[ ص: 26 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=5ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا
فيه عشر مسائل :
الأولى : لما أمر الله تعالى بدفع أموال اليتامى إليهم في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2وآتوا اليتامى أموالهم وإيصال الصدقات إلى الزوجات ، بين أن
nindex.php?page=treesubj&link=14947_14921السفيه وغير البالغ لا يجوز دفع ماله إليه . فدلت الآية على
nindex.php?page=treesubj&link=24974ثبوت الوصي والولي والكفيل للأيتام . وأجمع أهل العلم على أن
nindex.php?page=treesubj&link=23293_23294_14312_14313_14310الوصية إلى المسلم الحر الثقة العدل جائزة . واختلفوا في
nindex.php?page=treesubj&link=23555الوصية إلى المرأة الحرة ؛ فقال عوام أهل العلم : الوصية لها جائزة . واحتج
أحمد بأن
عمر رضي الله عنه أوصى إلى
حفصة . وروي عن
عطاء بن أبي رباح أنه قال في رجل أوصى إلى امرأته قال : لا تكون المرأة وصيا ؛ فإن فعل حولت إلى رجل من قومه . واختلفوا في
nindex.php?page=treesubj&link=14312الوصية إلى العبد ؛ فمنعه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ومحمد ويعقوب . وأجازه
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=16991وابن عبد الحكم . وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي إذا أوصى إلى عبده . وقد مضى القول في هذا في " البقرة " مستوفى .
الثانية : قوله تعالى : السفهاء قد مضى في " البقرة " معنى السفه لغة . واختلف العلماء في هؤلاء السفهاء ، من هم ؟ فروى
سالم الأفطس ، عن
سعيد بن جبير قال : هم اليتامى لا تؤتوهم أموالكم . قال
النحاس : وهذا من أحسن ما قيل في الآية . وروى
إسماعيل بن أبي خالد ، عن
أبي مالك قال : هم الأولاد الصغار ، لا تعطوهم أموالكم فيفسدوها وتبقوا بلا شيء . وروى
سفيان ، عن
حميد الأعرج ، عن
مجاهد قال : هم النساء . قال
النحاس وغيره : وهذا القول لا يصح ؛ إنما تقول العرب في النساء سفائه أو سفيهات ؛ لأنه الأكثر في جمع فعيلة . ويقال : لا تدفع مالك مضاربة ولا إلى وكيل لا يحسن التجارة . وروي عن
عمر أنه قال : من لم يتفقه فلا يتجر في سوقنا ؛ فذلك قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=5ولا تؤتوا السفهاء أموالكم يعني الجهال بالأحكام . ويقال : لا تدفع إلى الكفار ؛ ولهذا كره العلماء أن
nindex.php?page=treesubj&link=5933يوكل المسلم ذميا بالشراء والبيع ، أو يدفع إليه مضاربة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : ( السفهاء هنا كل من يستحق الحجر ) . وهذا جامع . وقال
ابن خويز منداد : وأما
nindex.php?page=treesubj&link=14921الحجر على السفيه فالسفيه له أحوال : حال يحجر عليه لصغره ، وحالة لعدم عقله بجنون أو غيره ، وحالة لسوء نظره لنفسه في ماله . فأما المغمى عليه فاستحسن
مالك ألا يحجر عليه لسرعة زوال ما به . والحجر يكون مرة في حق الإنسان
[ ص: 27 ] ومرة في حق غيره ؛ فأما المحجور عليه في حق نفسه من ذكرنا .
nindex.php?page=treesubj&link=14929_14833_14827_26732_14913والمحجور عليه في حق غيره العبد والمديان والمريض في الثلثين ، والمفلس وذات الزوج لحق الزوج ، والبكر في حق نفسها . فأما الصغير والمجنون فلا خلاف في الحجر عليهما . وأما الكبير فلأنه لا يحسن النظر لنفسه في ماله ، ولا يؤمن منه إتلاف ماله في غير وجه ، فأشبه الصبي ؛ وفيه خلاف يأتي . ولا فرق بين أن يتلف ماله في المعاصي أو القرب والمباحات . واختلف أصحابنا إذا أتلف ماله في القرب ؛ فمنهم من حجر عليه ، ومنهم من لم يحجر عليه . والعبد لا خلاف فيه .
nindex.php?page=treesubj&link=14913والمديان ينزع ما بيده لغرمائه ؛ لإجماع الصحابة ، وفعل
عمر ذلك
بأسيفع جهينة ؛ ذكره
مالك في الموطأ .
nindex.php?page=treesubj&link=26732والبكر ما دامت في الخدر محجور عليها ؛ لأنها لا تحسن النظر لنفسها . حتى إذا تزوجت ودخل إليها الناس ، وخرجت وبرز وجهها عرفت المضار من المنافع . وأما ذات الزوج فلأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=838431لا يجوز لامرأة ملك زوجها عصمتها قضاء في مالها إلا في ثلثها .
قلت : وأما الجاهل بالأحكام وإن كان غير محجور عليه لتنميته لماله وعدم تدبيره ، فلا يدفع إليه المال ؛ لجهله بفاسد البياعات وصحيحها وما يحل وما يحرم منها . وكذلك الذمي مثله في الجهل بالبياعات ولما يخاف من معاملته بالربا وغيره . والله أعلم .
واختلفوا في وجه إضافة المال إلى المخاطبين على هذا ، وهي للسفهاء ؛ فقيل : أضافها إليهم لأنها بأيديهم وهم الناظرون فيها فنسبت إليهم اتساعا ؛ كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61فسلموا على أنفسكم وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=54فاقتلوا أنفسكم .
