فصل [
nindex.php?page=treesubj&link=562_523_515_26810_26809_532_323_32_461_21706مثل مما جمع فيه القياسيون بين المتفرقات ]
وجمعتم بين ما فرق الله بينه من الأعضاء الطاهرة والأعضاء النجسة ، فنجستم الماء الذي يلاقي هذه وهذه عند رفع الحدث ، وفرقتم بين ما جمع الله بينه من الوضوء والتيمم
[ ص: 220 ]
فقلتم : يصح أحدهما بلا نية دون الآخر ، وجمعتم بين ما فرق الله بينهما من الشعور والأعضاء فنجستم كليهما بالموت ، وفرقتم بين ما جمع الله بينهما من سباع البهائم فنجستم منها الكلب والخنزير دون سائرها ، وجمعتم بين ما فرق الله بينه وهو الناسي والعامد والمخطئ والذاكر والعالم والجاهل ، فإنه - سبحانه - فرق بينهم في الإثم فجمعتم بينهم في الحكم في كثير من المواضع ، كمن
nindex.php?page=treesubj&link=1336صلى بالنجاسة ناسيا أو عامدا .
وكمن فعل المحلوف عليه ناسيا أو عامدا ، وكمن
nindex.php?page=treesubj&link=3474_16502_16500تطيب في إحرامه أو قلم ظفره أو حلق شعره ناسيا أو عامدا فسويتم بينهما ، وفرقتم بين ما جمع الله بينه من الجاهل والناسي فأوجبتم القضاء على من
nindex.php?page=treesubj&link=2430_26815أكل في رمضان جاهلا ببقاء النهار دون الناسي ، وفي غير ذلك من المسائل ، وفرقتم بين ما جمع الله بينه من
nindex.php?page=treesubj&link=6123_6096عقود الإجارات كاستئجار الرجل لطحن الحب بنصف كر من دقيق واستئجاره لطحنه بنصف كر منه فصححتم الأول دون الثاني ، مع استوائهما من جميع الوجوه .
وفرقتم بأن العمل في الأول في العوض الذي استأجره به ليس مستحقا عليه ، وفي الثاني العمل مستحق عليه فيكون مستحقا له وعليه ، وهذا فرق صوري لا تأثير له ولا تتعلق بوجوده مفسدة قط ، لا جهالة ولا ربا ولا غرر ولا تنازع ولا هي مما يمنع صحة العقد بوجه ، وأي غرر أو مفسدة أو مضرة للمتعاقدين في أن يدفع إليه غزله ينسجه ثوبا بربعه وزيتونه يعصره زيتا بربعه وحبه يطحنه بربعه ؟ وأمثال ذلك مما هو مصلحة محضة للمتعاقدين لا تتم مصلحتهما في كثير من المواضع إلا به ، فإنه ليس كل واحد يملك عوضا يستأجر به من يعمل له ذلك ، والأجير محتاج إلى جزء من ذلك ، والمستأجر محتاج إلى العمل ، وقد تراضيا بذلك .
ولم يأت من الله ورسوله نص يمنعه ، ولا قياس صحيح ، ولا قول صاحب ، ولا مصلحة معتبرة ولا مرسلة ، ففرقتم بين ما جمع الله بينه ، وجمعتم بين ما فرق الله بينه ، فقلتم : لو
nindex.php?page=treesubj&link=24031_4783اشترى عنبا ليعصره خمرا أو سلاحا ليقتل به مسلما ونحو ذلك إن البيع صحيح ، وهو كما لو اشتراه ليقتل به عدو الله ويجاهد به في سبيله أو اشترى عنبا ليأكله ، كلاهما سواء في الصحة ، وجمعتم بين ما فرق الله بينه فقلتم : لو
nindex.php?page=treesubj&link=6121استأجر دارا ليتخذها كنيسة يعبد فيها الصليب والنار جاز له كما لو استأجرها ليسكنها ، ثم ناقضتم أعظم مناقضة فقلتم : لو استأجرها ليتخذها مسجدا لم تصح الإجارة .
وفرقتم بين ما جمع الله بينه فقلتم : لو
nindex.php?page=treesubj&link=10948_24780_4480_6114استأجر أجيرا بطعامه وكسوته لم يجز ، والله - سبحانه - لم يفرق بين ذلك وبين استئجاره بطعام مسمى وثياب معينة ، وقد كان الصحابة يؤجر أحدهم نفسه في السفر والغزو بطعام بطنه ومركوبه ، وهم أفقه الأمة ، وفرقتم بين ما جمع الله بينه من عقدين متساويين من كل وجه ، وقد صرح المتعاقدان فيهما بالتراضي ، وعلم الله - سبحانه - تراضيهما
[ ص: 221 ] والحاضرون .
