[ ص: 428 ] في المنصور عرفة ] [خطبة
وأخرج عن إسماعيل الفهري قال : سمعت في يوم المنصور عرفة على منبر عرفة يقول في خطبته : (أيها الناس; إنما أنا سلطان الله في أرضه ، أسوسكم بتوفيقه ورشده ، وخازنه على فيئه ، أقسمه بإرادته ، وأعطيه بإذنه ، وقد جعلني الله عليه قفلا ، إذا شاء أن يفتحني لإعطائكم ، وإذا شاء أن يقفلني عليه . . . أقفلني ، فارغبوا إلى الله .
أيها الناس; وسلوه في هذا اليوم الشريف الذي وهب لكم فيه من فضله ما أعلمكم في كتابه إذ يقول : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } أن يوفقني للصواب ، ويسددني للرشاد ، ويلهمني الرأفة بكم والإحسان إليكم ، ويفتحني لإعطائكم وقسم أرزاقكم بالعدل; فإنه سميع مجيب ) .
وأخرجه ، وزاد في أوله : أن سبب هذه الخطبة : أن الناس بخلوه ، وزاد في آخره : فقال بعض الناس : (أحال أمير المؤمنين بالمنع على ربه ) . الصولي
وأخرج عن وغيره : أن الأصمعي صعد المنبر فقال : (الحمد لله أحمده ، وأستعينه ، وأؤمن به وأتوكل عليه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين; اذكر من أنت في ذكره ، فقال : مرحبا مرحبا ، لقد ذكرت جليلا، وخوفت عظيما ، وأعوذ بالله أن أكون ممن إذا قيل له : اتق الله . . . أخذته العزة بالإثم ، والموعظة منا بدت ، ومن عندنا خرجت ، وأنت يا قائلها ، فأحلف بالله ما الله أردت بها ، وإنما أردت أن يقال : قام فقال فعوقب فصبر ، فأهون بها من قائلها واهتبلها الله ويلك أني غفرتها ، وإياكم معشر الناس وأمثالها ، وأشهد أن المنصور محمدا عبده ورسوله ، فعاد إلى خطبته فكأنما يقرؤها من قرطاس .