الآية الرابعة عشرة قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=41يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم [ ص: 121 ] سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } . فيها إحدى عشرة مسألة :
المسألة الأولى : في
nindex.php?page=treesubj&link=28976سبب نزولها : فيه ثلاثة أقوال :
الأول : أنها نزلت في شأن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=162أبي لبابة حين أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة فخانه } .
الثاني : نزلت في شأن {
بني قريظة والنضير ، وذلك أنهم شكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له : إن النضير يجعلون خراجنا على النصف من خراجهم . ويقتلون منا من قتل منهم ، وإن قتل أحد منهم أحدا منا ودوه أربعين وسقا من تمر } .
الثالث : أنها نزلت في {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15853اليهود جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له : إن رجلا منا وامرأة زنيا ; فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما تجدون في التوراة في شأن الرجم ؟ فقالوا : نفضحهم ويجلدون . قال nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام : كذبتم ، إن فيها آية الرجم ، فأتوا بالتوراة ، فأتوا بها فوضع أحدهم يده على آية الرجم ، فقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام : ارفع يدك . فرفع يده ، فإذا آية الرجم تلوح . فقالوا : صدق يا محمد ، فيها آية الرجم . فأمر [ ص: 122 ] بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما } . هكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك [
nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري ]
nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم والترمذي وأبو داود . قال
أبو داود عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11607إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم : ائتوني أعلم رجلين فيكم فجاءوا بابني صوريا ، فنشدهما الله كيف تجدان أمر هذين في التوراة قالا : نجد في التوراة إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها كالمرود في المكحلة رجما . قال : فما يمنعكما أن ترجموهما ؟ قال : ذهب سلطاننا ، فكرهنا القتل . فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بالشهود ، فجاءوا فشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة . فأمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمهما فرجما } .
المسألة الثانية : في المختار من ذلك : وأما من قال : إنها في شأن
أبي لبابة وما قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي عن النبي
لبني قريظة فضعيف لا أصل له . وأما من قال : إنها نزلت في شأن
قريظة والنضير ، وما شكوه من التفضيل بينهم فإنه ضعيف ; لأن الله تعالى أخبر أنه كان تحكيما منهم للنبي صلى الله عليه وسلم لا شكوى . والصحيح ما رواه الجماعة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله ، كلاهما في وصف القصة كما تقدم أن
اليهود جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحكموه ، فكان ما ذكرنا في الأمر .
الْآيَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=41يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْك الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنْ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنْ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوك يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [ ص: 121 ] سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوك فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوك شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْت فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَك وَعِنْدَهُمْ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ إنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اُسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ } . فِيهَا إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28976سَبَبِ نُزُولِهَا : فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي شَأْنِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=162أَبِي لُبَابَةَ حِينَ أَرْسَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَخَانَهُ } .
الثَّانِي : نَزَلَتْ فِي شَأْنِ {
بَنِي قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ شَكَوَا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا لَهُ : إنَّ النَّضِيرَ يَجْعَلُونَ خَرَاجَنَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ خَرَاجِهِمْ . وَيَقْتُلُونَ مِنَّا مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ ، وَإِنْ قَتَلَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَحَدًا مِنَّا وَدَوْهُ أَرْبَعِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ } .
الثَّالِثُ : أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15853الْيَهُودِ جَاءُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا لَهُ : إنَّ رَجُلًا مِنَّا وَامْرَأَةً زَنَيَا ; فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ ؟ فَقَالُوا : نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ . قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=106عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ : كَذَبْتُمْ ، إنَّ فِيهَا آيَةَ الرَّجْمِ ، فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ ، فَأَتَوْا بِهَا فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ ، فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فَقَالَ لَهُ nindex.php?page=showalam&ids=106عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ : ارْفَعْ يَدَكَ . فَرَفَعَ يَدَهُ ، فَإِذَا آيَةُ الرَّجْمِ تَلُوحُ . فَقَالُوا : صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ ، فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ . فَأَمَرَ [ ص: 122 ] بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا } . هَكَذَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ [
nindex.php?page=showalam&ids=12070وَالْبُخَارِيُّ ]
nindex.php?page=showalam&ids=17080وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُد . قَالَ
أَبُو دَاوُد عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11607إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمْ : ائْتُونِي أَعْلَمَ رَجُلَيْنِ فِيكُمْ فَجَاءُوا بِابْنَيْ صُورِيَّا ، فَنَشَدَهُمَا اللَّهَ كَيْفَ تَجِدَانِ أَمَرَ هَذَيْنِ فِي التَّوْرَاةِ قَالَا : نَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ رُجِمَا . قَالَ : فَمَا يَمْنَعُكُمَا أَنْ تَرْجُمُوهُمَا ؟ قَالَ : ذَهَبَ سُلْطَانُنَا ، فَكَرِهْنَا الْقَتْلَ . فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّهُودِ ، فَجَاءُوا فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا مِثْلَ الْمِيلِ فِي الْمُكْحُلَةِ . فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِهِمَا فَرُجِمَا } .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : فِي الْمُخْتَارِ مِنْ ذَلِكَ : وَأَمَّا مَنْ قَالَ : إنَّهَا فِي شَأْنِ
أَبِي لُبَابَةَ وَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ عَنْ النَّبِيِّ
لِبَنِي قُرَيْظَةَ فَضَعِيفٌ لَا أَصْلَ لَهُ . وَأَمَّا مَنْ قَالَ : إنَّهَا نَزَلَتْ فِي شَأْنِ
قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ ، وَمَا شَكَوْهُ مِنْ التَّفْضِيلِ بَيْنَهُمْ فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّهُ كَانَ تَحْكِيمًا مِنْهُمْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا شَكْوًى . وَالصَّحِيحُ مَا رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=36وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، كِلَاهُمَا فِي وَصْفِ الْقِصَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ
الْيَهُودَ جَاءُوا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَكَّمُوهُ ، فَكَانَ مَا ذَكَرْنَا فِي الْأَمْرِ .