[ ص: 122 ] (وما جعله الله إلا بشرى لكم) : (الهاء) : للمدد; وهو الملائكة، أو الوعد، أو الإمداد، ودل عليه: (يمددكم) ، أو التسويم، أو الإنزال، أو للعدد على المعنى; لأن خمسة آلاف عدد.
(وما النصر إلا من عند الله) يعني: نصر المؤمنين، ولا يدخل فيه نصر الكافرين; لأن ما وقع لهم من غلبة إنما هو إملاء محفوف بخذلان، وسوء عاقبة، وخسران.
(ليقطع طرفا من الذين كفروا) أي : ولقد نصركم الله ببدر; ليقطع طرفا من الذين كفروا.
وقيل: المعنى: وما النصر إلا من عند الله; ليقطع طرفا].
وقيل: التقدير: ذلك التدبير; ليقطع طرفا، والمراد به: من قتل من المشركين يوم
بدر، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن وغيره.
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : يعني: من قتل من المشركين يوم
أحد، وكانوا ثمانية عشر رجلا.
ومعنى (يكبتهم) : يحزنهم، وأصله - فيما ذكره بعض أهل اللغة-: يكبدهم; أي: يصيبهم بالحزن في أكبادهم، فأبدلت الدال تاء.
و (الخائب) : المنقطع الأمل.
[ ص: 123 ] وقوله: (ليس لك من الأمر شيء) الآية.
قيل: إن قوله: (أو يتوب عليهم) معطوف على قوله: (ليقطع طرفا) ، وقوله: (ليس لك من الأمر شيء) متعلق بقوله: (وما النصر إلا من عند الله) .
وقيل: هو على إضمار (أن) ; اكتفاء بالأولى، التقدير: (ليس لك من الأمر شيء، أو من أن يتوب عليهم) .
وقيل: إن (أو) بمعنى (حتى) و (إلا أن) ، فيكون التأويل: (ليس يكون ما تريده بهم من التوبة أو العذاب إلا أن يشاء الله ذلك) ، ومن جعله على إضمار; فإنما ساغ ذلك; لأن في قوله: (ليس لك من الأمر شيء) دلالة الفعل; لأن (الأمر) مصدر (أمرت) ، فكأنه قال: (ليس لك من أمرهم، أو تأمرهم شيء، ولا من أن يتوبوا) ، فهو كقولك: (كرهت غضبك ويغضب أبوك) في رد الفعل على المصدر.
وقوله : (ولله ما في السماوات وما في الأرض) : هذا متصل بقوله: (ليس لك من الأمر) .
((ولله ما في السماوات وما في الأرض)) : دونك ودونهم.
(يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء) ، وقوله: (واتقوا النار التي أعدت للكافرين) : قد تقدم القول فيه.
(وأطيعوا الله والرسول) : ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام زيادة في
[ ص: 124 ] التبيين، والتأكيد، والتعريف بأن طاعته طاعة الله عز وجل، وأن طاعة الله في بعض أوامره مع معصية الرسول ليست بطاعة.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133 (وجنة عرضها السماوات والأرض) : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : تقرن السماوات السبع والأرضون السبع; كما تقرن الثياب بعضها إلى بعض، فذلك عرض الجنة، ولا يصف أحد طولها; لاتساعه، والمعنى: (عرضها كعرض السماوات والأرض) ، كما قال في موضع آخر، فحذف.
وسألت اليهود
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه عن هذه الآية، وقالوا: أين تكون النار؟ فقال لهم
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه: (أرأيتم إذا جاء الليل فأين يكون النهار؟ وإذا جاء النهار فأين يكون الليل؟) ، فقالوا له: لقد نزعت بما في التوراة.
وروي نحو ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (أعدت للمتقين) : لا يمتنع أن يدخلها من لا يستحق هذه الصفة من الأطفال والمجانين; لأنهم تبع للمكلفين.
(الذين ينفقون في السراء والضراء) : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أي: في اليسر والعسر.
[ ص: 125 ] (والكاظمين الغيظ) أي: الحابسونه، وأصله: من (كظمت القربة) ; إذا ملأتها، ثم شددتها.