وقيل : أضافها إليهم لأنها من جنس أموالهم ؛ فإن الأموال جعلت مشتركة بين الخلق تنتقل من يد إلى يد ، ومن ملك إلى ملك ، أي هي لهم إذا احتاجوها كأموالكم التي تقي أعراضكم وتصونكم وتعظم أقداركم ، وبها قوام أمركم .
وقول ثان قاله
nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس والحسن وقتادة : ( أن المراد أموال المخاطبين حقيقة ) . قال
ابن عباس : ( لا تدفع مالك الذي هو سبب معيشتك إلى امرأتك وابنك وتبقى فقيرا تنظر إليهم وإلى ما في أيديهم ؛ بل كن أنت الذي تنفق عليهم ) . فالسفهاء على هذا هم النساء والصبيان ؛ صغار ولد الرجل وامرأته . وهذا يخرج مع قول
مجاهد وأبي مالك في السفهاء .
[ ص: 28 ] الثالثة : ودلت الآية على جواز
nindex.php?page=treesubj&link=14921الحجر على السفيه ؛ لأمر الله عز وجل بذلك في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=5ولا تؤتوا السفهاء أموالكم وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا . فأثبت
nindex.php?page=treesubj&link=14921الولاية على السفيه كما أثبتها على الضعيف . وكان معنى الضعيف راجعا إلى الصغير ، ومعنى السفيه إلى الكبير البالغ ؛ لأن السفه اسم ذم ولا يذم الإنسان على ما لم يكتسبه ، والقلم مرفوع عن غير البالغ ، فالذم والحرج منفيان عنه ؛ قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي . الرابعة : واختلف العلماء في
nindex.php?page=treesubj&link=14949أفعال السفيه قبل الحجر عليه ؛ فقال
مالك وجميع أصحابه غير
ابن القاسم : إن فعل السفيه وأمره كله جائز حتى يضرب الإمام على يده . وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف . وقال
ابن القاسم : أفعاله غير جائزة وإن لم يضرب عليه الإمام . وقال
أصبغ : إن كان ظاهر السفه فأفعاله مردودة ، وإن كان غير ظاهر السفه فلا ترد أفعاله حتى يحجر عليه الإمام . واحتج
سحنون لقول
مالك بأن قال : لو كانت أفعال السفيه مردودة قبل الحجر ما احتاج السلطان أن يحجر على أحد . وحجة
ابن القاسم ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث
جابر nindex.php?page=hadith&LINKID=838432أن رجلا أعتق عبدا ليس له مال غيره فرده النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن حجر عليه قبل ذلك .
الخامسة : واختلفوا في
nindex.php?page=treesubj&link=14921_14907الحجر على الكبير ؛ فقال
مالك وجمهور الفقهاء : يحجر عليه . وقال
أبو حنيفة : لا يحجر على من بلغ عاقلا إلا أن يكون مفسدا لماله ؛ فإذا كان كذلك منع من تسليم المال إليه حتى يبلغ خمسا وعشرين سنة ، فإذا بلغها سلم إليه بكل حال ، سواء كان مفسدا أو غير مفسد ؛ لأنه يحبل منه لاثنتي عشرة سنة ، ثم يولد له لستة أشهر فيصير جدا وأبا ، وأنا أستحيي أن أحجر على من يصلح أن يكون جدا . وقيل عنه : إن في مدة المنع من المال إذا بلغ مفسدا ينفذ تصرفه على الإطلاق ، وإنما يمنع من تسليم المال احتياطا . وهذا كله ضعيف في النظر والأثر . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : حدثنا
محمد بن أحمد بن الحسن الصواف أخبرنا
حامد بن شعيب أخبرنا
شريح بن يونس أخبرنا
يعقوب بن إبراهيم - هو
أبو يوسف القاضي - أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه أن
عبد الله بن جعفر أتى
الزبير فقال : إني اشتريت بيع كذا وكذا ، وإن
عليا يريد أن يأتي أمير المؤمنين فيسأله أن يحجر علي فيه . فقال
الزبير : أنا شريكك في البيع . فأتى
علي عثمان فقال : إن
ابن جعفر اشترى بيع كذا وكذا فاحجر عليه . فقال
الزبير : فأنا شريكه في البيع . فقال
عثمان : كيف أحجر على رجل في بيع شريكه فيه
الزبير ؟ قال
يعقوب : أنا آخذ بالحجر وأراه ، وأحجر وأبطل
nindex.php?page=treesubj&link=14949بيع المحجور عليه وشراءه ، وإذا اشترى أو باع قبل الحجر أجزت بيعه . قال
يعقوب بن إبراهيم : وإن
أبا حنيفة لا يحجر ولا
[ ص: 29 ] يأخذ بالحجر . فقول
عثمان : كيف أحجر على رجل ، دليل على جواز الحجر على الكبير ؛ فإن
عبد الله بن جعفر ولدته أمه بأرض
الحبشة ، وهو أول مولود ولد في الإسلام بها ، وقدم مع أبيه على النبي صلى الله عليه وسلم عام
خيبر فسمع منه وحفظ عنه . وكانت
خيبر سنة خمس من الهجرة . وهذا يرد على
أبي حنيفة قوله . وستأتي حجته إن شاء الله تعالى .
السادسة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=5التي جعل الله لكم قياما أي لمعاشكم وصلاح دينكم .
وفي التي ثلاث لغات : التي واللت بكسر التاء واللت بإسكانها . وفي تثنيتها أيضا ثلاث لغات : اللتان واللتا بحذف النون واللتان بشد النون . وأما الجمع فتأتي لغاته في موضعه من هذه السورة إن شاء الله تعالى .