فقلتم : هذا عقد باطل لا يفيد الملك ولا الحل حتى صرحا بلفظ بعت واشتريت ، ولا يكفيهما أن يقول كل واحد منهما أنا راض بهذا كل الرضا ، ولا قد رضيت بهذا عوضا عن هذا ، مع كون هذا اللفظ أدل على الرضا الذي جعله الله - سبحانه - شرطا للحل من لفظه بعت واشتريت ، فإنه لفظ صريح فيه ، وبعت واشتريت إنما يدل عليه باللزوم ، وكذلك عقد النكاح ، وليس ذلك من العبادات التي تعبدنا الشارع فيها بألفاظ لا يقوم غيرها مقامها كالأذان وقراءة الفاتحة في الصلاة وألفاظ التشهد وتكبيرة الإحرام وغيرها ، بل هذه العقود تقع من البر والفاجر والمسلم والكافر ، ولم يتعبدنا الشارع فيها بألفاظ معينة ، فلا فرق أصلا بين لفظ الإنكاح والتزويج وبين كل لفظ يدل على معناها .
وأفسد من ذلك اشتراط العربية مع وقوع النكاح من العرب والعجم والترك والبربر ومن لا يعرف كلمة عربية ، والعجب أنكم اشترطتم تلفظه بلفظ لا يدري ما معناه ألبتة وإنما هو عنده بمنزلة صوت في الهواء فارغ لا معنى تحته ، فعقدتم العقد به ، وأبطلتموه بتلفظه باللفظ الذي يعرفه ويفهم معناه ويميز بين معناه وغيره ، وهذا من أبطل القياس ، ولا يقتضي القياس إلا ضد هذا ، فجمعتم بين ما فرق الله بينه ، وفرقتم بين ما جمع الله بينه .
وبإزاء هذا القياس من يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=27582قراءة القرآن بالفارسية ، ويجوز
nindex.php?page=treesubj&link=1527انعقاد الصلاة بكل لفظ يدل على التعظيم كسبحان الله ، وجل الله ، والله العظيم ، ونحوه - عربيا كان أو فارسيا ويجوز إبدال لفظ التشهد بما يقوم مقامه ، وكل هذا من جنايات الآراء والأقيسة ، والصواب اتباع ألفاظ العبادات ، والوقوف معها ، وأما العقود والمعاملات فإنما يتبع مقاصدها والمراد منها بأي لفظ كان ، إذ لم يشرع الله ورسوله لنا التعبد بألفاظ معينة لا نتعداها .
وجمعتم بين ما فرق الله بينه من إيجاب النفقة والسكنى للمبتوتة وجعلتموها كالزوجة ، وفرقتم بين ما جمع الله ورسوله بينه من
nindex.php?page=treesubj&link=12632_12634_12653_13035ملازمة الرجعية المعتدة والمتوفى عنها زوجها منزلهما حيث يقول تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن } وحيث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1928أمر النبي صلى الله عليه وسلم المتوفى عنها أن تمكث في بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله } ، وجمعتم بين ما فرق الله بينهما من بول الطفل والطفلة الرضيعين فقلتم : يغسلان ، وفرقتم بين ما جمعت السنة بينه من وجوب غسل قليل البول وكثيره ، وفرقتم بين ما جمع الله ورسوله بينهما من
nindex.php?page=treesubj&link=1543_60ترتيب أعضاء الوضوء وترتيب أركان الصلاة ، فأوجبتم الثاني دون الأول ، ولا فرق بينهما لا في المعنى ولا في النقل ، والنبي صلى الله عليه وسلم هو المبين عن الله - سبحانه - أمره ونهيه ، ولم يتوضأ قط إلا مرتبا ولا مرة واحدة في عمره كما لم يصل إلا مرتبا ، ومعلوم أن العبادة المنكوسة ليست كالمستقيمة ، ويكفي هذا الوضوء اسمه وهو أنه وضوء منكس ، فكيف يكون عبادة ؟
[ ص: 222 ] وجمعتم بين ما فرق الله بينه من إزالة النجاسة ورفع الحدث فسويتم بينهما في صحة كل منهما بغير نية ، وفرقتم بين ما جمع الله بينهما من الوضوء والتيمم فاشترطتم النية لأحدهما دون الآخر ، وتفريقكم بأن الماء يطهر بطبعه فاستغنى عن النية بخلاف التراب فإنه لا يصير مطهرا إلا بالنية فرق صحيح بالنسبة إلى إزالة النجاسة فإنه مزيل لها بطبعه . وأما رفع الحدث فإنه ليس رافعا له بطبعه ، إذ الحدث ليس جسما محسوسا يرفعه الماء بطبعه بخلاف النجاسة ، وإنما يرفعه بالنية ، فإذا لم تقارنه النية بقي على حاله ، فهذا هو القياس المحض .
وجمعتم بين ما فرق الله بينه فسويتم بين بدن أطيب المخلوقات وهو ولي الله المؤمن وبين بدن أخبث المخلوقات وهو عدوه الكافر ، فنجستم كليهما بالموت ، ثم فرقتم بين ما جمع الله بينه فقلتم : لو
nindex.php?page=treesubj&link=1996_323_23590غسل المسلم ثم وقع في ماء لم ينجسه ، ولو
nindex.php?page=treesubj&link=878_856_1996غسل الكافر ثم وقع في ماء نجسه ، ثم ناقضتم في الفرق بأن المسلم إنما غسل ليصلى عليه فطهر بالغسل لاستحالة الصلاة عليه وهو نجس بخلاف الكافر ، وهذا الفرق ينقض ما أصلتموه من أن النجاسة بالموت نجاسة عينية فلا تزول بالغسل ; لأن سببها قائم وهو الموت ، وزوال الحكم مع بقاء سببه ممتنع ، فأي القياسين هو المعتد به في هذه المسألة ؟ وفرقتم بين ما جمعت السنة والقياس بينهما فقلتم : لو طلعت عليه الشمس وقد صلى من الصبح ركعة بطلت صلاته ، ولو غربت عليه الشمس وقد صلى من العصر ركعة صحت صلاته ، والسنة الصحيحة الصريحة قد سوت بينهما ، وتفريقكم بأنه في الصبح خرج من وقت كامل إلى غير وقت كامل ففسدت صلاته وفي العصر خرج من وقت كامل إلى وقت كامل وهو وقت صلاة فافترقا ، ولو لم يكن في هذا القياس إلا مخالفته لصريح السنة لكفى في بطلانه ، فكيف وهو قياس فاسد في نفسه ؟ ، فإن الوقت الذي خرج إليه في الموضعين ليس وقت الصلاة الأولى ، فهو ناقص بالنسبة إليها ، ولا ينفع كماله بالنسبة إلى الصلاة التي هو فيها .
فإن قيل : لكنه خرج إلى وقت نهي في الصبح وهو وقت طلوع الشمس ، ولم يخرج إلى وقت نهي في المغرب .
قيل : هذا فرق فاسد ; لأنه ليس بوقت نهي عن هذه الصلاة التي هو فيها بل هو وقت أمر بإتمامها بنص صاحب الشرع حيث يقول : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=24762فليتم صلاته } وإن كان وقت نهي بالنسبة إلى التطوع ، فظهر أن الميزان الصحيح مع السنة الصحيحة ، وبالله التوفيق .
وجمعتم بين ما فرق الله بينه فقلتم :
nindex.php?page=treesubj&link=27017المختلعة البائنة التي قد ملكت نفسها يلحقها
[ ص: 223 ] الطلاق ، فسويتم بينها وبين الرجعية في ذلك ، وقد فرق الله بينهما بأن جعل هذه مفتدية لنفسها مالكة لها كالأجنبية وتلك زوجها أحق بها ، ثم فرقتم بين ما جمع الله بينه ، فأوقعتم عليها مرسل الطلاق دون معلقه وصريحه دون كنايته ، ومن المعلوم أن من ملكه الله أحد الطلاقين ملكه الآخر ، ومن لم يملكه هذا لم يملكه هذا .
وجمعتم بين ما فرق الله بينه فمنعتم من
nindex.php?page=treesubj&link=16840_16843_16844أكل الضب وقد أكل على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينظر ، وقيل له : أحرام هو ؟ فقال : لا ، فقستموه على الأحناش والفئران ، وفرقتم بين ما جمعت السنة بينه من لحوم الخيل التي أكلها الصحابة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع لحوم الإبل وأذن الله تعالى فيها ، فجمع الله ورسوله بينهما في الحل ، وفرق الله ورسوله بين الضب والحنش في التحريم ، وجمعتم بين ما فرقت السنة بينه من لحوم الإبل وغيرها حيث قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=17036توضؤا من لحوم الإبل ، ولا تتوضئوا من لحوم الغنم } فقلتم لا نتوضأ لا من هذا ولا من هذا ، وفرقتم بين ما جمعت الشريعة بينه فقلتم في القيء : إن كان ملء الفم فهو حدث ، وإن كان دون ذلك فليس بحدث ، ولا يعرف في الشريعة شيء يكون كثيره حدثا دون قليلة ، وأما النوم فليس بحدث ، وإنما هو مظنته ، فاعتبروا ما يكون مظنة وهو الكثير ، وفرقتم بين ما جمع الله بينه فقلتم : لو فتح على الإمام في قراءته لم تبطل صلاته ، ولكن تكره ; لأن فتحه قراءة منه ، والقراءة خلف الإمام مكروهة ، ثم قلتم : فلو فتح على قارئ غير إمامه بطلت صلاته ; لأن فتحه عليه مخاطبة له فأبطلت الصلاة ، ففرقتم بين متماثلين ; لأن الفتح إن كان مخاطبة في حق غير الإمام فهو مخاطبة في حق الإمام ، وإن لم يكن مخاطبة في حق الإمام فليس بمخاطبة في حق غيره ، ثم ناقضتم من وجه آخر أعظم مناقضة فقلتم : لما نوى الفتح على غير الإمام خرج عن كونه قارئا إلى كونه مخاطبا بالنية ، ولو نوى الربا الصريح والتحليل الصريح وإسقاط الزكاة بالتمليك الذي اتخذه حيلة لم يكن مرابيا ولا مسقطا للزكاة ولا محللا بهذه النية .