(والعافين عن الناس) أي: إذا جهلوا عليهم.
أبو العالية: (الناس) ههنا: المماليك.
(والله يحب المحسنين) أي: يثيبهم على إحسانهم.
(والذين إذا فعلوا فاحشة) : (الفاحشة) ههنا: الزنا، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله وغيره.
وقيل:
nindex.php?page=hadith&LINKID=890558إن الآية نزلت في نبهان التمار، ضرب على عجز امرأة، ثم ندم على ذنبه، فأعلمه النبي عليه الصلاة والسلام بها حين نزلت، فقال: يا رسول الله؛ قبل الله توبتي، فكيف حتى يتقبل شكري؟ nindex.php?page=treesubj&link=32266فأنزل الله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=114وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ) [هود: 114].
وقوله: (أو ظلموا أنفسهم) قيل: يعني به الصغائر.
(ذكروا الله) أي: ذكروه بالاستغفار، وقيل: ذكروا عقابه.
(ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون) : أصل (الإصرار) في اللغة: اعتقاد الشيء، وهو من الصر على الشيء; أي: الربط.
[ ص: 126 ] nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : الإصرار على الذنب: الإقامة عليه.
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : لم يصروا: لم يمضوا.
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : هو فعل الذنب من غير توبة.
(وهم يعلمون) أي: يعلمون أنهم إن تابوا تاب الله عليهم.
وقيل: وهم يعلمون أن ما أتوه معصية.
وقيل: لم يقيموا على ترك الاستغفار، وهم يعلمون أنهم قد أذنبوا.
وفي الخبر:
أن الصحابة رضي الله عنهم قالوا: يا رسول الله، بنو إسرائيل كانوا أكرم على الله منا، كانوا إذا أذنب أحدهم أصبحت كفارة ذنبه مكتوبة على عتبة بابه: اقطع أذنك، اجدع أنفك، افعل كذا، فنزلت الآيات.
(قد خلت من قبلكم سنن) يعني: ما خلا في
عاد، وثمود، وغيرهم، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن وغيره.
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : هو على حذف المضاف، المعنى: أهل سنن، و (السنن) : جمع سنة; وهي الطريقة التي يقتدى بها.
(هذا بيان للناس) يعني: القرآن، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ، وغيره.
وقيل: هو إشارة إلى ما تقدم ذكره من قوله: (قد خلت من قبلكم سنن) .
[ ص: 127 ] (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون) : (الوهن) : الضعف، وهذا تسلية من الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام والمؤمنين; بما نالهم يوم أحد.
وقيل: نزل ذلك حين أشرف خالد بن الوليد [على النبي عليه الصلاة والسلام والمسلمين]، وهم في الشعب، ودعا النبي عليه الصلاة والسلام، وثاب رماة من المسلمين فصعدوا الجبل، فكشفوا المشركين عنه، وصعد المسلمون الجبل.
(إن كنتم مؤمنين) أي: إن كنتم مؤمنين بصدق وعدي.
(إن يمسسكم قرح) : (القرح) : الجرح، والفتح والضم فيه لغتان بمعنى، وقيل: هو بالفتح: الجرح، وبالضم: ألمه، والمعنى: إن يمسسكم يوم أحد قرح; فقد مس القوم يوم بدر قرح مثله.
(وتلك الأيام نداولها بين الناس) أي: نصرفها مرة لقوم، ومرة عليهم، و (الدولة) : الكرة.
(وليعلم الله الذين آمنوا) أي: ليعلم صبرهم العلم الذي يقع به الجزاء داولها بينهم.
(ويتخذ منكم شهداء) أي: يكرمكم بالشهادة.
(والله لا يحب الظالمين) أي: لم يغلبوكم لمحبته إياهم.
[ ص: 128 ] (وليمحص الله الذين آمنوا) : أصل (التمحيص) : التخليص.
قال الخليل: (المحص) : الخلوص من العيب، ومعنى: (محص عنا ذنوبنا) ; أي: أذهبها، فهو تخليص الحسنات بتكفير السيئات، فمعنى (يمحصهم) : يخلصهم من الذنوب، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج .
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، وغيرهما: المعنى: وليبتلي الله الذين آمنوا، ومعناه: ليخلصهم، بالابتلاء.