والقيام والقوام : ما يقيمك بمعنى . يقال : فلان قيام أهله وقوام بيته ، وهو الذي يقيم شأنه ، أي يصلحه . ولما انكسرت القاف من قوام أبدلوا الواو ياء . وقراءة
أهل المدينة " قيما " بغير ألف . قال
الكسائي والفراء : قيما وقواما بمعنى قياما ، وانتصب عندهما على المصدر . أي ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي تصلح بها أموركم فيقوموا بها قياما . وقال
الأخفش : المعنى قائمة بأموركم . يذهب إلى أنها جمع . وقال
البصريون : قيما جمع قيمة ؛ كديمة وديم ، أي جعلها الله قيمة للأشياء . وخطأ
أبو علي هذا القول وقال : هي مصدر كقيام وقوام وأصلها قوم ، ولكن شذت في الرد إلى الياء كما شذ قولهم : جياد في جمع جواد ونحوه . وقوما وقواما وقياما معناها ثباتا في صلاح الحال ودواما في ذلك . وقرأ
الحسن والنخعي " اللاتي " جعل على جمع التي ، وقراءة العامة " التي " على لفظ الجماعة . قال
الفراء : الأكثر في كلام العرب " النساء اللواتي ، والأموال التي " وكذلك غير الأموال ؛ ذكره
النحاس :
السابعة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=5وارزقوهم فيها واكسوهم قيل : معناه اجعلوا لهم فيها أو افرضوا لهم فيها . وهذا فيمن يلزم الرجل نفقته وكسوته من زوجته وبنيه الأصاغر . فكان هذا دليلا على وجوب
nindex.php?page=treesubj&link=13023_13349نفقة الولد على الوالد والزوجة على زوجها . وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832454أفضل الصدقة ما ترك غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول تقول المرأة : إما أن تطعمني وإما أن تطلقني ويقول العبد أطعمني واستعملني ويقول الابن أطعمني إلى من تدعني ؟ فقالوا : يا nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة ، سمعت هذا من [ ص: 30 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لا ، هذا من كيس nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ! . قال
المهلب : النفقة على الأهل والعيال واجبة بإجماع ؛ وهذا الحديث حجة في ذلك .
الثامنة : قال
ابن المنذر : واختلفوا في
nindex.php?page=treesubj&link=13349نفقة من بلغ من الأبناء ولا مال له ولا كسب ؛ فقالت طائفة : على الأب أن ينفق على ولده الذكور حتى يحتلموا ، وعلى النساء حتى يتزوجن ويدخل بهن . فإن طلقها بعد البناء أو مات عنها فلا نفقة لها على أبيها . وإن طلقها قبل البناء فهي على نفقتها .
التاسعة : ولا نفقة لولد الولد على الجد ؛ هذا قول
مالك . وقالت طائفة :
nindex.php?page=treesubj&link=13349ينفق على ولد ولده حتى يبلغوا الحلم والمحيض . ثم لا نفقة عليه إلا أن يكونوا زمنى ، وسواء في ذلك الذكور والإناث ما لم يكن لهم أموال ، وسواء في ذلك ولده أو ولد ولده وإن سفلوا ما لم يكن لهم أب دونه يقدر على النفقة عليهم ؛ هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وأوجبت طائفة النفقة لجميع الأطفال والبالغين من الرجال والنساء إذا لم يكن لهم أموال يستغنون بها عن نفقة الوالد ؛ على ظاهر قوله عليه السلام
لهند :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832455خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف . وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=832456يقول الابن أطعمني إلى من تدعني ؟ يدل على أنه إنما يقول ذلك من لا طاقة له على الكسب والتحرف . ومن بلغ سن الحلم فلا يقول ذلك ؛ لأنه قد بلغ حد السعي على نفسه والكسب لها ، بدليل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6حتى إذا بلغوا النكاح الآية . فجعل بلوغ النكاح حدا في ذلك . وفي قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831582تقول المرأة إما أن تطعمني وإما أن تطلقني يرد على من قال : لا يفرق بالإعسار ويلزم المرأة الصبر ؛ وتتعلق النفقة بذمته بحكم الحاكم . هذا قول
عطاء nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري . وإليه ذهب
الكوفيون متمسكين بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=280وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة . قالوا : فوجب أن ينظر إلى أن يوسر . وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32وأنكحوا الأيامى منكم الآية . قالوا : فندب تعالى إلى إنكاح الفقير ؛ فلا يجوز أن يكون الفقر سببا للفرقة وهو مندوب منعه إلى النكاح . ولا حجة لهم في هذه الآية على ما يأتي بيانه في موضعها . والحديث نص في موضع الخلاف . وقيل : الخطاب لولي اليتيم لينفق عليه من ماله الذي له تحت نظره ؛ على ما تقدم من الخلاف في إضافة المال .
nindex.php?page=treesubj&link=23557فالوصي ينفق على اليتيم على قدر ماله وحاله ؛ فإن كان صغيرا وماله كثير اتخذ له ظئرا وحواضن ووسع عليه في النفقة . وإن كان كبيرا قدر له ناعم اللباس
[ ص: 31 ] وشهي الطعام والخدم . وإن كان دون ذلك فبحسبه . وإن كان دون ذلك فخشن الطعام واللباس قدر الحاجة . فإن كان اليتيم فقيرا لا مال له وجب على الإمام القيام به من بيت المال ؛ فإن لم يفعل الإمام وجب ذلك على المسلمين الأخص به فالأخص . وأمه أخص به فيجب عليها إرضاعه والقيام به . ولا ترجع عليه ولا على أحد . وقد مضى في البقرة عند قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233والوالدات يرضعن أولادهن .
