[ ص: 1121 ]
كتاب الحج الأول
النسخ المقابل عليها
1 - (ب) نسخة برلين رقم (3144)
2 - (ق 5) نسخة القرويين رقم (368/ 3)
[ ص: 1122 ] [ ص: 1123 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا
محمد وعلى آله وسلم
كتاب الحج الأول
باب في وجوب الحج ، وبماذا يجب ، وعلى من يجب ، وهل هو على الفور ؟
nindex.php?page=treesubj&link=26614الحج فريضة لقول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا [آل عمران : 97] ، ولقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=27وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق [الحج : 27] ، وهذه الآية وإن كانت في شرع
إبراهيم عليه السلام ، فقد توجه الخطاب علينا بها لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=123ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم [النحل : 123] . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650007 "بني الإسلام على خمس . . ." فذكر الحج ، ولا خلاف في ذلك .
واختلف في
nindex.php?page=treesubj&link=3318_3348صفة الاستطاعة ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في كتاب
محمد : ذلك على قدر الناس . وقد يجد الرجل الزاد والراحلة ولا يقوى على المسير ، وآخر يقوى أن
[ ص: 1124 ] يمشي على رجليه ، ولا شيء أبين مما قال الله -عز وجل- :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97من استطاع إليه سبيلا [آل عمران : 97] . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15136عبد العزيز بن أبي سلمة nindex.php?page=showalam&ids=15968وسحنون nindex.php?page=showalam&ids=13055وابن حبيب : الاستطاعة زاد ومركوب ؛ والأول أحسن .
والاستطاعة والوجوب على أربعة أقسام :
فتارة تكون بوجود الزاد والمركوب ، وتارة تكون بعدمهما ، وتارة يجب بوجود أحدهما ، الزاد بانفراده ، أو المركوب بانفراده ، فمن كان لا يستطيع المشي من موضعه أو يستطيع بمشقة فادحة ، وليس معه من المال ما يكتري به ويتزود ، وعيشه في المقام من وجه يتعذر عليه في سفره إلى الحج ؛ لم يجب عليه إلا بالاستطاعة على الوجهين جميعا .
وإن كان يستطيع المشي ، وعيشه في المقام من صنعة لا يتعذر عليه عملها في السفر والعيش منها ، أو كان شأنه التكفف ، وكان سفره في رفقة وجماعة لا يخشى الضيعة فيها- وجب عليه مع عدم الجميع .
وإن كان يستطيع المشي ولا صنعة له ، أو له صناعة يتعذر عليه عملها في سفره ، وليس شأنه التكفف- وجب عليه بوجود الزاد ، والكراء عليه .
وإن كان لا يستطيع المشي وله حرفة يقوم منها عيشه في سفره ذلك - وجب عليه بوجود المذكور ، إلا أن يكون في حرفته فضلا عن عيشه مما يكتري به . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14883أبو محمد عبد الوهاب : من قدر على الوصول إلى البيت من غير
[ ص: 1125 ] تكلف بذلة يخرج بها عن عادته ، لزمه ذلك .
قال الشيخ - رضي الله عنه - : أما الخروج عن عادته في المشي إذا لم تكن عادته وشأنه فغير مراعى . ولم يزل الناس والصحابة والتابعون يعدون ذلك شرفا . وكان بعضهم يحج ماشيا وهو قادر على الركوب . وإن أراد السؤال والتكفف فيمن ليس ذلك شأنه فهو حسن . واختلف فيمن يخرج يسأل الناس ، فقال مالك في مختصر ابن عبد الحكم : لا بأس بذلك . وقال أيضا : لا أرى للذي لا يجد ما ينفق أن يخرج إلى الحج أو الغزو ويسأل الناس . يريد : فيمن كان عيشه في مقامه من غير المسألة ، فيكره أن يخرج فتلزم الناس مواساته ، ويتعلق عليهم منه فرض لم يكن . والمراعى في الزاد والمركوب : ما يبلغ دون الرجوع ، إلا أن يعلم أنه إن بقي هناك ضاع وخشي على نفسه ؛ فيراعى ما يبلغه ويرجع به إلى أقرب المواضع ، مما يمكنه التمعش فيه .
ومن كانت به زمانة أو ضرارة بصر ، أو غير ذلك مما يقدر معها على الركوب ، وله مال يكتري به لركوبه ومن يخدمه- لزمه الحج ، وإن كان صحيحا يقدر على المشي لزمه الحج إذا كان يقدر على أن يستأجر من يقوده ، ثم هو في القدرة على العيش على ما تقدم ، إن كان له مال أو كان يتكفف .
[ ص: 1126 ]
[ ص: 1121 ]
كِتَابُ الْحَجِّ الْأَوَّلِ
النُّسَخُ الْمُقَابَلُ عَلَيْهَا
1 - (ب) نُسْخَةُ بَرْلِينَ رَقْمُ (3144)
2 - (ق 5) نُسْخَةُ الْقَرَوِيِّينَ رَقْمُ (368/ 3)
[ ص: 1122 ] [ ص: 1123 ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا
مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ
كِتَابُ الْحَجِّ الْأَوَّلِ
بَابٌ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ ، وَبِمَاذَا يَجِبُ ، وَعَلَى مَنْ يَجِبُ ، وَهَلْ هُوَ عَلَى الْفَوْرِ ؟
nindex.php?page=treesubj&link=26614الْحَجُّ فَرِيضَةٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا [آلَ عِمْرَانَ : 97] ، وَلِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=27وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ [الْحَجَّ : 27] ، وَهَذِهِ الْآيَةُ وَإِنْ كَانَتْ فِي شَرْعِ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَقَدْ تَوَجَّهَ الْخِطَابُ عَلَيْنَا بِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=123ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ [النَّحْلَ : 123] . وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650007 "بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ . . ." فَذَكَرَ الْحَجَّ ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ .
وَاخْتُلِفَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=3318_3348صِفَةِ الِاسْتِطَاعَةِ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ فِي كِتَابِ
مُحَمَّدٍ : ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ النَّاسِ . وَقَدْ يَجِدُ الرَّجُلُ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ وَلَا يَقْوَى عَلَى الْمَسِيرِ ، وَآخَرُ يَقْوَى أَنْ
[ ص: 1124 ] يَمْشِيَ عَلَى رِجْلَيْهِ ، وَلَا شَيْءَ أَبْيَنُ مِمَّا قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا [آلَ عِمْرَانَ : 97] . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15136عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ nindex.php?page=showalam&ids=15968وَسَحْنُونُ nindex.php?page=showalam&ids=13055وَابْنُ حَبِيبٍ : الِاسْتِطَاعَةُ زَادٌ وَمَرْكُوبٌ ؛ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ .
وَالِاسْتِطَاعَةُ وَالْوُجُوبُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ :
فَتَارَةً تَكُونُ بِوُجُودِ الزَّادِ وَالْمَرْكُوبِ ، وَتَارَةً تَكُونُ بِعَدَمِهِمَا ، وَتَارَةً يَجِبُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا ، الزَّادُ بِانْفِرَادِهِ ، أَوِ الْمَرْكُوبُ بِانْفِرَادِهِ ، فَمَنْ كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ مِنْ مَوْضِعِهِ أَوْ يَسْتَطِيعُ بِمَشَقَّةٍ فَادِحَةٍ ، وَلَيْسَ مَعَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَكْتَرِي بِهِ وَيَتَزَوَّدُ ، وَعَيْشُهُ فِي الْمُقَامِ مِنْ وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ فِي سَفَرِهِ إِلَى الْحَجِّ ؛ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إِلَّا بِالِاسْتِطَاعَةِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا .
وَإِنْ كَانَ يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ ، وَعَيْشُهُ فِي الْمُقَامِ مِنْ صَنْعَةٍ لَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ عَمَلُهَا فِي السَّفَرِ وَالْعَيْشِ مِنْهَا ، أَوْ كَانَ شَأْنُهُ التَّكَفُّفَ ، وَكَانَ سَفَرُهُ فِي رُفْقَةٍ وَجَمَاعَةٍ لَا يَخْشَى الضَّيْعَةَ فِيهَا- وَجَبَ عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ الْجَمِيعِ .
وَإِنْ كَانَ يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ وَلَا صَنْعَةَ لَهُ ، أَوْ لَهُ صِنَاعَةٌ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ عَمَلُهَا فِي سَفَرِهِ ، وَلَيْسَ شَأْنُهُ التَّكَفُّفَ- وَجَبَ عَلَيْهِ بِوُجُودِ الزَّادِ ، وَالْكِرَاءِ عَلَيْهِ .
وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ وَلَهُ حِرْفَةٌ يَقُومُ مِنْهَا عَيْشُهُ فِي سَفَرِهِ ذَلِكَ - وَجَبَ عَلَيْهِ بِوُجُودِ الْمَذْكُورِ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي حِرْفَتِهِ فَضْلًا عَنْ عَيْشِهِ مِمَّا يَكْتَرِي بِهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14883أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ : مَنْ قَدَرَ عَلَى الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ مِنْ غَيْرِ
[ ص: 1125 ] تَكَلُّفٍ بِذِلَّةٍ يَخْرُجُ بِهَا عَنْ عَادَتِهِ ، لَزِمَهُ ذَلِكَ .
قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : أَمَّا الْخُرُوجُ عَنْ عَادَتِهِ فِي الْمَشْيِ إِذَا لَمْ تَكُنْ عَادَتُهُ وَشَأْنُهُ فَغَيْرُ مُرَاعَى . وَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ وَالصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ يَعُدُّونَ ذَلِكَ شَرَفًا . وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَحُجُّ مَاشِيًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الرُّكُوبِ . وَإِنْ أَرَادَ السُّؤَالَ وَالتَّكَفُّفَ فِيمَنْ لَيْسَ ذَلِكَ شَأْنُهُ فَهُوَ حَسَنٌ . وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ يَخْرُجُ يَسْأَلُ النَّاسَ ، فَقَالَ مَالِكٌ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ : لَا بَأْسَ بِذَلِكَ . وَقَالَ أَيْضًا : لَا أَرَى لِلَّذِي لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْحَجِّ أَوِ الْغَزْوِ وَيَسْأَلُ النَّاسَ . يُرِيدُ : فِيمَنْ كَانَ عَيْشُهُ فِي مُقَامِهِ مِنْ غَيْرِ الْمَسْأَلَةِ ، فَيُكْرَهُ أَنْ يَخْرُجَ فَتَلْزَمُ النَّاسَ مُوَاسَاتُهُ ، وَيَتَعَلَّقُ عَلَيْهِمْ مِنْهُ فَرْضٌ لَمْ يَكُنْ . وَالْمُرَاعَى فِي الزَّادِ وَالْمَرْكُوبِ : مَا يُبَلِّغُ دُونَ الرُّجُوعِ ، إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ إِنْ بَقِيَ هُنَاكَ ضَاعَ وَخَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ ؛ فَيُرَاعَى مَا يُبَلِّغُهُ وَيَرْجِعُ بِهِ إِلَى أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ ، مِمَّا يُمْكِنُهُ التَّمَعُّشَ فِيهِ .
وَمَنْ كَانَتْ بِهِ زَمَانَةٌ أَوْ ضَرَارَةُ بَصَرٍ ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَقْدِرُ مَعَهَا عَلَى الرُّكُوبِ ، وَلَهُ مَالٌ يَكْتَرِي بِهِ لِرُكُوبِهِ وَمَنْ يَخْدِمُهُ- لَزِمَهُ الْحَجُّ ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ لَزِمَهُ الْحَجُّ إِذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَقُودُهُ ، ثُمَّ هُوَ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى الْعَيْشِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ، إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ كَانَ يَتَكَفَّفُ .
[ ص: 1126 ]