تنبيهات
الأول : دل حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28861_28860_28889نزول هذه الآية كان بالمدينة ، وروى الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وصححه ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=665435قالت قريش ليهود : أعطونا شيئا نسأل عنه هذا الرجل . فقالوا : سلوه عن الروح . فنزلت : nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا . قالوا : "أوتينا علما كثيرا . أوتينا التوراة ، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا" . فأنزل الله عز وجل : nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=109قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا [الكهف 109] سند رجاله رجال صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق من وجه آخر نحوه ، وسبق في باب امتحان المشركين رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بأشياء لا يعرفها إلا نبي .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار قال :
نزلت بمكة : nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
فلما هاجر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة أتاه أحبار يهود فقالوا : يا محمد ، بلغنا أنك تقول : nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85وما أوتيتم من العلم إلا قليلا أفعنيتنا أم عنيت قومك؟ قال : "لا بل [ ص: 386 ] عنيتكم" . فقالوا : "إنك تتلو أنا أوتينا التوراة وفيها تبيان كل شيء" . فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- :
"هي في علم الله قليل ، وقد آتاكم الله ما إن عملتم به انتفعتم" ،
وأنزل الله عز وجل : nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم ، nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=28ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير . [لقمان 27 ، 28] ودل حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، وأثر
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء أن الآية نزلت
بمكة ، وجمع بينهما وبين حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه بتعدد النزول ، ويحمل سكوته في المرة الثانية على توقع مزيد بيان في ذلك إن ساغ ذلك ، وإلا فما في الصحيح أصح . وقال الشيخ رحمه الله تعالى في "الإتقان" : "إذا استوى الإسنادان في الصحة فيرجح أحدهما بكون راويه حاضر القصة أو نحو ذلك من وجوه الترجيحات" ، ثم ذكر [مثالا له] حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المذكورين . ثم قال :
"فهذا- أي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس- يقتضي أن الآية نزلت
بمكة ، والحديث الأول خلافه" . وقد رجح أن ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أصح من غيره ، وبأن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود كان حاضر القصة .
الثاني : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم : "قيل : من علامات نبوة سيدنا
محمد- صلى الله عليه وسلم- في الكتب المنزلة أنه إذا سئل عن الروح فوض العلم بحقيقتها إلى منشئها وبارئها ، وأمسك عما خاضت فيه الفلاسفة وأهل المنطق القائلون بالحدس والتخمين ، فامتحنه اليهود بالسؤال عنها ليقفوا منه على نعته المثبت عندهم في كتابهم ، فوافق كتابه ما ثبت في كتبهم" .
الثالث : قال
ابن التين : nindex.php?page=treesubj&link=32886 "اختلف في الروح المسؤول عنها في هذا الخبر على أقوال :
الأول : روح الإنسان ، الثاني : روح الحيوان . الثالث :
جبريل . الرابع :
عيسى . الخامس : القرآن .
السادس : الوحي . السابع : ملك يقوم وحده صفا يوم القيامة . الثامن : ملك له سبعون ألف وجه ، لكل وجه منها سبعون ألف لسان ، لكل لسان منها سبعون ألف لغة يسبح الله تعالى [بتلك اللغات كلها] ويخلق الله سبحانه وتعالى من كل تسبيحة ملكا يطير مع الملائكة ، وقيل : ملك رجلاه في الأرض السفلى ورأسه عند قائمة العرش . التاسع : خلق كخلق بني آدم يأكلون ويشربون ، لا ينزل ملك من السماء إلا نزل معه ملك منهم . وقيل : هو صنف من الملائكة يأكلون ويشربون" . قال الحافظ : "وهذا إنما يجمع من كلام أهل التفسير في معنى لفظ "الروح" الوارد في القرآن لا خصوص هذه الآية ، فمن الذي في القرآن : 1
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نزل به الروح الأمين [الشعراء 193] ، 2
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وكذلك أوحينا- إليك روحا من أمرنا [الشورى 52] ، 3
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15يلقي الروح من أمره [غافر : 15] ، 4
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22وأيدهم بروح منه [المجادلة 22] ، 5
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=38يوم يقوم الروح والملائكة صفا [النبأ 38] ، 6
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=2ينزل الملائكة بالروح من أمره [النحل 2] ؟ فالأول : جبريل ، والثاني : القرآن ، والثالث : الوحي ، والرابع : القوة ، والخامس والسادس : محتمل
لجبريل أو غيره ، ووقع إطلاق الروح على
عيسى . [ ص: 387 ]
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه بسند صحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : "الروح من الله ، وخلق من خلق الله ، وصور كبني آدم ، لا ينزل ملك إلا ومعه أحد من الروح" . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : "حكوا في المراد بالروح في الآية أقوالا ، وقال الأكثرون : سألوه عن الروح التي تكون بها الحياة في الجسد . وقال أهل النظر : "سألوه عن مسلك الروح وامتزاجها بالجسد ، وهذا هو الذي استأثر الله بعلمه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : "الراجح أنهم سألوه عن روح الإنسان : لأن اليهود لا تعترف بأن
عيسى روح الله ، ولا نجهل أن
جبريل ملك ، وأن الملائكة أرواح" . وقال
الإمام فخر الدين :
"المختار أنهم سألوه عن الروح الذي هو سبب الحياة ، وأن الجواب وقع على أحسن الوجوه ، وبيانه : أن السؤال عن الروح يحتمل أن يكون عن ماهيتها ، وهل هي متحيزة أم لا ، وهل هي حالة في متحيز أم لا ، وهل هي قديمة أو حادثة ، وهل تبقى بعد انفصالها من الجسد أو تفنى ، وما حقيقة تعذيبها وتنعيمها وغير ذلك من تعلقاتها" ؟ قال : "وليس في السؤال ما يخصص أحد هذه المعاني ، إلا أن الأظهر أنهم سألوه عن الماهية ، وهل الروح قديمة أو حادثة؟ والجواب يدل على أنها شيء موجود مغاير للطبائع والأخلاط وتركيبها ، فهي جوهر بسيط مجرد لا يحدث إلا بمحدث ، وهو قوله تعالى : "كن فكان" . قال : هي موجودة محدثة بأمر الله عز وجل وتكوينه ، ولها تأثير في إفادة الحياة للجسد ، ولا يلزم من عدم العلم بكيفيتها المخصوصة نفيها .
الرابع : تنطع قوم "فتباينت أقوالهم في الروح ، فقيل : هي النفس الداخل الخارج ، وقيل الحياة ، وقيل : جسم لطيف يحل في جميع البدن ، وقيل : هي الدم ، وقيل : هي عرض ، حتى قيل : إن الأقوال بلغت المائة ، ونقل ابن منده عن بعض المتكلمين إن لكل نبي خمس أرواح ، وأن لكل مؤمن ثلاثا ، ولكل حي واحدة .
الخامس : قال القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=12815أبو بكر بن العربي : "اختلفوا في الروح والنفس ، فقيل متغايران وهو الحق ، وقيل : هما شيء واحد ، وقد يعبر بالروح عن النفس وبالعكس ، كما يعبر عن الروح وعن النفس بالقلب وبالعكس ، وقد يعبر عن الروح بالحياة حتى يتعدى ذلك إلى غير العقلاء ، بل إلى الجهال مجازا .
قال تلميذه
السهيلي : يعني على مغايرة الروح والنفس قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=29فإذا سويته ونفخت فيه من روحي [الحجر : 29] ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك [المائدة 116] فإنه لا يصح جعل أحدهما موضع الآخر ، ولولا التغاير لساغ ذلك .
