[ ص: 13 ] nindex.php?page=treesubj&link=34077واستشكل كثير من الناس كون «ليلا» ظرفا للإسراء . ووجه الإشكال أنه قد تقدم أن الإسراء هو سير الليل ، فإذا أطلق الإسراء فهم أنه واقع ليلا ، فهو كالصبوح في شرب الصباح ، لا يحتاج إلى قوله : شربت الصبوح صباحا .
وجوابه أن الأمر وإن كان كذلك إلا أن العرب تفعل مثل ذلك في بعض الأوقات إذا أرادت تأكيد الأمور . والتأكيد نوع من أنواع كلامهم وأسلوب منه . والعرب تقول : أخذ بيده ، وقال بلسانه . وفي القرآن العزيز :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38ولا طائر يطير بجناحيه [الأنعام : 38] ،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=167يقولون بأفواههم [آل عمران : 167] ،
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فخر عليهم السقف من فوقهم [النحل : 26] ، وقال
جرير : سرى نحوها ليلا كأن نجومه قناديل فيهن الذبال المفتل
الذبال : جمع ذبالة- بضم الذال المعجمة وهي الفتيلة .
الجوهري : «وإنما قال ليلا ، وإن كان السرى لا يكون إلا بالليل للتأكيد ، كقولهم :
سرت أمس نهارا والبارحة ليلا .
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : [فإن قلت الإسراء لا يكون إلا بالليل فما معنى ذكر الليل؟ قلت] : أراد بقوله ليلا بلفظ التنكير تقليل مدة الإسراء وأنه وقع السرى في بعض الليل من
مكة إلى
الشام مسيرة أربعين ليلة ، وذلك أن التنكير فيه قد دل على معنى البعضية ، ويشهد لذلك قراءة
عبد الله وحذيفة «من الليل» أي بعض الليل كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=79ومن الليل فتهجد به نافلة لك [الإسراء : 79] يعني الأمر بقيام الليل في بعض الليل .
قال
أبو شامة : «وهذا الوجه لا بأس به ، وقد زاد شيخنا
أبو الحسن- يعني السخاوي في تفسيره أيضا وتقريرا ، فقال : وإنما قال : «ليلا» ، والإسراء لا يكون إلا بالليل ، لأن المدة التي أسري به فيها لا تقطع في أقل من أربعين يوما ، فقطعت به في ليل واحد ، المعنى سبحان الذي أسرى بعبده في ليل واحد من كذا إلى كذا ، وهو موضع التعجب» . قال : «وإنما عدل عن ليلة إلى ليل ، لأنهم إذا قالوا : سرى ليلة ، كان ذلك في الغالب لاستيعاب الليلة ، فقيل : ليلا أي في ليل» .
وتعقب صاحب الفوائد كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري بكلام تعقبه فيه
الطيبي ، ثم قال
الطيبي :
[ ص: 14 ] «ويمكن أن يراد بالتنكير التعظيم والتفخيم ، والمقام يقتضيه ، ألا ترى كيف افتتحت السورة بالكلمة المنبئة عنه؟ ثم وصف المسرى به بالعبودية ، ثم أردف تعظيم المكانين بالحرام وبالبركة لما حوله ، يعظم الزمان ثم يعظم الآيات بإضافتها إلى صيغة التعظيم ، وجمعها لتشمل جميع أنواع الآيات ، وكل ذلك شاهد صدق على ما نحن بصدده ، والمعنى ما أعظم شأن من أسري [به] ممن حقق له مقام العبودية ، وصحح له استنهاله للعناية السرمدية ليلا ، أي ليل له شأن جليل .
