فإن قلت : فما بال أقوام من المتصوفة يذمون العقل بالمعقول فاعلم أن السبب فيه أن الناس نقلوا اسم العقل المعقول ، إلى المجادلة والمناظرة بالمناقضات والإلزامات وهو فلم يقدروا على أن يقرروا عندهم أنكم أخطأتم في التسمية إذ كان لا ينمحي عن قلوبهم بعد تداول الألسنة به ورسوخه في القلوب فذموا العقل والمعقول وهو المسمى به عندهم . صنعة الكلام
فأما نور البصيرة التي بها يعرف الله تعالى ويعرف صدق رسله فكيف يتصور ذمه وقد أثنى الله تعالى عليه وإن ذم فما الذي بعده يحمد فإن كان المحمود هو الشرع فبم علم صحة الشرع فإن علم بالعقل المذموم الذي لا يوثق به فيكون الشرع أيضا مذموما ولا يلتفت إلى من يقول إنه يدرك بعين اليقين ونور الإيمان لا بالعقل فإنا نريد بالعقل ما يريده بعين اليقين ، ونور الإيمان ، وهي الصفة الباطنة التي يتميز بها الآدمي عن البهائم حتى أدرك بها حقائق الأمور وأكثر هذه التخبيطات إنما ثارت من جهل أقوام طلبوا الحقائق من الألفاظ فتخبطوا فيها لتخبط اصطلاحات الناس في الألفاظ فهذا القدر كاف في بيان العقل والله أعلم .
تم كتاب العلم بحمد الله تعالى ومنه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى كل عبد مصطفى من أهل الأرض والسماء. يتلوه إن شاء الله تعالى كتاب قواعد العقائد والحمد لله وحده أولا وآخرا .