تَنْبِيهَاتٌ
الْأَوَّلُ : دَلَّ حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28861_28860_28889نُزُولَ هَذِهِ الْآيَةِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ ، وَرَوَى الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13053وَابْنُ حِبَّانَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=665435قَالَتْ قُرَيْشٌ لِيَهُودَ : أَعْطُونَا شَيْئًا نَسْأَلُ عَنْهُ هَذَا الرَّجُلَ . فَقَالُوا : سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ . فَنَزَلَتْ : nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحِ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا . قَالُوا : "أُوتِينَا عِلْمًا كَثِيرًا . أُوتِينَا التَّوْرَاةَ ، وَمَنْ أُوتِيَ التَّوْرَاةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا" . فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=109قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا [الْكَهْفِ 109] سَنَدُ رِجَالِهِ رِجَالُ صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ ، وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ نَحْوَهُ ، وَسَبَقَ فِي بَابِ امْتِحَانِ الْمُشْرِكِينَ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَشْيَاءَ لَا يَعْرِفُهَا إِلَّا نَبِيٌّ .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16572عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ :
نَزَلَتْ بِمَكَّةَ : nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا
فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَدِينَةِ أَتَاهُ أَحْبَارُ يَهُودَ فَقَالُوا : يَا مُحَمَّدُ ، بَلَغَنَا أَنَّكَ تَقُولُ : nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا أَفَعَنَيْتَنَا أَمْ عَنَيْتَ قَوْمَكَ؟ قَالَ : "لَا بَلْ [ ص: 386 ] عَنَيْتُكُمْ" . فَقَالُوا : "إِنَّكَ تَتْلُو أَنَّا أُوتِينَا التَّوْرَاةَ وَفِيهَا تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ" . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :
"هِيَ فِي عِلْمِ اللَّهِ قَلِيلٌ ، وَقَدْ آتَاكُمُ اللَّهُ مَا إِنْ عَمِلْتُمْ بِهِ انْتَفَعْتُمْ" ،
وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهِ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ، nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=28مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ . [لُقْمَانَ 27 ، 28] وَدَلَّ حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَأَثَرُ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٍ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ
بِمَكَّةَ ، وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِتَعَدُّدِ النُّزُولِ ، وَيُحْمَلُ سُكُوتُهُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ عَلَى تَوَقُّعِ مَزِيدِ بَيَانٍ فِي ذَلِكَ إِنْ سَاغَ ذَلِكَ ، وَإِلَّا فَمَا فِي الصَّحِيحِ أَصَحُّ . وَقَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي "الْإِتْقَانِ" : "إِذَا اسْتَوَى الْإِسْنَادَانِ فِي الصِّحَّةِ فَيُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا بِكَوْنِ رَاوِيهِ حَاضِرَ الْقِصَّةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحَاتِ" ، ثُمَّ ذَكَرَ [مِثَالًا لَهُ] حَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ وَحَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَيْنِ . ثُمَّ قَالَ :
"فَهَذَا- أَيْ حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ- يَقْتَضِي أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ
بِمَكَّةَ ، وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ خِلَافُهُ" . وَقَدْ رَجَّحَ أَنَّ مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ أَصَحُّ مِنْ غَيْرِهِ ، وَبِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ حَاضِرَ الْقِصَّةِ .
الثَّانِي : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12181أَبُو نُعَيْمٍ : "قِيلَ : مِنْ عَلَامَاتِ نُبُوَّةِ سَيِّدِنَا
مُحَمَّدٍ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ أَنَّهُ إِذَا سُئِلَ عَنِ الرُّوحِ فَوَّضَ الْعِلْمَ بِحَقِيقَتِهَا إِلَى مُنْشِئِهَا وَبَارِئِهَا ، وَأَمْسَكَ عَمَّا خَاضَتْ فِيهِ الْفَلَاسِفَةُ وَأَهْلُ الْمَنْطِقِ الْقَائِلُونَ بِالْحَدْسِ وَالتَّخْمِينِ ، فَامْتَحَنَهُ الْيَهُودُ بِالسُّؤَالِ عَنْهَا لِيَقِفُوا مِنْهُ عَلَى نَعْتِهِ الْمُثْبَتِ عِنْدَهُمْ فِي كِتَابِهِمْ ، فَوَافَقَ كِتَابُهُ مَا ثَبَتَ فِي كُتُبِهِمْ" .
الثَّالِثُ : قَالَ
ابْنُ التِّينِ : nindex.php?page=treesubj&link=32886 "اخْتُلِفَ فِي الرُّوحِ الْمَسْؤُولِ عَنْهَا فِي هَذَا الْخَبَرِ عَلَى أَقْوَالٍ :
الْأَوَّلُ : رُوحُ الْإِنْسَانِ ، الثَّانِي : رُوحُ الْحَيَوَانِ . الثَّالِثُ :
جِبْرِيلُ . الرَّابِعُ :
عِيسَى . الْخَامِسُ : الْقُرْآنُ .