(ويمحق الكافرين) أي: يهلكهم.
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : (هو على حذف المضاف ، المعنى: وليمحص الله ذنوب الذين آمنوا) .
[ ص: 122 ] (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ) : (الْهَاءُ) : لِلْمَدَدِ; وَهُوَ الْمَلَائِكَةُ، أَوِ الْوَعْدُ، أَوِ الْإِمْدَادُ، وَدَلَّ عَلَيْهِ: (يُمْدِدْكُمْ) ، أَوِ التَّسْوِيمُ، أَوِ الْإِنْزَالُ، أَوِ لِلْعَدَدِ عَلَى الْمَعْنَى; لِأَنَّ خَمْسَةَ آلَافٍ عَدَدٌ.
(وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) يَعْنِي: نَصْرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ نَصْرُ الْكَافِرِينَ; لِأَنَّ مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ غَلَبَةٍ إِنَّمَا هُوَ إِمْلَاءٌ مَحْفُوفٌ بِخِذْلَانٍ، وَسُوءِ عَاقِبَةٍ، وَخُسْرَانٍ.
(لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أَيْ : وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ; لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا.
وَقِيلَ: الْمَعْنَى: وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ; لِيَقْطَعَ طَرَفًا].
وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: ذَلِكَ التَّدْبِيرُ; لِيَقْطَعَ طَرَفًا، وَالْمُرَادُ بِهِ: مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ
بَدْرٍ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ.
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : يَعْنِي: مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ
أُحُدٍ، وَكَانُوا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلًا.
وَمَعْنَى (يَكْبِتَهُمْ) : يُحْزِنُهُمْ، وَأَصْلُهُ - فِيمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ-: يَكْبِدُهُمْ; أَيْ: يُصِيبُهُمْ بِالْحُزْنِ فِي أَكْبَادِهِمْ، فَأُبْدِلَتِ الدَّالُ تَاءً.
وَ (الْخَائِبُ) : الْمُنْقَطِعُ الْأَمَلِ.
[ ص: 123 ] وَقَوْلُهُ: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) الْآيَةَ.
قِيلَ: إِنَّ قَوْلَهُ: (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: (لِيَقْطَعَ طَرَفًا) ، وَقَوْلُهُ: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) .
وَقِيلَ: هُوَ عَلَى إِضْمَارِ (أَنْ) ; اكْتِفَاءً بِالْأُولَى، التَّقْدِيرُ: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ، أَوْ مِنْ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) .
وَقِيلَ: إِنَّ (أَوْ) بِمَعْنَى (حَتَّى) وَ (إِلَّا أَنْ) ، فَيَكُونُ التَّأْوِيلُ: (لَيْسَ يَكُونُ مَا تُرِيدُهُ بِهِمْ مِنَ التَّوْبَةِ أَوِ الْعَذَابِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ذَلِكَ) ، وَمَنْ جَعَلَهُ عَلَى إِضْمَارٍ; فَإِنَّمَا سَاغَ ذَلِكَ; لِأَنَّ فِي قَوْلِهِ: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) دَلَالَةُ الْفِعْلِ; لِأَنَّ (الْأَمْرِ) مَصْدَرُ (أَمَرْتُ) ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: (لَيْسَ لَكَ مِنْ أَمْرِهِمْ، أَوْ تَأْمُرُهُمْ شَيْءٌ، وَلَا مِنْ أَنْ يَتُوبُوا) ، فَهُوَ كَقَوْلِكَ: (كَرِهْتُ غَضَبَكَ وَيَغْضَبَ أَبُوكَ) فِي رَدِّ الْفِعْلِ عَلَى الْمَصْدَرِ.
وَقَوْلُهُ : (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) : هَذَا مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ) .
((وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ)) : دُونَكَ وَدُونَهُمْ.
(يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ) ، وَقَوْلُهُ: (وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) : قَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ.
(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ) : ذُكِرَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ زِيَادَةً فِي
[ ص: 124 ] التَّبْيِينِ، وَالتَّأْكِيدِ، وَالتَّعْرِيفِ بِأَنَّ طَاعَتَهُ طَاعَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنَّ طَاعَةَ اللَّهِ فِي بَعْضِ أَوَامِرِهِ مَعَ مَعْصِيَةِ الرَّسُولِ لَيْسَتْ بِطَاعَةٍ.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133 (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ) : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : تُقْرَنُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرَضُونَ السَّبْعُ; كَمَا تُقْرَنُ الثِّيَابُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، فَذَلِكَ عَرْضُ الْجَنَّةِ، وَلَا يَصِفُ أَحَدٌ طُولَهَا; لِاتِّسَاعِهِ، وَالْمَعْنَى: (عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) ، كَمَا قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، فَحُذِفَ.
وَسَأَلَتِ الْيَهُودُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، وَقَالُوا: أَيْنَ تَكُونُ النَّارُ؟ فَقَالَ لَهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (أَرَأَيْتُمْ إِذَا جَاءَ اللَّيْلُ فَأَيْنَ يَكُونُ النَّهَارُ؟ وَإِذَا جَاءَ النَّهَارُ فَأَيْنَ يَكُونُ اللَّيْلُ؟) ، فَقَالُوا لَهُ: لَقَدْ نَزَعْتَ بِمَا فِي التَّوْرَاةِ.
وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَوْلُهُ: (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) : لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَدْخُلَهَا مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ هَذِهِ الصِّفَةَ مِنَ الْأَطْفَالِ وَالْمَجَانِينِ; لِأَنَّهُمْ تَبَعٌ لِلْمُكَلَّفِينَ.
(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ) : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : أَيْ: فِي الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ.
[ ص: 125 ] (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ) أَيِ: الْحَابِسُونَهُ، وَأَصْلُهُ: مِنْ (كَظَمْتُ الْقِرْبَةَ) ; إِذَا مَلَأْتَهَا، ثُمَّ شَدَدْتَهَا.
(وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) أَيْ: إِذَا جَهِلُوا عَلَيْهِمْ.
أَبُو الْعَالِيَةِ: (النَّاسِ) هَهُنَا: الْمَمَالِيكُ.
(وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) أَيْ: يُثِيبُهُمْ عَلَى إِحْسَانِهِمْ.
(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً) : (الْفَاحِشَةُ) هَهُنَا: الزِّنَا، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ.
وَقِيلَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=890558إِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي نَبْهَانَ التَّمَّارِ، ضَرَبَ عَلَى عَجُزِ امْرَأَةٍ، ثُمَّ نَدِمَ عَلَى ذَنْبِهِ، فَأَعْلَمَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِهَا حِينَ نَزَلَتْ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ قَبِلَ اللَّهُ تَوْبَتِي، فَكَيْفَ حَتَّى يَتَقَبَّلَ شُكْرِي؟ nindex.php?page=treesubj&link=32266فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=114وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ) [هُودٍ: 114].
وَقَوْلُهُ: (أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) قِيلَ: يَعْنِي بِهِ الصَّغَائِرَ.
(ذَكَرُوا اللَّهَ) أَيْ: ذَكَرُوهُ بِالِاسْتِغْفَارِ، وَقِيلَ: ذَكَرُوا عِقَابَهُ.
(وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) : أَصْلُ (الْإِصْرَارِ) فِي اللُّغَةِ: اعْتِقَادُ الشَّيْءِ، وَهُوَ مِنَ الصَّرِّ عَلَى الشَّيْءِ; أَيِ: الرَّبْطِ.
[ ص: 126 ] nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ : الْإِصْرَارُ عَلَى الذَّنْبِ: الْإِقَامَةُ عَلَيْهِ.
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : لَمْ يُصِرُّوا: لَمْ يَمْضُوا.
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ : هُوَ فِعْلُ الذَّنْبِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ.
(وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أَيْ: يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ إِنْ تَابُوا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ.
وَقِيلَ: وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ مَا أَتَوْهُ مَعْصِيَةٌ.
وَقِيلَ: لَمْ يُقِيمُوا عَلَى تَرْكِ الِاسْتِغْفَارِ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ قَدْ أَذْنَبُوا.
