المسألة التاسعة : قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219nindex.php?page=treesubj&link=17189وإثمهما أكبر من نفعهما } : وفي تأويل ذلك قولان :
أحدهما : أن الإثم بعد التحريم أكبر من المنفعة قبل التحريم ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
الثاني : أن الإثم فيما يكون عنها من فساد العمل عند ذهاب العقل أكثر من منفعة اللذة والربح ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، وزاد بأن ذلك لما نزل تورع عنها قوم من المسلمين وشربها آخرون للمنفعة يعني لأجل المنفعة المذكورة فيها لا لمنفعة البدن كما قدمنا ، حتى نزلت : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } فإن قيل :
nindex.php?page=treesubj&link=17189كيف شربت بعد قول الله تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219فيهما إثم كبير } وبعد قوله : { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219وإثمهما أكبر من نفعهما } وكيف تعاطى مسلم ما فيه مأثم ؟ فالجواب من وجهين :
أحدهما : أن الله تعالى إنما أراد بالإثم في هذه الآية ما يؤول إليه شربها لا نفس شربها . فمن فعل حينئذ ذلك الذي يؤول إليه فقد أثم بما فعل من ذلك لا بنفس الشرب ، وإن لم يفعل ذلك الذي يؤول إليه لما كان عليه حينئذ إثم ; فكان هذا مقصد القول على وجه الورع لا على وجه التحريم ; فقبله قوم فتورعوا ، وأقدم آخرون على الشرب حتى حقق الله تعالى التحريم ، فامتنع الكل ، ولو أراد ربك التحريم لقال
nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر أولا ما قال له آخرا حتى قال : انتهينا .
الثاني : أن الله سبحانه لما ذكر ما فيها من الإثم الموجب للامتناع وقرنه بما فيها من المنفعة المقتضية للإقدام فهم قوم من ذلك التخيير بين الحالين ، ولو تدبروا قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219وإثمهما أكبر من نفعهما } لغلب الورع ; فأقدم من أقدم ، وتورع من تورع ، حتى نزلت آية التحريم الباحثة الكاشفة لتحقيقه ، ففهمها الناس ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه : انتهينا ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=39264وأمر النبي صلى الله عليه وسلم مناديه فنادى بتحريم الخمر } .
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ : قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219nindex.php?page=treesubj&link=17189وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا } : وَفِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْإِثْمَ بَعْدَ التَّحْرِيمِ أَكْبَرُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ قَبْلَ التَّحْرِيمِ ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ .
الثَّانِي : أَنَّ الْإِثْمَ فِيمَا يَكُونُ عَنْهَا مِنْ فَسَادِ الْعَمَلِ عِنْدَ ذَهَابِ الْعَقْلِ أَكْثَرُ مِنْ مَنْفَعَةِ اللَّذَّةِ وَالرِّبْحِ ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، وَزَادَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَمَّا نَزَلَ تَوَرَّعَ عَنْهَا قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَشَرِبَهَا آخَرُونَ لِلْمَنْفَعَةِ يَعْنِي لِأَجْلِ الْمَنْفَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا لَا لِمَنْفَعَةِ الْبَدَنِ كَمَا قَدَّمْنَا ، حَتَّى نَزَلَتْ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى } فَإِنْ قِيلَ :
nindex.php?page=treesubj&link=17189كَيْف شُرِبَتْ بَعْدَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219فِيهِمَا إثْمٌ كَبِيرٌ } وَبَعْدَ قَوْلِهِ : { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا } وَكَيْف تَعَاطَى مُسْلِمٌ مَا فِيهِ مَأْثَمٌ ؟ فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا أَرَادَ بِالْإِثْمِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا يُؤَوَّلُ إلَيْهِ شُرْبُهَا لَا نَفْسُ شُرْبِهَا . فَمَنْ فَعَلَ حِينَئِذٍ ذَلِكَ الَّذِي يُؤَوَّلُ إلَيْهِ فَقَدْ أَثِمَ بِمَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ لَا بِنَفْسِ الشُّرْبِ ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ الَّذِي يُؤَوَّلُ إلَيْهِ لَمَا كَانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ إثْمٌ ; فَكَانَ هَذَا مَقْصَدَ الْقَوْلِ عَلَى وَجْهِ الْوَرَعِ لَا عَلَى وَجْهِ التَّحْرِيمِ ; فَقَبِلَهُ قَوْمٌ فَتَوَرَّعُوا ، وَأَقْدَمَ آخَرُونَ عَلَى الشُّرْبِ حَتَّى حَقَّقَ اللَّهُ تَعَالَى التَّحْرِيمَ ، فَامْتَنَعَ الْكُلُّ ، وَلَوْ أَرَادَ رَبُّك التَّحْرِيمَ لَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2لِعُمَرَ أَوَّلًا مَا قَالَ لَهُ آخِرًا حَتَّى قَالَ : انْتَهَيْنَا .
الثَّانِي : أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمَّا ذَكَرَ مَا فِيهَا مِنْ الْإِثْمِ الْمُوجِبِ لِلِامْتِنَاعِ وَقَرَنَهُ بِمَا فِيهَا مِنْ الْمَنْفَعَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْإِقْدَامِ فَهِمَ قَوْمٌ مِنْ ذَلِكَ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْحَالَيْنِ ، وَلَوْ تَدَبَّرُوا قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا } لَغَلَبَ الْوَرَعُ ; فَأَقْدَمَ مَنْ أَقْدَمَ ، وَتَوَرَّعَ مَنْ تَوَرَّعَ ، حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ التَّحْرِيمِ الْبَاحِثَةِ الْكَاشِفَةِ لِتَحْقِيقِهِ ، فَفَهِمَهَا النَّاسُ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : انْتَهَيْنَا ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=39264وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيَهُ فَنَادَى بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ } .