[ ص: 4760 ] باب في جائحة الخضر وما بيع من الثمار قبل صلاحه، وفي جائحة القصب الحلو والعرايا، وفي جائحة ما تزوجت به المرأة من الثمار، ومن اشترى ثمرة على ألا جائحة فيها
وقال فيما مالك فإن أصابته جائحة وضعت إذا بلغت الثلث لأنها ثمرة. ابن القاسم: وقال اشتري من الفول الأخضر والقطنية ليؤكل أخضر جاز. قال فيمن ابن القاسم توضع إذا بلغت الثلث. اشترى ثمرة قبل بدو صلاحها على أن يجذها من يومه أو من الغد فأصابتها جائحة:
قيل: أفلا ترى مثل البقول؟ قال: لا. وكذلك بلح الثمار، والتين والجوز، واللوز، والفستق، فيشتريه على أن يجذه توضع جائحته إذا بلغت الثلث.
وقال ابن عبدوس: قلت كيف جعل فيه الجائحة ولا سقي عليه؟ قال: معنى قوله أن المشتري يأخذ ذلك شيئا بعد شيء، ولو دعاه البائع إلى أن يجذه مرة واحدة لم يكن له ذلك، بل يمهل في ذلك وهو وجه الشأن. لسحنون:
قال: ألا ترى أن الذي يشتري العنب قد طاب كله فيه الجائحة وإن كان لا [ ص: 4761 ] ينتظر طيب شيء منه؟ لأنه إنما يجذه شيئا بعد شيء على قدر الجائحة، ولو جذه كله لفسد. وكأنه حمل قوله في "المدونة": يجذه من يومه أو من الغد، أن يبتدئ ذلك، ليس له أن يجذه كله، وكل هذه تختلف هل تكون جائحته من البائع أو من المشتري لأنه لم يبق لينتقل إلى حالة الطيب أو حلاوة تصير فيه، وإنما بقاؤه؛ لئلا يفسد إن عجل جذاذه، فأشبه البقل في هذا الوجه; لأنه إنما يؤخر؛ لئلا يفسد إذا عجل جذاذه مرة واحدة، وجعل الجائحة بعد إثباتها على الثلث.
وأرى إن كان بقاؤه المدة اليسيرة والشأن فيما يسقط منها يسيرا أن يرجع بما جاوز المعتاد وإن لم يبلغ الثلث.
وقال في ابن القاسم لأن بيعه بعد أن يمكن قطعه، وليس مما يأتي بطنا بعد بطن، وهو بمنزلة الزرع إذا يبس. وقال أيضا: توضع فيه الجائحة. ولم يذكر قدرها. وقال القصب الحلو: ليس فيه جائحة; من قول [ ص: 4762 ] ابن حبيب: أن فيه الجائحة كالثمار التي تدخر; لأن بيع ما يطيب منه يستأخر قطعه ليزداد حلاوة وإنضاجا، فإذا بلغت جائحته الثلث وضع. وهذا صحيح فإن بيع وكان تأخر قطعه ليزداد حلاوة كانت فيه الجائحة. مالك
ويختلف إذا كان لا يزيده حلاوة، وإنما يؤخر ليقطع شيئا بعد شيء ليباع في الأسواق; لأنه يصير في هذا الوجه كالبقول. وإن كان لا يراد للأسواق، وإنما يراد ليعمل سكرا أو ما أشبهه وكان بقاؤه ليشغل المشتري عنه، كانت مصيبته من المشتري.
وقال فيمن أعرى حائطا رجلا، ثم أخذ ثمره بخرصه ثم أصابته جائحة، قال: توضع عنه مثل ما توضع في الشراء. وقال أشهب: لا جائحة فيه. ابن القاسم
يريد: لأن السقي على المعرى، وإنما اشترى ما لا سقي فيه على البائع. والأول أحسن; لأن المعرى يسقي الآن لحق العرية المتقدمة، وذلك توفية للمعرى والجائحة للمعرى بالعقد الثاني بمنزلة ما لو اشتراه أجنبي.
واختلف فيمن فقال تزوجت بثمرة بدا صلاحها ثم أجيحت، المصيبة من الزوجة، وقال ابن القاسم: من الزوج وترجع الزوجة عليه كالبيوع. وهذا أبين. [ ص: 4763 ] ابن الماجشون:
واختلف في من اشترى ثمرة على ألا جائحة فيها، أو على أن السقي على المشتري، فقال مالك في "كتاب محمد": إن فشرطه باطل. اشترط البائع الجائحة على المشتري
وفي "السليمانية": البيع فاسد، وقال البيع جائز والشرط جائز. وأرى أن يكون البائع بالخيار بين أن يسقط الشرط وتكون المصيبة منه، أو يرد البيع ويكون له بعد الفوت الأكثر من القيمة أو الثمن، وإنما لم يصح الشرط لأن ما تنتقل إليه الثمرة من حلاوة وإنضاج مشترى، وإنما تشترى الثمرة على أنها على تلك الصفة فاشتراطه الجائحة بمنزلة من اشترط أن يأخذ ثمن ما لم يكن بعد. ابن شهاب:
واختلف لأن السقي والماء هو السبب لانتقال حالها، فإذا زال عن البائع لم يكن عليه تعلق وكانت من المشتري. ووجه القول أنها من البائع أن للأصول تأثيرا في انتقال حالها وطيبها وليس ذلك للماء خاصة بل عمدة خلفها وانتقال طعمها للأصول. [ ص: 4764 ] إذا اشترط البائع السقي على المشتري، هل تكون الجائحة منه أو من المشتري؟