العاشرة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=5وقولوا لهم قولا معروفا أراد تليين الخطاب والوعد الجميل . واختلف في القول المعروف ؛ فقيل : معناه ادعوا لهم : بارك الله فيكم ، وحاطكم وصنع لكم ، وأنا ناظر لك ، وهذا الاحتياط يرجع نفعه إليك . وقيل : معناه وعدوهم وعدا حسنا ؛ أي إن رشدتم دفعنا إليكم أموالكم . ويقول الأب لابنه : مالي إليك مصيره ، وأنت إن شاء الله صاحبه إذا ملكت رشدك وعرفت تصرفك .
[ ص: 26 ] قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=5وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا
فِيهِ عَشْرُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِدَفْعِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى إِلَيْهِمْ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَإِيصَالُ الصَّدَقَاتِ إِلَى الزَّوْجَاتِ ، بَيَّنَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=14947_14921السَّفِيهَ وَغَيْرَ الْبَالِغِ لَا يَجُوزُ دَفْعُ مَالِهِ إِلَيْهِ . فَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=24974ثُبُوتِ الْوَصِيِّ وَالْوَلِيِّ وَالْكَفِيلِ لِلْأَيْتَامِ . وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=23293_23294_14312_14313_14310الْوَصِيَّةَ إِلَى الْمُسْلِمِ الْحُرِّ الثِّقَةِ الْعَدْلِ جَائِزَةٌ . وَاخْتَلَفُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=23555الْوَصِيَّةِ إِلَى الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ ؛ فَقَالَ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ : الْوَصِيَّةُ لَهَا جَائِزَةٌ . وَاحْتَجَّ
أَحْمَدُ بِأَنَّ
عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوْصَى إِلَى
حَفْصَةَ . وَرُوِيَ عَنْ
عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ أَوْصَى إِلَى امْرَأَتِهِ قَالَ : لَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ وَصِيًّا ؛ فَإِنْ فُعِلَ حُوِّلَتْ إِلَى رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ . وَاخْتَلَفُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=14312الْوَصِيَّةِ إِلَى الْعَبْدِ ؛ فَمَنَعَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=11956وَأَبُو ثَوْرٍ وَمُحَمَّدٌ وَيَعْقُوبُ . وَأَجَازَهُ
مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=13760وَالْأَوْزَاعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16991وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ . وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12354النَّخَعِيِّ إِذَا أَوْصَى إِلَى عَبْدِهِ . وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا فِي " الْبَقَرَةِ " مُسْتَوْفًى .
الثَّانِيةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : السُّفَهَاءُ قَدْ مَضَى فِي " الْبَقَرَةِ " مَعْنَى السَّفَهِ لُغَةً . وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَؤُلَاءِ السُّفَهَاءِ ، مَنْ هُمْ ؟ فَرَوَى
سَالِمٌ الْأَفْطَسُ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ : هُمُ الْيَتَامَى لَا تُؤْتُوهُمْ أَمْوَالَكُمْ . قَالَ
النَّحَّاسُ : وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي الْآيَةِ . وَرَوَى
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ
أَبِي مَالِكٍ قَالَ : هُمُ الْأَوْلَادُ الصِّغَارُ ، لَا تُعْطُوهُمْ أَمْوَالَكُمْ فَيُفْسِدُوهَا وَتَبْقَوْا بِلَا شَيْءٍ . وَرَوَى
سُفْيَانُ ، عَنْ
حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ قَالَ : هُمُ النِّسَاءُ . قَالَ
النَّحَّاسُ وَغَيْرُهُ : وَهَذَا الْقَوْلُ لَا يَصِحُّ ؛ إِنَّمَا تَقُولُ الْعَرَبُ فِي النِّسَاءِ سَفَائِهُ أَوْ سَفِيهَاتٌ ؛ لِأَنَّهُ الْأَكْثَرُ فِي جَمْعِ فَعِيلَةٍ . وَيُقَالُ : لَا تَدْفَعْ مَالَكَ مُضَارَبَةً وَلَا إِلَى وَكِيلٍ لَا يُحْسِنُ التِّجَارَةَ . وَرُوِيَ عَنْ
عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ لَمْ يَتَفَقَّهْ فَلَا يَتَّجِرْ فِي سُوقِنَا ؛ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=5وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ يَعْنِي الْجُهَّالَ بِالْأَحْكَامِ . وَيُقَالُ : لَا تَدْفَعْ إِلَى الْكُفَّارِ ؛ وَلِهَذَا كَرِهَ الْعُلَمَاءُ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=5933يُوَكِّلَ الْمُسْلِمُ ذِمِّيًّا بِالشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ ، أَوْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ مُضَارَبَةً . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=110أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ( السُّفَهَاءُ هُنَا كُلُّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْحَجْرَ ) . وَهَذَا جَامِعٌ . وَقَالَ
ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادُ : وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=14921الْحَجْرُ عَلَى السَّفِيهِ فَالسَّفِيهُ لَهُ أَحْوَالٌ : حَالٌ يُحْجَرُ عَلَيْهِ لِصِغَرِهِ ، وَحَالَةٌ لِعَدَمِ عَقْلِهِ بِجُنُونٍ أَوْ غَيْرِهِ ، وَحَالَةٌ لِسُوءِ نَظَرِهِ لِنَفْسِهِ فِي مَالِهِ . فَأَمَّا الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَاسْتَحْسَنَ
مَالِكٌ أَلَّا يُحْجَرَ عَلَيْهِ لِسُرْعَةِ زَوَالِ مَا بِهِ . وَالْحَجْرُ يَكُونُ مَرَّةً فِي حَقِّ الْإِنْسَانِ
[ ص: 27 ] وَمَرَّةً فِي حَقِّ غَيْرِهِ ؛ فَأَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مَنْ ذَكَرْنَا .