فيالله العجب ، كيف أثرت نية الفتح والإحسان على القارئ وأخرجته عن كونه قارئا إلى كونه مخاطبا ولم تؤثر نية الربا والتحليل مع إساءته بهما وقصده نفس ما حرمه الله فتجعله مرابيا محللا ؟ وهل هذا إلا خروج عن محض القياس وجمع بين ما فرق الشارع بينهما وتفريق بين ما جمع بينهما ؟
فَصْلٌ [
nindex.php?page=treesubj&link=562_523_515_26810_26809_532_323_32_461_21706مَثَلٌ مِمَّا جَمَعَ فِيهِ الْقِيَاسِيُّونَ بَيْنَ الْمُتَفَرِّقَاتِ ]
وَجَمَعْتُمْ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ مِنْ الْأَعْضَاءِ الطَّاهِرَةِ وَالْأَعْضَاءِ النَّجِسَةِ ، فَنَجَّسْتُمْ الْمَاءَ الَّذِي يُلَاقِي هَذِهِ وَهَذِهِ عِنْدَ رَفْعِ الْحَدَثِ ، وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ مِنْ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ
[ ص: 220 ]
فَقُلْتُمْ : يَصِحُّ أَحَدُهُمَا بِلَا نِيَّةٍ دُونَ الْآخَرِ ، وَجَمَعْتُمْ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا مِنْ الشُّعُورِ وَالْأَعْضَاءِ فَنَجَّسْتُمْ كِلَيْهِمَا بِالْمَوْتِ ، وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا مِنْ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ فَنَجَّسْتُمْ مِنْهَا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ دُونَ سَائِرِهَا ، وَجَمَعْتُمْ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَهُوَ النَّاسِي وَالْعَامِدُ وَالْمُخْطِئُ وَالذَّاكِرُ وَالْعَالِمُ وَالْجَاهِلُ ، فَإِنَّهُ - سُبْحَانَهُ - فَرَّقَ بَيْنَهُمْ فِي الْإِثْمِ فَجَمَعْتُمْ بَيْنَهُمْ فِي الْحُكْمِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ ، كَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=1336صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا .
وَكَمَنْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا ، وَكَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3474_16502_16500تَطَيَّبَ فِي إحْرَامِهِ أَوْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ أَوْ حَلَقَ شَعْرَهُ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا فَسَوَّيْتُمْ بَيْنَهُمَا ، وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ مِنْ الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي فَأَوْجَبْتُمْ الْقَضَاءَ عَلَى مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=2430_26815أَكَلَ فِي رَمَضَانَ جَاهِلًا بِبَقَاءِ النَّهَارِ دُونَ النَّاسِي ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَسَائِلِ ، وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=6123_6096عُقُودِ الْإِجَارَاتِ كَاسْتِئْجَارِ الرَّجُلِ لِطَحْنِ الْحَبِّ بِنِصْفِ كُرٍّ مِنْ دَقِيقٍ وَاسْتِئْجَارِهِ لِطَحْنِهِ بِنِصْفِ كُرٍّ مِنْهُ فَصَحَّحْتُمْ الْأَوَّلَ دُونَ الثَّانِيَ ، مَعَ اسْتِوَائِهِمَا مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ .
وَفَرَّقْتُمْ بِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْأَوَّلِ فِي الْعِوَضِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ بِهِ لَيْسَ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ ، وَفِي الثَّانِي الْعَمَلُ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ فَيَكُونُ مُسْتَحَقًّا لَهُ وَعَلَيْهِ ، وَهَذَا فَرْقٌ صُورِيٌّ لَا تَأْثِيرَ لَهُ وَلَا تَتَعَلَّقُ بِوُجُودِهِ مَفْسَدَةٌ قَطُّ ، لَا جَهَالَةَ وَلَا رِبَا وَلَا غَرَرَ وَلَا تَنَازُعَ وَلَا هِيَ مِمَّا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ بِوَجْهٍ ، وَأَيُّ غَرَرٍ أَوْ مَفْسَدَةٍ أَوْ مَضَرَّةٍ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ غَزْلَهُ يَنْسِجُهُ ثَوْبًا بِرُبُعِهِ وَزَيْتُونَهُ يَعْصِرُهُ زَيْتًا بِرُبُعِهِ وَحَبَّهُ يَطْحَنُهُ بِرُبُعِهِ ؟ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَصْلَحَةٌ مَحْضَةٌ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ لَا تَتِمُّ مَصْلَحَتُهُمَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ إلَّا بِهِ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ كُلُّ وَاحِدٍ يَمْلِكُ عِوَضًا يَسْتَأْجِرُ بِهِ مَنْ يَعْمَلُ لَهُ ذَلِكَ ، وَالْأَجِيرُ مُحْتَاجٌ إلَى جُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، وَالْمُسْتَأْجِرُ مُحْتَاجٌ إلَى الْعَمَلِ ، وَقَدْ تَرَاضَيَا بِذَلِكَ .