السَّادِسُ : الْوَحْيُ . السَّابِعُ : مَلَكٌ يَقُومُ وَحْدَهُ صَفًّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ . الثَّامِنُ : مَلَكٌ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ وَجْهٍ ، لِكُلِّ وَجْهٍ مِنْهَا سَبْعُونَ أَلْفَ لِسَانٍ ، لِكُلِّ لِسَانٍ مِنْهَا سَبْعُونَ أَلْفَ لُغَةٍ يُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَى [بِتِلْكَ اللُّغَاتِ كُلِّهَا] وَيَخْلُقُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ كُلِّ تَسْبِيحَةٍ مَلَكًا يَطِيرُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ ، وَقِيلَ : مَلَكٌ رِجْلَاهُ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى وَرَأْسُهُ عِنْدَ قَائِمَةِ الْعَرْشِ . التَّاسِعُ : خَلْقٌ كَخَلْقِ بَنِي آدَمَ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ ، لَا يَنْزِلُ مَلَكٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَّا نَزَلَ مَعَهُ مَلَكٌ مِنْهُمْ . وَقِيلَ : هُوَ صِنْفٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ" . قَالَ الْحَافِظُ : "وَهَذَا إِنَّمَا يُجْمَعُ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ فِي مَعْنَى لَفْظِ "الرُّوحِ" الْوَارِدِ فِي الْقُرْآنِ لَا خُصُوصِ هَذِهِ الْآيَةِ ، فَمِنَ الَّذِي فِي الْقُرْآنِ : 1
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ [الشُّعَرَاءِ 193] ، 2
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا- إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا [الشُّورَى 52] ، 3
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ [غَافِرٍ : 15] ، 4
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ [الْمُجَادَلَةِ 22] ، 5
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=38يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا [النَّبَأِ 38] ، 6
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=2يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ [النَّحْلِ 2] ؟ فَالْأَوَّلُ : جِبْرِيلُ ، وَالثَّانِي : الْقُرْآنُ ، وَالثَّالِثُ : الْوَحْيُ ، وَالرَّابِعُ : الْقُوَّةُ ، وَالْخَامِسُ وَالسَّادِسُ : مُحْتَمِلٌ
لِجِبْرِيلَ أَوْ غَيْرِهِ ، وَوَقَعَ إِطْلَاقُ الرُّوحِ عَلَى
عِيسَى . [ ص: 387 ]
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12418إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : "الرُّوحُ مِنَ اللَّهِ ، وَخَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ ، وَصُوِّرَ كَبَنِي آدَمَ ، لَا يَنْزِلُ مَلَكٌ إِلَّا وَمَعَهُ أَحَدٌ مِنَ الرُّوحِ" . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14228الْخَطَّابِيُّ : "حَكَوْا فِي الْمُرَادِ بِالرُّوحِ فِي الْآيَةِ أَقْوَالًا ، وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ : سَأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ الَّتِي تَكُونُ بِهَا الْحَيَاةُ فِي الْجَسَدِ . وَقَالَ أَهْلُ النَّظَرِ : "سَأَلُوهُ عَنْ مَسْلَكِ الرُّوحِ وَامْتِزَاجِهَا بِالْجَسَدِ ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11963الْقُرْطُبِيُّ : "الرَّاجِحُ أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَنْ رُوحِ الْإِنْسَانِ : لِأَنَّ الْيَهُودَ لَا تَعْتَرِفُ بِأَنَّ
عِيسَى رُوحُ اللَّهِ ، وَلَا نَجْهَلُ أَنَّ
