكَلْبُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ . وَعِنْدَ
الْأَوْزَاعِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=11956وَأَبِي ثَوْرٍ : لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ إِلَّا جِلْدُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=17126مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=24730_24729جِلْدِ الْخِنْزِيرِ إِذَا دُبِغَ فَكَرِهَهُ . قَالَ
ابْنُ وَضَّاحٍ : وَسَمِعْتُ
سُحْنُونًا يَقُولُ لَا بَأْسَ بِهِ ; وَكَذَلِكَ قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَصْحَابُهُ ; لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835454أَيُّمَا مَسْكٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ . قَالَ
أَبُو عُمَرَ : يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهَذَا الْقَوْلِ عُمُومَ الْجُلُودِ الْمَعْهُودِ الِانْتِفَاعُ بِهَا ، فَأَمَّا الْخِنْزِيرُ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْمَعْنَى لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْهُودٍ الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِهِ ، إِذْ لَا تَعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ . وَدَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ مَا قَالَهُ
النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ : إِنَّ الْإِهَابَ جِلْدُ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْإِبِلِ ، وَمَا عَدَاهُ فَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ : جِلْدٌ لَا إِهَابٌ .
قُلْتُ :
nindex.php?page=treesubj&link=24730_24729وَجِلْدُ الْكَلْبِ وَمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ أَيْضًا غَيْرُ مَعْهُودٍ الِانْتِفَاعُ بِهِ فَلَا يَطْهُرُ ; وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835045nindex.php?page=treesubj&link=33213أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ فَلَيْسَتِ الذَّكَاةُ فِيهَا ذَكَاةٌ ، كَمَا أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي الْخِنْزِيرِ ذَكَاةٌ . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=241الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835455نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ nindex.php?page=treesubj&link=17605_17545الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ وَمَيَاثِرِ النُّمُورِ [ ص: 144 ] التَّاسِعَةُ : اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=24729الدِّبَاغِ الَّتِي تَطْهُرُ بِهِ جُلُودُ الْمَيْتَةِ مَا هُوَ ؟ فَقَالَ أَصْحَابُ
مَالِكٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ : كُلُّ شَيْءٍ دَبَغَ الْجِلْدَ مِنْ مِلْحٍ أَوْ قَرَظٍ أَوْ شَبٍّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ جَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ . وَكَذَلِكَ قَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ ، وَهُوَ قَوْلُ
دَاوُدَ .
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَلِلشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا : هَذَا ، وَالْآخَرُ أَنَّهُ لَا يُطَهِّرُ إِلَّا الشَّبُّ وَالْقَرَظُ ; لِأَنَّهُ الدِّبَاغُ الْمَعْهُودُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَعَلَيْهِ خَرَّجَ
nindex.php?page=showalam&ids=14228الْخَطَّابِيُّ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ nindex.php?page=hadith&LINKID=835456عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَجُرُّونَ شَاةً لَهُمْ مِثْلَ الْحِصَانِ ; فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : لَوْ أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا قَالُوا . إِنَّهَا مَيْتَةٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ .
الْعَاشِرَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : أَثَاثًا الْأَثَاثُ مَتَاعُ الْبَيْتِ ، وَاحِدُهَا أَثَاثَةٌ ; هَذَا قَوْلُ
أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ . وَقَالَ
الْأُمَوِيُّ : الْأَثَاثُ مَتَاعُ الْبَيْتِ ، وَجَمْعُهُ آثَّةٌ وَأُثُثٌ . وَقَالَ غَيْرُهُمَا : الْأَثَاثُ جَمِيعُ أَنْوَاعِ الْمَالِ وَلَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ . وَقَالَ
الْخَلِيلُ : أَصْلُهُ مِنَ الْكَثْرَةِ وَاجْتِمَاعِ بَعْضِ الْمَتَاعِ إِلَى بَعْضٍ حَتَّى يَكْثُرَ ; وَمِنْهُ شَعْرٌ أَثِيثٌ أَيْ كَثِيرٌ . وَأَثَّ شَعْرُ فُلَانٍ يَأَثُّ أَثًّا إِذَا كَثُرَ وَالْتَفَّ ; قَالَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ :
وَفَرْعٌ يَزِينُ الْمَتْنَ أَسْوَدُ فَاحِمٌ أَثِيثٌ كَقِنْوِ النَّخْلَةِ الْمُتَعَثْكِلِ
وَقِيلَ : الْأَثَاثُ مَا يُلْبَسُ وَيُفْتَرَشُ . وَقَدْ تَأَثَّثْتُ إِذَا اتَّخَذْتُ أَثَاثًا . وَعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَثَاثًا مَالًا . وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي الْحِينِ ; وَهُوَ هُنَا وَقْتٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ بِحَسَبِ كُلِّ إِنْسَانٍ ، إِمَّا بِمَوْتِهِ وَإِمَّا بِفَقْدِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي هِيَ أَثَاثٌ . وَمِنْ هَذِهِ اللَّفْظَةِ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
أَهَاجَتْكَ الظَّعَائِنُ يَوْمَ بَانُوا بِذِي الزِّيِّ الْجَمِيلِ مِنَ الْأَثَاثِ