وَلَمْ يَأْتِ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ نَصٌّ يَمْنَعُهُ ، وَلَا قِيَاسٌ صَحِيحٌ ، وَلَا قَوْلُ صَاحِبٍ ، وَلَا مَصْلَحَةٌ مُعْتَبَرَةٌ وَلَا مُرْسَلَةٌ ، فَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ ، وَجَمَعْتُمْ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ ، فَقُلْتُمْ : لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=24031_4783اشْتَرَى عِنَبًا لِيَعْصِرَهُ خَمْرًا أَوْ سِلَاحًا لِيَقْتُلَ بِهِ مُسْلِمًا وَنَحْوَ ذَلِكَ إنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ ، وَهُوَ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ لِيَقْتُلَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَيُجَاهِدَ بِهِ فِي سَبِيلِهِ أَوْ اشْتَرَى عِنَبًا لِيَأْكُلَهُ ، كِلَاهُمَا سَوَاءٌ فِي الصِّحَّةِ ، وَجَمَعْتُمْ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ فَقُلْتُمْ : لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=6121اسْتَأْجَرَ دَارًا لِيَتَّخِذَهَا كَنِيسَةً يُعْبَدَ فِيهَا الصَّلِيبُ وَالنَّارُ جَازَ لَهُ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَسْكُنَهَا ، ثُمَّ نَاقَضْتُمْ أَعْظَمَ مُنَاقَضَةٍ فَقُلْتُمْ : لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَتَّخِذَهَا مَسْجِدًا لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ .
وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ فَقُلْتُمْ : لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=10948_24780_4480_6114اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِطَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ لَمْ يَجُزْ ، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ - لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ اسْتِئْجَارِهِ بِطَعَامٍ مُسَمًّى وَثِيَابٍ مُعَيَّنَةٍ ، وَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ يُؤَجِّرُ أَحَدُهُمْ نَفْسَهُ فِي السَّفَرِ وَالْغَزْوِ بِطَعَامِ بَطْنِهِ وَمَرْكُوبِهِ ، وَهُمْ أَفْقَهُ الْأُمَّةِ ، وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ مِنْ عَقْدَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ، وَقَدْ صَرَّحَ الْمُتَعَاقِدَانِ فِيهِمَا بِالتَّرَاضِي ، وَعَلِمَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - تَرَاضِيَهُمَا
[ ص: 221 ] وَالْحَاضِرُونَ .
فَقُلْتُمْ : هَذَا عَقْدٌ بَاطِلٌ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ وَلَا الْحِلَّ حَتَّى صَرَّحَا بِلَفْظِ بِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ ، وَلَا يَكْفِيهِمَا أَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَا رَاضٍ بِهَذَا كُلَّ الرِّضَا ، وَلَا قَدْ رَضِيتُ بِهَذَا عِوَضًا عَنْ هَذَا ، مَعَ كَوْنِ هَذَا اللَّفْظِ أَدَلَّ عَلَى الرِّضَا الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - شَرْطًا لِلْحِلِّ مِنْ لَفْظِهِ بِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ ، فَإِنَّهُ لَفْظٌ صَرِيحٌ فِيهِ ، وَبِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بِاللُّزُومِ ، وَكَذَلِكَ عَقْدُ النِّكَاحِ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الْعِبَادَاتِ الَّتِي تَعَبَّدَنَا الشَّارِعُ فِيهَا بِأَلْفَاظٍ لَا يَقُومُ غَيْرُهَا مَقَامَهَا كَالْأَذَانِ وَقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ وَأَلْفَاظِ التَّشَهُّدِ وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَغَيْرِهَا ، بَلْ هَذِهِ الْعُقُودُ تَقَعُ مِنْ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ وَالْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ ، وَلَمْ يَتَعَبَّدْنَا الشَّارِعُ فِيهَا بِأَلْفَاظٍ مُعَيَّنَةٍ ، فَلَا فَرْقَ أَصْلًا بَيْنَ لَفْظِ الْإِنْكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ وَبَيْنَ كُلِّ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَاهَا .
وَأَفْسَدُ مِنْ ذَلِكَ اشْتِرَاطُ الْعَرَبِيَّةِ مَعَ وُقُوعِ النِّكَاحِ مِنْ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ وَالتُّرْكِ وَالْبَرْبَرِ وَمَنْ لَا يَعْرِفُ كَلِمَةً عَرَبِيَّةً ، وَالْعَجَبُ أَنَّكُمْ اشْتَرَطْتُمْ تَلَفُّظَهُ بِلَفْظٍ لَا يَدْرِي مَا مَعْنَاهُ أَلْبَتَّةَ وَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ صَوْتٍ فِي الْهَوَاءِ فَارِغٍ لَا مَعْنَى تَحْتَهُ ، فَعَقَدْتُمْ الْعَقْدَ بِهِ ، وَأَبْطَلْتُمُوهُ بِتَلَفُّظِهِ بِاللَّفْظِ الَّذِي يَعْرِفُهُ وَيَفْهَمُ مَعْنَاهُ وَيُمَيِّزُ بَيْنَ مَعْنَاهُ وَغَيْرِهِ ، وَهَذَا مِنْ أَبْطَلْ الْقِيَاسِ ، وَلَا يَقْتَضِي الْقِيَاسُ إلَّا ضِدَّ هَذَا ، فَجَمَعْتُمْ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ ، وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ .
وَبِإِزَاءِ هَذَا الْقِيَاسِ مَنْ يُجَوِّزُ
nindex.php?page=treesubj&link=27582قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ بِالْفَارِسِيَّةِ ، وَيُجَوِّزُ
nindex.php?page=treesubj&link=1527انْعِقَادَ الصَّلَاةِ بِكُلِّ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى التَّعْظِيمِ كَسُبْحَانَ اللَّهِ ، وَجَلَّ اللَّهُ ، وَاَللَّهُ الْعَظِيمُ ، وَنَحْوِهِ - عَرَبِيًّا كَانَ أَوْ فَارِسِيًّا وَيُجَوِّزُ إبْدَالَ لَفْظِ التَّشَهُّدِ بِمَا يَقُومُ مَقَامَهُ ، وَكُلُّ هَذَا مِنْ جِنَايَاتِ الْآرَاءِ وَالْأَقْيِسَةِ ، وَالصَّوَابُ اتِّبَاعُ أَلْفَاظِ الْعِبَادَاتِ ، وَالْوُقُوفُ مَعَهَا ، وَأَمَّا الْعُقُودُ وَالْمُعَامَلَاتُ فَإِنَّمَا يَتْبَعُ مَقَاصِدَهَا وَالْمُرَادُ مِنْهَا بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ ، إذْ لَمْ يُشَرِّعْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لَنَا التَّعَبُّدَ بِأَلْفَاظٍ مُعَيَّنَةٍ لَا نَتَعَدَّاهَا .
وَجَمَعْتُمْ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ مِنْ إيجَابِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى لِلْمَبْتُوتَةِ وَجَعَلْتُمُوهَا كَالزَّوْجَةِ ، وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بَيْنَهُ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=12632_12634_12653_13035مُلَازَمَةِ الرَّجْعِيَّةِ الْمُعْتَدَّةِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا مَنْزِلَهُمَا حَيْثُ يَقُولُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ } وَحَيْثُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1928أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَنْ تَمْكُثَ فِي بَيْتِهَا حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ } ، وَجَمَعْتُمْ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا مِنْ بَوْلِ الطِّفْلِ وَالطِّفْلَةِ الرَّضِيعَيْنِ فَقُلْتُمْ : يُغْسَلَانِ ، وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَتْ السُّنَّةُ بَيْنَهُ مِنْ وُجُوبِ غَسْلِ قَلِيلِ الْبَوْلِ وَكَثِيرِهِ ، وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بَيْنَهُمَا مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=1543_60تَرْتِيبِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَتَرْتِيبِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ ، فَأَوْجَبْتُمْ الثَّانِيَ دُونَ الْأَوَّلِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا لَا فِي الْمَعْنَى وَلَا فِي النَّقْلِ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُبَيِّنُ عَنْ اللَّهِ - سُبْحَانَهُ - أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ ، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ قَطُّ إلَّا مُرَتِّبًا وَلَا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي عُمُرِهِ كَمَا لَمْ يُصَلِّ إلَّا مُرَتِّبًا ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعِبَادَةَ الْمَنْكُوسَةَ لَيْسَتْ كَالْمُسْتَقِيمَةِ ، وَيَكْفِي هَذَا الْوُضُوءَ اسْمُهُ وَهُوَ أَنَّهُ وُضُوءٌ مُنَكَّسٌ ، فَكَيْفَ يَكُونُ عِبَادَةً ؟
[ ص: 222 ] وَجَمَعْتُمْ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ مِنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَرَفْعِ الْحَدَثِ فَسَوَّيْتُمْ بَيْنَهُمَا فِي صِحَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِغَيْرِ نِيَّةٍ ، وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا مِنْ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ فَاشْتَرَطْتُمْ النِّيَّةَ لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ ، وَتَفْرِيقُكُمْ بِأَنَّ الْمَاءَ يُطَهِّرُ بِطَبْعِهِ فَاسْتَغْنَى عَنْ النِّيَّةِ بِخِلَافِ التُّرَابِ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ مُطَهِّرًا إلَّا بِالنِّيَّةِ فَرْقٌ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى إزَالَةِ النَّجَاسَةِ فَإِنَّهُ مُزِيلٌ لَهَا بِطَبْعِهِ . وَأَمَّا رَفْعُ الْحَدَثِ فَإِنَّهُ لَيْسَ رَافِعًا لَهُ بِطَبْعِهِ ، إذْ الْحَدَثُ لَيْسَ جِسْمًا مَحْسُوسًا يَرْفَعُهُ الْمَاءُ بِطَبْعِهِ بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ ، وَإِنَّمَا يَرْفَعُهُ بِالنِّيَّةِ ، فَإِذَا لَمْ تُقَارِنْهُ النِّيَّةُ بَقِيَ عَلَى حَالِهِ ، فَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ الْمَحْضُ .