جِبْرِيلَ مَلَكٌ ، وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ أَرْوَاحٌ" . وَقَالَ
الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ :
"الْمُخْتَارُ أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْحَيَاةِ ، وَأَنَّ الْجَوَابَ وَقَعَ عَلَى أَحْسَنِ الْوُجُوهِ ، وَبَيَانُهُ : أَنَّ السُّؤَالَ عَنِ الرُّوحِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَنْ مَاهِيَّتِهَا ، وَهَلْ هِيَ مُتَحَيِّزَةٌ أَمْ لَا ، وَهَلْ هِيَ حَالَّةٌ فِي مُتَحَيِّزٍ أَمْ لَا ، وَهَلْ هِيَ قَدِيمَةٌ أَوْ حَادِثَةٌ ، وَهَلْ تَبْقَى بَعْدَ انْفِصَالِهَا مِنَ الْجَسَدِ أَوْ تَفْنَى ، وَمَا حَقِيقَةُ تَعْذِيبِهَا وَتَنْعِيمِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ تَعَلُّقَاتِهَا" ؟ قَالَ : "وَلَيْسَ فِي السُّؤَالِ مَا يُخَصِّصُ أَحَدَ هَذِهِ الْمَعَانِي ، إِلَّا أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَنِ الْمَاهِيَّةِ ، وَهَلِ الرُّوحُ قَدِيمَةٌ أَوْ حَادِثَةٌ؟ وَالْجَوَابُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا شَيْءٌ مَوْجُودٌ مُغَايِرٌ لِلطَّبَائِعِ وَالْأَخْلَاطِ وَتَرْكِيبِهَا ، فَهِيَ جَوْهَرٌ بَسِيطٌ مُجَرَّدٌ لَا يَحْدُثُ إِلَّا بِمُحْدِثٍ ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى : "كُنْ فَكَانَ" . قَالَ : هِيَ مَوْجُودَةٌ مُحْدَثَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَكْوِينِهِ ، وَلَهَا تَأْثِيرٌ فِي إِفَادَةِ الْحَيَاةِ لِلْجَسَدِ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْعِلْمِ بِكَيْفِيَّتِهَا الْمَخْصُوصَةِ نَفْيُهَا .
الرَّابِعُ : تَنَطَّعَ قَوْمٌ "فَتَبَايَنَتْ أَقْوَالُهُمْ فِي الرُّوحِ ، فَقِيلَ : هِيَ النَّفَسُ الدَّاخِلُ الْخَارِجُ ، وَقِيلَ الْحَيَاةُ ، وَقِيلَ : جِسْمٌ لَطِيفٌ يَحِلُّ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ ، وَقِيلَ : هِيَ الدَّمُ ، وَقِيلَ : هِيَ عَرَضٌ ، حَتَّى قِيلَ : إِنَّ الْأَقْوَالَ بَلَغَتِ الْمِائَةَ ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْدَهْ عَنْ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ خَمْسَ أَرْوَاحٍ ، وَأَنَّ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ ثَلَاثًا ، وَلِكُلِّ حَيٍّ وَاحِدَةً .
الْخَامِسُ : قَالَ الْقَاضِي
nindex.php?page=showalam&ids=12815أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ : "اخْتَلَفُوا فِي الرُّوحِ وَالنَّفْسِ ، فَقِيلَ مُتَغَايِرَانِ وَهُوَ الْحَقُّ ، وَقِيلَ : هُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ ، وَقَدْ يُعَبَّرُ بِالرُّوحِ عَنِ النَّفْسِ وَبِالْعَكْسِ ، كَمَا يُعَبَّرُ عَنِ الرُّوحِ وَعَنِ النَّفْسِ بِالْقَلْبِ وَبِالْعَكْسِ ، وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنِ الرُّوحِ بِالْحَيَاةِ حَتَّى يَتَعَدَّى ذَلِكَ إِلَى غَيْرِ الْعُقَلَاءِ ، بَلْ إِلَى الْجُهَّالِ مَجَازًا .
قَالَ تِلْمِيذُهُ
السُّهَيْلِيُّ : يَعْنِي عَلَى مُغَايَرَةِ الرُّوحِ وَالنَّفْسِ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=29فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي [الْحِجْرِ : 29] ، وَقَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ [الْمَائِدَةِ 116] فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ جَعْلُ أَحَدِهِمَا مَوْضِعَ الْآخَرِ ، وَلَوْلَا التَّغَايُرُ لَسَاغَ ذَلِكَ .