وَفِي الْخَبَرِ:
أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَنُو إِسْرَائِيلَ كَانُوا أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ مِنَّا، كَانُوا إِذَا أَذْنَبَ أَحَدُهُمْ أَصْبَحَتْ كَفَّارَةُ ذَنْبِهِ مَكْتُوبَةً عَلَى عَتَبَةِ بَابِهِ: اقْطَعْ أُذُنَكَ، اجْدَعْ أَنْفَكَ، افْعَلْ كَذَا، فَنَزَلَتِ الْآيَاتُ.
(قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ) يَعْنِي: مَا خَلَا فِي
عَادٍ، وَثَمُودَ، وَغَيْرِهِمْ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ.
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : هُوَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، الْمَعْنَى: أَهْلُ سُنَنٍ، وَ (السُّنَنُ) : جَمْعُ سُنَّةٍ; وَهِيَ الطَّرِيقَةُ الَّتِي يُقْتَدَى بِهَا.
(هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ) يَعْنِي: الْقُرْآنَ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ ، وَغَيْرِهِ.
وَقِيلَ: هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ قَوْلِهِ: (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ) .
[ ص: 127 ] (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) : (الْوَهْنُ) : الضَّعْفُ، وَهَذَا تَسْلِيَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَالْمُؤْمِنِينَ; بِمَا نَالَهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ.
وَقِيلَ: نَزَلَ ذَلِكَ حِينَ أَشْرَفَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ [عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَالْمُسْلِمِينَ]، وَهُمْ فِي الشِّعْبِ، وَدَعَا النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَثَابَ رُمَاةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَصَعِدُوا الْجَبَلَ، فَكَشَفُوا الْمُشْرِكِينَ عَنْهُ، وَصَعِدَ الْمُسْلِمُونَ الْجَبَلَ.
(إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) أَيْ: إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بِصِدْقِ وَعْدِي.
(إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ) : (الْقَرْحُ) : الْجُرْحُ، وَالْفَتْحُ وَالضَّمُّ فِيهِ لُغَتَانِ بِمَعْنًى، وَقِيلَ: هُوَ بِالْفَتْحِ: الْجُرْحُ، وَبِالضَّمِّ: أَلَمُهُ، وَالْمَعْنَى: إِنْ يَمْسَسْكُمْ يَوْمَ أُحُدٍ قُرْحٌ; فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ يَوْمَ بَدْرٍ قُرْحٌ مِثْلُهُ.
(وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) أَيْ: نُصَرِّفُهَا مَرَّةً لِقَوْمٍ، وَمَرَّةً عَلَيْهِمْ، وَ (الدُّولَةُ) : الْكَرَّةُ.
(وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا) أَيْ: لِيَعْلَمَ صَبْرَهُمُ الْعِلْمَ الَّذِي يَقَعُ بِهِ الْجَزَاءُ دَاوَلَهَا بَيْنَهُمْ.
(وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ) أَيْ: يُكْرِمُكُمْ بِالشَّهَادَةِ.
(وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) أَيْ: لَمْ يَغْلِبُوكُمْ لِمَحَبَّتِهِ إِيَّاهُمْ.
[ ص: 128 ] (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا) : أَصْلُ (التَّمْحِيصِ) : التَّخْلِيصُ.
قَالَ الْخَلِيلُ: (الْمَحْصُ) : الْخُلُوصُ مِنَ الْعَيْبِ، وَمَعْنَى: (مَحِّصْ عَنَّا ذُنُوبَنَا) ; أَيْ: أَذْهِبْهَا، فَهُوَ تَخْلِيصُ الْحَسَنَاتِ بِتَكْفِيرِ السَّيِّئَاتِ، فَمَعْنَى (يُمَحِّصُهُمْ) : يُخَلِّصُهُمْ مِنَ الذُّنُوبِ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجِ .
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ ، وَغَيْرُهُمَا: الْمَعْنَى: وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا، وَمَعْنَاهُ: لِيُخَلِّصَهُمْ، بِالِابْتِلَاءِ.
(وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ) أَيْ: يُهْلِكُهُمْ.
nindex.php?page=showalam&ids=14888الْفَرَّاءُ : (هُوَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ ، الْمَعْنَى: وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ ذُنُوبَ الَّذِينَ آمَنُوا) .