وَجَمَعْتُمْ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ فَسَوَّيْتُمْ بَيْنَ بَدَنِ أَطْيَبِ الْمَخْلُوقَاتِ وَهُوَ وَلِيُّ اللَّهِ الْمُؤْمِنُ وَبَيْنَ بَدَنِ أَخْبَثِ الْمَخْلُوقَاتِ وَهُوَ عَدُوّهُ الْكَافِرُ ، فَنَجَّسْتُمْ كِلَيْهِمَا بِالْمَوْتِ ، ثُمَّ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ فَقُلْتُمْ : لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=1996_323_23590غُسِّلَ الْمُسْلِمُ ثُمَّ وَقَعَ فِي مَاءٍ لَمْ يُنَجِّسْهُ ، وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=878_856_1996غُسِّلَ الْكَافِرُ ثُمَّ وَقَعَ فِي مَاءٍ نَجَّسَهُ ، ثُمَّ نَاقَضْتُمْ فِي الْفَرْقِ بِأَنَّ الْمُسْلِمَ إنَّمَا غُسِّلَ لِيُصَلَّى عَلَيْهِ فَطَهُرَ بِالْغُسْلِ لِاسْتِحَالَةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَهُوَ نَجِسٌ بِخِلَافِ الْكَافِرِ ، وَهَذَا الْفَرْقُ يَنْقُضُ مَا أَصَّلْتُمُوهُ مِنْ أَنَّ النَّجَاسَةَ بِالْمَوْتِ نَجَاسَةٌ عَيْنِيَّةٌ فَلَا تَزُولُ بِالْغُسْلِ ; لِأَنَّ سَبَبَهَا قَائِمٌ وَهُوَ الْمَوْتُ ، وَزَوَالُ الْحُكْمِ مَعَ بَقَاءِ سَبَبِهِ مُمْتَنِعٌ ، فَأَيُّ الْقِيَاسَيْنِ هُوَ الْمُعْتَدُّ بِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ؟ وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَتْ السُّنَّةُ وَالْقِيَاسُ بَيْنَهُمَا فَقُلْتُمْ : لَوْ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَقَدْ صَلَّى مِنْ الصُّبْحِ رَكْعَةً بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ، وَلَوْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَقَدْ صَلَّى مِنْ الْعَصْرِ رَكْعَةً صَحَّتْ صَلَاتُهُ ، وَالسُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ الصَّرِيحَةُ قَدْ سَوَّتْ بَيْنَهُمَا ، وَتَفْرِيقُكُمْ بِأَنَّهُ فِي الصُّبْحِ خَرَجَ مِنْ وَقْتٍ كَامِلٍ إلَى غَيْرِ وَقْتٍ كَامِلٍ فَفَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَفِي الْعَصْرِ خَرَجَ مِنْ وَقْتٍ كَامِلٍ إلَى وَقْتٍ كَامِلٍ وَهُوَ وَقْتُ صَلَاةٍ فَافْتَرَقَا ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْقِيَاسِ إلَّا مُخَالَفَتُهُ لِصَرِيحِ السُّنَّةِ لَكَفَى فِي بُطْلَانِهِ ، فَكَيْفَ وَهُوَ قِيَاسٌ فَاسِدٌ فِي نَفْسِهِ ؟ ، فَإِنَّ الْوَقْتَ الَّذِي خَرَجَ إلَيْهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لَيْسَ وَقْتَ الصَّلَاةِ الْأُولَى ، فَهُوَ نَاقِصٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا ، وَلَا يَنْفَعُ كَمَالُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا .
فَإِنْ قِيلَ : لَكِنَّهُ خَرَجَ إلَى وَقْتِ نَهْيٍ فِي الصُّبْحِ وَهُوَ وَقْتُ طُلُوعِ الشَّمْسِ ، وَلَمْ يَخْرُجْ إلَى وَقْتِ نَهْيٍ فِي الْمَغْرِبِ .
قِيلَ : هَذَا فَرْقٌ فَاسِدٌ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَقْتِ نَهْيٍ عَنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا بَلْ هُوَ وَقْتُ أَمْرٍ بِإِتْمَامِهَا بِنَصِّ صَاحِبِ الشَّرْعِ حَيْثُ يَقُولُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=24762فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ } وَإِنْ كَانَ وَقْتَ نَهْيٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّطَوُّعِ ، فَظَهَرَ أَنَّ الْمِيزَانَ الصَّحِيحَ مَعَ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ .
وَجَمَعْتُمْ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ فَقُلْتُمْ :
nindex.php?page=treesubj&link=27017الْمُخْتَلِعَةُ الْبَائِنَةُ الَّتِي قَدْ مَلَكَتْ نَفْسَهَا يَلْحَقُهَا
[ ص: 223 ] الطَّلَاقُ ، فَسَوَّيْتُمْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرَّجْعِيَّةِ فِي ذَلِكَ ، وَقَدْ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ جَعَلَ هَذِهِ مُفْتَدِيَةً لِنَفْسِهَا مَالِكَةً لَهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ وَتِلْكَ زَوْجُهَا أَحَقُّ بِهَا ، ثُمَّ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ ، فَأَوْقَعْتُمْ عَلَيْهَا مُرْسَلَ الطَّلَاقِ دُونَ مُعَلَّقِهِ وَصَرِيحَهُ دُونَ كِنَايَتِهِ ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ مَلَّكَهُ اللَّهُ أَحَدَ الطَّلَاقَيْنِ مَلَّكَهُ الْآخَرَ ، وَمَنْ لَمْ يُمَلِّكْهُ هَذَا لَمْ يُمَلِّكْهُ هَذَا .
