الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( الفرق الثاني والستون والمائة بين قاعدة ما يشترط في الطلاق من النية وبين قاعدة ما لا يشترط )

اعلم أن النية شرط في الصريح إجماعا ، وليست شرطا فيه إجماعا وفي اشتراطها قولان ، وهذا هو متحصل الكلام الذي في كتب الفقهاء وهو ظاهر التناقض ولا تناقض فيه فحيث قال الفقهاء إن النية شرط في الصريح فيريدون القصد لإنشاء الصيغة احترازا من سبق اللسان لما لم يقصد مثل أن يكون اسمها طارقا فيناديها فيسبق لسانه فيقول لها يا طالق فلا يلزمه شيء ؛ لأنه لم يقصد اللفظ وحيث قالوا النية ليست شرطا في الصريح فمرادهم القصد لاستعمال الصيغة في معنى الطلاق فإنها لا تشترط في الصريح إجماعا وإنما ذلك من خصائص الكنايات أن يقصد بها معنى الطلاق .

وأما الصريح فلا وحيث قالوا في اشتراط النية في الصريح قولان فيريدون بالنية هاهنا الكلام النفسي وأنهم يطلقون النية ويريدون الكلام النفسي وإلا فمن قصد وعزم على طلاق امرأته ، ثم بدا له لا يلزم بذلك طلاق إجماعا وإنما المراد إذا أنشأ طلاقها بكلامه النفسي كما ينشئه بكلامه اللساني فيعبرون عنه بالنية وعبر عنه ابن الجلاب باعتقاد بقلبه فقال ، ومن اعتقد الطلاق بقلبه ولم يلفظ بلسانه ففي لزوم الطلاق له قولان والاعتقاد لا يلزم به طلاق إجماعا

فلو اعتقد الإنسان أنه طلق امرأته . ثم تبين له بطلان اعتقاده بقيت له زوجة إجماعا وإنما المراد الكلام النفسي فالمشهور اشتراطه كما قاله أبو الوليد في المقدمات وأنه إذا طلق بلسانه لا بد أن يطلق أيضا بقلبه فظهر أنه لا تناقض في كلامهم وأنها أحوال مختلفة وفي الفرق أربع مسائل توضحه

( المسألة الأولى ) قال مالك في المدونة لو أراد التلفظ بالطلاق فقال اشربي أو نحوه لا شيء عليه حتى ينوي طلاقها بما تلفظ به فيجتمع اللفظ والنية ، ولو قال أنت طالق ألبتة ونيته واحدة فسبق لسانه للبتة لزمه الثلاث قال سحنون إذا كان عليه بينة فلذلك لم ينوه يريد أن اللفظ وحده لا يلزم به الطلاق وهو لم يوجد منه نية مع لفظ الثلاث فلذلك لا يلزمه ثلاث في الفتيا ويلزمه الثلاث في القضاء بناء على الظاهر

التالي السابق



الخدمات العلمية