nindex.php?page=treesubj&link=14929_14833_14827_26732_14913وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ الْعَبْدُ وَالْمِدْيَانُ وَالْمَرِيضُ فِي الثُّلُثَيْنِ ، وَالْمُفْلِسُ وَذَاتُ الزَّوْجِ لِحَقِّ الزَّوْجِ ، وَالْبِكْرُ فِي حَقِّ نَفْسِهَا . فَأَمَّا الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ فَلَا خِلَافَ فِي الْحَجْرِ عَلَيْهِمَا . وَأَمَّا الْكَبِيرُ فَلِأَنَّهُ لَا يُحْسِنُ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ فِي مَالِهِ ، وَلَا يُؤْمَنُ مِنْهُ إِتْلَافُ مَالِهِ فِي غَيْرِ وَجْهٍ ، فَأَشْبَهَ الصَّبِيَّ ؛ وَفِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي . وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُتْلِفَ مَالَهُ فِي الْمَعَاصِي أَوِ الْقُرَبِ وَالْمُبَاحَاتِ . وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا إِذَا أَتْلَفَ مَالَهُ فِي الْقُرَبِ ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ حَجَرَ عَلَيْهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ . وَالْعَبْدُ لَا خِلَافَ فِيهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=14913وَالْمِدْيَانُ يُنْزَعُ مَا بِيَدِهِ لِغُرَمَائِهِ ؛ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ ، وَفِعْلِ
عُمَرَ ذَلِكَ
بِأُسَيْفِعِ جُهَيْنَةَ ؛ ذَكَرَهُ
مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ .
nindex.php?page=treesubj&link=26732وَالْبِكْرُ مَا دَامَتْ فِي الْخِدْرِ مَحْجُورٌ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّهَا لَا تُحْسِنُ النَّظَرَ لِنَفْسِهَا . حَتَّى إِذَا تَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ إِلَيْهَا النَّاسُ ، وَخَرَجَتْ وَبَرَزَ وَجْهُهَا عَرَفَتِ الْمَضَارَّ مِنَ الْمَنَافِعِ . وَأَمَّا ذَاتُ الزَّوْجِ فَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=838431لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ مَلَكَ زَوْجُهَا عِصْمَتَهَا قَضَاءٌ فِي مَالِهَا إِلَّا فِي ثُلُثِهَا .
قُلْتُ : وَأَمَّا الْجَاهِلُ بِالْأَحْكَامِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِتَنْمِيَتِهِ لِمَالِهِ وَعَدَمِ تَدْبِيرِهِ ، فَلَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ الْمَالُ ؛ لِجَهْلِهِ بِفَاسِدِ الْبِيَاعَاتِ وَصَحِيحِهَا وَمَا يَحِلُّ وَمَا يَحْرُمُ مِنْهَا . وَكَذَلِكَ الذِّمِّيُّ مِثْلُهُ فِي الْجَهْلِ بِالْبِيَاعَاتِ وَلِمَا يُخَافُ مِنْ مُعَامَلَتِهِ بِالرِّبَا وَغَيْرِهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَاخْتَلَفُوا فِي وَجْهِ إِضَافَةِ الْمَالِ إِلَى الْمُخَاطَبِينَ عَلَى هَذَا ، وَهِيَ لِلسُّفَهَاءِ ؛ فَقِيلَ : أَضَافَهَا إِلَيْهِمْ لِأَنَّهَا بِأَيْدِيهِمْ وَهُمُ النَّاظِرُونَ فِيهَا فَنُسِبَتْ إِلَيْهِمُ اتِّسَاعًا ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=54فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ .
وَقِيلَ : أَضَافَهَا إِلَيْهِمْ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ أَمْوَالِهِمْ ؛ فَإِنَّ الْأَمْوَالَ جُعِلَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْخَلْقِ تَنْتَقِلُ مِنْ يَدٍ إِلَى يَدٍ ، وَمِنْ مِلْكٍ إِلَى مِلْكٍ ، أَيْ هِيَ لَهُمْ إِذَا احْتَاجُوهَا كَأَمْوَالِكُمُ الَّتِي تَقِي أَعْرَاضَكُمْ وَتَصُونُكُمْ وَتُعَظِّمُ أَقْدَارَكُمْ ، وَبِهَا قِوَامُ أَمْرِكُمْ .
وَقَوْلٌ ثَانٍ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=110أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ : ( أَنَّ الْمُرَادَ أَمْوَالُ الْمُخَاطَبِينَ حَقِيقَةً ) . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : ( لَا تَدْفَعْ مَالَكَ الَّذِي هُوَ سَبَبُ مَعِيشَتِكَ إِلَى امْرَأَتِكَ وَابْنِكَ وَتَبْقَى فَقِيرًا تَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَإِلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ ؛ بَلْ كُنْ أَنْتَ الَّذِي تُنْفِقُ عَلَيْهِمْ ) . فَالسُّفَهَاءُ عَلَى هَذَا هُمُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ ؛ صِغَارُ وَلَدِ الرَّجُلِ وَامْرَأَتُهُ . وَهَذَا يُخَرَّجُ مَعَ قَوْلِ
مُجَاهِدٍ وَأَبِي مَالِكٍ فِي السُّفَهَاءِ .
[ ص: 28 ] الثَّالِثَةُ : وَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=14921الْحَجْرِ عَلَى السَّفِيهِ ؛ لِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=5وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا . فَأَثْبَتَ
nindex.php?page=treesubj&link=14921الْوِلَايَةَ عَلَى السَّفِيهِ كَمَا أَثْبَتَهَا عَلَى الضَّعِيفِ . وَكَانَ مَعْنَى الضَّعِيفِ رَاجِعًا إِلَى الصَّغِيرِ ، وَمَعْنَى السَّفِيهِ إِلَى الْكَبِيرِ الْبَالِغِ ؛ لِأَنَّ السَّفَهَ اسْمُ ذَمٍّ وَلَا يُذَمُّ الْإِنْسَانُ عَلَى مَا لَمْ يَكْتَسِبْهُ ، وَالْقَلَمُ مَرْفُوعٌ عَنْ غَيْرِ الْبَالِغِ ، فَالذَّمُّ وَالْحَرَجُ مَنْفِيَّانِ عَنْهُ ؛ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14228الْخَطَّابِيُّ . الرَّابِعَةُ : وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=14949أَفْعَالِ السَّفِيهِ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ ؛ فَقَالَ
مَالِكٌ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ غَيْرَ
ابْنِ الْقَاسِمِ : إِنَّ فِعْلَ السَّفِيهِ وَأَمْرَهُ كُلَّهُ جَائِزٌ حَتَّى يَضْرِبَ الْإِمَامُ عَلَى يَدِهِ . وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=14954وَأَبِي يُوسُفَ . وَقَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : أَفْعَالُهُ غَيْرُ جَائِزَةٍ وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ عَلَيْهِ الْإِمَامُ . وَقَالَ
أَصْبَغُ : إِنْ كَانَ ظَاهِرَ السَّفَهِ فَأَفْعَالُهُ مَرْدُودَةٌ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ظَاهِرِ السَّفَهِ فَلَا تُرَدُّ أَفْعَالُهُ حَتَّى يَحْجُرَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ . وَاحْتَجَّ
سُحْنُونٌ لِقَوْلِ
مَالِكٍ بِأَنْ قَالَ : لَوْ كَانَتْ أَفْعَالُ السَّفِيهِ مَرْدُودَةً قَبْلَ الْحَجْرِ مَا احْتَاجَ السُّلْطَانُ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى أَحَدٍ . وَحُجَّةُ
ابْنِ الْقَاسِمِ مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ
جَابِرٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=838432أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ عَبْدًا لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَرَدَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَكُنْ حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ .
الْخَامِسَةُ : وَاخْتَلَفُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=14921_14907الْحَجْرِ عَلَى الْكَبِيرِ ؛ فَقَالَ
مَالِكٌ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ : يُحْجَرُ عَلَيْهِ . وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : لَا يُحْجَرُ عَلَى مَنْ بَلَغَ عَاقِلًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُفْسِدًا لِمَالِهِ ؛ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ مُنِعَ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَالِ إِلَيْهِ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً ، فَإِذَا بَلَغَهَا سُلِّمَ إِلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ ، سَوَاءً كَانَ مُفْسِدًا أَوْ غَيْرَ مُفْسِدٍ ؛ لِأَنَّهُ يُحْبَلُ مِنْهُ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً ، ثُمَّ يُولَدُ لَهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَيَصِيرُ جَدًّا وَأَبًا ، وَأَنَا أَسْتَحْيِي أَنْ أَحْجُرَ عَلَى مَنْ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جَدًّا . وَقِيلَ عَنْهُ : إِنَّ فِي مُدَّةِ الْمَنْعِ مِنَ الْمَالِ إِذَا بَلَغَ مُفْسِدًا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَالِ احْتِيَاطًا . وَهَذَا كُلُّهُ ضَعِيفٌ فِي النَّظَرِ وَالْأَثَرِ . وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الصَّوَّافُ أَخْبَرَنَا
حَامِدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا
شُرَيْحُ بْنُ يُونُسَ أَخْبَرَنَا
يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - هُوَ
أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي - أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ أَتَى
الزُّبَيْرَ فَقَالَ : إِنِّي اشْتَرَيْتُ بَيْعَ كَذَا وَكَذَا ، وَإِنَّ
عَلِيًّا يُرِيدُ أَنْ يَأْتِيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَيَسْأَلُهُ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيَّ فِيهِ . فَقَالَ
الزُّبَيْرُ : أَنَا شَرِيكُكَ فِي الْبَيْعِ . فَأَتَى
عَلِيٌّ عُثْمَانَ فَقَالَ : إِنَّ
ابْنَ جَعْفَرٍ اشْتَرَى بَيْعَ كَذَا وَكَذَا فَاحْجُرْ عَلَيْهِ . فَقَالَ
الزُّبَيْرُ : فَأَنَا شَرِيكُهُ فِي الْبَيْعِ . فَقَالَ
عُثْمَانُ : كَيْفَ أَحْجُرُ عَلَى رَجُلٍ فِي بَيْعٍ شَرِيكُهُ فِيهِ
الزُّبَيْرُ ؟ قَالَ
يَعْقُوبُ : أَنَا آخُذُ بِالْحَجْرِ وَأَرَاهُ ، وَأَحْجُرُ وَأُبْطِلُ
nindex.php?page=treesubj&link=14949بَيْعَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَشِرَاءَهُ ، وَإِذَا اشْتَرَى أَوْ بَاعَ قَبْلَ الْحَجْرِ أَجَزْتُ بَيْعَهُ . قَالَ
يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ : وَإِنَّ
أَبَا حَنِيفَةَ لَا يَحْجُرُ وَلَا
[ ص: 29 ] يَأْخُذُ بِالْحَجْرِ . فَقَوْلُ
عُثْمَانَ : كَيْفَ أَحْجُرُ عَلَى رَجُلٍ ، دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْحَجْرِ عَلَى الْكَبِيرِ ؛ فَإِنَّ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ بِأَرْضِ
الْحَبَشَةِ ، وَهُوَ أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ بِهَا ، وَقَدِمَ مَعَ أَبِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ
خَيْبَرَ فَسَمِعَ مِنْهُ وَحَفِظَ عَنْهُ . وَكَانَتْ
خَيْبَرُ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ . وَهَذَا يَرُدُّ عَلَى
أَبِي حَنِيفَةَ قَوْلَهُ . وَسَتَأْتِي حُجَّتُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
السَّادِسَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=5الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا أَيْ لِمَعَاشِكُمْ وَصَلَاحِ دِينِكُمْ .
