[ ص: 575 ] الآية الحادية عشرة :
قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37nindex.php?page=treesubj&link=29004وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا } .
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى : في
nindex.php?page=treesubj&link=10821سبب نزولها :
روى المفسرون أن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15442النبي صلى الله عليه وسلم دخل منزل زيد بن حارثة ، فأبصر امرأته قائمة ، فأعجبته ; فقال : سبحان مقلب القلوب ، فلما سمعت زينب ذلك جلست ، وجاء زيد إلى منزله ، فذكرت ذلك له زينب ; فعلم أنها وقعت في نفسه ; فأتى زيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، ائذن لي في طلاقها ، فإن بها غيرة وإذاية بلسانها ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمسك أهلك وفي قلبه غير ذلك ، فطلقها زيد . فلما انقضت عدتها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد : اذكرني لها فانطلق زيد إلى زينب ، فقال لها : أبشري ، أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرك . فقالت : ما أنا بصانعة شيئا ، حتى أستأمر ربي ، وقامت إلى مصلاها فنزلت الآية } .
المسألة الثانية : قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37أنعم الله عليه }
أي بالإسلام . {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وأنعمت عليه } ، أي بالعتق ، هو
زيد بن حارثة المتقدم ذكره .
وقيل : أنعم الله عليه بأن ساقه إليك ، وأنعمت عليه بأن تبنيته ; وكل ما كان من الله إليه أو من
محمد إليه فهو نعمة عليه .
[ ص: 576 ] المسألة الثالثة : قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وتخفي في نفسك ما الله مبديه } يعني من نكاحك لها . فقد كان الله أعلمه بأنها تكون من أزواجه .
وقيل : تخفي في نفسك ما الله مبديه من ميلك إليها وحبك لها .
المسألة الرابعة : قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وتخشى الناس } فيه أربعة أقوال : الأول : تستحي منهم ، والله أحق أن تخشاه ، وتستحي منه . والخشية بمعنى الاستحياء كثيرة في اللغة .
الثاني : تخشى الناس أن يعاتبوك ، وعتاب الله أحق أن تخشاه .
الثالث : وتخشى الناس أن يتكلموا فيك .
وقيل : أن يفتتنوا من أجلك ، وينسبوك إلى ما لا ينبغي . والله أحق أن تخشاه فإنه مالك القلوب ، وبيده النواصي والألسنة .
[ ص: 575 ] الْآيَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ :
قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37nindex.php?page=treesubj&link=29004وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْت عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِك مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاَللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا } .
فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=10821سَبَبِ نُزُولِهَا :
رَوَى الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15442النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَنْزِلَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ ، فَأَبْصَرَ امْرَأَتَهُ قَائِمَةً ، فَأَعْجَبَتْهُ ; فَقَالَ : سُبْحَانَ مُقَلِّبِ الْقُلُوبِ ، فَلَمَّا سَمِعَتْ زَيْنَبُ ذَلِكَ جَلَسَتْ ، وَجَاءَ زَيْدٌ إلَى مَنْزِلِهِ ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ زَيْنَبَ ; فَعَلِمَ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِي نَفْسِهِ ; فَأَتَى زَيْدٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ائْذَنْ لِي فِي طَلَاقِهَا ، فَإِنَّ بِهَا غَيْرَةً وَإِذَايَةً بِلِسَانِهَا ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمْسِكْ أَهْلَك وَفِي قَلْبِهِ غَيْرُ ذَلِكَ ، فَطَلَّقَهَا زَيْدٌ . فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَيْدٍ : اُذْكُرْنِي لَهَا فَانْطَلَقَ زَيْدٌ إلَى زَيْنَبَ ، فَقَالَ لَهَا : أَبْشِرِي ، أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُك . فَقَالَتْ : مَا أَنَا بِصَانِعَةٍ شَيْئًا ، حَتَّى أَسْتَأْمِرَ رَبِّي ، وَقَامَتْ إلَى مُصَلَّاهَا فَنَزَلَتْ الْآيَةُ } .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ }
أَيْ بِالْإِسْلَامِ . {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وَأَنْعَمْت عَلَيْهِ } ، أَيْ بِالْعِتْقِ ، هُوَ
زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ .
وَقِيلَ : أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِأَنْ سَاقَهُ إلَيْك ، وَأَنْعَمْت عَلَيْهِ بِأَنْ تَبَنَّيْته ; وَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ اللَّهِ إلَيْهِ أَوْ مِنْ
مُحَمَّدٍ إلَيْهِ فَهُوَ نِعْمَةٌ عَلَيْهِ .
[ ص: 576 ] الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وَتُخْفِي فِي نَفْسِك مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ } يَعْنِي مِنْ نِكَاحِك لَهَا . فَقَدْ كَانَ اللَّهُ أَعْلَمَهُ بِأَنَّهَا تَكُونُ مِنْ أَزْوَاجِهِ .
وَقِيلَ : تُخْفِي فِي نَفْسِك مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ مِنْ مَيْلِك إلَيْهَا وَحُبِّك لَهَا .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وَتَخْشَى النَّاسَ } فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : تَسْتَحِي مِنْهُمْ ، وَاَللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ، وَتَسْتَحِي مِنْهُ . وَالْخَشْيَةُ بِمَعْنَى الِاسْتِحْيَاءِ كَثِيرَةٌ فِي اللُّغَةِ .
الثَّانِي : تَخْشَى النَّاسَ أَنْ يُعَاتِبُوك ، وَعِتَابُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ .
الثَّالِثُ : وَتَخْشَى النَّاسَ أَنْ يَتَكَلَّمُوا فِيك .
وَقِيلَ : أَنْ يُفْتَتَنُوا مِنْ أَجْلِك ، وَيَنْسُبُوك إلَى مَا لَا يَنْبَغِي . وَاَللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَإِنَّهُ مَالِكُ الْقُلُوبِ ، وَبِيَدِهِ النَّوَاصِي وَالْأَلْسِنَةُ .