الثانية : الجمهور على أن
nindex.php?page=treesubj&link=21457_21454_21453التواتر يفيد العلم اليقيني ، سواء كان عن أمر موجود في زماننا كالإخبار عن البلدان البعيدة ، والأمور الماضية ، كوجود
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وقالت
السمنية .
[ ص: 104 ] والبراهمة : لا يفيد العلم ، بل الظن . وجوز
البويطي فيه . وفصل آخرون ، فقالوا : إن كان خبرا عن موجود أفاد العلم ، أو عن ماض فلا يفيده لنا أنا بالضرورة نعلم وجود البلاد البعيدة
كبغداد ، والأشخاص الماضية
nindex.php?page=showalam&ids=13790كالشافعي ، فصار وروده كالعيان في وقوع العلم به اضطرارا ، وقد قال
الطفيل الغنوي مع أعرابيته في
nindex.php?page=treesubj&link=21459_21454_21453وقوع العلم باستفاضة الخبر ما دلت عليه الفطرة وقاد إليه الطبع ، فقال :
تأوبني هم من الليل منصب وجاء من الأخبار ما لا يكذب تظاهرن حتى لم يكن لي ريبة
ولم يك عما أخبروا متعقب
.
قال
إمام الحرمين : وما نقل عن
السمنية أنه لا يفيد العلم محمول على أن العدد ، وإن كثر ، فلا اكتفاء به ، حتى ينضم إليه ما يجري مجرى القرينة من انتفاء الحالات المانعة . وحاصله أن الخلاف لفظي ، وأنهم لا ينكرون وقوع العلم على الجملة ، لكنهم لم يضيفوا وقوعه إلى مجرد الخبر ، بل إلى قرينة ، ووقوع العلم عن القرائن لا ينكره عاقل . وقال
أبو الوليد بن رشد في مختصر المستصفى " : لم يقع خلاف في أن التواتر يفيد اليقين ، إلا ممن لا يؤبه به ، وهم
السوفسطائية ، وجاحد ذلك يحتاج إلى عقوبة ; لأنه كاذب بلسانه على ما في نفسه ، وإنما الخلاف
[ ص: 105 ] في جهة وقوع اليقين عنه ، فقوم رأوه بالذات ، وقوم رأوه بالعرض وقوم مكتسبا . تنبيه : ظاهر كلام أصحابنا في الفروع جريان خلاف في هذه المسألة ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=27258بيع الغائب عندهم باطل ، فلو كان البيع منضبطا بخبر التواتر ، ففي البحر " قال بعض أصحابنا
بخراسان : فيه طريقان ، أحدهما : يجوز بيعه مطلقا كالمرئي ، وقيل : فيه قولان .
الثَّانِيَةُ : الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=21457_21454_21453التَّوَاتُرَ يُفِيدُ الْعِلْمَ الْيَقِينِيَّ ، سَوَاءٌ كَانَ عَنْ أَمْرٍ مَوْجُودٍ فِي زَمَانِنَا كَالْإِخْبَارِ عَنْ الْبُلْدَانِ الْبَعِيدَةِ ، وَالْأُمُورِ الْمَاضِيَةِ ، كَوُجُودِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، وَقَالَتْ
السُّمَنِيَّةُ .
[ ص: 104 ] وَالْبَرَاهِمَةُ : لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ ، بَلْ الظَّنَّ . وَجَوَّزَ
الْبُوَيْطِيُّ فِيهِ . وَفَصَّلَ آخَرُونَ ، فَقَالُوا : إنْ كَانَ خَبَرًا عَنْ مَوْجُودٍ أَفَادَ الْعِلْمَ ، أَوْ عَنْ مَاضٍ فَلَا يُفِيدُهُ لَنَا أَنَّا بِالضَّرُورَةِ نَعْلَمُ وُجُودَ الْبِلَادِ الْبَعِيدَةِ
كَبَغْدَادَ ، وَالْأَشْخَاصَ الْمَاضِيَةَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790كَالشَّافِعِيِّ ، فَصَارَ وُرُودُهُ كَالْعِيَانِ فِي وُقُوعِ الْعِلْمِ بِهِ اضْطِرَارًا ، وَقَدْ قَالَ
الطُّفَيْلُ الْغَنَوِيُّ مَعَ أَعْرَابِيَّتِهِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=21459_21454_21453وُقُوعِ الْعِلْمِ بِاسْتِفَاضَةِ الْخَبَرِ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْفِطْرَةُ وَقَادَ إلَيْهِ الطَّبْعُ ، فَقَالَ :
تَأَوَّبَنِي هَمٌّ مِنْ اللَّيْلِ مُنْصِبٌ وَجَاءَ مِنْ الْأَخْبَارِ مَا لَا يُكَذَّبُ تَظَاهَرْنَ حَتَّى لَمْ يَكُنْ لِي رِيبَةٌ
وَلَمْ يَكُ عَمَّا أَخْبَرُوا مُتَعَقَّبُ
.
قَالَ
إمَامُ الْحَرَمَيْنِ : وَمَا نُقِلَ عَنْ
السُّمَنِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْعَدَدَ ، وَإِنْ كَثُرَ ، فَلَا اكْتِفَاءَ بِهِ ، حَتَّى يَنْضَمَّ إلَيْهِ مَا يَجْرِي مَجْرَى الْقَرِينَةِ مِنْ انْتِفَاءِ الْحَالَاتِ الْمَانِعَةِ . وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ ، وَأَنَّهُمْ لَا يُنْكِرُونَ وُقُوعَ الْعِلْمِ عَلَى الْجُمْلَةِ ، لَكِنَّهُمْ لَمْ يُضِيفُوا وُقُوعَهُ إلَى مُجَرَّدِ الْخَبَرِ ، بَلْ إلَى قَرِينَةٍ ، وَوُقُوعُ الْعِلْمِ عَنْ الْقَرَائِنِ لَا يُنْكِرُهُ عَاقِلٌ . وَقَالَ
أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ فِي مُخْتَصَرِ الْمُسْتَصْفَى " : لَمْ يَقَعْ خِلَافٌ فِي أَنَّ التَّوَاتُرَ يُفِيدُ الْيَقِينَ ، إلَّا مِمَّنْ لَا يُؤْبَهُ بِهِ ، وَهُمْ
السُّوفِسْطَائِيَّة ، وَجَاحِدُ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى عُقُوبَةٍ ; لِأَنَّهُ كَاذِبٌ بِلِسَانِهِ عَلَى مَا فِي نَفْسِهِ ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ
[ ص: 105 ] فِي جِهَةِ وُقُوعِ الْيَقِينِ عَنْهُ ، فَقَوْمٌ رَأَوْهُ بِالذَّاتِ ، وَقَوْمٌ رَأَوْهُ بِالْعَرَضِ وَقَوْمٌ مُكْتَسَبًا . تَنْبِيهٌ : ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا فِي الْفُرُوعِ جَرَيَانُ خِلَافٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=27258بَيْعَ الْغَائِبِ عِنْدَهُمْ بَاطِلٌ ، فَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ مُنْضَبِطًا بِخَبَرِ التَّوَاتُرِ ، فَفِي الْبَحْرِ " قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا
بِخُرَاسَانَ : فِيهِ طَرِيقَانِ ، أَحَدُهُمَا : يَجُوزُ بَيْعُهُ مُطْلَقًا كَالْمَرْئِيِّ ، وَقِيلَ : فِيهِ قَوْلَانِ .