الثاني - [ في
nindex.php?page=treesubj&link=21953_21951اعتباره ] :
وقد أنكره بعضهم من جهة أن الحكمين ، أعني ما يثبته المستدل وما يثبته القالب ، إن لم يتنافيا فلا قلب ، إذ لا منع من اقتضاء العلة الواحدة لحكمين غير متنافيين ، فلا يفسد به . وإن استحال اجتماعهما في صورة واحدة فلم يمكن الرد إلى ذلك الأصل بعينه ، فلا يكون قلبا ، إذ لا بد فيه من الرد إلى ذلك الأصل .
[ ص: 364 ] والجمهور على إمكانه . وأجابوا عن هذا بأن الحكمين غير متنافيين لذاتهما ، فلا جرم يصح اجتماعهما في الأصل ، لكن قام الدليل على امتناع اجتماعهما في الفرع ، فإذا أثبت القالب الحكم الآخر في الفرع بالرد إلى الأصل وشهادة اعتباره امتنع ثبوت الحكم الأول فيه . وأحال
إمام الحرمين إشعار الوصف الواحد بحكمين متناقضين ، فمنع الشارح
الإبياري التناقض بين حكمي العلة وقلبها في الثاني ، واستدل على عدم التناقض باجتماع الحكمين في الأصل . قال
ابن المنير : والصواب منع الإمام بالنسبة إلى مواضع المستدل والقالب ، لأنهما تواضعا على أنهما لا يجتمعان في الفرع ولا يرتفعان عنه ، فهي مناقضة بالمواضعة ، لا بالحقيقة . لكن لا أصوب قوله : إن الوصف الواحد لا يشعر بمتناقضين ، فإنه قد يشعر بهما ، بدليل قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219يسألونك عن الخمر والميسر } غاية ما في الباب أن الوفاء بالحكمين لا يتصور ، فتعين أحدهما بالترجيح ، كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219وإثمهما أكبر من نفعهما } فنبه على رجحان المفسدة .
الثَّانِي - [ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=21953_21951اعْتِبَارِهِ ] :
وَقَدْ أَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْحُكْمَيْنِ ، أَعْنِي مَا يُثْبِتُهُ الْمُسْتَدِلُّ وَمَا يُثْبِتُهُ الْقَالِبُ ، إنْ لَمْ يَتَنَافَيَا فَلَا قَلْبَ ، إذْ لَا مَنْعَ مِنْ اقْتِضَاءِ الْعِلَّةِ الْوَاحِدَةِ لِحُكْمَيْنِ غَيْرِ مُتَنَافِيَيْنِ ، فَلَا يَفْسُدُ بِهِ . وَإِنْ اسْتَحَالَ اجْتِمَاعُهُمَا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَمْ يُمْكِنْ الرَّدُّ إلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ بِعَيْنِهِ ، فَلَا يَكُونُ قَلْبًا ، إذْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الرَّدِّ إلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ .
[ ص: 364 ] وَالْجُمْهُورُ عَلَى إمْكَانِهِ . وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا بِأَنَّ الْحُكْمَيْنِ غَيْرُ مُتَنَافِيَيْنِ لِذَاتِهِمَا ، فَلَا جَرَمَ يَصِحُّ اجْتِمَاعُهُمَا فِي الْأَصْلِ ، لَكِنْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى امْتِنَاعِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْفَرْعِ ، فَإِذَا أَثْبَتَ الْقَالِبُ الْحُكْمَ الْآخَرَ فِي الْفَرْعِ بِالرَّدِّ إلَى الْأَصْلِ وَشَهَادَةِ اعْتِبَارِهِ امْتَنَعَ ثُبُوتُ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ فِيهِ . وَأَحَالَ
إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إشْعَارَ الْوَصْفِ الْوَاحِدِ بِحُكْمَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ ، فَمَنَعَ الشَّارِحُ
الْإِبْيَارِيُّ التَّنَاقُضَ بَيْنَ حُكْمَيْ الْعِلَّةِ وَقَلْبِهَا فِي الثَّانِي ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى عَدَمِ التَّنَاقُضِ بِاجْتِمَاعِ الْحُكْمَيْنِ فِي الْأَصْلِ . قَالَ
ابْنُ الْمُنِيرِ : وَالصَّوَابُ مَنْعُ الْإِمَامِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَوَاضِعِ الْمُسْتَدِلِّ وَالْقَالِبِ ، لِأَنَّهُمَا تَوَاضَعَا عَلَى أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ فِي الْفَرْعِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ عَنْهُ ، فَهِيَ مُنَاقَضَةٌ بِالْمُوَاضَعَةِ ، لَا بِالْحَقِيقَةِ . لَكِنْ لَا أُصَوِّبُ قَوْلَهُ : إنَّ الْوَصْفَ الْوَاحِدَ لَا يُشْعِرُ بِمُتَنَاقِضَيْنِ ، فَإِنَّهُ قَدْ يُشْعِرُ بِهِمَا ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ } غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ الْوَفَاءَ بِالْحُكْمَيْنِ لَا يُتَصَوَّرُ ، فَتَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا بِالتَّرْجِيحِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا } فَنَبَّهَ عَلَى رُجْحَانِ الْمَفْسَدَةِ .