وَفِي الَّتِي ثَلَاثُ لُغَاتٍ : الَّتِي وَاللَّتِ بِكَسْرِ التَّاءِ وَاللَّتْ بِإِسْكَانِهَا . وَفِي تَثْنِيَتِهَا أَيْضًا ثَلَاثُ لُغَاتٍ : اللَّتَانِ وَاللَّتَا بِحَذْفِ النُّونِ وَاللَّتَانِّ بِشَدِّ النُّونِ . وَأَمَّا الْجَمْعُ فَتَأْتِي لُغَاتُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَالْقِيَامُ وَالْقِوَامُ : مَا يُقِيمُكَ بِمَعْنًى . يُقَالُ : فُلَانٌ قِيَامُ أَهْلِهِ وَقِوَامُ بَيْتِهِ ، وَهُوَ الَّذِي يُقِيمُ شَأْنَهُ ، أَيْ يُصْلِحُهُ . وَلَمَّا انْكَسَرَتِ الْقَافُ مِنْ قِوَامٍ أَبْدَلُوا الْوَاوَ يَاءً . وَقِرَاءَةُ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ " قِيَمًا " بِغَيْرِ أَلِفٍ . قَالَ
الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ : قِيَمًا وَقِوَامًا بِمَعْنَى قِيَامًا ، وَانْتَصَبَ عِنْدَهُمَا عَلَى الْمَصْدَرِ . أَيْ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي تَصْلُحُ بِهَا أُمُورُكُمْ فَيَقُومُوا بِهَا قِيَامًا . وَقَالَ
الْأَخْفَشُ : الْمَعْنَى قَائِمَةٌ بِأُمُورِكُمْ . يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهَا جَمْعٌ . وَقَالَ
الْبَصْرِيُّونَ : قِيَمًا جَمْعُ قِيمَةٍ ؛ كَدِيمَةٍ وَدِيَمٍ ، أَيْ جَعَلَهَا اللَّهُ قِيمَةً لِلْأَشْيَاءِ . وَخَطَّأَ
أَبُو عَلِيٍّ هَذَا الْقَوْلَ وَقَالَ : هِيَ مَصْدَرٌ كَقِيَامٍ وَقِوَامٍ وَأَصْلُهَا قِوَمٌ ، وَلَكِنْ شَذَّتْ فِي الرَّدِّ إِلَى الْيَاءِ كَمَا شَذَّ قَوْلُهُمْ : جِيَادٌ فِي جَمْعِ جَوَادٍ وَنَحْوِهِ . وَقِوَمًا وَقِوَامًا وَقِيَامًا مَعْنَاهَا ثَبَاتًا فِي صَلَاحِ الْحَالِ وَدَوَامًا فِي ذَلِكَ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ " اللَّاتِي " جَعَلَ عَلَى جَمْعِ الَّتِي ، وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ " الَّتِي " عَلَى لَفْظِ الْجَمَاعَةِ . قَالَ
الْفَرَّاءُ : الْأَكْثَرُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ " النِّسَاءُ اللَّوَاتِي ، وَالْأَمْوَالُ الَّتِي " وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْأَمْوَالِ ؛ ذَكَرَهُ
النَّحَّاسُ :
السَّابِعَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=5وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ قِيلَ : مَعْنَاهُ اجْعَلُوا لَهُمْ فِيهَا أَوِ افْرِضُوا لَهُمْ فِيهَا . وَهَذَا فِيمَنْ يَلْزَمُ الرَّجُلَ نَفَقَتُهُ وَكِسْوَتُهُ مِنْ زَوْجَتِهِ وَبَنِيهِ الْأَصَاغِرِ . فَكَانَ هَذَا دَلِيلًا عَلَى وُجُوبِ
nindex.php?page=treesubj&link=13023_13349نَفَقَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ وَالزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا . وَفِي
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832454أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا تَرَكَ غِنًى وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ تَقُولُ الْمَرْأَةُ : إِمَّا أَنْ تُطْعِمَنِي وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَنِي وَيَقُولَ الْعَبْدُ أَطْعِمْنِي وَاسْتَعْمِلْنِي وَيَقُولَ الِابْنُ أَطْعِمْنِي إِلَى مَنْ تَدَعُنِي ؟ فَقَالُوا : يَا nindex.php?page=showalam&ids=3أَبَا هُرَيْرَةَ ، سَمِعْتَ هَذَا مِنْ [ ص: 30 ] رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : لَا ، هَذَا مِنْ كِيسِ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ! . قَالَ
الْمُهَلَّبُ : النَّفَقَةُ عَلَى الْأَهْلِ وَالْعِيَالِ وَاجِبَةٌ بِإِجْمَاعٍ ؛ وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ فِي ذَلِكَ .
الثَّامِنَةُ : قَالَ
ابْنُ الْمُنْذِرِ : وَاخْتَلَفُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=13349نَفَقَةِ مَنْ بَلَغَ مِنَ الْأَبْنَاءِ وَلَا مَالَ لَهُ وَلَا كَسْبَ ؛ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : عَلَى الْأَبِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهِ الذُّكُورِ حَتَّى يَحْتَلِمُوا ، وَعَلَى النِّسَاءِ حَتَّى يَتَزَوَّجْنَ وَيُدْخَلُ بِهِنَّ . فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى أَبِيهَا . وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهِيَ عَلَى نَفَقَتِهَا .
