nindex.php?page=treesubj&link=28975قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=105إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما
فيه أربع مسائل :
الأولى : في هذه الآية تشريف للنبي صلى الله عليه وسلم وتكريم وتعظيم وتفويض إليه ، وتقويم أيضا على الجادة في الحكم ، وتأنيب على ما رفع إليه من أمر
بني أبيرق ! وكانوا ثلاثة إخوة :
بشر وبشير nindex.php?page=showalam&ids=16875ومبشر ،
وأسير بن عروة ابن عم لهم ؛ نقبوا مشربة
لرفاعة بن زيد في الليل وسرقوا أدراعا له وطعاما ، فعثر على ذلك . وقيل إن السارق
بشير وحده ، وكان يكنى
أبا طعمة أخذ درعا ؛ قيل : كان الدرع في جراب فيه دقيق ، فكان الدقيق ينتثر من خرق في الجراب حتى انتهى إلى داره ، فجاء ابن أخي
رفاعة واسمه
nindex.php?page=showalam&ids=361قتادة بن النعمان يشكوهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاء
أسير بن عروة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=838830يا رسول الله ، إن هؤلاء عمدوا إلى أهل بيت هم أهل صلاح ودين فأنبوهم بالسرقة ورموهم بها من غير بينة ؛ وجعل يجادل عنهم حتى غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتادة ورفاعة ؛ فأنزل الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=107ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم الآية . وأنزل الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=112ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا وكان البريء الذي رموه بالسرقة
لبيد بن سهل . وقيل :
زيد بن السمين وقيل : رجل من
الأنصار . فلما أنزل الله ما أنزل ، هرب
ابن أبيرق السارق إلى
مكة ، ونزل على
سلافة بنت سعد بن شهيد ؛ فقال فيها
حسان بن ثابت بيتا يعرض فيه بها ، وهو :
وقد أنزلته بنت سعد وأصبحت ينازعها جلد استها وتنازعه ظننتم بأن يخفى الذي قد صنعتمو
وفينا نبي عنده الوحي واضعه
[ ص: 321 ] فلما بلغها قالت : إنما أهديت لي شعر
حسان ؛ وأخذت رحله فطرحته خارج المنزل ، فهرب إلى
خيبر وارتد . ثم إنه نقب بيتا ذات ليلة ليسرق فسقط الحائط عليه فمات مرتدا . ذكر هذا الحديث بكثير من ألفاظه
الترمذي وقال : حديث حسن غريب ، لا نعلم أحدا أسنده غير
nindex.php?page=showalam&ids=16969محمد بن سلمة الحراني . وذكره
الليث nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري بألفاظ مختلفة . وذكر قصة موته
يحيى بن سلام في تفسيره ،
والقشيري كذلك وزاد ذكر الردة . ثم قيل : كان
زيد بن السمين ولبيد بن سهل يهوديين . وقيل : كان
لبيد مسلما . وذكره
المهدوي ، وأدخله
أبو عمر في كتاب الصحابة له ، فدل ذلك على
إسلامه عنده . وكان
بشير رجلا منافقا يهجو أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وينحل الشعر غيره ، وكان المسلمون يقولون : والله ما هو إلا شعر الخبيث . فقال شعرا يتنصل فيه ؛ فمنه قوله :
أوكلما قال الرجال قصيدة نحلت وقالوا ابن الأبيرق قالها
وقال
الضحاك : أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع يده وكان مطاعا ، فجاءت
اليهود شاكين في السلاح فأخذوه وهربوا به ؛ فنزل
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=109ها أنتم هؤلاء يعني
اليهود . والله أعلم .
الثانية : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=105بما أراك الله معناه على قوانين الشرع ؛ إما بوحي ونص ، أو بنظر جار على سنن الوحي . وهذا أصل في القياس ، وهو يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى شيئا أصاب ؛ لأن الله تعالى أراه ذلك ، وقد ضمن الله تعالى لأنبيائه العصمة ؛ فأما أحدنا إذا رأى شيئا يظنه فلا قطع فيما رآه ، ولم يرد رؤية العين هنا ؛ لأن الحكم لا يرى بالعين . وفي الكلام إضمار ، أي بما أراكه الله ، وفيه إضمار آخر ، وامض الأحكام على ما عرفناك من غير اغترار باستدلالهم .
الثالثة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=105ولا تكن للخائنين خصيما اسم فاعل ؛ كقولك : جالسته فأنا جليسه ، ولا يكون فعيلا هنا بمعنى مفعول ؛ يدل على ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=107ولا تجادل فالخصيم هو المجادل وجمع الخصيم خصماء . وقيل : خصيما مخاصما اسم فاعل أيضا . فنهى الله عز وجل رسوله عن عضد أهل التهم والدفاع عنهم بما يقوله خصمهم من الحجة . وفي هذا دليل على أن النيابة عن المبطل والمتهم في الخصومة لا تجوز . فلا يجوز لأحد أن يخاصم عن أحد إلا بعد أن يعلم أنه محق . ومشى الكلام في السورة على حفظ أموال اليتامى والناس ؛ فبين أن مال الكافر محفوظ عليه كمال المسلم ، إلا في الموضع الذي أباحه الله تعالى .
[ ص: 322 ] المسألة الرابعة : قال العلماء : ولا ينبغي إذا ظهر للمسلمين نفاق قوم أن يجادل فريق منهم فريقا عنهم ليحموهم ويدفعوا عنهم ؛ فإن هذا قد وقع على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفيهم نزل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=105ولا تكن للخائنين خصيما وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=107ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم . والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد منه الذين كانوا يفعلونه من المسلمين دونه لوجهين : أحدهما : أنه تعالى أبان ذلك بما ذكره بعد بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=109ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا . والآخر : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حكما فيما بينهم ، ولذلك كان يعتذر إليه ولا يعتذر هو إلى غيره ، فدل على أن القصد لغيره .
nindex.php?page=treesubj&link=28975قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=105إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بَمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا
فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : فِي هَذِهِ الْآيَةِ تَشْرِيفٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَكْرِيمٌ وَتَعْظِيمٌ وَتَفْوِيضٌ إِلَيْهِ ، وَتَقْوِيمٌ أَيْضًا عَلَى الْجَادَّةِ فِي الْحُكْمِ ، وَتَأْنِيبٌ عَلَى مَا رُفِعَ إِلَيْهِ مِنْ أَمْرِ
بَنِي أُبَيْرِقٍ ! وَكَانُوا ثَلَاثَةَ إِخْوَةٍ :
بِشْرٌ وَبُشَيْرٌ nindex.php?page=showalam&ids=16875وَمُبَشِّرٌ ،
وَأُسَيْرُ بْنُ عُرْوَةَ ابْنُ عَمٍّ لَهُمْ ؛ نَقَبُوا مَشْرَبَةً
لِرِفَاعَةَ بْنِ زَيْدٍ فِي اللَّيْلِ وَسَرَقُوا أَدْرَاعًا لَهُ وَطَعَامًا ، فَعُثِرَ عَلَى ذَلِكَ . وَقِيلَ إِنَّ السَّارِقَ
بُشَيْرٌ وَحْدَهُ ، وَكَانَ يُكَنَّى
أَبَا طُعْمَةَ أَخَذَ دِرْعًا ؛ قِيلَ : كَانَ الدِّرْعُ فِي جِرَابٍ فِيهِ دَقِيقٌ ، فَكَانَ الدَّقِيقُ يَنْتَثِرُ مِنْ خَرْقٍ فِي الْجِرَابِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى دَارِهِ ، فَجَاءَ ابْنُ أَخِي
رِفَاعَةَ وَاسْمُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=361قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ يَشْكُوهُمْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَاءَ
أُسَيْرُ بْنُ عُرْوَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=838830يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ هَؤُلَاءِ عَمَدُوا إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ هُمْ أَهْلُ صَلَاحٍ وَدِينٍ فَأَنَّبُوهُمْ بِالسَّرِقَةِ وَرَمَوْهُمْ بِهَا مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ ؛ وَجَعَلَ يُجَادِلُ عَنْهُمْ حَتَّى غَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَتَادَةَ وَرِفَاعَةَ ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=107وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ الْآيَةَ . وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=112وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا وَكَانَ الْبَرِيءُ الَّذِي رَمَوْهُ بِالسَّرِقَةِ
لَبِيدَ بْنَ سَهْلٍ . وَقِيلَ :
زَيْدُ بْنُ السَّمِينِ وَقِيلَ : رَجُلٌ مِنْ
الْأَنْصَارِ . فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ مَا أَنْزَلَ ، هَرَبَ
ابْنُ أُبَيْرِقٍ السَّارِقُ إِلَى
مَكَّةَ ، وَنَزَلَ عَلَى
سُلَافَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ شَهِيدٍ ؛ فَقَالَ فِيهَا
حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ بَيْتًا يُعَرِّضُ فِيهِ بِهَا ، وَهُوَ :
وَقَدْ أَنْزَلَتْهُ بِنْتُ سَعْدٍ وَأَصْبَحَتْ يُنَازِعُهَا جِلْدَ اسْتِهَا وَتُنَازِعُهْ ظَنَنْتُمْ بِأَنْ يَخْفَى الَّذِي قَدْ صَنَعْتُمُو
وَفِينَا نَبِيٌّ عِنْدَهُ الْوَحْيُ وَاضِعُهْ
[ ص: 321 ] فَلَمَّا بَلَغَهَا قَالَتْ : إِنَّمَا أَهْدَيْتَ لِي شِعْرَ
حَسَّانَ ؛ وَأَخَذَتْ رَحْلَهُ فَطَرَحَتْهُ خَارِجَ الْمَنْزِلِ ، فَهَرَبَ إِلَى
خَيْبَرَ وَارْتَدَّ . ثُمَّ إِنَّهُ نَقَبَ بَيْتًا ذَاتَ لَيْلَةٍ لِيَسْرِقَ فَسَقَطَ الْحَائِطُ عَلَيْهِ فَمَاتَ مُرْتَدًّا . ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِكَثِيرٍ مِنْ أَلْفَاظِهِ
التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ، لَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَسْنَدَهُ غَيْرَ
nindex.php?page=showalam&ids=16969مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيِّ . وَذَكَرَهُ
اللَّيْثُ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَالطَّبَرِيُّ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ . وَذَكَرَ قِصَّةَ مَوْتِهِ
يَحْيَى بْنُ سَلَامٍ فِي تَفْسِيرِهِ ،
وَالْقُشَيْرِيُّ كَذَلِكَ وَزَادَ ذِكْرَ الرِّدَّةِ . ثُمَّ قِيلَ : كَانَ
زَيْدُ بْنُ السَّمِينِ وَلَبِيدُ بْنُ سَهْلٍ يَهُودِيَّيْنِ . وَقِيلَ : كَانَ
لَبِيدُ مُسْلِمًا . وَذَكَرَهُ
الْمَهْدَوِيُّ ، وَأَدْخَلَهُ
أَبُو عُمَرَ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ لَهُ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى
إِسْلَامِهِ عِنْدَهُ . وَكَانَ
بُشَيْرٌ رَجُلًا مُنَافِقًا يَهْجُو أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَنْحَلُ الشِّعْرَ غَيْرُهُ ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَقُولُونَ : وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا شِعْرُ الْخَبِيثِ . فَقَالَ شِعْرًا يَتَنَصَّلُ فِيهِ ؛ فَمِنْهُ قَوْلُهُ :
أَوَكُلَّمَا قَالَ الرِّجَالُ قَصِيدَةً نُحِلَتْ وَقَالُوا ابْنُ الْأُبَيْرِقِ قَالَهَا
وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ وَكَانَ مُطَاعًا ، فَجَاءَتِ
الْيَهُودُ شَاكِّينَ فِي السِّلَاحِ فَأَخَذُوهُ وَهَرَبُوا بِهِ ؛ فَنَزَلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=109هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ يَعْنِي
الْيَهُودَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=105بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ مَعْنَاهُ عَلَى قَوَانِينِ الشَّرْعِ ؛ إِمَّا بِوَحْيٍ وَنَصٍّ ، أَوْ بِنَظَرٍ جَارٍ عَلَى سُنَنِ الْوَحْيِ . وَهَذَا أَصْلٌ فِي الْقِيَاسِ ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَى شَيْئًا أَصَابَ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَاهُ ذَلِكَ ، وَقَدْ ضَمِنَ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنْبِيَائِهِ الْعِصْمَةَ ؛ فَأَمَّا أَحَدُنَا إِذَا رَأَى شَيْئًا يَظُنُّهُ فَلَا قَطْعَ فِيمَا رَآهُ ، وَلَمْ يُرِدْ رُؤْيَةَ الْعَيْنِ هُنَا ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يُرَى بِالْعَيْنِ . وَفِي الْكَلَامِ إِضْمَارٌ ، أَيْ بِمَا أَرَاكَهُ اللَّهُ ، وَفِيهِ إِضْمَارٌ آخَرُ ، وَامْضِ الْأَحْكَامَ عَلَى مَا عَرَّفْنَاكَ مِنْ غَيْرِ اغْتِرَارٍ بِاسْتِدْلَالِهِمْ .
الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=105وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا اسْمُ فَاعِلٍ ؛ كَقَوْلِكَ : جَالَسْتُهُ فَأَنَا جَلِيسُهُ ، وَلَا يَكُونُ فَعِيلًا هُنَا بِمَعْنَى مَفْعُولٍ ؛ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=107وَلَا تُجَادِلْ فَالْخَصِيمُ هُوَ الْمُجَادِلُ وَجَمْعُ الْخَصِيمِ خُصَمَاءُ . وَقِيلَ : خَصِيمًا مُخَاصِمًا اسْمُ فَاعِلٍ أَيْضًا . فَنَهَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رَسُولَهُ عَنْ عَضُدِ أَهْلِ التُّهَمِ وَالدِّفَاعِ عَنْهُمْ بِمَا يَقُولُهُ خَصْمُهُمْ مِنَ الْحُجَّةِ . وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النِّيَابَةَ عَنِ الْمُبْطِلِ وَالْمُتَّهَمِ فِي الْخُصُومَةِ لَا تَجُوزُ . فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُخَاصِمَ عَنْ أَحَدٍ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مُحِقٌّ . وَمَشَى الْكَلَامُ فِي السُّورَةِ عَلَى حِفْظِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَالنَّاسِ ؛ فَبَيَّنَ أَنَّ مَالَ الْكَافِرِ مَحْفُوظٌ عَلَيْهِ كَمَالِ الْمُسْلِمِ ، إِلَّا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَبَاحَهُ اللَّهُ تَعَالَى .
[ ص: 322 ] الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَلَا يَنْبَغِي إِذَا ظَهَرَ لِلْمُسْلِمِينَ نِفَاقُ قَوْمٍ أَنْ يُجَادِلَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ فَرِيقًا عَنْهُمْ لِيَحْمُوهُمْ وَيَدْفَعُوا عَنْهُمْ ؛ فَإِنَّ هَذَا قَدْ وَقَعَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِمْ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=105وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=107وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ . وَالْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُرَادُ مِنْهُ الَّذِينَ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ دُونَهُ لِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ تَعَالَى أَبَانَ ذَلِكَ بِمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=109هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا . وَالْآخَرُ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَكَمًا فِيمَا بَيْنَهُمْ ، وَلِذَلِكَ كَانَ يُعْتَذَرُ إِلَيْهِ وَلَا يَعْتَذِرُ هُوَ إِلَى غَيْرِهِ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ لِغَيْرِهِ .