المسألة الثالثة : فقد اختلف فيه علماؤنا ، وتباينت الفرق في إسلامه ، وقد حررناها في مسائل الخلاف . ونرى أنه لا يكون مسلما بذلك ، أما أنه يقال له : ما وراء هذه الصلاة ؟ فإن قال : صلاة مسلم
nindex.php?page=treesubj&link=18799_24925_8111_8117_26854قيل له قل : لا إله إلا الله محمد رسول الله . فإن قالها تبين صدقه ، وإن أبى
[ ص: 609 ] علمنا أن ذلك تلاعب ، وكانت عند من يرى إسلامه ردة ويقتل على كفره الأصلي ، وذلك محرر في مسائل الخلاف ، مقرر أنه كفر أصلي ليس بردة .
وكذلك هذا الذي قال : سلام عليكم يكلف الكلمة ، فإن قالها تحقق رشاده ، وإن أبي تبين عناده وقتل . وهذا معنى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=6فتبينوا } أي الأمر المشكل ، أو تثبتوا ولا تعجلوا ، المعنيان سواء ؟ فإن قتله أحد فقد أتى منهيا عنه ، لا يبلغ فدية ولا كفارة ولا قصاصا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : له أحكام الإسلام ، وهذا فاسد ; لأن أصل كفره قد تيقناه ، فلا يزال اليقين بالشك . فإن قيل : فتغليظ النبي صلى الله عليه وسلم على
محلم كيف مخرجه ؟ قلنا : لأنه علم من نيته أنه لم يبال بإسلامه ، ولم يحققه ; فغضب على هذه النية ، والله أعلم .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ عُلَمَاؤُنَا ، وَتَبَايَنَتْ الْفِرَقُ فِي إسْلَامِهِ ، وَقَدْ حَرَّرْنَاهَا فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ . وَنَرَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُسْلِمًا بِذَلِكَ ، أَمَّا أَنَّهُ يُقَالُ لَهُ : مَا وَرَاءُ هَذِهِ الصَّلَاةِ ؟ فَإِنْ قَالَ : صَلَاةُ مُسْلِمٍ
nindex.php?page=treesubj&link=18799_24925_8111_8117_26854قِيلَ لَهُ قُلْ : لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولٌ اللَّهِ . فَإِنْ قَالَهَا تَبَيَّنَ صِدْقُهُ ، وَإِنْ أَبَى
[ ص: 609 ] عَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ تَلَاعُبٌ ، وَكَانَتْ عِنْدَ مَنْ يَرَى إسْلَامَهُ رِدَّةً وَيُقْتَلُ عَلَى كُفْرِهِ الْأَصْلِيِّ ، وَذَلِكَ مُحَرَّرٌ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ ، مُقَرَّرٌ أَنَّهُ كُفْرٌ أَصْلِي لَيْسَ بِرِدَّةٍ .
وَكَذَلِكَ هَذَا الَّذِي قَالَ : سَلَامٌ عَلَيْكُمْ يُكَلَّفُ الْكَلِمَةَ ، فَإِنْ قَالَهَا تَحَقَّقَ رَشَادُهُ ، وَإِنْ أَبِي تَبَيَّنَ عِنَادُهُ وَقُتِلَ . وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=6فَتَبَيَّنُوا } أَيْ الْأَمْرَ الْمُشْكِلَ ، أَوْ تَثَبَّتُوا وَلَا تَعْجَلُوا ، الْمَعْنَيَانِ سَوَاءٌ ؟ فَإِنْ قَتَلَهُ أَحَدٌ فَقَدْ أَتَى مَنْهِيًّا عَنْهُ ، لَا يَبْلُغ فِدْيَةً وَلَا كَفَّارَةً وَلَا قِصَاصًا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : لَهُ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ ، وَهَذَا فَاسِدٌ ; لِأَنَّ أَصْلَ كُفْرِهِ قَدْ تَيَقَّنَاهُ ، فَلَا يُزَالُ الْيَقِينُ بِالشَّكِّ . فَإِنْ قِيلَ : فَتَغْلِيظُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى
مُحَلِّمٍ كَيْفَ مَخْرَجُهُ ؟ قُلْنَا : لِأَنَّهُ عَلِمَ مِنْ نِيَّتِهِ أَنَّهُ لَمْ يُبَالِ بِإِسْلَامِهِ ، وَلَمْ يُحَقِّقْهُ ; فَغَضِبَ عَلَى هَذِهِ النِّيَّةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .