م14 - واختلفوا : فيما . إذا نذر صلاة
فقال أبو حنيفة ومالك في إحدى روايتيه : يلزمه ركعتان . وأحمد
وعن رواية أخرى : يلزمه ركعة . وعن أحمد كالمذهبين . الشافعي
قال الوزير رحمه الله :
فهذه العبادات الخمس التي دل عليها الحديث - قد ذكرنا فيها من المسائل ما نرجو أن تكون أصولا لما لم نذكره ، يستنبط منها ، ويقاس عليها ، بحيث إنه إذا نظر ذو الفهم الموفق فيه ، عرف به ما لم نذكره ، إن شاء الله تعالى .
فأما ما يدل عليه باطن الحديث ، ويشير إليه بدليل خطابه ، فهو أن قوله صلى الله عليه وسلم في إقام [ ص: 615 ] الصلاة : «فإن أقام الصلاة » فبما يفهم كل ذي لب ، لا يتصور من العبد إلا بقوة يخلقها الله عز وجل في بدنه ، وأنه سبحانه أجرى العادة بأن تلك القوة لا تدوم إلا بمادة ، وأن المادة يكون تحصيلها عن كسب الآدمي ، وإن كسب الآدمي يكون فيما أباحه الله تعالى من السعي في وجوه المعاملات : من البيع ، والتجارة ، والتصرف .
وكل ذلك لا يباح للمسلم أن يفعل شيئا منه إلا بموجب الشرع المأذون له فيه ، فيخرج من هذا الحاجة إلى علوم المعاملات .
ومن هذا أيضا يستنبط الإنسان لم أمر بإقام الصلاة ، ولم يقيد ذلك بإقامة صلاته ، كان محمل القول نادبا له ، إلى أن يكون مقيما للصلاة في الأرض كلها ، وإلى يوم القيامة فيكون مقيما للصلاة في عمره حال حياته ، ثم إنه يسعى في ترك ذريته بعده ، تقيم الصلاة في الأرض عند خروجه من الدنيا ، وذلك يقتضي النكاح والتناسل .
وإن النكاح يتشعب علمه إلى ما يحل نكاحه ، وما لا يحل ، وعشرة النساء ، والعدة ، والحيض ، والطلاق ، وغير ذلك مما يشتمل عليه علوم الأنكحة .
ولما كان من أحوال العباد في هذه الدنيا أن ، وظهور يد لإقامتها ، والمدافعة لمن ينهى عنها من المشركين ، كان الجهاد لازما ، فوجب ذكر علمه . الصلاة تحتاج إلى طمأنينة فيها
ولما كان مما أخبر الله عز وجل أن الخلطاء يبغي بعضهم على بعض ، وأن الجنايات في ذلك ، والخصومات تفضي إلى تنازع ، ولا بد فيه من قضايا تفصله ، وقصاص وحكومات في جراح تنشأ عن هذه الخصومات ، كان حينئذ تولية القضاء ، وترتيب الشهود ، وأروش الجنايات ، والقصاص متعلقا كله بالحياة ، كما قال الله عز وجل : ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون [البقرة : 179 ] .
والعبادة إنما تصح بالحياة ، وكان هذا كله يتعين في الصلاة ، وكذلك في الصيام والزكاة والحج ، وإنما تحصل الأموال التي تؤخذ منها الزكوات بالمعاملات ، فتطيب بالزكاة .
ونحن - إن شاء الله - نشرع في ذكر المعاملات ، ثم نأتي بباقي الأشياء من البيوع والنكاح إلى غير ذلك من أبواب المعاملات ، على ترتيب الفقهاء .
والله تعالى المستعان . . . وعليه التكلان . .