التَّاسِعَةُ : وَلَا نَفَقَةَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ عَلَى الْجَدِّ ؛ هَذَا قَوْلُ
مَالِكٍ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=13349يُنْفِقُ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ حَتَّى يَبْلُغُوا الْحُلُمَ وَالْمَحِيضَ . ثُمَّ لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا زَمْنَى ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَمْوَالٌ ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ وَلَدُهُ أَوْ وَلَدُ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلُوا مَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَبٌ دُونَهُ يَقْدِرُ عَلَى النَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ ؛ هَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ . وَأَوْجَبَتْ طَائِفَةٌ النَّفَقَةَ لِجَمِيعِ الْأَطْفَالِ وَالْبَالِغِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَمْوَالٌ يَسْتَغْنُونَ بِهَا عَنْ نَفَقَةِ الْوَالِدِ ؛ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ
لِهِنْدٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832455خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ . وَفِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=832456يَقُولُ الِابْنُ أَطْعِمْنِي إِلَى مَنْ تَدَعُنِي ؟ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ لَا طَاقَةَ لَهُ عَلَى الْكَسْبِ وَالتَّحَرُّفِ . وَمَنْ بَلَغَ سِنَّ الْحُلُمِ فَلَا يَقُولُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَلَغَ حَدَّ السَّعْيِ عَلَى نَفْسِهِ وَالْكَسْبِ لَهَا ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ الْآيَةَ . فَجَعَلَ بُلُوغَ النِّكَاحِ حَدًّا فِي ذَلِكَ . وَفِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831582تَقُولُ الْمَرْأَةُ إِمَّا أَنْ تُطْعِمَنِي وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَنِي يَرُدُّ عَلَى مَنْ قَالَ : لَا يُفَرَّقُ بِالْإِعْسَارِ وَيَلْزَمُ الْمَرْأَةَ الصَّبْرُ ؛ وَتَتَعَلَّقُ النَّفَقَةُ بِذِمَّتِهِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ . هَذَا قَوْلُ
عَطَاءٍ nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيِّ . وَإِلَيْهِ ذَهَبَ
الْكُوفِيُّونَ مُتَمَسِّكِينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=280وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ . قَالُوا : فَوَجَبَ أَنْ يُنْظَرَ إِلَى أَنْ يُوسِرَ . وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ الْآيَةَ . قَالُوا : فَنَدَبَ تَعَالَى إِلَى إِنْكَاحِ الْفَقِيرِ ؛ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْفَقْرُ سَبَبًا لِلْفُرْقَةِ وَهُوَ مَنْدُوبٌ مَنْعُهُ إِلَى النِّكَاحِ . وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهَا . وَالْحَدِيثُ نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ . وَقِيلَ : الْخِطَابُ لِوَلِيِّ الْيَتِيمِ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ الَّذِي لَهُ تَحْتَ نَظَرِهِ ؛ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْخِلَافِ فِي إِضَافَةِ الْمَالِ .
nindex.php?page=treesubj&link=23557فَالْوَصِيُّ يُنْفِقُ عَلَى الْيَتِيمِ عَلَى قَدْرِ مَالِهِ وَحَالِهِ ؛ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا وَمَالُهُ كَثِيرٌ اتَّخَذَ لَهُ ظِئْرًا وَحَوَاضِنَ وَوَسَّعَ عَلَيْهِ فِي النَّفَقَةِ . وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا قَدَّرَ لَهُ نَاعِمَ اللِّبَاسِ
[ ص: 31 ] وَشَهِيَّ الطَّعَامِ وَالْخَدَمَ . وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَبِحَسَبِهِ . وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَخَشِنَ الطَّعَامِ وَاللِّبَاسِ قَدْرَ الْحَاجَةِ . فَإِنْ كَانَ الْيَتِيمُ فَقِيرًا لَا مَالَ لَهُ وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ الْقِيَامُ بِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ؛ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلِ الْإِمَامُ وَجَبَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْأَخَصِّ بِهِ فَالْأَخَصِّ . وَأُمُّهُ أَخَصُّ بِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهَا إِرْضَاعُهُ وَالْقِيَامُ بِهِ . وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى أَحَدٍ . وَقَدْ مَضَى فِي الْبَقَرَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ .
الْعَاشِرَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=5وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا أَرَادَ تَلْيِينَ الْخِطَابِ وَالْوَعْدَ الْجَمِيلَ . وَاخْتُلِفَ فِي الْقَوْلِ الْمَعْرُوفِ ؛ فَقِيلَ : مَعْنَاهُ ادْعُوا لَهُمْ : بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمْ ، وَحَاطَكُمْ وَصَنَعَ لَكُمْ ، وَأَنَا نَاظِرٌ لَكَ ، وَهَذَا الِاحْتِيَاطُ يَرْجِعُ نَفْعُهُ إِلَيْكَ . وَقِيلَ : مَعْنَاهُ وَعِدُوهُمْ وَعْدًا حَسَنًا ؛ أَيْ إِنْ رَشَدْتُمْ دَفَعْنَا إِلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ . وَيَقُولُ الْأَبُ لِابْنِهِ : مَالِي إِلَيْكَ مَصِيرُهُ ، وَأَنْتَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَاحِبُهُ إِذَا مَلَكْتَ رُشْدَكَ وَعَرَفْتَ تَصَرُّفَكَ .