ابن المنير رحمه الله تعالى : «وإنما كان الإسراء ليلا لأنه وقت الخلوة والاختصاص عرفا ، ولأنه وقت الصلاة التي كانت مفروضة عليه في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=2قم الليل إلا قليلا [المزمل : 2] وليكون أبلغ للمؤمن في الإيمان بالغيب ، وفتنة للكافر» .
nindex.php?page=showalam&ids=13138ابن دحية رحمه الله : «كرم الله نبينا صلى الله عليه وسلم ليلا بأمور منها : انشقاق القمر ، وإيمان الجن به ، ورأى أصحابه نيرانهم ، كما في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وخرج إلى الغار ليلا . والليل أصل ، ولهذا كان أول الشهور ، وسواده يجمع ضوء البصر ، ويحد كليل النظر ، ويستلذ فيه بالسمر . وكان أكثر أسفاره ليلا . وقال عليه الصلاة والسلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=674130«عليكم - بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل» .
والليل وقت الاجتهاد للعبادة . وكان صلى الله عليه وسلم يقوم حتى تورمت قدماه . وكان قيام الليل في حقه واجبا ، فلما كانت عبادته ليلا أكرم بالإسراء [به] فيه ليكون أجر المصدق به أكثر ، ليدخل فيمن آمن بالغيب دون من عاينه نهارا ، وقدم الحق تبارك وتعالى الليل في كتابه على ذكر النهار ، فقال عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=12وجعلنا الليل والنهار آيتين [الإسراء : 12] ،
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=62وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا [الفرقان : 62] إلى غير ذلك من الآيات» .
وصح أنه صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=651077«ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ، يقول : من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، ومن يستغفرني فأغفر له» الحديث .
وهذه الخصيصة لم تجعل للنهار ، نبه بها صلى الله عليه وسلم لما في ذلك الوقت من الليل من سعة الرحمة ومضاعفة الأجر وتعجيل الإجابة ، ولإبطال كلام الفلاسفة أن الظلمة من شأنها الإهانة والشر ، لأن الله تعالى أكرم أقواما في الليل بأنواع الكرامات كقوله في قصة
إبراهيم صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=76فلما جن عليه الليل [الأنعام : 76] الآية . وفي لفظ بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81فأسر بأهلك بقطع من الليل [ ص: 15 ] [هود : 81] . وفي
موسى : nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=142وواعدنا موسى ثلاثين ليلة [الأعراف : 142] وناجاه ليلا ، وأمره بإخراج أهله ليلا .
بعض أهل الإشارات : «لما محا الله آية الليل ،
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=12وجعلنا آية النهار مبصرة [الإسراء : 12] انكسر الليل ، فجبر بأن أسري فيه
بمحمد صلى الله عليه وسلم » . انتهى .
أبو أمامة بن النقاش رحمه الله :
nindex.php?page=treesubj&link=26777_29291«ليلة الإسراء أفضل من ليلة القدر في حق النبي صلى الله عليه وسلم ، وليلة القدر أفضل في حق الأمة ، لأنها لهم خير من عمل أكثر من ثمانين سنة ممن كان قبلهم .
وأما ليلة الإسراء فلم يأت في أرجحية العمل فيها حديث صحيح ولا ضعيف ، ولذلك لم يعينها النبي صلى الله عليه وسلم» .
ويؤخذ من قول الإمام
البلقيني رحمه الله في قصيدته التي مدح فيها النبي صلى الله عليه وسلم :
أولاك رؤيته في ليلة فضلت ليالي القدر فيها الرب أرضاكا
أن ليلة الإسراء أفضل من ليلة القدر .
قال في الاصطفاء : «ولعل الحكمة في ذلك اشتمالها على رؤيته تعالى التي هي أفضل كل شيء ، ولذا لم يجعلها ثوابا عن عمل من الأعمال مطلقا ، بل من بها على عباده المؤمنين يوم القيامة تفضلا منه تعالى .
[ ص: 13 ] nindex.php?page=treesubj&link=34077وَاسْتَشْكَلَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ كَوْنَ «لَيْلًا» ظَرْفًا لِلْإِسْرَاءِ . وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِسْرَاءَ هُوَ سَيْرُ اللَّيْلِ ، فَإِذَا أُطْلِقَ الْإِسْرَاءُ فُهِمَ أَنَّهُ وَاقِعٌ لَيْلًا ، فَهُوَ كَالصَّبُوحِ فِي شُرْبِ الصَّبَاحِ ، لَا يَحْتَاجُ إِلَى قَوْلِهِ : شَرِبْتُ الصَّبُوحَ صَبَاحًا .
وَجَوَابُهُ أَنَّ الْأَمْرَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّ الْعَرَبَ تَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ إِذَا أَرَادَتْ تَأْكِيدَ الْأُمُورِ . وَالتَّأْكِيدُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ كَلَامِهِمْ وَأُسْلُوبٌ مِنْهُ . وَالْعَرَبُ تَقُولُ : أَخَذَ بِيَدِهِ ، وَقَالَ بِلِسَانِهِ . وَفِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ [الْأَنْعَامُ : 38] ،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=167يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ [آلُ عِمْرَانَ : 167] ،
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ [النَّحْلُ : 26] ، وَقَالَ
جَرِيرٌ : سَرَى نَحْوَهَا لَيْلًا كَأَنَّ نُجُومَهُ قَنَادِيلُ فِيهِنَّ الذُّبَالُ الْمُفَتَّلُ
الذُّبَالُ : جَمْعُ ذُبَالَةٍ- بِضَمِّ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ الْفَتِيلَةُ .
الْجَوْهَرِيُّ : «وَإِنَّمَا قَالَ لَيْلًا ، وَإِنْ كَانَ السُّرَى لَا يَكُونُ إِلَّا بِاللَّيْلِ لِلتَّأْكِيدِ ، كَقَوْلِهِمْ :
سِرْتُ أَمْسِ نَهَارًا وَالْبَارِحَةَ لَيْلًا .
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : [فَإِنْ قُلْتَ الْإِسْرَاءُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِاللَّيْلِ فَمَا مَعْنَى ذِكْرُ اللَّيْلِ؟ قُلْتُ] : أَرَادَ بِقَوْلِهِ لَيْلًا بِلَفْظِ التَّنْكِيرِ تَقْلِيلَ مُدَّةِ الْإِسْرَاءِ وَأَنَّهُ وَقَعَ السُّرَى فِي بَعْضِ اللَّيْلِ مِنْ
مَكَّةَ إِلَى
الشَّامِ مَسِيرَةَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ، وَذَلِكَ أَنَّ التَّنْكِيرَ فِيهِ قَدْ دَلَّ عَلَى مَعْنَى الْبَعْضِيَّةِ ، وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ قِرَاءَةُ
عَبْدِ اللَّهِ وَحُذَيْفَةَ «مِنَ اللَّيْلِ» أَيْ بَعْضَ اللَّيْلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=79وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ [الْإِسْرَاءُ : 79] يَعْنِي الْأَمْرَ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ .
قَالَ
أَبُو شَامَةَ : «وَهَذَا الْوَجْهُ لَا بَأْسَ بِهِ ، وَقَدْ زَادَ شَيْخُنَا
أَبُو الْحَسَنِ- يَعْنِي السَّخَاوِيَّ فِي تَفْسِيرِهِ أَيْضًا وَتَقْرِيرًا ، فَقَالَ : وَإِنَّمَا قَالَ : «لَيْلًا» ، وَالْإِسْرَاءُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِاللَّيْلِ ، لِأَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي أُسْرِيَ بِهِ فِيهَا لَا تُقْطَعُ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، فَقُطِعَتْ بِهِ فِي لَيْلٍ وَاحِدٍ ، الْمَعْنَى سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ فِي لَيْلٍ وَاحِدٍ مِنْ كَذَا إِلَى كَذَا ، وَهُوَ مَوْضِعُ التَّعَجُّبِ» . قَالَ : «وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ لَيْلَةٍ إِلَى لَيْلٍ ، لِأَنَّهُمْ إِذَا قَالُوا : سَرَى لَيْلَةً ، كَانَ ذَلِكَ فِي الْغَالِبِ لِاسْتِيعَابِ اللَّيْلَةِ ، فَقِيلَ : لَيْلًا أَيْ فِي لَيْلٍ» .
وَتَعَقَّبَ صَاحِبُ الْفَوَائِدِ كَلَامَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ بِكَلَامٍ تَعَقَّبَهُ فِيهِ
الطِّيبِيُّ ، ثُمَّ قَالَ
الطِّيبِيُّ :
[ ص: 14 ] «وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالتَّنْكِيرِ التَّعْظِيمُ وَالتَّفْخِيمُ ، وَالْمَقَامُ يَقْتَضِيهِ ، أَلَا تَرَى كَيْفَ افْتُتِحَتِ السُّورَةُ بِالْكَلِمَةِ الْمُنْبِئَةِ عَنْهُ؟ ثُمَّ وَصَفَ الْمُسْرَى بِهِ بِالْعُبُودِيَّةِ ، ثُمَّ أَرْدَفَ تَعْظِيمَ الْمَكَانَيْنِ بِالْحَرَامِ وَبِالْبَرَكَةِ لِمَا حَوْلَهُ ، يُعَظِّمُ الزَّمَانَ ثُمَّ يُعَظِّمُ الْآيَاتِ بِإِضَافَتِهَا إِلَى صِيغَةِ التَّعْظِيمِ ، وَجَمْعِهَا لِتَشْمَلَ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الْآيَاتِ ، وَكُلُّ ذَلِكَ شَاهِدُ صِدْقٍ عَلَى مَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ ، وَالْمَعْنَى مَا أَعْظَمَ شَأْنَ مَنْ أُسَرِيَ [بِهِ] مِمَّنْ حُقِّقَ لَهُ مَقَامُ الْعُبُودِيَّةِ ، وَصُحِّحَ لَهُ اسْتِنْهَالُهُ لِلْعِنَايَةِ السَّرْمَدِيَّةِ لَيْلًا ، أَيْ لَيْلٌ لَهُ شَأْنٌ جَلِيلٌ .
ابْنُ الْمُنِيرِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : «وَإِنَّمَا كَانَ الْإِسْرَاءُ لَيْلًا لِأَنَّهُ وَقْتُ الْخَلْوَةِ وَالِاخْتِصَاصِ عُرْفًا ، وَلِأَنَّهُ وَقْتُ الصَّلَاةِ الَّتِي كَانَتْ مَفْرُوضَةً عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=2قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا [الْمُزَّمِّلُ : 2] وَلِيَكُونَ أَبْلَغَ لِلْمُؤْمِنِ فِي الْإِيمَانِ بِالْغَيْبِ ، وَفِتْنَةً لِلْكَافِرِ» .
nindex.php?page=showalam&ids=13138ابْنُ دِحْيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ : «كَرَّمَ اللَّهُ نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلًا بِأُمُورٍ مِنْهَا : انْشِقَاقُ الْقَمَرِ ، وَإِيمَانُ الْجِنِّ بِهِ ، وَرَأَى أَصْحَابُهُ نِيرَانَهُمْ ، كَمَا فِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ ، وَخَرَجَ إِلَى الْغَارِ لَيْلًا . وَاللَّيْلُ أَصْلٌ ، وَلِهَذَا كَانَ أَوَّلَ الشُّهُورِ ، وَسَوَادُهُ يَجْمَعُ ضَوْءَ الْبَصَرِ ، وَيُحِدُّ كَلِيلَ النَّظَرِ ، وَيُسْتَلَذُّ فِيهِ بِالسَّمَرِ . وَكَانَ أَكْثَرُ أَسْفَارِهِ لَيْلًا . وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=674130«عَلَيْكُمْ - بِالدُّلْجَةِ فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ» .
وَاللَّيْلُ وَقْتُ الِاجْتِهَادِ لِلْعِبَادَةِ . وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ . وَكَانَ قِيَامُ اللَّيْلِ فِي حَقِّهِ وَاجِبًا ، فَلَمَّا كَانَتْ عِبَادَتُهُ لَيْلًا أُكْرِمَ بِالْإِسْرَاءِ [بِهِ] فِيهِ لِيَكُونَ أَجْرُ الْمُصَدِّقِ بِهِ أَكْثَرَ ، لِيَدْخُلَ فِيمَنْ آمَنَ بِالْغَيْبِ دُونَ مَنْ عَايَنَهُ نَهَارًا ، وَقَدَّمَ الْحَقُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى اللَّيْلَ فِي كِتَابِهِ عَلَى ذِكْرِ النَّهَارِ ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=12وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ [الْإِسْرَاءُ : 12] ،
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=62وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا [الْفُرْقَانُ : 62] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ» .
وَصَحَّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=651077«يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ ، يَقُولُ : مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ ، وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ» الْحَدِيثَ .
وَهَذِهِ الْخَصِيصَةُ لَمْ تُجْعَلْ لِلنَّهَارِ ، نَبَّهَ بِهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنَ اللَّيْلِ مِنْ سَعَةِ الرَّحْمَةِ وَمُضَاعَفَةِ الْأَجْرِ وَتَعْجِيلِ الْإِجَابَةِ ، وَلِإِبْطَالِ كَلَامِ الْفَلَاسِفَةِ أَنَّ الظُّلْمَةَ مِنْ شَأْنِهَا الْإِهَانَةُ وَالشَّرُّ ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَكْرَمَ أَقْوَامًا فِي اللَّيْلِ بِأَنْوَاعِ الْكَرَامَاتِ كَقَوْلِهِ فِي قِصَّةِ
إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=76فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ [الْأَنْعَامُ : 76] الْآيَةَ . وَفِي لَفْظٍ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ [ ص: 15 ] [هُودٌ : 81] . وَفِي
مُوسَى : nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=142وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً [الْأَعْرَافُ : 142] وَنَاجَاهُ لَيْلًا ، وَأَمَرَهُ بِإِخْرَاجِ أَهْلِهِ لَيْلًا .
بَعْضُ أَهْلِ الْإِشَارَاتِ : «لَمَّا مَحَا اللَّهُ آيَةَ اللَّيْلِ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=12وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً [الْإِسْرَاءُ : 12] انْكَسَرَ اللَّيْلُ ، فَجُبِرَ بِأَنْ أُسْرِيَ فِيهِ
بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ » . انْتَهَى .
أَبُو أُمَامَةَ بْنُ النَّقَّاشِ رَحِمَهُ اللَّهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=26777_29291«لَيْلَةُ الْإِسْرَاءِ أَفْضَلُ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي حَقِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ أَفْضَلُ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ ، لِأَنَّهَا لَهُمْ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَانِينَ سَنَةً مِمَّنْ كَانَ قَبْلَهُمْ .
وَأَمَّا لَيْلَةُ الْإِسْرَاءِ فَلَمْ يَأْتِ فِي أَرْجَحِيَّةِ الْعَمَلِ فِيهَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَلَا ضَعِيفٌ ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُعَيِّنْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» .
وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ
الْبُلْقَيْنِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي قَصِيدَتِهِ الَّتِي مَدَحَ فِيهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
أَوْلَاكَ رُؤْيَتَهُ فِي لَيْلَةٍ فَضُلَتْ لَيَالِيَ الْقَدْرِ فِيهَا الرَّبُّ أَرْضَاكَا
أَنَّ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ أَفْضَلُ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ .
قَالَ فِي الِاصْطِفَاءِ : «وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي ذَلِكَ اشْتِمَالُهَا عَلَى رُؤْيَتِهِ تَعَالَى الَّتِي هِيَ أَفْضَلُ كُلِّ شَيْءٍ ، وَلِذَا لَمْ يَجْعَلْهَا ثَوَابًا عَنْ عَمَلٍ مِنَ الْأَعْمَالِ مُطْلَقًا ، بَلْ مَنَّ بِهَا عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَفَضُّلًا مِنْهُ تَعَالَى .