وَجَمَعْتُمْ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ فَمَنَعْتُمْ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=16840_16843_16844أَكْلِ الضَّبِّ وَقَدْ أُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَنْظُرُ ، وَقِيلَ لَهُ : أَحَرَامٌ هُوَ ؟ فَقَالَ : لَا ، فَقِسْتُمُوهُ عَلَى الْأَحْنَاشِ وَالْفِئْرَانِ ، وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَتْ السُّنَّةُ بَيْنَهُ مِنْ لُحُومِ الْخَيْلِ الَّتِي أَكَلَهَا الصَّحَابَةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ لُحُومِ الْإِبِلِ وَأَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا ، فَجَمَعَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بَيْنَهُمَا فِي الْحِلِّ ، وَفَرَّقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بَيْنَ الضَّبِّ وَالْحَنَشِ فِي التَّحْرِيمِ ، وَجَمَعْتُمْ بَيْنَ مَا فَرَّقَتْ السُّنَّةُ بَيْنَهُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا حَيْثُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=17036تَوَضَّؤُا مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ ، وَلَا تَتَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ } فَقُلْتُمْ لَا نَتَوَضَّأُ لَا مِنْ هَذَا وَلَا مِنْ هَذَا ، وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَتْ الشَّرِيعَةُ بَيْنَهُ فَقُلْتُمْ فِي الْقَيْءِ : إنْ كَانَ مِلْءَ الْفَمِ فَهُوَ حَدَثٌ ، وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِحَدَثٍ ، وَلَا يُعْرَفُ فِي الشَّرِيعَةِ شَيْءٌ يَكُونُ كَثِيرُهُ حَدَثًا دُونَ قَلِيلَةِ ، وَأَمَّا النَّوْمُ فَلَيْسَ بِحَدَثٍ ، وَإِنَّمَا هُوَ مَظِنَّتُهُ ، فَاعْتَبَرُوا مَا يَكُونُ مَظِنَّةً وَهُوَ الْكَثِيرُ ، وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ فَقُلْتُمْ : لَوْ فَتَحَ عَلَى الْإِمَامِ فِي قِرَاءَتِهِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ ، وَلَكِنْ تُكْرَهُ ; لِأَنَّ فَتْحَهُ قِرَاءَةٌ مِنْهُ ، وَالْقِرَاءَةُ خَلْفَ الْإِمَامِ مَكْرُوهَةٌ ، ثُمَّ قُلْتُمْ : فَلَوْ فَتَحَ عَلَى قَارِئٍ غَيْرِ إمَامِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ; لِأَنَّ فَتْحَهُ عَلَيْهِ مُخَاطَبَةٌ لَهُ فَأَبْطَلَتْ الصَّلَاةَ ، فَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مُتَمَاثِلَيْنِ ; لِأَنَّ الْفَتْحَ إنْ كَانَ مُخَاطَبَةً فِي حَقِّ غَيْرِ الْإِمَامِ فَهُوَ مُخَاطَبَةٌ فِي حَقِّ الْإِمَامِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُخَاطَبَةً فِي حَقِّ الْإِمَامِ فَلَيْسَ بِمُخَاطَبَةٍ فِي حَقِّ غَيْرِهِ ، ثُمَّ نَاقَضْتُمْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَعْظَمَ مُنَاقَضَةً فَقُلْتُمْ : لَمَّا نَوَى الْفَتْحَ عَلَى غَيْرِ الْإِمَامِ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ قَارِئًا إلَى كَوْنِهِ مُخَاطِبًا بِالنِّيَّةِ ، وَلَوْ نَوَى الرِّبَا الصَّرِيحَ وَالتَّحْلِيلَ الصَّرِيحَ وَإِسْقَاطَ الزَّكَاةِ بِالتَّمْلِيكِ الَّذِي اتَّخَذَهُ حِيلَةً لَمْ يَكُنْ مُرَابِيًا وَلَا مُسْقِطًا لِلزَّكَاةِ وَلَا مُحَلِّلًا بِهَذِهِ النِّيَّةِ .
فَيَالَلَّهِ الْعَجَبُ ، كَيْفَ أَثَّرَتْ نِيَّةُ الْفَتْحِ وَالْإِحْسَانِ عَلَى الْقَارِئِ وَأَخْرَجَتْهُ عَنْ كَوْنِهِ قَارِئًا إلَى كَوْنِهِ مُخَاطِبًا وَلَمْ تُؤَثِّرْ نِيَّةُ الرِّبَا وَالتَّحْلِيلِ مَعَ إسَاءَتِهِ بِهِمَا وَقَصْدِهِ نَفْسَ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ فَتَجْعَلُهُ مُرَابِيًا مُحَلِّلًا ؟ وَهَلْ هَذَا إلَّا خُرُوجٌ عَنْ مَحْضِ الْقِيَاسِ وَجَمْعٌ بَيْنَ مَا فَرَّقَ الشَّارِعُ بَيْنَهُمَا وَتَفْرِيقٌ بَيْنً مَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا ؟